خطبة عن قوله تعالى (خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ )
ديسمبر 27, 2022خطبة عن حديث (غَيْرَةُ اللَّهِ أَنْ يَأْتِيَ الْمُؤْمِنُ مَا حَرَّمَ اللَّهُ )
ديسمبر 29, 2022الخطبة الأولى ( عمارة الأرض واجب إسلامي )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته: (هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ) (61) هود
إخوة الإسلام
ذكر الإمام الراغب الأصفهاني: أن مقاصد الشريعة الاسلامية تتمثل في ثلاث مقاصد: (المقصد الأول: العبادة لله وحده، وإليها يشير قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) الذاريات: 56. والمقصد الثاني: الخلافة عن الله، واليها يشير قوله تعالى: (إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً) (البقرة: 30)، والمقصد الثالث: العمارة للأرض، وإليها يشير قوله تعالى: (هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا) (هود: 61). فعمارة الأرض: بإصلاحها وإحيائها وإشاعة الحياة والنماء فيها، حتى يكون فيها جنَّات من نخيل وأعناب، وحدائق ذات بهجة، وثمر يُنظر إلى ينعه، ويُؤكل منه، ويُؤخذ حقه يوم حصاده، وأنعام وخيل، وأنهار وديار، وصناعة وتجارة – إلى آخر ما لابد للحياة منه- هو مقصد من مقاصد الشريعة الاسلامية، وهذا العمل يجب أن يتعاون الناس فيه، ويقوم كلٌ بما يمكنه من جهد، ولا يجوز أن يعمل البعض، ويظل الآخرون كَلاً عليهم، فيأخذون ولا يعطون، ويستهلكون ولا ينتجون، فهذا ليس من العدل، فالمتعطل عن الكسب والكدح في الحياة عالة على غيره، فإذا لم يكن عاجزاً عن الكسب، أو متفرغاً لطلب علم نافع، فهو مذموم، ولو اقتدى به المسلمون لفسدت الأرض، وأمسوا عبيداً لغيرهم من الأقوياء العاملين، فالكسب والعمل الدنيوي ليس مجرد أمر مباح، بل هو أمر مطلوب،
والتاريخ يشهد أن البشرية لم تر خيراً مثلما رأت مع المسلمين الأوائل، فقد انتشر الأمن والأمان، وحلت البركة في الأعمار، والأرزاق والذرية، ويتضح ذلك من مقارنة بين دولة الإسلام الأولى، ودولة النصرانية التي حكمتها الكنيسة، ودولة العلمانيين بعد ذلك، والتي تحكم من قرنين ونصف تقريباً إلى يومنا هذا، فالشريعة الإسلامية حرصت على الحث على الإزدهار والتعمير والنهضة وإعمار الأرض في كل النواحي والمجالات، والإِعْمَار غريزةٌ أودعها الله البشر، لتكون رائدةَ العمل، وباعثة الأمل، في نشرِ العمران وتثبيتِ دعائمِ التحضُّرِ والأَمَان، فشريعتنا إعمارٌ لا دمار، وبناءٌ ونماءٌ، لا هدمٌ وفناء، وإشادةٌ لا إبادة، قال تعالى: « كُلُوا وَاشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللَّهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ» البقرة (60)، وقال سبحانه: «وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا» الاعراف (56)، قال الإمام القُرطبي: ”نهى عن كُلِّ فَسَادٍ قَلَّ أو كثُر، بعد صلاح قَلَّ أو كثر”. وفي صحيح مسلم: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « الإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ أَوْ بِضْعٌ وَسِتُّونَ شُعْبَةً فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإِيمَانِ »، ففي قوله صلى الله عليه وسلم: (إِمَاطَةُ الأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ) ،فيه بيان أن الحفاظ على نظافة الطريق والبيئة إحْدَى شُعَب الإيمان، ودلائل البِرِّ والإحسان،
