خطبة عن (رَحْمَتِي سَبَقَتْ غَضَبِي) مختصرة
أكتوبر 17, 2018خطبة عن قوله تعالى (لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ كَاشِفَةٌ) مختصرة
أكتوبر 17, 2018الخطبة الأولى (عقوبات المعاصي والذنوب) مختصرة
الحمد لله رب العالمين . وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
في الصحيحين واللفظ للبخاري : (عَنْ أَبِى مُوسَى قَالَ ،قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – :« مَثَلِى وَمَثَلُ مَا بَعَثَنِي اللَّهُ كَمَثَلِ رَجُلٍ أَتَى قَوْمًا فَقَالَ رَأَيْتُ الْجَيْشَ بِعَيْنَيَّ ، وَإِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْعُرْيَانُ فَالنَّجَا النَّجَاءَ . فَأَطَاعَتْهُ طَائِفَةٌ فَأَدْلَجُوا عَلَى مَهْلِهِمْ فَنَجَوْا ،وَكَذَّبَتْهُ طَائِفَةٌ فَصَبَّحَهُمُ الْجَيْشُ فَاجْتَاحَهُمْ » ، وروى الترمذي في سننه بسند حسن : (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « لَمَّا وَقَعَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ فِي الْمَعَاصِي نَهَتْهُمْ عُلَمَاؤُهُمْ فَلَمْ يَنْتَهُوا فَجَالَسُوهُمْ فِي مَجَالِسِهِمْ وَوَاكَلُوهُمْ وَشَارَبُوهُمْ فَضَرَبَ اللَّهُ قُلُوبَ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ وَلَعَنَهُمْ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ ». وروى الإمام أحمد في مسنده : (عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَتْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « إِذَا ظَهَرَتِ الْمَعَاصِي فِي أُمَّتِى عَمَّهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ » فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَمَا فِيهِمْ يَوْمَئِذٍ أُنَاسٌ صَالِحُونَ قَالَ « بَلَى ». قَالَتْ فَكَيْفَ يَصْنَعُ أُولَئِكَ، قَالَ « يُصِيبُهُمْ مَا أَصَابَ النَّاسَ ثُمَّ يَصِيرُونَ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ »
إخوة الإسلام
إن نيران المعاصي إذا اشتعلت أحرقت كل شيء ، ولا تطفئها إلا التوبة النصوح؛ وفي صحيح ابن ماجة : (عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ جَرِيرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « مَا مِنْ قَوْمٍ يُعْمَلُ فِيهِمْ بِالْمَعَاصِي هُمْ أَعَزُّ مِنْهُمْ وَأَمْنَعُ لاَ يُغَيِّرُونَ إِلاَّ عَمَّهُمُ اللَّهُ بِعِقَابٍ ». وفي الصحيحين : (عَنْ أَبِى مُوسَى – رضى الله عنه – قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – « إِنَّ اللَّهَ لَيُمْلِي لِلظَّالِمِ حَتَّى إِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ » . قَالَ ثُمَّ قَرَأَ ( وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهْىَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ ) هود 102 ، فعلى العاقل أن يحذر من عقوبة المعاصي؛ ولا يغتر بالتأخير؛ فإن الله تعالى لا تضره معصية العاصي، كما أنه تعالى لا يفوته العاصي؛ فهو سبحانه وتعالى قد يؤخر العقوبة، ولكن متى نزلت فلا نجاة للعاصي ، فالغافل حقًا! هو الذي يغفل عن عقوبات المعاصي وجزائها النازل .وكم من عاص لا يهمه عاقبة الذنب ! وكم من عاص نسي عواقب الذنوب الوخيمة ! فيا من أسرفت في المعاصي لا تظنن أن الله غافل عنك ! فهو يمهل ، ولا يهمل
أيها المسلمون
وعقوبات المعاصي والذنوب متعددة الأنواع؛ فأما عقوبة هجر القرآن، وتعمد النوم عن الصلاة المكتوبة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد أخبر كما في صحيح البخاري :(حَدَّثَنَا سَمُرَةُ بْنُ جُنْدَبٍ – رضى الله عنه – عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – فِي الرُّؤْيَا قَالَ :« أَمَّا الَّذِى يُثْلَغُ رَأْسُهُ بِالْحَجَرِ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ الْقُرْآنَ فَيَرْفِضُهُ وَيَنَامُ عَنِ الصَّلاَةِ الْمَكْتُوبَةِ » ، وأما الكذبة الشنيعة التي تبلغ الآفاق فعقابها عظيم ، فلينتبه من يكذب في وسائل الإعلام، وشبكة الإنترنت وغيرها، فهذا الرجل الذي أتى عليه النبي صلى الله عليه وسلم في الرؤيا : (أَمَّا الَّذِى رَأَيْتَهُ يُشَقُّ شِدْقُهُ فَكَذَّابٌ يُحَدِّثُ بِالْكَذْبَةِ ، فَتُحْمَلُ عَنْهُ حَتَّى تَبْلُغَ الآفَاقَ ، فَيُصْنَعُ بِهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ) .أما عقوبة الزنا ففيها قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم :(وَأَمَّا الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ الْعُرَاةُ الَّذِينَ فِي مِثْلِ بِنَاءِ التَّنُّورِ فَإِنَّهُمُ الزُّنَاةُ وَالزَّوَانِي) ،وأما أكلة الربا الذين يأكلونه بالإقراض أو بالتحايل عليه ببيوع صورية يمولون بها البضائع ويأخذون الزيادة المحرمة، فهؤلاء عليهم أن يعلموا بأن العقوبة في القبر حتى قيام الساعة: فقد قيل للنبي صلى الله عليه وسلم كما في الحديث المتقدم : (وَأَمَّا الرَّجُلُ الَّذِى أَتَيْتَ عَلَيْهِ يَسْبَحُ فِي النَّهَرِ وَيُلْقَمُ الْحَجَرَ ، فَإِنَّهُ آكِلُ الرِّبَا). ومن أعظم العقوبات أن يعرض الله تعالى عن العبد، فهناك أناس يوم القيامة لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم، من هؤلاء؟ إنهم أناس متعددون قد ورد ذكرهم في أحاديث متعددة ، فقد روى البخاري في صحيحه : (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ – رضى الله عنه – عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ : « ثَلاَثَةٌ لاَ يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَلاَ يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ رَجُلٌ حَلَفَ عَلَى سِلْعَةٍ لَقَدْ أَعْطَى بِهَا أَكْثَرَ مِمَّا أَعْطَى وَهْوَ كَاذِبٌ ، وَرَجُلٌ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ كَاذِبَةٍ بَعْدَ الْعَصْرِ لِيَقْتَطِعَ بِهَا مَالَ رَجُلٍ مُسْلِمٍ ، وَرَجُلٌ مَنَعَ فَضْلَ مَاءٍ ، فَيَقُولُ اللَّهُ الْيَوْمَ أَمْنَعُكَ فَضْلِى ، كَمَا مَنَعْتَ فَضْلَ مَا لَمْ تَعْمَلْ يَدَاكَ » ، وروى مسلم في صحيحه : ( عَنْ أَبِى ذَرٍّ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ :« ثَلاَثَةٌ لاَ يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ » قَالَ فَقَرَأَهَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- ثَلاَثَ مِرَارٍ. قَالَ أَبُو ذَرٍّ خَابُوا وَخَسِرُوا مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ « الْمُسْبِلُ وَالْمَنَّانُ وَالْمُنَفِّقُ سِلْعَتَهُ بِالْحَلِفِ الْكَاذِبِ ». وفي صحيح مسلم : (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- : « ثَلاَثَةٌ لاَ يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ – قَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ وَلاَ يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ – وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ شَيْخٌ زَانٍ وَمَلِكٌ كَذَّابٌ وَعَائِلٌ مُسْتَكْبِرٌ ».
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( عقوبات المعاصي والذنوب) مختصرة
الحمد لله رب العالمين . وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
أما الذي يكتم العلم عن المحتاج، فهذا شيطان أخرس ، ففي مسند أحمد وغيره : (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- : « مَنْ سُئِلَ عَنْ عِلْمٍ فَكَتَمَهُ أُلْجِمَ بِلِجَامٍ مِنْ نَارٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ » ، ويحشر أناس يوم القيامة وليس في وجوههم قطعة لحم واحدة، فمن هم هؤلاء؟ ليتعظ الذين يقفون في المساجد وعلى أبوابها، والآن يرسلون بريداً إلكترونياً للتسول العصري، هؤلاء الذين يسألون الناس وهم غير محتاجين ، ففي صحيح مسلم : (عَنْ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ : « لاَ تَزَالُ الْمَسْأَلَةُ بِأَحَدِكُمْ حَتَّى يَلْقَى اللَّهَ وَلَيْسَ فِي وَجْهِهِ مُزْعَةُ لَحْمٍ ». يعني: قطعة لحم، وهنالك أناس يأتون يوم القيامة في صورة بشر ولكنهم في حجم النمل الصغير ، ففي سنن الترمذي بسند حسن (عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « يُحْشَرُ الْمُتَكَبِّرُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمْثَالَ الذَّرِّ فِي صُوَرِ الرِّجَالِ يَغْشَاهُمُ الذُّلُّ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَيُسَاقُونَ إِلَى سِجْنٍ فِي جَهَنَّمَ يُسَمَّى بُولَسَ تَعْلُوهُمْ نَارُ الأَنْيَارِ يُسْقَوْنَ مِنْ عُصَارَةِ أَهْلِ النَّارِ طِينَةِ الْخَبَالِ ». فالجزاء من جنس العمل، فكما تكبر في الدنيا على الناس، فقد جاء يوم القيامة في هذا الحجم تحت أقدام الناس ، جزاء وفاقاً، وأما مانع الزكاة، ومن بخل بالزكاة، فماذا يكون عقابهم يوم القيامة؟ ، فقد روى مسلم في صحيحه : ( أن أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « مَا مِنْ صَاحِبِ ذَهَبٍ وَلاَ فِضَّةٍ لاَ يُؤَدِّى مِنْهَا حَقَّهَا إِلاَّ إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ صُفِّحَتْ لَهُ صَفَائِحَ مِنْ نَارٍ فَأُحْمِىَ عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَيُكْوَى بِهَا جَنْبُهُ وَجَبِينُهُ وَظَهْرُهُ كُلَّمَا بَرَدَتْ أُعِيدَتْ لَهُ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ حَتَّى يُقْضَى بَيْنَ الْعِبَادِ فَيُرَى سَبِيلُهُ إِمَّا إِلَى الْجَنَّةِ وَإِمَّا إِلَى النَّارِ ». وأما الذين اغتصبوا من الأراضي ما اغتصبوا وأخذوا منها ما أخذوا ولو شبراً واحداً، فإنهم سيحملونه يوم القيامة إلى سبع أرضين في العمق، وسيطوقه حول رقبته، ففي الصحيحين: ( أن رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – يَقُولُ « مَنْ أَخَذَ شِبْرًا مِنَ الأَرْضِ ظُلْمًا ، فَإِنَّهُ يُطَوَّقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ » ، أما الغادر الذي غدر، والذي تعهد فأخلف والذي عقد العقد وأعطى الأمان ثم غدر ، فهذه هي عقوبته ، فقد روى البخاري في صحيحه : (جَمَعَ ابْنُ عُمَرَ حَشَمَهُ وَوَلَدَهُ فَقَالَ إِنِّي سَمِعْتُ النَّبِيَّ – صلى الله عليه وسلم – يَقُولُ : « يُنْصَبُ لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ »
الدعاء