خطبة عن (عيد الأضحى والثقة بالله)
يونيو 23, 2023خطبة عن: عيد الأضحى (إطعام الطعام)
يونيو 23, 2023الخطبة الأولى عيد الأضحى (العيد ذكر وشكر)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته : (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ) (152) البقرة
إخوة الإسلام
اليوم يوم عيد، والأعياد في الإسلام تبدأ بالذكر بالتكبير والتهليل والتحميد، (الله أكبر ، الله أكبر ،الله أكبر ،لا إله إلا الله ، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد )، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (زَيِّنُوا أَعْيَادَكُمْ بِالتَّكْبِيرِ) رواه الطبراني. وفي يوم العيد نشكر الله تبارك وتعالى أن وفقنا لطاعته، وأتم علينا نعمه، ورضي لنا الاسلام دينا ،فالعيد ذكر وشكر، ذكر لله تبارك وتعالى، فذكر الله جلاء القلوب ،وفي ذكر الله نجاة، وبركة، وهداية، ذِكر الله نِعمة ونعيم ،وسعادة نفْس، وقوَّة قلْب؛ ذكر الله: رَوحٌ وريحان وجنَّة نعيم. وهو قوتُ القلوب ،فمتى فارقَها صارت الأجساد لها قبورًا، وهو عمارة الديار ، فإذا خلت منه صارت بورًا، وذكر الله هو سلاح المؤمنين الذي يقاتلون به أعداءهم، وفيه دواء أسقامِهم ، وبه يزول الوَقْر عن الأسماع، والبَكم عن الألسُن، وبه تنقشع الظلمةُ عن الأبصار، وهو الذي زيَّن الله به ألسِنةَ الذاكرين، كما زيَّن بالنور أبصارَ الناظرين. ذكر الله باب الله الأعْظَم المفتوح بينه وبيْن عبده، ما لم يغلقْه العبد بغفلته، وهو رُوح الأعمال الصالحة، فإذا خلاَ العمل عن الذِّكر كان كالجسدِ الذي لا رُوحَ فيه. وهو غراس الجنَّة، وسبب تنزُّل الرحمات ، ورِضا ربِّ الأرض والسموات، وعبادة جميع الكائنات، إنَّه الشفاء للقلوب. وما طابتِ الدنيا إلا بذِكر الله، وما طابتِ الآخرة إلا بعفوِ الله، وما طابتِ الجنة إلا برؤيةِ وجه الله الكريم، ذكر الله به يستدفع المؤمنون الآفات ،ويستكشفون الكربات ،وتهون عليهم به المصيبات، وإذا أظلَّهم البلاء فإليه ملجؤهم، وإذا نزلت بهم النوازل فإليه مفزعهم ، فهو رياض جنتهم التي فيها يتقلبون، ورؤوس أموال سعادتهم التي بها يتجرون ،ذكر الله يدع القلب الحزين ضاحكـًا مسرورًا ، ويوصل الذاكر إلى المذكور. قال الله تعالى: {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ} [آل عمران: 191]، وقال الله تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد: 28]، وقال رجلٌ لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ شَرَائِعَ الإِسْلاَمِ قَدْ كَثُرَتْ عَلَىَّ فَأَخْبِرْنِي بِأَمْرٍ أَتَشَبَّثُ بِهِ قَالَ :« لاَ يَزَالُ لِسَانُكَ رَطْبًا بِذِكْرِ اللَّهِ ». رواه البيهقي، وفي سنن الترمذي: (قَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- « أَلاَ أُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرِ أَعْمَالِكُمْ وَأَزْكَاهَا عِنْدَ مَلِيكِكُمْ وَأَرْفَعِهَا فِي دَرَجَاتِكُمْ وَخَيْرٌ لَكُمْ مِنْ إِنْفَاقِ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ وَخَيْرٌ لَكُمْ مِنْ أَنْ تَلْقَوْا عَدُوَّكُمْ فَتَضْرِبُوا أَعْنَاقَهُمْ وَيَضْرِبُوا أَعْنَاقَكُمْ ». قَالُوا بَلَى. قَالَ « ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى ». فَقَالَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ رضى الله عنه مَا شَيْءٌ أَنْجَى مِنْ عَذَابِ اللَّهِ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ. وذكر الله يطرد الشيطان، ويرضى الرحمن، ويزيل الهم والغم والأحزان، ويجلب للقلوب الفرح والسرور. ذكر الله :يقوي القلب والبدن ، وينور الوجه ويجلب الرزق .ويكسو الذاكر المهابة، ويورثه المحبة ،ذكر الله يورث المراقبة ،حتى يدخل العبد في باب الإحسان ،فيعبد الله كأنه يراه ، ويورثه الإنابة والقرب، فعلى قدر ذكر العبد لربه يكون قربه من ربه ، وعلى قدر غفلته يكون بعده عن خالقه ، ذكر الله يحط الخطايا ويذهبها ، ويزيد الحسنات ويعظمها. ففي الصحيحين : (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « مَنْ قَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ. فِي يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ حُطَّتْ خَطَايَاهُ، وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ »، وفي صحيح مسلم : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم :(وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ إِلاَّ نَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمُ الْمَلاَئِكَةُ وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ)
