خطبة عن:نعمة الهداية (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا)
فبراير 12, 2022خطبة عن ( الاسراء والمعراج في ضوء الكتاب والسنة)
فبراير 12, 2022الخطبة الأولى (عقبات في الطريق إلى الله )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
روى ابن ماجه في سننه : (عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فَخَطَّ خَطًّا وَخَطَّ خَطَّيْنِ عَنْ يَمِينِهِ وَخَطَّ خَطَّيْنِ عَنْ يَسَارِهِ ثُمَّ وَضَعَ يَدَهُ فِي الْخَطِّ الأَوْسَطِ فَقَالَ « هَذَا سَبِيلُ اللَّهِ ». ثُمَّ تَلاَ هَذِهِ الآيَةَ : (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ) الانعام 153. وفي رواية عند أحمد : (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ خَطَّ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- خَطًّا ثُمَّ قَالَ « هَذَا سَبِيلُ اللَّهِ ثُمَّ خَطَّ خُطُوطاً عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ – ثُمَّ قَالَ – هَذِهِ سُبُلٌ – قَالَ يَزِيدُ – مُتَفَرِّقَةٌ عَلَى كُلِّ سَبِيلٍ مِنْهَا شَيْطَانٌ يَدْعُو إِلَيْهِ ». ثُمَّ قَرَأَ (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ) الانعام 153.
إخوة الإسلام
في رحلة طريقنا إلى الله تعالى كثيرا ما نصاب بالغفلة ، وهذه الغفلة التي تصيبنا لم تأتِ بين عشية وضحاها، بل هي نتيجة الضربات التي تلقاها القلب ،ولم يستطِع الدفاع أو المقاومة بالشكل المطلوب ،ففي سنن الترمذي بسند صحيح : (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا أَخْطَأَ خَطِيئَةً نُكِتَتْ فِي قَلْبِهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ فَإِذَا هُوَ نَزَعَ وَاسْتَغْفَرَ وَتَابَ سُقِلَ قَلْبُهُ وَإِنْ عَادَ زِيدَ فِيهَا حَتَّى تَعْلُوَ قَلْبَهُ وَهُوَ الرَّانُ الَّذِى ذَكَرَ اللَّهُ ( كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) ». لذلك فإذا أردت العودة مجددًا فتزود، وسُدّ كل طرق الشيطان ، تزود بالكثير من الطاعات ، ففي صحيح البخاري : (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – « إِنَّ اللَّهَ قَالَ.. وَمَا تَقَرَّبَ إِلَىَّ عَبْدِى بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَىَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِى يَتَقَرَّبُ إِلَىَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِى يَسْمَعُ بِهِ ، وَبَصَرَهُ الَّذِى يُبْصِرُ بِهِ ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطُشُ بِهَا وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِى بِهَا ، وَإِنْ سَأَلَنِي لأُعْطِيَنَّهُ ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لأُعِيذَنَّهُ) ، ومن المهم جدًا أن تعلم أن جدار الغفلة لن ينكسر سريعًا من أول درس أو كتاب، ولكن الأمر يحتاج إلى مجاهدة كبيرة، قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ﴾ [الروم 69]. ومن المهم أيضا أن تدرك أن الأمر كله بيد الله عز وجل، فبعد أن تتزود في طريقك مجددًا تذكر الله دائمًا، واسأله التوفيق والرشد ، كما سأل أصحاب الكهف الله عندما فروا بدينهم، واستعانوا بالله أن يرحمهم ،ويلطف بهم ويرزقهم الرشد في الأمر، قال الله تعالى : ﴿إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا﴾ [الكهف 10]، وروى الإمام أحمد في مسنده : (عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ دَخَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَأَرَادَ أَنْ يُكْلِّمَهُ وَعَائِشَةُ تُصَلِّى فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « عَلَيْكِ بِالْكَوَامِلِ ». أَوْ كَلِمَةً أُخْرَى فَلَمَّا انْصَرَفَتْ عَائِشَةُ سَأَلَتْهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ لَهَا « قُولِي اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنَ الْخَيْرِ كُلِّهِ عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ مَا عَلِمْتُ مِنْهُ وَمَا لَمْ أَعْلَمْ وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الشَّرِّ كُلِّهِ عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ مَا عَلِمْتُ مِنْهُ وَمَا لَمْ أَعْلَمْ وَأَسْأَلُكَ الْجَنَّةَ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ النَّارِ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ وَأَسْأَلُكَ مِنَ الْخَيْرِ مَا سَأَلَكَ عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ مُحَمَّدٌ -صلى الله عليه وسلم- وَأَسْتَعِيذُكَ مِمَّا اسْتَعَاذَكَ مِنْهُ عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ مُحَمَّدٌ -صلى الله عليه وسلم- وَأَسْأَلُكَ مَا قَضَيْتَ لِي مِنْ أَمْرٍ أَنْ تَجْعَلَ عَاقِبَتَهُ رَشَداً ». والسير في الطريق إلى الله يحتاج إلى جهد وعلم، ومن الضروري أن يتحلى المسلم بالصبر على العلم، ويتمتع بالذاتية ، والقدرة على انتقاء المعلومات من المصادر الصحيحة ،حتى لا يحدث تشتت، وقد يكون الأمر صعبًا في البداية، فلذلك من المهم أن يكون لديك شخص مؤتمن قوي الهمة ، تستشيره من حين لآخر، والسير في الطريق إلى الله يحتاج إلى أن تتواصل مع صحبة الطريق ، فتشتركوا في عمل الخير ، والتخطيط لبرنامج بسيط على مدار اليوم والأسبوع والشهر، والسير في الطريق إلى الله يحتاج إلى البذل والتضحية، وضع أمامك دائمًا أنك تريد الجنة، والمطلوب منك أن تسعى دائمًا في الطريق ، فالدنيا لا تخلو من المصائب، ولا بد من البذل في سبيل الله، وكما قال صاحب الظلال: “إنَّ طريقَ الدعوة إلى الله عزَّ وجل ليس هينًا لينًا، وليس مفروشًا بالزهور والورود والرياحين، ولا خاليًا من المكذبين والمعاندين والمحاربين.
