خطبة عن (الوصية وأحكامها) مختصرة
فبراير 10, 2019خطبة عن الالحاد (وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ)
فبراير 12, 2019الخطبة الأولى (عمرك هو رأس مالك)
الحمد لله رب العالمين .وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
روى البخاري في صحيحه : (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ – رضى الله عنهما – قَالَ ، قَالَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – « نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ ، الصِّحَّةُ وَالْفَرَاغُ »
إخوة الإسلام
الوقت هو أثمن شيء يملكه الإنسان في حياته ، وهو رأس ماله ، وفيه ربحه أو خسارته ، ولذلك قال الإمام الجليل الحسن البصري: (الإنسان هو بضعة أيام ، كلما انقضى يوم انقضى بضع منه)، وما من يوم ينشق فجره إلا وينادي : يا بن آدم أنا خلق جديد، وعلى عملك شهيد، فتزود مني ، فإني لا أعود إلى يوم القيامة. ولذلك قالوا: هناك خمسة أيام في حياة الإنسان: هناك يوم مفقود ،لا جدوى من الحديث عنه ، لأنه مضى وانتهى بخيره وشره، وهناك يوم مشهود، وهو أخطر أيام الإنسان وهو وقته الحاضر ويومه الحالي ، وهناك يوم موعود وهو اليوم الذي ينتقل فيه إلى الدار الآخرة بالموت، وهناك يوم مورود ، وهو يوم القيامة ، يرد فيه كافة العباد للجزاء والحساب ، وهناك يوم ممدود إلى أبد الآبدين، إما في جنات النعيم ، ودار المنعمين ، وإما في نار الجحيم ، ودار المعذبين .
فالوقت هو الحياة ، وهو أغلى من الذهب والفضة ، وأغلى وأرفع من الشهرة والمنصب ، فرأس مال المسلم في هذه الدنيا وقت قصير، وأنفاس محدودة وأيام معدودة، فمن استثمر تلك اللحظات والساعات في الخير فطوبى له ، ومن أضاعها وفرط فيها فقد خسر زمناً لا يعود إليه أبدا . وعمر الإنسان القصير سيُسأل عن كل لحظة فيه ،وعن كل عمل قام به ،يوم يقوم بين يدي ربه ، ففي سنن الترمذي بسند حسن صحيح (عَنْ أَبِى بَرْزَةَ الأَسْلَمِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « لاَ تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ عُمْرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ وَعَنْ عِلْمِهِ فِيمَا فَعَلَ وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَا أَنْفَقَهُ وَعَنْ جِسْمِهِ فِيمَا أَبْلاَهُ » ، فعمر الإنسان هو موسم الزرع في هذه الدنيا ، وحصاد ما زرع يكون في الآخرة ،. والناس تجاه الوقت أصناف متعددة : فمنهم من يقضي حياته في طلب الأرزاق مع محافظته على دينه وعقيدته التي يرضاها الله، فهذا على خير، ومنهم من يقضي حياته في طلب الرزق ، ولكنه مضيع لأوامر الله، منتهك لمحارمه، فهذا على شر كبير، ومنهم من يضيع حياته في لهو وغناء ، وفراغ وفحشاء، فهو لم يعمل للدنيا ، ولم يقدم عملا للآخرة ، وهذا من شر الأصناف والمنازل ، ولو عقل هؤلاء وعادوا إلى رشدهم ،لعلموا أنهم على خطر عظيم، وأنهم كانوا على شفا حفرة مؤذنة بالسقوط إلى الهاوية، إنها هاوية النار
أيها المسلمون
