خطبة عن (فضائل الحج) مختصرة
مايو 17, 2025الخطبة الأولى (فضائلُ يَوْمِ عَرَفَةَ) مختصرة
الحمد لله رب العالمين، اللهم لك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، حمدا يوافي النعم ويكافئ المزيد، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد أيها المسلمون
روى مسلم في صحيحه: (قَالَتْ عَائِشَةُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ «مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللَّهُ فِيهِ عَبْدًا مِنَ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ وَإِنَّهُ لَيَدْنُو ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمُ الْمَلاَئِكَةَ فَيَقُولُ مَا أَرَادَ هَؤُلاَءِ».
إخوة الإسلام
إن يوم عرفة يوم شرفه الله، وفضله بفضائل عظيمة، فهو اليوم الذي خصه الله بالأجر الكبير، والثواب العظيم، عن كل أيام السنة، وهو اليوم الذي يعم الله عباده فيه بالرحمات، ويكفر عنهم السيئات، ويمحو عنهم الخطايا والزلات، ويعتق رقابهم من النار، وهو اليوم الذي يُرى فيه عدو الله إبليس صاغرًا حقيرًا، ويوم عرفة هو اليوم الذي أكمل الله فيه الدين، وأتم فيه النعم على المسلمين، ويوم عرفة يوم التجليات والنفحات الإلهية، ويوم العطاء والبذل والسخاء، وهو اليوم الذي يقف فيه الناس على صعيد واحد، يعبدون ربا واحدا، ويناجون إلهاً واحداً، وهناك تتجلى الأخوة والمساواة، فلا حاكم ولا محكوم، ولا غني ولا فقير، ولا أبيض ولا أسود ولا أصفر، فالكل عبيد لله، والكل يناجي ربه العظيم، لينالوا مغفرته ورضوانه.
ويوم عرفة يوم شرفه الله بفضائل كثيرة، وأذكر لكم منها: أن يوم عرفة أفضل الأيام، ففي صحيح ابن حبان: قال صلى الله عليه وسلم: (أفضل الأيام يوم عرفة)، وفيه أيضا: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (مَا مِنْ يَوْمٍ أَفْضَلُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ، يَنْزِلُ اللَّهُ تَعَالَى إلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا فَيُبَاهِي بِأَهْلِ الْأَرْضِ أَهْلَ السَّمَاءِ) وفي رواية: (إنَّ اللَّهَ يُبَاهِي بِأَهْلِ عَرَفَةَ مَلَائِكَتَهُ، فَيَقُولُ: يَا مَلَائِكَتِي، اُنْظُرُوا إلَى عِبَادِي، قَدْ أَتَوْنِي شُعْثا غُبْرا ضَاحِينَ). ومن فضائل يوم عرفة: أنه اليوم الذي أكمل الله فيه الدين، وأتم فيه النعمة، فقد روى البخاري: (قَالَ رَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ لِعُمَرَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَوْ أَنَّ عَلَيْنَا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِى وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا) لاَتَّخَذْنَا ذَلِكَ الْيَوْمَ عِيدًا. فَقَالَ عُمَرُ إِنِّي لأَعْلَمُ أَيَّ يَوْمٍ نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ، نَزَلَتْ يَوْمَ عَرَفَةَ فِي يَوْمِ جُمُعَةٍ)، ومن فضائل يوم عرفة: أنه يوم عيد: ففي سنن أبي داود: (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «يَوْمُ عَرَفَةَ وَيَوْمُ النَّحْرِ وَأَيَّامُ التَّشْرِيقِ عِيدُنَا أَهْلَ الإِسْلاَمِ)، ومن فضائله: أن صيامه يكفر سنتين: ففي صحيح مسلم: (قال صلى الله عليه وسلم: (صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ)، ومن فضائله: أنه يوم مغفرة للذنوب، والعتق من النار: ففي صحيح مسلم: (قَالَتْ عَائِشَةُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ «مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللَّهُ فِيهِ عَبْدًا مِنَ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ وَإِنَّهُ لَيَدْنُو ثُمَّ يُبَاهِى بِهِمُ الْمَلاَئِكَةَ فَيَقُولُ مَا أَرَادَ هَؤُلاَءِ». ومن فضائله: أنه يوم استجابة الدعاء، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (خير الدعاء دعاء يوم عرفة ) صححه الألباني، ومن فضائله: أن فيه ركن الحج الأكبر: ففي سنن النسائي: (أن رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَتَاهُ نَاسٌ فَسَأَلُوهُ عَنِ الْحَجِّ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «الْحَجُّ عَرَفَةُ». ومن فضائل يوم عرفة: أنه اليوم الذي أقسم الله به، والعظيم لا يقسم إلاّ بعظيم، فهو اليوم المشهود، في قوله تعالى: ﴿وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ﴾ [البروج:3]. قال أبو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : “الْيَوْمُ الْمَوْعُودُ يَوْمُ الْقِيَامَةِ، وَالْيَوْمُ الْمَشْهُودُ يَوْمُ عَرَفَةَ وَالشَّاهِدُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ” رواه الترمذي
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (فضائلُ يَوْمِ عَرَفَةَ)
الحمد لله رب العالمين، اللهم لك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، حمدا يوافي النعم ويكافئ المزيد، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد أيها المسلمون
ومن فضائل يوم عرفة: أنه يوم يغيظ الشيطان، حين يعم الله عباده بالرحمات، ويكفر عنهم السيئات، ويمحو عنهم الخطايا والزلات، مما يجعل إبليس يندحر صاغرا؛ يقول الرسول – صلى الله عليه وسلم – وهو يصف الشيطان وحاله في ذلك الموقف يقول: (مَا رُئِيَ الشَّيْطَانُ يَوْمًا هُوَ فِيهِ أَصْغَرُ وَلَا أَدْحَرُ وَلَا أَحْقَرُ وَلَا أَغْيَظُ مِنْهُ فِي يَوْمِ عَرَفَةَ وَمَا ذَاكَ إِلَّا لِمَا رَأَى مِنْ تَنَزُّلِ الرَّحْمَةِ وَتَجَاوُزِ اللَّهِ عَنْ الذُّنُوبِ الْعِظَامِ إِلَّا مَا أُرِيَ يَوْمَ بَدْرٍ قِيلَ وَمَا رَأَى يَوْمَ بَدْرٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ أَمَا إِنَّهُ قَدْ رَأَى جِبْرِيلَ يَزَعُ الْمَلَائِكَةَ) رواه مالك والبيهقي
أيها المسلمون
ويشرع في يوم عرفة بعض الأعمال التي سنها لنا رسولنا صلى الله عليه وسلم، ومنها: الصيام لغير الحجاج، فقد ورد أن صومه يكفر الله به السنة الماضية والباقية، ثانيا: الإكثار من ذكر الله تعالى: ففي سنن الترمذي: (أنَّ النَّبِيَّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – قَالَ: (خَيْرُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)؛ ثالثا: الدعاء: ففي سنن الترمذي: (أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ «خَيْرُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ)، فينبغي للمسلم أن يكثر فيه من الدعاء بجد وإخلاص، كما يستحب فيه التقرب إلى الله تعالى بسائر العبادات من صلة الرحم، والصدقة، والعطف على الفقراء واليتامى والمساكين، وغير ذلك من أعمال البر والطاعات.
الدعاء