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( عقبات في الطريق إلى الله )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
وفي طريقنا إلى الله فنحن في طريق طويلة، ولكنها تستحق الصبر والمجاهدة، وإذا أردت أخي أن تُكمل الرحلة ، فعليك بالزاد ، وغذاء الروح ، فالإيمان بالله ليس كلمة تُقال، بل في الحقيقة هي كلمة لها تكاليف، والتهافت على الدنيا ، والوصول لأعلى المناصب الدنيوية، وإهمال العمل للدين ، كلها من الفتن المُضللة، فتذكر أنك تعمل لله، واستعن بلطفه وقوته، وابتعد عن المُحبطين والزم الطريق ، قال الله تعالى : ﴿وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرين﴾ [آل عمران 146] ، وانظروا إلى هذا الجيل الفريد من الصحابة، كيف قبل التضحية من أجل هذا الدين ، نعم قبلوا التضحية، ولم يكن الوعد بالتمكين في الدنيا، فمنهم من لم ير نصر الله في الدنيا، ولكن ما الذي يضره إن لم ير هذا النصر في هذه الدنيا، فهو موعود بالجنة، موعود بما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر. ونحن اليوم في هذا الوقت الحرج من تاريخ أمتنا ،ينبغي أن يكون لنا في هذا الجيل القدوة والأسوة الحسنة، فنبذل وقتنا وجهدنا ومالنا من أجل هذا الدين ونشره، والعيش بمقتضياته، وحمله إلى البشرية كاملة ،لنخرجها من الظلمات إلى النور، بعد أن ضلت الطريق، حتى وإن لم نر أثر دورنا في هذه الحياة الدنيا، فإن المقابل جنة عرضها السماوات والأرض. فينبغي علينا أن نقبل هذا الدور وإلا فلا خير فينا ، قال تعالى : { وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ } [محمد:38].
أيها المسلمون
فيا من رضيتم بالله ربا ،وبالإسلام دينا ،وبسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا ، ويا من بايعتموه على : ( لا إله إلا الله )، اعلموا أن بيعتكم هذه تعني أنكم ستتعرضون في دنياكم لفتن ، وأمور تكرهها نفوسكم ، فقد تقاطعكم وتحاربكم الدول الكافرة ، وقد تمنع عنكم منتجاتها ، فيقل طعامكم ، وتسوء أحوالكم ، وقد تقطع عنكم علاقاتها ، وتحرمون من وسائل مواصلاتهم ، ويُضيق عليكم في كل شيء ، وتصدر قراراتهم من مجلس أمنهم ، أو قل (مجلس حربهم) بقتالكم ، ويفرض عليكم حينئذ الجهاد والقتال ، كل ذلك لأنكم رضيتم بالله ربا ،وبالإسلام دينا ، وبسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا ،فهل أنتم قائلون كما قال المبايعون الأولون في بيعة العقبة : (فَإِنَّا وَاللَّهِ نَأْخُذُهُ عَلَى مُصِيبَةِ الأَمْوَالِ وَقَتْلِ الأَشْرَافِ ) ، فَمَا لَنَا بِذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ نَحْنُ وَفَّيْنَا ؟ قَالَ : ” الْجَنَّةُ “، فنحن نؤمن بغايتنا وأهدافنا وتصميمنا القاطع على متابعة طريقنا مهما كانت العقبات ، ومهما غلت التضحيات ..وأنّ هذا الطريق هو سبيلنا إلى مرضاة ربنا ، إنه طريقٌ صعب طويل .. فهذا حقٌّ لا مِرْية فيه .. ولكن الغايات الجليلة البعيدة لا يوصل إليها طريقٌ سهل قصير.. وغايتنا بعيدة ومطلبنا جليل .
الدعاء