خطبة عن (عيد الأضحى) (الطاعة والاستسلام)
يونيو 8, 2024خطبة حول معنى قوله تعالى ( يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا )
يونيو 8, 2024الخطبة الأولى (عيد الاضحى) 6
الحمد لله رب العالمين. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا لله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
لقد أظلكم يوم هو من أشرف أيام العام، إنه يوم النحر، يوم الأضحية، ويوم الحج الأكبر. هو يوم من خير الأيام عند الله فكما في السنن لأبي داود عنه قال: ((إِنَّ أَعْظَمَ الأَيَّامِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمُ النَّحْرِ ثُمَّ يَوْمُ الْقَرِّ))، ويوم القر: هو يوم الاستقرار في منى يوم الحادي عشر. في هذا اليوم نتذكر خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام الذي ضرب المثل الأعلى للأمم والأجيال من بعده: فقد ثار على الأصنام فحطمها، ووقف ضد الطغاة و الكفرة الذين أرادوا حرقه بالنار، فكانت بردا وسلاما عليه. وتبرأ من أبيه عندما تبين له أنه عدوا لله، هجر قومه فرحل من بلد الي بلد وهو يقول): ( إِنّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبّي سَيَهْدِينِ) [الصافات:99]، وسأل الله تعالى أن يهب له ولدا صالحا يعينه على الطاعة ويؤنسه في الغربة، فبشره الله بإسماعيل فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْىَ وصار شابا قادرا على مساعدة أبيه (قَالَ يابُنَىَّ إِنّى أَرَى فِى الْمَنَامِ أَنّى أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى ) [الصافات :102] ، الله أكبر. إنه الامتحان الذي ظهرت نتيجته الباهرة فإبراهيم صدّق الرؤيا وإسماعيل صدّق أباه، في طاعة واستسلام ورضا( فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ وَنَادَيْنَاهُ أَن يا إِبْراهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا) [الصافات:103-105]، هذا هو الإسلام، إنه الاستسلام لأمر الله، إنه الطاعة والتسليم والتنفيذ وذاك هو ما يريده الله من عباده، فلما ظهر ذلك منهما فداه الله بذبح عظيم. وها أنتم معاشر المسلمين ستذبحون ضحاياكم ذكرى لهذا الحادث العظيم، ذكرى لعظمة الاستسلام والطاعة لرب العالمين، وذكرى للتضحية ثم الفداء من الرب الرحيم ،فاحمدوا الله على نعمه، واشكروه على أن وفقكم لطاعته، واذكروا أبا الأنبياء إبراهيم الذي هو أبو هذه الأمة المسلمة التي كتب الله عليها أن تقود البشرية بالقرآن على ملة إبراهيم عليه السلام، فأبشروا بالثواب الجزيل والخير الذي لا يحصر، الله أكبر.
أيها الناس
إن هذه الأضاحي سنة أبيكم إبراهيم ونبيكم محمد عليهما الصلاة والسلام وإن لكم بكل شعرة منها حسنة فالأضحية سنة مؤكدة لمن يقدر عليها وهي ثابتة بالكتاب والسنة فقوله تعالى ( فصل لربك وأنحر) فقد أمر الله بالنحر وهو الذبح والأمر هنا يفيد الوجوب ،وعن أنس قال: (ضحى رسول الله بكبشين أملحين أقرنين ذبحهما بيده، سمى وكبر) متفق عليه ،فَضَحُّوا عن أنفسكم وأهليكم من الزوجات والأولاد والوالدين ليحصل الأجر العظيم للجميع وتقتدوا بنبيكم حيث ضحى عنه وعن أهل بيته.
وقت الأضحية: بعد صلاة العيد من اليوم العاشر من ذي الحجة وهذا ما جاء صريحاً في أن النبي قال: ((من كان ذبح قبل أن يصلي فإنما ذبح لنفسه، ومن ذبح بعد أن يصلي فقد تم نسكه وأصاب سنة المرسلين ، ويستمر وقتها طيلة أيام التشريق الثلاثة لقوله : ((أيام التشريق كلها ذبح) ،وعلى المسلم أن يذبح بيده هو فإن ذلك من السنة، وإلا عليه أن يشهد ذبحها اذا وكل غيره للذبح لأن النبي ذبح في حجة الوداع مائة من الأبل، ذبح هو بيده الشريفة ثلاث وستين منها، ووكل الباقي لعلي ليذبحها، ويجوز للمضحي أن يأكل ويتصدق ويدخر من أضحيته ما شاء لقوله تعالى:( فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير) الحج 28 ،ولقوله :(كلوا وتصدقوا وتزودوا وادخروا) ، وأعلم أيها المسلم أنه اذا دخلنا العشر الأوائل من ذي الحجة وأردت أن تضحي فلا تأخذ من شعرك ولا من أظفارك شيئاً لما أخرجه مسلم أن النبي قال: ((من رأى هلال ذي الحجة وأراد أن يضحي فلا يأخذ من شعره ولا من أظفاره))
أيها المسلمون
ولقد ورد الفضل العظيم، والثواب الجزيل لمن أحيا شعيرة الأضاحي، ففي الحديث قال صلى الله عليه وسلم: ((ما عمل ابن آدم يوم النحر عملاً أحب إلى الله من إراقة دم، وإنها لتأتي يوم القيامة بأظلافها وقرونها وأشعارها ، وإن الدم ليقع من الله بمكانٍ قبل أن يقع على الأرض، وإن للمضحي بكل شعرة حسنة وبكل صوفة حسنة فأطيبوا بها نفساً)) رواه أحمد والترمذي وابن ماجه .و للأضحية ثلاثة شروط : أولها: بلوغ السن المعتبر شرعاً، وهو خمس سنين في الإبل وسنتان في البقر وسنة في المعز ونصف سنة في الضأن. ثانيهما: أن تكون سليمة من العيوب التي تمنع الإجزاء وقد بينها بقوله: ((أربعة لا تجزئ في الأضاحي: العرجاء البين ضلعها، والعوراء البين عورها، والمريضة البين مرضها، والعجفاء وهي الهزيلة التي لا تنقي)) خرجه الإمام أحمد وأهل السنن من حديث البراء بن عازب رضي الله عنه. ثالثها: أن تكون الأضحية في الوقت المحدد شرعا وهو: طلوع الشمس من يوم العيد إلى غروب الشمس من اليوم الثالث من أيام التشريق، ،وتجزئ الشاة الواحدة عن الرجل وأهل بيته ووالديه و ينبغي الإحسان في الذبح بحد الشفرة وإراحة الذبيحة والرفق بها وإضجاعها على جنبها الأيسر، ، ولا يعطي الجزار اجرة منها
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (عيد الأضحى) 6
الله أكبر ( 5 مرات )
الحمد لله رب العالمين. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا لله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
قال الله تعالى:( وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذالِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون [الأنعام:153] ،فأوصيكم واوصي نفسي ان تطيعوا ربكم فالصلاة الصلاة، فإنها عماد الإسلام، وناهية عن الفحشاء والآثام، وهي العهد بين العبد وربه، من حفظها حفظ دينه، ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع، وأول ما يسأل عنه العبد يوم القيامة هي الصلاة. وأدوا زكاة أموالكم طيبة بها نفوسكم، تطهروا بها نفوسكم، وتحفظوا بها أموالكم من المهالك ، وتحسنوا بها إلى الفقراء، وتثابوا على ذلك أعظم الثواب، فقد تفضل الله عليكم بالكثير، ورضي منكم بنفقة اليسير. وصوموا شهر رمضان، وحجوا بيت الله الحرام، فإنهما من أعظم أركان الإسلام. وعليكم ببر الوالدين وصلة الأرحام، والإحسان إلى الأيتام، وذلك عمل يعجِّل الله ثوابه في الدنيا مع ما يدخر الله لصاحبه في الآخرة من حسن الثواب، كما أن العقوق والقطيعة ومنع الخير مما يعجل الله عقوبته في الدنيا، مع ما يؤجل لصاحبه في الآخرة من أليم العقاب. وارعوا ـ معشر المسلمين ـ حقوق الجار، وفي الحديث: ((لا يؤمن من لا يأمن جاره بوائقه)) يعني شره. وأمُروا بالمعروف، وانهوا عن المنكر ، وإياكم وأنواع الشرك التي تبطل التوحيد، وتحبط العمل كدعاء الأنبياء والصالحين والطواف على قبورهم وطلب الغوث منهم، أو طلب كشف الكربات منهم عند الشدائد، أو دعائهم بجلب النفع أو دفع الضر، أو الذبح أو النذر لغير الله تعالى، أو الاستعاذة بغير الله تعالى، قال الله عز وجل: ( وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلاَ تَدْعُواْ مَعَ اللَّهِ أَحَداً )[الجن:18] ، وقال عز وجل: إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء [النساء:48]. وإياكم وقتل النفس المحرمة، والزنا، فقد قرن الله ذلك في كتابه بالشرك بالله عز وجل، قال تعالى:( وَالَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ الها ءاخَرَ وَلاَ يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِى حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقّ وَلاَ يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذالِكَ يَلْقَ أَثَاماً يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً )، وإياكم والربا فإنه ممحق للكسب، ومغضب للرب، عن البراء بن عازب رضي الله عنه مرفوعاً: ((الربا اثنان وسبعون باباً، أدناها مثل إتيان الرجل أمه)) رواه الطبراني ، وإياكم والرشوة وشهادة الزور فإنها مضيعة للحقوق مؤيِّدة للباطل، ومن كان مع الباطل أحلَّه الله دار البوار ،وإياكم والخمر وأنواع المسكرات والدخان والمخدرات، فإنها تفسد القلب، وتغتال العقل، وتدمر البدن، وتمسخ الخُلُق الفاضل، وتغضب الرب، وإياكم والغيبة والنميمة فإن المطعون في عرضه يأخذ من حسنات المغتاب بقدر مظلمته، (فَقَالَ حُذَيْفَةُ سَمِعْتُ النَّبِىَّ – صلى الله عليه وسلم – يَقُولُ « لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَتَّاتٌ » )) يعني: نمام، متفق عليه ،(سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ (180) وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ (181) وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (182) الصافات