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( العيد ذكر وشكر )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
العيد ذكر وشكر: فمضمون العيد في الاسلام شكر لله تعالى على توفيقه لأهل الطاعات, فأهل الطاعات لا يفرِّغون العيد من مضمونه, فهم يواصلون الطاعات, وأهمُّ طاعة لله عز وجل في يوم النحر هي نحر الأضاحي, كما جاء في الحديث الشريف عنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (مَا عَمِلَ آدَمِيٌّ مِنْ عَمَلٍ يَوْمَ النَّحْرِ أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ مِنْ إِهْرَاقِ الدَّمِ, إِنَّهَا لَتَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِقُرُونِهَا وَأَشْعَارِهَا وَأَظْلافِهَا, وَأَنَّ الدَّمَ لَيَقَعُ مِنْ اللَّهِ بِمَكَانٍ قَبْلَ أَنْ يَقَعَ مِنْ الأَرْضِ, فَطِيبُوا بِهَا نَفْسًا) رواه الترمذي. ومن أهم الطاعات في يوم العيد صلة الرحم , والتوسعة على الأهل ،وعيادة المرضى ،وزيارة الأصدقاء ، واطعام الطعام ،وافشاء السلام ، فالعيد شكر، والشكر عبادة عظيمة ،ومنحة جليلة ،وعطاء لا ينفد ،وبحر جود لا ساحل له، به يكتمل الإيمان، وتتعدد النعم، وفيه صلاح الدين والدنيا.. والشكر عبادة الأنبياء ،وصفة من صفات الأتقياء. وهو عبادة الفرج بعد الكرب ،واليسر بعد العسر ،والصحة بعد المرض ،والرخاء بعد الشدة ، والأمن بعد الخوف ، وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كثير الشكر لربه، ففي صحيح مسلم : (عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إِذَا صَلَّى قَامَ حَتَّى تَفَطَّرَ رِجْلاَهُ قَالَتْ عَائِشَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتَصْنَعُ هَذَا وَقَدْ غُفِرَ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ فَقَالَ « يَا عَائِشَةُ أَفَلاَ أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا ».، وفي سنن أبي داود : (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَخَذَ بِيَدِ مُعَاذ وَقَالَ « يَا مُعَاذُ وَاللَّهِ إِنِّي لأُحِبُّكَ وَاللَّهِ إِنِّي لأُحِبُّكَ ». فَقَالَ « أُوصِيكَ يَا مُعَاذُ لاَ تَدَعَنَّ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلاَةٍ تَقُولُ اللَّهُمَّ أَعِنِّى عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ ».وفي صحيح مسلم : (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « إِنَّ اللَّهَ لَيَرْضَى عَنِ الْعَبْدِ أَنْ يَأْكُلَ الأَكْلَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا أَوْ يَشْرَبَ الشَّرْبَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا ». ويكون الشكر بالمحافظة على الطاعات واستغلال الأوقات فيما يقرب من الله من العبادات ويكون الشكر بأن لا تعصي الله بنعمة من نعمه عليك؛ فإذا أنعم الله عليك بنعمة الصحة والقوة والجاه والمال فلا تظلم أحدا، ولا تعتدي على حقوق الآخرين وممتلكاتهم، ولا تسرف بالمعاصي والذنوب.
أيها المسلمون
إن العيد في الإسلام غبطة في الدين، وطاعة لله رب العالمين، وبهجة في الدنيا والحياة، ومظهر للقوة والإخاء، العيد في الإسلام فرحة بانتصار إرادة الخير على الأهواء والشهوات. العيد في الإسلام، مخالفة للشيطان، والرضا بطاعة الرحمن، فهذا يوم عيدكم، عيد الأضحى المبارك جعله الله يوم ذكر وفرح وسرور، قد جاء مع فريضة الحج وأعمال العشر من ذي الحجة وصيام يوم عرفة، فهو يوم ذكر وشكر، وفرحة وسعادة، قال الله تعالى: (قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ) (58) يونس، فاللهم أدم علينا فرحتنا ، واجعلنا من الذاكرين الشاكرين ، سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين .