خطبة عن مرض ( إعجابُ المرء بنفسه )
سبتمبر 9, 2021خطبة عن (من أُلهم خمسة ،لم يُحرم خمسة)
سبتمبر 11, 2021الخطبة الأولى ( إِنَّ هَذَا الْمَالَ خَضِرٌ حُلْوٌ ، فَمَنْ أَخَذَهُ بِسَخَاوَةِ نَفْسٍ بُورِكَ لَهُ فِيهِ)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
رُوي في الصحيحين واللفظ للبخاري : (أَنَّ حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ – رضى الله عنه – قَالَ : سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – فَأَعْطَانِي ، ثُمَّ سَأَلْتُهُ فَأَعْطَانِي ، ثُمَّ قَالَ لِي : « يَا حَكِيمُ ، إِنَّ هَذَا الْمَالَ خَضِرٌ حُلْوٌ ، فَمَنْ أَخَذَهُ بِسَخَاوَةِ نَفْسٍ بُورِكَ لَهُ فِيهِ ، وَمَنْ أَخَذَهُ بِإِشْرَافِ نَفْسٍ لَمْ يُبَارَكْ لَهُ فِيهِ ، وَكَانَ كَالَّذِي يَأْكُلُ وَلاَ يَشْبَعُ ، وَالْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى » . قَالَ حَكِيمٌ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَالَّذِى بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لاَ أَرْزَأُ أَحَدًا بَعْدَكَ شَيْئًا حَتَّى أُفَارِقَ الدُّنْيَا . فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يَدْعُو حَكِيمًا لِيُعْطِيَهُ الْعَطَاءَ ، فَيَأْبَى أَنْ يَقْبَلَ مِنْهُ شَيْئًا ، ثُمَّ إِنَّ عُمَرَ دَعَاهُ لِيُعْطِيَهُ فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَ فَقَالَ يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ ، إِنِّي أَعْرِضُ عَلَيْهِ حَقَّهُ الَّذِى قَسَمَ اللَّهُ لَهُ مِنْ هَذَا الْفَيْءِ ، فَيَأْبَى أَنْ يَأْخُذَهُ . فَلَمْ يَرْزَأْ حَكِيمٌ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ بَعْدَ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – حَتَّى تُوُفِّىَ ).
إخوة الإسلام
موعدنا اليوم -إن شاء الله- مع هذا الأدب النبوي الكريم ، والذي يقول فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إِنَّ هَذَا الْمَالَ خَضِرٌ حُلْوٌ ) : فقد شبهه النبي صلى الله عليه وسلم الرغبة في المال ، والميل إليه ، وحرص النفوس عليه ، بالفاكهة الخضراء الحلوة المستلذة , فإن الأخضر مرغوب فيه على انفراده , والحلو كذلك على انفراده ، فاجتماعهما أشد ،وفيه إشارة إلى عدم بقائه ;لأن الخضراوات لا تبقى ولا تراد للبقاء .وقوله صلى الله عليه وسلم : (فَمَنْ أَخَذَهُ بِسَخَاوَةِ نَفْسٍ بُورِكَ لَهُ فِيهِ ) ، أي من أخذ المال بغير شره ، ولا إلحاح ، وأخذه بغير سؤال ، هذا بالنسبة إلى الآخذ , ويحتمل أن يكون بالنسبة إلى المعطي : أي بسخاوة نفس المعطي أي انشراحه بما يعطيه , والسخاوة في الأصل : السهولة والسعة ، قال القاضي: “فيه احتمالان أظهرهما أنه عائد إلى الآخذ أي من أخذه بغير حرص وطمع وإشراف عليه, والثاني إلى الدافع أي من أخذه ممن يدفعه منشرحاً بدفعه طيب النفس ( بُورِكَ لَهُ فِيهِ ) أي: وضع الله له فيه البركة فينمو ويتكاثر، وإن كان قليلاً، ورُزق صاحبه القناعة، فأصبح غني النفس، مرتاح القلب، وأما قوله صلى الله عليه وسلم : (وَمَنْ أَخَذَهُ بِإِشْرَافِ نَفْسٍ لَمْ يُبَارَكْ لَهُ فِيهِ ، وَكَانَ كَالَّذِي يَأْكُلُ وَلاَ يَشْبَعُ )، فالإشراف على الشيء : الاطلاع عليه ، والتعرض له ، وقيل معنى إشراف نفس : أن المسؤول يعطيه عن تكره ، وقيل : يريد به شدة حرص السائل وإشرافه على المسألة ، وقوله “لم يبارك له فيه” الضمير في له يرجع إلى الآخذ وفي فيه إلى المعطى