خطبة عن (عيد الأضحى والثقة بالله)
مايو 30, 2025خطبة عن حديث (تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلَامٍ)
مايو 31, 2025الخطبة الأولى (عيد الأضحى ووحدة المسلمين) مختصرة
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا) آل عمران:103، وقال تعالى: (وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا) (105) آل عمران.
إخوة الإسلام
إن فريضة الحج تُظهر لنا وحدة المسلمين، حيث تذوب الفوارق بين الحجاج، وتتلاشى الحواجز، ويجتمع المسلمون من مشارق الأرض ومغاربها في مكان واحد، ولغاية وهدف واحد، وهو عبادة رب العالمين، وهذا مشهد جليل، يبعث على السرور، ويُسعد النفوس، ويُبهج الأرواح، وهو يحثانا على ضرورة الدعوة إلى وحدة المسلمين، وجمع كلمتهم، وتوحد غاياتهم وأهدافهم، فمن المؤسف في هذا الزمان: أن تفرق المسلمون، أفرادا وشعوبا ودولا، فتفرقت كلمتهم، وتفرقت جيوشهم، وضاعت أمجادهم، وترتب على هذه الفرقة والشتات: أن ضعفت قوتهم، ونُزعت هيبتهم من قلوب أعدائهم، وطمع فيهم القريب والبعيد، فأذاقهم ألوانا من الذلة والانكسار، فأصبحت أمة الإسلام اليوم يُنظر إليها على أنها أمة الجهل والتخلف، وأمة القتل والإرهاب، وأمة الفقر والحاجة إلى المعونات، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حينما أخبرنا عن هذا الزمان فقال: «يُوشِكُ الأُمَمُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمْ كَمَا تَدَاعَى الأَكَلَةُ إِلَى قَصْعَتِهَا». فَقَالَ قَائِلٌ وَمِنْ قِلَّةٍ نَحْنُ يَوْمَئِذٍ قَالَ «بَلْ أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ وَلَكِنَّكُمْ غُثَاءٌ كَغُثَاءِ السَّيْلِ وَلَيَنْزِعَنَّ اللَّهُ مِنْ صُدُورِ عَدُوِّكُمُ الْمَهَابَةَ مِنْكُمْ وَلَيَقْذِفَنَّ اللَّهُ فِى قُلُوبِكُمُ الْوَهَنَ». فَقَالَ قَائِلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا الْوَهَنُ قَالَ «حُبُّ الدُّنْيَا وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ». لقد نسينا نحن –المسلمين- اليوم، قول الله تعالى لنا: (وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ) الانفال: 46، وقوله لنا: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا) آل عمران:103، وقوله لنا: (وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا) (105) آل عمران،
أيها المسلمون
إن وحدة المسلمين هي الركيزة الأولى من ركائز الاسلام، ففي مسند أحمد: (عَنْ أَبِي نَضْرَةَ قال حَدَّثَنِى مَنْ سَمِعَ خُطْبَةَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فِى وَسَطِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَقَالَ «يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَلاَ إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ أَلاَ لاَ فَضْلَ لِعَرَبِىٍّ عَلَى أَعْجَمِىٍّ وَلاَ لِعَجَمِىٍّ عَلَى عَرَبِىٍّ وَلاَ لأَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ وَلاَ أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ إِلاَّ بِالتَّقْوَى أَبَلَّغْتُ». قَالُوا بَلَّغَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-)، ومن أجل وحدة المسلمين، كان من أول الأعمال التي قام بها رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد هجرته إلى المدينة: أن أصلح بين الأوس والخزرج، لأن في الخصومة ضعف، وآخى بين المهاجرين والأنصار، لأن في ذلك قوة، وجمع المسلمين في مكان واحد وهو المسجد، فتحققت بذلك وحدتهم، وقوي صفهم، وهابهم عدوهم، وحينما أراد الشيطان أن يوقع بينهم الفتنة، ويفرق جمعهم، ذكرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن ذلك من أعمال الجاهلية، وحذرهم من الفرقة والتفرق، ففي صحيح مسلم: (أن جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ كُنَّا مَعَ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- فِى غَزَاةٍ فَكَسَعَ رَجُلٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ فَقَالَ الأَنْصَارِىُّ يَا لَلأَنْصَارِ وَقَالَ الْمُهَاجِرِىُّ يَا لَلْمُهَاجِرِينَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «مَا بَالُ دَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ». قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ كَسَعَ رَجُلٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ. فَقَالَ «دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ». وحرصا منه صلى الله عليه وسلم على وحدة المسلمين: فقد بين لهم أن (الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ)، وقال أيضًا: (إِنَّ الْمُؤْمِنَ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا) وَشَبَّكَ أَصَابِعَهُ) متفق عليه.
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (عيد الأضحى: وحدة المسلمين)
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد أيها المسلمون
وقد وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم المجتمع الإسلامي بالجسد الواحد المترابط الأجزاء فقال: (مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى) أخرجه مسلم، وشرع لنا ديننا كل ما يقوي عوامل الأُلْفة والاتحاد، ويزيل الاختلاف والفرقة، فأمرنا بالسلام، وربط بينه وبين الإيمان وبين دخول الجنة، فقال صلى الله عليه وسلم: (لَا تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا أَفَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى أَمْرٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ؛ أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ) رواه أبو داود، ونهانا أيضًا صلى الله عليه وسلم عن الهجران؛ لأنه يسبِّب التناحر والتدابر والتنازع والتفرق، فقال صلى الله عليه وسلم: (لَا يَحِلُّ لِرَجُلٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ يَلْتَقِيَانِ فَيُعْرِضُ هَذَا وَيُعْرِضُ هَذَا وَخَيْرُهُمَا الَّذِي يَبْدَأُ بِالسَّلَامِ) متفق عليه، وفي صحيح مسلم: (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (لا تَبَاغَضُوا وَلَا تَحَاسَدُوا وَلَا تَدَابَرُوا، وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا)؛
أيها المسلمون
نحن قومٌ أعزنا الله بالإسلام، فإن ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله، ووحدة المسلمين فرض فرضه الله علينا، ومصير يستحق أن نضحّي من أجله وفي سبيله، ولا طريق للوحدة الإسلامية إلا بالاجتماع على دين الله، واعتصام بحبله، وتعاون المسلمين على البر والتقوى، فهذا هو السبيل لجمع الكلمة، ولم الشمل، ووحدة الصف، والنصر على الأعداء، واسترجاع مجدنا وعزنا الذي سلبه الأعداء منا؛ بسبب التفرق والتمزق والاختلاف والتناحر فيما بيننا، وهذه الأعياد هي فرصة للوحدة وجمع الشمل، والعودة إلى ديننا،
الدعاء