والمتأمل في فقه إعمار الأرض في الإسلام يجده فقها راقيا، يتناول الإعمار من أبعاده كلها ؛ فقد بدأ بإعمار أهم كائن في الكون، والذي لا شك أنه أكبر مؤثر فيما حوله من كائنات، ألا وهو الإنسان، فاهتم الاسلام بإعمار نفس الإنسان أولا، وتزكية إيمانه قبل كل شيء، وتعزيز روح التضحية والجهاد في النفس الإنسانية، حتى تسمو إلى عوالم الإيثار، وقد أخبر سبحانه وتعالى أن هذا الإعمار لا يعدله حتى إعمار أفضل بيت من بيوت الله في الأرض؛ قال تعالى: {أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ} [التوبة: 19]؛ وإعمار بلا إيمان يؤدي إلى الطغيان ، قال الله تعالى: (أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (9) ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاءُوا السُّوأَى أَنْ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَكَانُوا بِهَا يَسْتَهْزِئُونَ) (9) ، (10) الروم، فإذا كان إعمار الانسان هو الأساس الذي ينبني عليه إعمار الأرض، فلا يمكن أن نؤسس حضارة إنسانية وارفة الظلال إلا بإعمار وتزكية الجانب الخلقي والإنساني فيها، قال تعالى: {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} التوبة (105). فحينما يستقر الإيمان في النفوس، ويتعرف الناس على ربهم، ويكثر الطيبون ويتخصصون: فهذا يجاهد على الثغور، وذاك يعلم الناس ، وهذا يميل للكيمياء فينشط فيها، وهذا يميل للرياضيات، وهذا يهوى البحر فيركبه، طلبا لرزقه أو مجاهداً، أو باحثاً، فيندفع الجميع حول هدفٍ واحدٍ، وهو التوحيد، ومجاهدة المفسدين ، ثم ينشط كل انسان حيث يحسن العمل، يبتغي بذلك المثوبة والأجر. فعمارةَ الأرض تأخذ صورًا شتى؛ فهي تشمَل الزراعة، والصناعة، واستخراج ما في باطن الأرض من كنوز وثروات، فيحاول الإنسانُ – بما أعطاه الله تعالى من عقل وعلم – فيحوِّلَ الصحراء القاحلة إلى أرض خضراء ممتلئة بالزروع والثمار، ففي الصحيحين: (عَنْ أَنَسٍ – رضي الله عنه – قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – « مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْسًا، أَوْ يَزْرَعُ زَرْعًا، فَيَأْكُلُ مِنْهُ طَيْرٌ أَوْ إِنْسَانٌ أَوْ بَهِيمَةٌ، إِلاَّ كَانَ لَهُ بِهِ صَدَقَةٌ»، وفي مسند أحمد: (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «إِنْ قَامَتْ عَلَى أَحَدِكُمُ الْقِيَامَةُ وَفِى يَدِهِ فَسِيلَةٌ فَلْيَغْرِسْهَا»، وفيه أيضا يقول صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ إِبْرَاهِيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ وَإِنِّي أُحَرِّمُ الْمَدِينَةَ حَرَامٌ مَا بَيْنَ حَرَّتَيْهَا وَحِمَاهَا كُلُّهُ لاَ يُخْتَلَى خَلاَهَا وَلاَ يُنَفَّرُ صَيْدُهَا وَلاَ تُلْتَقَطُ لُقَطَتُهَا إِلاَّ لِمَنْ أَشَادَ بِهَا وَلاَ تُقْطَعُ مِنْهَا شَجَرَةٌ إِلاَّ أَنْ يَعْلِفَ رَجُلٌ بَعِيرَهُ وَلاَ يُحْمَلُ فِيهَا السِّلاَحُ لِقِتَالٍ»، وفي صحيح البخاري: (أن أَبَا هُرَيْرَةَ – رضي الله عنه – يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – «لأَنْ يَحْتَطِبَ أَحَدُكُمْ حُزْمَةً عَلَى ظَهْرِهِ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ أَحَدًا فَيُعْطِيَهُ أَوْ يَمْنَعَهُ»، وكذلك على المسلم أن يسبَحَ في الفضاء ليستكشفَ ما به من أسرار، ويعرِف ما يفيده ليفعله، وما يضره ليتجنَّبَه، قال الله تعالى: ﴿ أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً ﴾ [لقمان: 20]، فهذه النِّعم إنما سُخِّرت لعمَّار الأرض، لا للفساد والدمار، والله تعالى قادر على أن يبدل النعمةَ نقمة، إذا لم يحسن الإنسان استخدامها، أو جعَلها أداة للخراب لا للإعمار،