بفتح الطاء ومعناه إذ لم يمنع نفسه المسألة ولم يصن ماء وجهه لم يبارك له فيما أخذ وأنفق . فالمكثر من الدنيا لا يقنع بما يحصل له منها ، بل همته جمعها ، وذلك لعدم الفهم عن الله-تعالى- ورسوله ، فإن الفتنة معها حاصلة ، وعدم السلامة غالبة ، ومن أخذ المال بإشراف نفس ، نزع الله منه البركة، وسلب صاحبه القناعة، فأصبح فقير النفس دائمًا ، ولو أعطي كنوز الأرض، وجاء في معناه ما رواه مسلم ،أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « إِنَّمَا أَنَا خَازِنٌ فَمَنْ أَعْطَيْتُهُ عَنْ طِيبِ نَفْسٍ فَيُبَارَكُ لَهُ فِيهِ وَمَنْ أَعْطَيْتُهُ عَنْ مَسْأَلَةٍ وَشَرَهٍ كَانَ كَالَّذِي يَأْكُلُ وَلاَ يَشْبَعُ ». فهو كالمَلَهُوف الذي لا يَشبع من الطعام مهما أكل منه ، وإذا كان هذا حال من يأخذه باستشراف، فكيف بمن أخذه بسؤال؟ فسوف يكون أبعد وأبعد، وفي الصحيحين واللفظ لمسلم : (عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ – رضى الله عنه – يَقُولُ : قَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يُعْطِينِي الْعَطَاءَ فَأَقُولُ أَعْطِهِ أَفْقَرَ إِلَيْهِ مِنِّى. حَتَّى أَعْطَانِي مَرَّةً مَالاً فَقُلْتُ أَعْطِهِ أَفْقَرَ إِلَيْهِ مِنِّى. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « خُذْهُ وَمَا جَاءَكَ مِنْ هَذَا الْمَالِ وَأَنْتَ غَيْرُ مُشْرِفٍ وَلاَ سَائِلٍ فَخُذْهُ وَمَا لاَ فَلاَ تُتْبِعْهُ نَفْسَكَ ». (وَكَانَ كَالَّذِي يَأْكُلُ وَلاَ يَشْبَعُ ) أي: كمن به الجوع الكاذب ، كلما ازداد أكلاً ازداد جوعاً؛ لأنه يأكل من سقم ، فكلما أكل ازداد سقماً ، ولا يجد شبعاً ، ثم قال النبي-صلى الله عليه وسلم-لحكيم بن حزام: “اليد العليا خير من اليد السفلى” ، واليد العليا هي يد المعطي، واليد السفلى هي يد الآخذ، فالمعطي يده خير من يد الآخذ؛ لأن المعطي فوق الآخذ، فيده هي العليا ، واليد المُتَعَفِفَة خَير من اليد السائلة؛ لأنها قد تعالت وترفعت بنفسها عن ذل السؤال، على عكس الأخرى التي حطت من قدر نفسها وكرامتها بما عرضت له نفسها من المذلة. فأقسم حكيم بن حزام-رضي الله عنه-بالذي بعث النبي-صلى الله عليه وسلم-بالحق ألا يسال أحداً شيئاً، فقال:” يا رسول الله، والذي بعثك بالحق لا أرزأ أحداً بعدك شيئاً حتى أفارق الدنيا”. فتوفى الرسول-عليه الصلاة والسلام-، وتولى الخلافة أبو بكر-رضي الله عنه- فكان يعطيه العطاء فلا يقبله، ثم توفي أبو بكر، فتولى عمر فدعاه ليعطيه، فأبى، فاستشهد عمر عليه، فقال: اشهدوا أني أعطيه من بيت مال المسلمين فلا يقبله، قال ذلك-رضي الله عنه- لئلا يكون له حجة على عمر يوم القيامة بين يدي الله، وليتبرأ من عهدته أمام الناس، ولكن مع ذلك أصر حكيم-رضي الله عنه-ألا يأخذ منه شيئاً حتى توفي. وفي لفظ آخر أن الرسول-صلى الله عليه وسلم-قال:” اليد العليا خير من اليد السفلى، وابدأ بمن تعول” فالإنسان يبدأ بمن يعول، يعني بمن يلزمه نفقته، فالإنفاق على الأهل أفضل من الصدقة على الفقراء؛ لأن الإنفاق على الأهل صدقة وصلة وكفاف وعفاف، فكان ذلك أولى، والإنفاق على نفسك أولى من الإنفاق على غيرك، كما جاء في صحيح مسلم: « ابْدَأْ بِنَفْسِكَ فَتَصَدَّقْ عَلَيْهَا فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ فَلأَهْلِكَ فَإِنْ فَضَلَ عَنْ أَهْلِكَ شَيْءٌ فَلِذِى قَرَابَتِكَ فَإِنْ فَضَلَ عَنْ ذِي قَرَابَتِكَ شَيْءٌ فَهَكَذَا وَهَكَذَا ». يَقُولُ فَبَيْنَ يَدَيْكَ وَعَنْ يَمِينِكَ وَعَنْ شِمَالِكَ.
