خطبة عن (نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ) مختصرة
يوليو 19, 2025خطبة عن (فرار المسلم إلى الله) مختصرة 1
يوليو 19, 2025الخطبة الأولى (فرار المسلم) مختصرة 2
الحمد لله رب العالمين. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى: (فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ (50) وَلَا تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ) (50)، (51) الذاريات
إخوة الإسلام
وما زال حديثنا موصولا عن الفرار إلى الله، فإذا علم الله تعالى من عبده صدق الفرار إليه، أعانه، ووفقه، وفي الصحيحين: (قَالَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – «يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِي، فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي، وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلأٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلأٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَىَّ بِشِبْرٍ تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ بَاعًا، وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً»، فيا أيها الفارون الله تعالى، فهذا ربكم يعينكم على الفرار إليه، ويفرح بتوبتكم والرجوع إليه، ففي صحيح البخاري :(قَالَ صلى الله عليه وسلم: «لَلَّهُ أَفْرَحُ بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ مِنْ رَجُلٍ نَزَلَ مَنْزِلاً، وَبِهِ مَهْلَكَةٌ، وَمَعَهُ رَاحِلَتُهُ عَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ، فَوَضَعَ رَأْسَهُ فَنَامَ نَوْمَةً، فَاسْتَيْقَظَ وَقَدْ ذَهَبَتْ رَاحِلَتُهُ، حَتَّى اشْتَدَّ عَلَيْهِ الْحَرُّ وَالْعَطَشُ أَوْ مَا شَاءَ اللَّهُ، قَالَ أَرْجِعُ إِلَى مَكَانِي. فَرَجَعَ فَنَامَ نَوْمَةً، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ، فَإِذَا رَاحِلَتُهُ عِنْدَهُ». واعلموا أن الفرار إلى الله تعالى يتطلب الاستعداد، ويقتضي المبادرة والمسارعة والمسابقة، فقد قال الله تعالى: (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ) (133) آل عمران، وقال تعالى: (سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ) (21) الحديد، وفي سنن الترمذي: «بَادِرُوا بِالأَعْمَالِ سَبْعًا هَلْ تَنْظُرُونَ إِلاَّ فَقْرًا مُنْسِيًا أَوْ غِنًى مُطْغِيًا أَوْ مَرَضًا مُفْسِدًا أَوْ هَرَمًا مُفَنِّدًا أَوْ مَوْتًا مُجْهِزًا أَوِ الدَّجَّالَ فَشَرُّ غَائِبٍ يُنْتَظَرُ أَوِ السَّاعَةَ فَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ». فإِذا هَمَمْت فبادر، وَإِذا عزمت فثابر، وَاعْلَم أَنه لَا يدْرك المفاخر من رَضِي بالصف الآخر. والفرار إلى الله يتطلب عدم الالتفات لغير الله، فالذي يفرَّ إلى الله لا يعنيه الناس، ولا تعنيه الأشكال، ولا تعنيه المظاهر، ولا تعنيه الألقاب، ولكن يعنيه الاتصال بالله، والإخلاص لله، ويعنيه العمل الصالح الذي يرضي الله، ولسانه حاله يقول: {إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي} [العنكبوت:26]، ومن صور الفرار إلى الله تعالى: فرار أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بدينهم، ففي مسند أحمد: (أن رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « إِنَّ الشَّيْطَانَ قَعَدَ لاِبْنِ آدَمَ بِأَطْرُقِهِ فَقَعَدَ لَهُ بِطَرِيقِ الإِسْلاَمِ فَقَالَ لَهُ أَتُسْلِمُ وَتَذَرُ دِينَكَ وَدِينَ آبَائِكَ وَآبَاءِ أَبِيكَ – قَالَ – فَعَصَاهُ فَأَسْلَمَ ثُمَّ قَعَدَ لَهُ بِطَرِيقِ الْهِجْرَةِ فَقَالَ أَتُهَاجِرُ وَتَذَرُ أَرْضَكَ وَسَمَاءَكَ. وَإِنَّمَا مَثَلُ الْمُهَاجِرِ كَمَثَلِ الْفَرَسِ فِى الطِّوَلِ – قَالَ – فَعَصَاهُ فَهَاجَرَ – قَالَ – ثُمَّ قَعَدَ لَهُ بِطَرِيقِ الْجِهَادِ فَقَالَ هُوَ جَهْدُ النَّفْسِ وَالْمَالِ فَتُقَاتِلُ فَتُقْتَلُ فَتُنْكَحُ الْمَرْأَةُ وَيُقَسَّمُ الْمَالُ – قَالَ – فَعَصَاهُ فَجَاهَدَ». فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ مِنْهُمْ فَمَاتَ كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ أَوْ قُتِلَ كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ وَإِنْ غَرِقَ كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ أَوْ وَقَصَتْهُ دَابَّةٌ كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ». ومن صور الفرار إلى الله: فرار الفتية أصحاب الكهف من القوم الكافرين، فهم جماعة من الشباب النقي الفطرة، الصادق العزيمة، وجدوا قومهم يعبدون الأصنام، فهداهم الله إلى الإيمان، وأنكروا على قومهم عبادة الأوثان، فاعتزلوا قومهم، وفروا بدينهم إلى كهف، تركوا القصور والأموال والأهل والخلان لله -عز وجل-، فأجرى الله عليهم مِن الكرامات ما جَرَى به ذكرهم على مرِّ التاريخ والزمان،
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (فرار المسلم إلى الله)2
الحمد لله رب العالمين. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد أيها المسلمون
والفرار إلى الله -عز وجل- أمٌر يتجدد مع المؤمن بتجدد الليالي والأيام؛ فالفتن تلاحقه ،والشيطان قاعد له بالمرصاد، وهناك نفس أمارة بالسوء، فيا أيها الغافل عن ربك، إذا لم تفر إلى الله الآن، وأنت بكامل قوتك وعافيتك، فمتى تفر؟، أتفر بعد أن يشيب شعرك، وتضعف قوتك، وتتراكم على جسدك الأمراض والعلل؟، أتفر إلى الله بعد أن تشخص عينك، وتشل أطرافك، وتصبح جثة هامدة؟، فكم من غافل عن الله حتى فاجأه الموت، (حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ) (99)، (100) المؤمنون، ولم لا نفرِّ إلى اللَّهِ، والخطرُ عظيم، والخطبُ جلل، قال تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ (1) يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ} الحج (1)، (2).
(فَفِرُّوا إلى اللَّهِ): وَحَاسِبُوا أَنْفُسَكُمْ قَبْلَ أَن تُحَاسَبُوا، وَزِنُوا أَقْوَالَكُمْ وَأَعْمَالَكُمْ قَبْلَ أَنْ تُوزَن عليكم، فمهما طال الإمهال، فلا بد من نهاية الآجال، فاليوم عملٌ ولا حساب، وغدًا حسابٌ ولا عمل، والعاقل من حاسب نفسَه، وعمِلَ لما بعد الموت، (فَفِرُّوا إلى اللَّهِ): فما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه، ليس بينه وبينه حجابٌ ولا ترجمان، فينظرَ عن يمينه وعن شمالهِ فلا يرى إلا ما قدمَ من عمله، وينظرَ أمامهُ فلا يرى إلا النارَ تلقاءَ وجهه، فاتقوا النارَ ولو بشقِّ تمرة.
الدعاء