ولكي يكتملَ إعمار الأرض لا بد مِن العمل الدؤوب لتحقيق ذلك، وقد امتلأ القرآن الكريم بالآيات التي توزعت على الكثير من سوره، اقترن فيها الإيمانُ بالعمل الصالح، الذي يكون مردودُه بالإيجاب على الفرد والمجتمع؛ قال الله تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا ﴾ [الكهف: 30]، وروى البخاري في صحيحه: (عَنِ الْمِقْدَامِ – رضي الله عنه – عَنْ رَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « مَا أَكَلَ أَحَدٌ طَعَامًا قَطُّ خَيْرًا مِنْ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ ، وَإِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ دَاوُدَ – عَلَيْهِ السَّلاَمُ – كَانَ يَأْكُلُ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ»، وقال عمر بن الخطاب – رضي الله عنه: (لا يقعد أحدكم عن طلب الرزق ويقول: اللهم ارزُقْني؛ فقد علمتم أن السماءَ لا تُمطِر ذهبًا ولا فضة)، وقال ابن مسعود – رضي الله عنه -: (إني لأكرَهُ أن أرى الرجلَ فارغًا، لا في أمر دنياه، ولا في أمر آخرته)،
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( عمارة الأرض واجب إسلامي )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
والعمل يصلُ إلى مرحلة العبادة إذا ابتُغِيَ به وجهُ الله، ولم يتعطل بسببه فرضٌ مكتوب؛ روى البيهقي في السنن: (عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : مَرَّ بِهِمْ رَجُلٌ فَتَعَجَّبُوا مِنْ خُلُقِهِ فَقَالُوا : لَوْ كَانَ هَذَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَأَتَوُا النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- :« إِنْ كَانَ يَسْعَى عَلَى أَبَوَيْهِ شَيْخَيْنِ كَبِيرَيْنِ فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَإِنْ كَانَ يَسْعَى عَلَى وَلَدٍ صِغَارٍ فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَإِنْ كَانَ يَسْعَى عَلَى نَفْسِهِ لِيُغْنِيَهَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ». وفي سياق التشريع القانوني وضعت الشريعة الاسلامية أشد عقوبة ضد المفسدين في الأرض يقول تعالى: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ } [المائدة: 33]، وفي الصحيحين: (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ – رضي الله عنه – أَنَّ رَهْطًا مِنْ عُكْلٍ ثَمَانِيَةً قَدِمُوا عَلَى النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – فَاجْتَوَوُا الْمَدِينَةَ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ، ابْغِنَا رِسْلاً. قَالَ «مَا أَجِدُ لَكُمْ إِلاَّ أَنْ تَلْحَقُوا بِالذَّوْدِ». فَانْطَلَقُوا فَشَرِبُوا مِنْ أَبْوَالِهَا وَأَلْبَانِهَا حَتَّى صَحُّوا وَسَمِنُوا، وَقَتَلُوا الرَّاعِيَ، وَاسْتَاقُوا الذَّوْدَ، وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلاَمِهِمْ، فَأَتَى الصَّرِيخُ النَّبِيَّ – صلى الله عليه وسلم -، فَبَعَثَ الطَّلَبَ، فَمَا تَرَجَّلَ النَّهَارُ حَتَّى أُتِيَ بِهِمْ، فَقَطَّعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ، ثُمَّ أَمَرَ بِمَسَامِيرَ فَأُحْمِيَتْ فَكَحَلَهُمْ بِهَا، وَطَرَحَهُمْ بِالْحَرَّةِ، يَسْتَسْقُونَ فَمَا يُسْقَوْنَ حَتَّى مَاتُوا . قَالَ أَبُو قِلاَبَةَ قَتَلُوا وَسَرَقُوا وَحَارَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ صلى الله عليه وسلم وَسَعَوْا فِي الأَرْضِ فَسَادًا) .
أيها المسلمون
وهكذا يتبين لنا أن الجنسَ البشري – على وجه العموم، والمسلم – على وجه الخصوص – مطالَبٌ بإعمار هذه الأرض، فنفعُ المسلم يتعدَّاه إلى غيره من الناس جميعًا، على اختلاف مِلَلِهم ونِحَلِهم، والمسلم مطالَب بتعمير هذه الأرض بعقيدة راسخة، بعلم نافع، بعمل متقن، بصدق تعامل، بأداءِ أمانةٍ، بوفاء وعد، بسلوك رشيد، بإنتاج جيد، بعيدًا عن التكبُّرِ والغرور والجشَع والطمع، وكل ما يُخِلُّ بالفطرة الإنسانية التي فطَر اللهُ الناس عليها، وهذا الزمن الذي نعيشه، وواقعنا الذي نحياه، أحوج ما نكون فيه إلى العمل والإعمار مِن غيره، بعدما تخلَّف بنا الرَّكْب، ودب النزاع والشقاق بيننا، فهل مِن مدَّكِر؟ وهل مِن مستجيب؟
الدعاء