إن من جهل قيمة الوقت في الحياة الدنيا ، سيأتي عليه حين ، وتمر عليه لحظة ،يعرف فيها قدر الوقت ونفاسته ،وقيمة العمل فيه ، ولكن بعد فوات الأوان ،وفي هذا يذكر القرآن موقفين للإنسان ، يندم فيهما على ضياع وقته ، حيث لا ينفع الندم . الموقف الاول :ساعة الاحتضار، وقبل خروج الروح ، حيث يستدبر الإنسان الدنيا ، ويستقبل الآخرة ، ويتمنى لو منح مهلة من الزمن ، وأخر إلى أجل قريب ،ليصلح ما أفسده ، ويتدارك ما فاته ، قال الله تعالى : {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} [المؤمنون: 99-100]. وقال تعالى: {وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ} [المنافقون: 10] ، والموقف الثاني : في الآخرة : حيث توفى كل نفس ما عملت ،وتجزى بما كسبت ، ويدخل أهل الجنة الجنة، وأهل النار النار ، هنالك يتمنى أهل النار لو يعودون مرة أخرى إلى حياة الدنيا ، ليبدءوا من جديد عملا صالحاً ، ولكن هيهات هيهات لما يطلبون ،فقد انتهى زمن العمل ، وجاء زمن الجزاء ، قال الله تعالى : (وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ) (37) فاطر ، فينبغي للمؤمن أن يتخذ من مرور الليالي والأيام عبرة لنفسه ، فإن الليل والنهار يبليان كل جديد ، ويقربان كل بعيد ويطويان الأعمار ، ويشيبان الصغار ويفنيان الكبار . فواجب على الإنسان المسلم نحو وقته أن يحافظ عليه كما يحافظ على ماله بل واكثر منه ،وأن يحرص على الاستفادة من وقته كله فيما ينفعه في دينه ودنياه وما يعود على أمته بالخير والسعادة
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (الوقت رأس مال المسلم )
الحمد لله رب العالمين .وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
لقد أدرك سلفنا الصالح قيمة الوقت ، فاستثمروا أوقاتهم ، وشغلوا أيامهم فيما يرضي خالقهم ، قالوا لداود الطائي : يا ابا سليمان أما تشتهي الخبز ؟ فقال :ما بين مضغ الخبز وشرب الفتيت قراءة خمسين آية . ويقول الحسن البصري رحمه الله: (ما مر يوم على ابن آدم إلا قال له: ابن آدم إني يوم جديد، وعلى ما تعمل فَّي شهيد، وإذا ذهبت عنك لم أرجع إليك، فقدِّم ما شئت تجده بين يديك، وأخِّر ما شئت فلن يعود أبداً إليك) ، وقال أحدهم : ” من أمضى يومًا من عمره في غير حق قضاه, أو فرض أدَّاه ،أو مجد أثله أو حمد حصلَّه ،أو خير أسسه ،أو علم اقتبسه ،فقد عقَّ يومه ، وظلم نفسه”.
أيها المسلمون
وواجب المسلم تجاه الوقت : الاتعاظ بمرور الأيام : فمن العبر في تقلب الليل والنهار، أن دوام الحال من المحال ،وأن الليل مهما طال لا بد من طلوع الفجر ،قال الله عز وجل :( يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ) (44) النور. وواجب المسلم تجاه الوقت : المسارعة إلى الخيرات : قال الله عز وجل : ( وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ) (133) آل عمران. وواجب المسلم تجاه الوقت: اغتنام الوقت فيما ينفع، ففي المستدرك للحاكم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (اغتنم خمسا قبل خمس : شبابك قبل هرمك ، وصحتك قبل سقمك ،وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك ، وحياتك قبل موتك) ، وواجب المسلم تجاه الوقت: أن ينظم وقته : فلكل وقت عمل ، قال أبو بكر الصديق لعمر بن الخطاب رضي الله عنهما : (إن لله عملا في النهار لا يقبله إلا بالليل وعملا في الليل لا يقبله بالنهار) . وجاء في صحف إبراهيم عليه السلام : ينبغي للعاقل ما لم يكن مغلوبا على عقله، أن يكون له أربع ساعات : ساعة يناجي فيها ربه ، وساعة يحاسب فيها نفسه ، وساعة يتفكر في صنع الله ، وساعة يخلو فيها لحاجته من الطعام والشراب .
الدعاء