أيها المسلمون
لقد كان النبي-صلى الله عليه وسلم- أحسن الناس خلقاً، وأهداهم إلى الخير طرقاً، فهو الذي لا يرد سائلاً، ولا يخيب مؤملاً، ولا يمسك المال حباً فيه، وحرصاً عليه، ولا ينفقه إلا في وجوه البر والإحسان، كما يأمره الله، فيتألف به القلوب، ويستميل به الأهواء، فالمئات من الإبل، والألوف من الغنم، والعدد الكثير من الدراهم والدنانير، دفعها إلى الأقرع ابن حابس، وعيينة بن حصن، وعباس بن مرادس من الأعراب، وإلى أبي سفيان، وصفوان ابن أمية، وحكيم بن حزام من قريش وغيرهم؛ فكان أعظم عامل في هدايتهم، وأكبر سبب في إسلامهم؛ وعلموا منه أنه يعطي عطاء من لا يخشى الفاقة، وأنه لم يجعل الدنيا إلا مطية توصل إلى الآخرة، فلو قال لحكيم لا، وقد سأله المرة بعد المرة، أو منعه العطاء لوجد في نفسه شيئاً عليه، ولظن به الظنون، ولكنه في أدبه المفرد، وتعليمه السامي، وأسلوبه الحكيم، دفع إليه الكثير، فأصبح بعد ذلك قانعاً بعد الطمع، وزاهداً في الدنيا بعد التفاني في حبها. فأي كلمةٍ أبلغ في ذم المسألة، والتعرض لما في أيدي الناس، من قوله صلى الله عليه وسلم” اليد العليا خير من اليد السفلى” وقد ذم النبي صلى الله عليه وسلم المسألة ونهى عنها ، وحذر منها ، ففي صحيح مسلم : (عَنْ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ : « لاَ تَزَالُ الْمَسْأَلَةُ بِأَحَدِكُمْ حَتَّى يَلْقَى اللَّهَ وَلَيْسَ فِي وَجْهِهِ مُزْعَةُ لَحْمٍ ». وفيه أيضا : (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- : « مَنْ سَأَلَ النَّاسَ أَمْوَالَهُمْ تَكَثُّرًا فَإِنَّمَا يَسْأَلُ جَمْرًا فَلْيَسْتَقِلَّ أَوْ لِيَسْتَكْثِرْ ». وفي سنن الترمذي بسند صححه : (عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ قَالَ :قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « إِنَّ الْمَسْأَلَةَ كَدٌّ يَكُدُّ بِهَا الرَّجُلُ وَجْهَهُ إِلاَّ أَنْ يَسْأَلَ الرَّجُلُ سُلْطَانًا أَوْ فِي أَمْرٍ لاَ بُدَّ مِنْهُ » وفيه أيضا بسند صححه : (عَنْ سَعِيدٍ الطَّائِيِّ أَبِى الْبَخْتَرِيِّ أَنَّهُ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو كَبْشَةَ الأَنْمَارِيُّ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « ثَلاَثَةٌ أُقْسِمُ عَلَيْهِنَّ وَأُحَدِّثُكُمْ حَدِيثًا فَاحْفَظُوهُ ». قَالَ « مَا نَقَصَ مَالُ عَبْدٍ مِنْ صَدَقَةٍ وَلاَ ظُلِمَ عَبْدٌ مَظْلِمَةً فَصَبَرَ عَلَيْهَا إِلاَّ زَادَهُ اللَّهُ عِزًّا وَلاَ فَتَحَ عَبْدٌ بَابَ مَسْأَلَةٍ إِلاَّ فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ بَابَ فَقْرٍ أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا وَأُحَدِّثُكُمْ حَدِيثًا فَاحْفَظُوهُ قَالَ « إِنَّمَا الدُّنْيَا لأَرْبَعَةِ نَفَرٍ عَبْدٍ رَزَقَهُ اللَّهُ مَالاً وَعِلْمًا فَهُوَ يَتَّقِى فِيهِ رَبَّهُ وَيَصِلُ فِيهِ رَحِمَهُ وَيَعْلَمُ لِلَّهِ فِيهِ حَقًّا فَهَذَا بِأَفْضَلِ الْمَنَازِلِ وَعَبْدٍ رَزَقَهُ اللَّهُ عِلْمًا وَلَمْ يَرْزُقْهُ مَالاً فَهُوَ صَادِقُ النِّيَّةِ يَقُولُ لَوْ أَنَّ لِي مَالاً لَعَمِلْتُ بِعَمَلِ فُلاَنٍ فَهُوَ بِنِيَّتِهِ فَأَجْرُهُمَا سَوَاءٌ وَعَبْدٍ رَزَقَهُ اللَّهُ مَالاً وَلَمْ يَرْزُقْهُ عِلْمًا فَهُوَ يَخْبِطُ فِي مَالِهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ لاَ يَتَّقِى فِيهِ رَبَّهُ وَلاَ يَصِلُ فِيهِ رَحِمَهُ وَلاَ يَعْلَمُ لِلَّهِ فِيهِ حَقًّا فَهَذَا بِأَخْبَثِ الْمَنَازِلِ وَعَبْدٍ لَمْ يَرْزُقْهُ اللَّهُ مَالاً وَلاَ عِلْمًا فَهُوَ يَقُولُ لَوْ أَنَّ لِي مَالاً لَعَمِلْتُ فِيهِ بِعَمَلِ فُلاَنٍ فَهُوَ بِنِيَّتِهِ فَوِزْرُهُمَا سَوَاءٌ ».
