خطبة عن (السرقة: حكمها وصورها ونتائجها وعلاجها)
أغسطس 20, 2022خطبة عن: خطورة الفتيا وحديث: (قَتلوهُ قتلَهُمُ اللَّهُ)
أغسطس 27, 2022الخطبة الأولى ( مَثَلُكُمْ وَمَثَلُ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
روى الإمام البخاري في صحيحه : (عَنِ ابْنِ عُمَرَ – رضى الله عنهما – عَنْ رَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « إِنَّمَا أَجَلُكُمْ فِي أَجَلِ مَنْ خَلاَ مِنَ الأُمَمِ مَا بَيْنَ صَلاَةِ الْعَصْرِ إِلَى مَغْرِبِ الشَّمْسِ ، وَإِنَّمَا مَثَلُكُمْ وَمَثَلُ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى كَرَجُلٍ اسْتَعْمَلَ عُمَّالاً فَقَالَ مَنْ يَعْمَلُ لِي إِلَى نِصْفِ النَّهَارِ عَلَى قِيرَاطٍ قِيرَاطٍ فَعَمِلَتِ الْيَهُودُ إِلَى نِصْفِ النَّهَارِ عَلَى قِيرَاطٍ قِيرَاطٍ ، ثُمَّ قَالَ مَنْ يَعْمَلُ لِي مِنْ نِصْفِ النَّهَارِ إِلَى صَلاَةِ الْعَصْرِ عَلَى قِيرَاطٍ قِيرَاطٍ فَعَمِلَتِ النَّصَارَى مِنْ نِصْفِ النَّهَارِ إِلَى صَلاَةِ الْعَصْرِ ، عَلَى قِيرَاطٍ قِيرَاطٍ ، ثُمَّ قَالَ مَنْ يَعْمَلُ لِي مِنْ صَلاَةِ الْعَصْرِ إِلَى مَغْرِبِ الشَّمْسِ عَلَى قِيرَاطَيْنِ قِيرَاطَيْنِ أَلاَ فَأَنْتُمُ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ مِنْ صَلاَةِ الْعَصْرِ إِلَى مَغْرِبِ الشَّمْسِ عَلَى قِيرَاطَيْنِ قِيرَاطَيْنِ ، أَلاَ لَكُمُ الأَجْرُ مَرَّتَيْنِ ، فَغَضِبَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى ، فَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ عَمَلاً وَأَقَلُّ عَطَاءً ، قَالَ اللَّهُ هَلْ ظَلَمْتُكُمْ مِنْ حَقِّكُمْ شَيْئًا قَالُوا لاَ . قَالَ فَإِنَّهُ فَضْلِى أُعْطِيهِ مَنْ شِئْتُ »، وفي رواية له في صحيحه :« مَثَلُكُمْ وَمَثَلُ أَهْلِ الْكِتَابَيْنِ كَمَثَلِ رَجُلٍ اسْتَأْجَرَ أُجَرَاءَ فَقَالَ مَنْ يَعْمَلُ لِي مِنْ غُدْوَةَ إِلَى نِصْفِ النَّهَارِ عَلَى قِيرَاطٍ فَعَمِلَتِ الْيَهُودُ ، ثُمَّ قَالَ مَنْ يَعْمَلُ لِي مِنْ نِصْفِ النَّهَارِ إِلَى صَلاَةِ الْعَصْرِ عَلَى قِيرَاطٍ فَعَمِلَتِ النَّصَارَى ثُمَّ ، قَالَ مَنْ يَعْمَلُ لِي مِنَ الْعَصْرِ إِلَى أَنْ تَغِيبَ الشَّمْسُ عَلَى قِيرَاطَيْنِ فَأَنْتُمْ هُمْ ، فَغَضِبَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى ، فَقَالُوا مَا لَنَا أَكْثَرَ عَمَلاً ، وَأَقَلَّ عَطَاءً قَالَ هَلْ نَقَصْتُكُمْ مِنْ حَقِّكُمْ قَالُوا لاَ . قَالَ فَذَلِكَ فَضْلِى أُوتِيهِ مَنْ أَشَاءُ »
إخوة الإسلام
من رحمة الله تعالى وتكريمه لأمة محمد صلى الله عليه وسلم أن جعلهم خير أمة ، فقد قال الله تعالى: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ) (آل عمران: 110) ، ومع تأخر أمة محمد صلى الله عليه وسلم في الزمان وجودًا ، فقد جعلهم الله تعالى السابقين إلى الجنان خلودًا، كما في الحديث الذي أخرجه الشيخان عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: “نَحْنُ الآخِرُونَ السَّابِقُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ، بَيْدَ أَنَّهُمْ أُوتُوا الكِتَابَ مِنْ قَبْلِنَا، ثُمَّ هَذَا (يعني يوم الجمعة) يَوْمُهُمُ الَّذِي فُرِضَ عَلَيْهِمْ، فَاخْتَلَفُوا فِيهِ، فَهَدَانَا اللَّهُ، فَالنَّاسُ لَنَا فِيهِ تَبَعٌ، اليَهُودُ غَدًا، وَالنَّصَارَى بَعْدَ غَدٍ”، ولكي يوضح النبي صلى الله عليه وسلم هذا الفضل العظيم لهذه الامة الاسلامية ، فقد ضرب صلى الله عليه وسلم مثلا لذلك كما في الحديثين المتقدمين لهذه الخطبة ، فقال صلى الله عليه وسلم :”إِنَّمَا أَجَلُكُمْ فِي أَجَلِ مَنْ خَلاَ مِنَ الأُمَمِ، كَمَا بَيْنَ صَلاَةِ العَصْرِ وَمَغْرِبِ الشَّمْسِ”، فهذه نسبة مدة أمته من نسبة مدة سائر الأمم السابقة ، وهي كنسبة مدة ما بين العصر إلى المغرب من نسبة مدة جميع النهار، وذلك نحو الربع تقريبًا، وهي آخر الأمم، وما بينها وبين قيام الساعة وانقضاء الدنيا إلا وقت يسير، فقد أخرج البخاري في صحيحه : (عن سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ رضي الله عنهم، صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: “بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةَ كَهَذِهِ مِنْ هَذِهِ، أَوْ كَهَاتَيْنِ” وَقَرَنَ بَيْنَ السَّبَّابَةِ وَالوُسْطَى) . والمثل الثاني ضربه رسول الله صلى الله عليه وسلم في مقدار زيادة أجور أمته، بالنسبة إلى أجور أهل الكتاب من اليهود والنصارى، فقال صلى الله عليه وسلم : “مَثَلُكُمْ وَمَثَلُ أَهْلِ الكِتَابَيْنِ، كَمَثَلِ رَجُلٍ اسْتَأْجَرَ أُجَرَاءَ” إلى آخر الحديث، فمع أن مدة عمل هذه الأمة أقصر ،ومقدار عملهم أقل ، فإن الأجر الذي تفضل الله تعالى به عليهم هو أكبر وأعظم، حتى إنه يبلغ ضعفي أجور الأمم السابقة، ولا محل لاعتراض أهل الكتاب على ذلك، إذ الله تعالى هو الذي يحدد أجور الأعمال، وشبه النبي صلى الله عليه وسلم ذلك برجل استأجر جماعة ليعملوا مدة ، بأجر محدد، ثم استأجر آخرين ليعملوا مدة أخرى بذات الأجر، ثم استأجر آخرين ليعملوا مدة أقل بضعف الأجر الذي اتفق عليه مع المجموعتين الأوليين، فإذا اعترضتا على ذلك لم يكن لاعتراضهما وجه؛ لأنه وفَّى لهم بما استأجرهم عليه، وتضعيفه الأجر لغيرهم محضُ فضل منه لا يلزمه أن يفعله مع الآخرين. وأما المثل الثالث: فكان في ثبوت الأجر لهذه الأمة لإيمانها بنبيها صلى الله عليه وسلم ، وبمن سبقه من الأنبياء، وحبوط الأجر لمن لم يؤمن من الأمم السابقة إلا بنبيه فقط، ورفض أن يؤمن بمن بعده، وهو قوله صلى الله عليه وسلم: “مَثَلُ المُسْلِمِينَ وَاليَهُودِ وَالنَّصَارَى كَمَثَلِ رَجُلٍ اسْتَأْجَرَ قَوْمًا يَعْمَلُونَ لَهُ عَمَلًا يَوْمًا إِلَى اللَّيْلِ، عَلَى أَجْرٍ مَعْلُومٍ”، وشبه النبي صلى الله عليه وسلم ذلك برجل استأجر أجراء واشترط عليهم أن يعملوا له يومًا كاملاً إلى الليل، فعملوا حتى انتصف النهار، ثم أبوا أن يستكملوا العمل، ورفضوا مطالبته لهم باستكمال العمل ليحصلوا على الأجر، فأبوا أن يستكملوا وقطعوا العمل، فلم يستحقوا الأجر المشروط لهم، ذلك أن تمام الأجر يكون بتمام العمل، فاستأجر آخرين وشرط عليهم أن يستكملوا ما بدأه الأولون إلى الليل ويأخذوا هم الأجر، فعملوا حتى جاء وقت العصر فتوقفوا وامتنعوا من العمل، ورفضوا مطالبته إياهم أن يستكملوا عملهم حسبما شرط عليهم، خصوصًا وقد اقترب الليل، فأبوا وقطعوا العمل، فلم يستحقوا الأجر المشروط لهم، فاستأجر آخرين ليتموا ما بدأه الفريق الأول والثاني ويعملوا إلى الليل، فقبلوا وعملوا عملهم إلى الليل، ووفوا بما اشترط عليهم، فاستحقوا الأجر كاملاً؛ جزاءً وفاقًا على وفائهم واستجابتهم. فهكذا الذين آمنوا بموسى من اليهود، حتى إذا جاءهم عيسى ابن مريم كفروا به وخالفوا أمر الله فيه، فبطل إيمانهم بموسى، وكذلك الذين آمنوا بعيسى من النصارى، فلما بعث الله نبيه محمدًا صلى الله عليه وسلم على وفق ما بشرهم به عيسى عليه السلام، قال الله تعالى : (وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ) (الصف: 6)؛ لكنهم كفروا وخالفوا، فبطل إيمانهم بعيسى عليه السلام، فأما المؤمنون بمحمد صلى الله عليه وسلم فقد آمنوا بموسى وعيسى وسائر رسل الله، واستمروا على ذلك إلى انقضاء الدنيا، فاستحقوا وحدهم القبول من الله عزَّ وجلَّ. وقد ذُكر اليهود والنصارى دون غيرهم؛ لأنهم أقرب الأمم للمسلمين، وشرائعهم هي الشرائع التي أنزلها الله يرون كتبها بأعينهم وإن كانت محرفة، وما زال المسلمون يرونهم ويعيشون بينهم، وما كان ليضرب المثل بشيء غائب ويترك ما هو مشاهد.
أيها المسلمون
ومن المعلوم أن من أسلم من أهل الكتاب ، وآمن بنبي الله محمد صلى الله عليه وسلم ، له ضعفان من الأجر، فقد قال الله تعالى: (الَّذِينَ آتَيْنَاهُمْ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ (52) وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ (53) أُوْلَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ) (52) :(54) (القصص) ، وفي الحديث المتفق عليه عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: “ثَلاَثَةٌ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ: الرَّجُلُ تَكُونُ لَهُ الأَمَةُ، فَيُعَلِّمُهَا فَيُحْسِنُ تَعْلِيمَهَا، وَيُؤَدِّبُهَا فَيُحْسِنُ أَدَبَهَا، ثُمَّ يُعْتِقُهَا فَيَتَزَوَّجُهَا فَلَهُ أَجْرَانِ، وَمُؤْمِنُ أَهْلِ الكِتَابِ، الَّذِي كَانَ مُؤْمِنًا، ثُمَّ آمَنَ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَلَهُ أَجْرَانِ، وَالعَبْدُ الَّذِي يُؤَدِّي حَقَّ اللَّهِ، وَيَنْصَحُ لِسَيِّدِهِ”. وأخرج أحمد والطبراني منْ حديث أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنه عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: “مَنْ أَسْلَمَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابَيْنِ فَلَهُ أَجْرُهُ مَرَّتَيْنِ، وَلَهُ مِثْلُ الَّذِي لَنَا، وَعَلَيْهِ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْنَا، وَمَنْ أَسْلَمَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَلَهُ أَجْرُهُ، وَلَهُ مِثْلُ الَّذِي لَنَا، وَعَلَيْهِ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْنَا”. ، أما الذي كفر من أهل الكتاب بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم فهو مستوجب للنار كسائر الكفار بمحمد صلى الله عليه وسلم، فقد أخرج مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: “وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَا يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ يَهُودِيٌّ، وَلَا نَصْرَانِيٌّ، ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ، إِلَّا كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ”. ، كما أنه لا يفوتنا أن نشير إلى أن عيسى عليه السلام حين ينزل في آخر الزمان فإنه ينزل مؤمنًا بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم وحاكمًا بشريعته، كما في الحديث المتفق عليه عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: “وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَيُوشِكَنَّ أَنْ يَنْزِلَ فِيكُمْ ابْنُ مَرْيَمَ حَكَمًا مُقْسِطًا، فَيَكْسِرَ الصَّلِيبَ، وَيَقْتُلَ الخِنْزِيرَ، وَيَضَعَ الجِزْيَةَ، وَيَفِيضَ المَالُ حَتَّى لاَ يَقْبَلَهُ أَحَدٌ”. والمتدبر والمتأمل للحديثين يتبين له أن الأجر ليس منوطا بكثرة العمل وقلته، بل بأمور أخر معتبرة عند الله تعالى، وكم من عمل قليل أجدى ما لا يجديه العمل الكثير، هذه ليلة القدر العمل فيها أفضل من عبادة ألف شهر سواها، وهؤلاء أصحاب محمد ﷺ أنفقوا في أوقات لو أنفق غيرهم من الذهب مثل أحد ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه من تمر. وهذا رسول الله ﷺ بعثه الله على رأس أربعين سنة من عمره، وقبضه وهو ابن ثلاث وستين على المشهور، وقد برز في هذه المدة التي هي ثلاث وعشرون سنة في العلوم النافعة، والأعمال الصالحة، على سائر الأنبياء قبله، حتى على نوح الذي لبث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاما، يدعوهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له، ويعمل بطاعة الله ليلا ونهارا، صباحا ومساء صلوات الله وسلامه عليه وعلى سائر الأنبياء أجمعين. فهذه الأمة إنما شرفت وتضاعف ثوابها ببركة سيادة نبيها وشرفه وعظمته، كما قال الله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ * لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَلَّا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ } [الحديد: 28-29] .
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( مَثَلُكُمْ وَمَثَلُ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ومن الفوائد التي يرشد إليها هذا الحديث، والثمرات التي يمكن أن نستخلصها منه: ففي الحديث دليل على أن الثواب للأعمال ليس على قدر التعب ، ولا على جهة الاستحقاق لأن العبد لا يستحق على مولاه لخدمته أجرة بل المولى يعطيه من فضله ، وله أن يتفضل على من يشاء من العبيد على وجه المزيد . فإنه يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد . وفي الحَديثِ: يظهر فَضْلُ الأُمَّةِ الإسلاميَّةِ ، وقِلَّةُ زَمانِها بالنِّسبةِ إلى زَمانِ مَن خَلاها من الأمم ، وعظم أجرها مع قلة عملها، وأنها أفضل الأمم، وأكملها؛ لإيمانها برسولها – صلى الله عليه وسلم- وبسائر الأنبياء قبله، ولما خصها الله تعالى به من فضل رسولها – صلى الله عليه وسلم-، وكمال شريعته، وشهادتها على سائر الأمم قبلها، إلى غير ذلك من الخصائص التي خصها الله تعالى بها ، وعلى المسلم أن يستشعر عظم فضل الله علينا نحن المسلمين، وما أسبغ علينا من نعمه، نعمل قليلاً، ونؤجر كثيرًا، فلله الحمد، والمنة، والفضل ، وَفي الحديث بيان لفَضْلَ اللهِ الواسِعٌ ، وأنه سبحانه يُؤْتيه مَن شاءَ. وفي الحديث دليل على أن من استؤجر على عمل، ثم عمل ولم يتمه، فإنه لا يستحق الأجرة ، وجواز الإجارة بالأجر المعلوم إلى الوقت المعلوم.
الدعاء