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( إِنَّ هَذَا الْمَالَ خَضِرٌ حُلْوٌ ، فَمَنْ أَخَذَهُ بِسَخَاوَةِ نَفْسٍ بُورِكَ لَهُ فِيهِ)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
إن فتنة المال والغنى مخوفة على من فتحه الله عليه لتزيين الله تعالى له، ولشهوات الدنيا في نفوس عباده؛ فلا سبيل لهم إلى بعضته إلا بعون الله على ذلك، ولهذا قال عمر: اللهم إنا لا نستطيع إلا أن نفرح بما زينت لنا، ثم دعا الله أن يعينه على إنفاقه في حقه، فمن أخذ المال من حقه ووضعه في حقه فقد سلم من فتنته، وحصل على ثوابه، ألا ترى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد شبّه الحريص على جمع المال بالبهائم التي تأكل ولا تشبع ، وهذا غاية الذم له ، لأن الله تعالى وصف الكفار بأنهم يأكلون كما تأكل الأنعام، يعنى: أنهم لا يشبعون كما لا تشبع الأنعام؛ لأن الأنعام لا تأكل لإقامة أرماقها، وإنما تأكل للشره والنهم ، فينبغي للمؤمن العاقل الفهم عن الله تعالى ، وعن رسوله صلى الله عليه وسلم ، وأن يتشبه بالسلف الصالح في أخذ الدنيا ، ولا يتشبه بالبهائم التي لا تعقل،
أيها المسلمون
ومن أهم الفوائد المستنبطة من هذا الحديث : أولا : الحث على العطاء بسخاوة وعدم البخل والشح، ولا سيما إذا كان في العطاء تألف القلوب. ثانيا : الحرص على المال لغير حاجة علة تحمله مسؤولية من غير فائدة، كمن به سقم الجوع يأكل ولا يفيده الأكل شبعاً. ثالثا : أخذ المال وجمعه بطرق مشروعة لا يتعارض مع الزهد في الدنيا؛ لأن الزهد سخاوة النفس وعدم تعلق القلب بالمال. رابعا : التنفير من مسألة الناس ولا سيما لغير حاجة. خامسا : الحرص على أن يكون المرء معطياً لا سائلاً آخذاً. سادسا : فضيلة حكيم وغيره من أصحاب رسول الله-صلى الله عليه وسلم-، ومدى التزامهم العهد مع الله عز وجل ، ورسول الله –صلى الله عليه وسلم-. سابعا : واجب الحاكم في إيصال الحقوق لأصحابها. ثامنا : ضرب المثل بما هو معروف لتقريب المعنى إلى نفس السامع . تاسعا : قد يقع الزهد مع الأخذ فإن سخاوة النفس هو زهدها ، عاشرا : طريقنا إلى البركة بأمور، منها: أن يُؤخذ المال بسخاوة نفس، وأيضاً بالقاعدة الأخرى: أن اليد العليا خير من اليد السفلى، الحادي عشر : حرمة سؤال الناس المال والإلحاح في ذلك، إذ يسلب صاحبه إيمانه، ويبعث يوم القيامة وليس في وجهه قطعة لحم، وذلك لكثرة سؤاله الناس المال، والإلحاح عليه ، الثاني عشر : المال الذي يأخذه العبد من يد غيره فإن كان بطيب نفس بورك له فيه، ومن أخذه بغير طيب نفس من أعطاه لم يبارك له فيه ويصبح صاحبه كالذي يأكل ولا يشبع. الثالث عشر : تقرير مبدأ: أن اليد العليا وهي المعطي صاحبها خير وأشرف من اليد السفلى وهي اليد الطالب صاحبها والآخذ بها. ألا فليحذر المؤمن هذا الطلب وليصبر، وليسأل الله والله لا يخيبه لأنه وليه وولي إخوانه المؤمنين
الدعاء