خطبة حول حديث (مَنْ أَعْطَى لِلَّهِ وَمَنَعَ لِلَّهِ وَأَحَبَّ لِلَّهِ وَأَبْغَضَ لِلَّهِ وَأَنْكَحَ لِلَّهِ فَقَدِ اسْتَكْمَلَ إِيمَانَهُ)
مارس 31, 2021خطبة حول ( لماذا نقرأ القرآن ؟ ) مختصرة
أبريل 10, 2021الخطبة الأولى ( مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
رُوي في الصحيحين واللفظ للبخاري : (عَنْ أَبِى سَعِيدٍ – رضى الله عنه – قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ – صلى الله عليه وسلم – يَقُولُ « مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بَعَّدَ اللَّهُ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا » وفي رواية مسلم : « مَا مِنْ عَبْدٍ يَصُومُ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِلاَّ بَاعَدَ اللَّهُ بِذَلِكَ الْيَوْمِ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا ».
إخوة الإسلام
الصيام عبادة من أجلِّ العبادات، وقربة من أعظم القربات، وهو دأب الصالحين ،وشعار المتقين، فهو يزكّي النفس ،ويهذّب الخُلُق، وهو مدرسة التقوى ودار الهدى، من دخله بنية صادقة ،واتباع صحيح ،خرج منه بشهادة الاستقامة، وكان من الناجين في الدنيا والآخرة. وقد أعطانا الله تعالى الكثير من الفرص لزيادة الحسنات ، ومنها صيام الأيام من غير الفريضة ، مثل يومي الخميس و الاثنين ،وصيام الستة من شوال ،وصيام العشرة أيام الأولى من ذي الحجة، وصيام يوم عرفة ،ويوم عاشوراء، كما أنّ صيام أيّ يوم له من الأجر مالا يعدّ ولا يحصى، ونستدل من هذا الحديث أنّ من صام يوماً لله تعالى مع إخلاص النية ،وإتمام جميع شروط الصيام ،فإنّ الله تعالى يباعد بينه وبين النار سبعين عاماً ، ففي هذا الحديث ترغيب في الإكثار من الصيام، لأن (مَنْ صَامَ يَوْماً فِي سَبِيلِ الله) أي طاعة لله، وابتغاء وجهه، ورجاء مثوبته، فإن الله تعالى يجازيه على هذا الصيام ،بأن يباعد بينه وبين النار سبعين سنة (بَعَّدَ الله وَجْهَهُ عَنْ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا) ، قال الإمام النووي: “معناه المباعدة عن النار والمعافاة منها، و(الخريف) السنة، والمراد سبعين سنة”، ومُقتضى ذلك: الأمن مِن سَماع حسيسها، والنجاة منها ومِن دُخولها. فهذا الثواب العظيم يفوز به من صام يوماً مخلصاً لله جل وعلا، سواء أكان هذا اليوم الذي صامه من الأيام التي رغَّب النبي صلى الله عليه وسلم في صيامها على وجه الخصوص، كالاثنين والخميس وعاشوراء، أم كان من غيرها من أيام السنة، إلا أن الأيام التي رغَّب النبي صلى الله عليه وسلم فيها لها فضل خاص بها، فهي أولى بالصيام من غيرها، فصيام الخميس والاثنين وعاشوراء هو صيام في سبيل الله، وصيام أي يوم آخر من الأيام بقصد طاعة الله هو في سبيل الله أيضاً. وقال شراح الحديث : قد يكون المُراد بالصوم هنا الصيام في الغزو؛ حيث يجمع الصائم بين عبادة الصيام وعبادة الجهاد في سبيل الله، والصبر على المشقة، ولا يُعارض ذلك ما ورد في الحديث بلفظ: «ليس من البر الصيامُ في السفر» فَلَعَلَّ المُراد به الصوم مع المشقة الشديدة، بحيث يسقط الصائم، ويحتاج إلى مَنْ يخدمه، أو يُظَلِّلُ عليه. فقوله صلى الله عليه وسلم “من صام يوماً في سبيل الله” هل معناه أنه صام وهو مجاهد، أو معناه أنه صام تقرباً إلى الله، فيُحتمل قوله في سبيل الله أنه جمع بين الصيام والجهاد، ويُحتمل أن سبيل الله أنه ابتغاء وجه الله، وابتغى بصيامه وجه الله، فهو في سبيل الله وفي سبيل ما يرضي الله وما يحبه ويرضاه، وفي قوله صلى الله عليه وسلم : “من صام يوماً في سبيل الله باعد الله وجهه عن النار سبعين خريفاً” ولم يقل سبعين عاماً لأن ذكر الخريف يشمل العام فإذا ذُكِرَ العام دخل الخريف، وذِكْر الخريف لا ينافي العام، والقول الثاني : أن المُراد بسبيل الله : دينه وشرعه، فيكون المعنى : مَنْ صام يومًا في سبيل رضا الله، وطلب ثوابه، فيخرج بذلك مَنْ صام رياءً وسُمعة، أو طلب التَمَدُّح بصيامه، فلا يكون صيامه في سبيل الله؛ حيث أفسده بالإعجاب وبالرياء والسُّمعة. وعلى هذا، فيدخل فيه كُلُّ مَنْ صام في سفر، أو حضر، وكان قصده من الصيام ابتغاء وجه الله، وطلب رضاه.
أيها المسلمون
وقد وردت أحاديث متعددة في فضل الصيام تقربا إلى الله ، ففي سنن الترمذي ،وحسّنه الألباني : (عَنْ أَبِى أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ : « مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ جَعَلَ اللَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّارِ خَنْدَقًا كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ » ومعلوم أن بين السماء والأرض مسيرة خمسمائة عام . وفي سنن النسائي ، وحسنه الألباني : (عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بَاعَدَ اللَّهُ مِنْهُ جَهَنَّمَ مَسِيرَةَ مِائَةِ عَامٍ ».
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ولصيام التطوع فضائل متعددة ، وفوائد كثيرة : فمن فضل صيام التطوّع في سبيل الله الاستعداد لشهر رمضان المبارك، فكلّما اعتاد الشخص على الصيام كان صيام رمضان من الأمور السهلة والبسيطة لديه، فكثير ممن لم يعتد على صيام النوافل وأيام في سبيل الله يكون صيام رمضان صعب وشاق عليهم. ومن فضائل صيام التطوع : اتباع سنة النبي صلى الله عليه وسلم؛ فقد حثنا الرسول صلى الله عليه وسلم على صيام أيام من غير الفريضة تطوّعاً لله تعالى وكذلك كان يفعل صلى الله عليه وسلم، وعندما يتبع المسلم سنة الرسول صلى الله عليه وسلم يحصل على الكثير من الأجر والثواب. ومن فضائل صيام التطوع : المحافظة على الصحة الجسدية والنفسية، فالصيام يقي الجسم من الكثير من الأمراض والعاهات كما أثبتت الدراسات والبحوث العلمية حتى أنّه في بعض الحالات كان الطبيب ينصح بترك الطعام والشراب لفترات محدّدة كطرق للعلاج، ويؤدّي الصيام إلى الشعور بالراحة النفسيّة والروحية. ومن فضائل صيام التطوع : تحقيق التكافل الاجتماعيّ؛ فالإنسان الغنيّ عندما يحرم نفسه من الطعام والشراب يشعر بشعور أخيه الفقير الذي قد لا يجد ما يسدّ به جوعه فيعطف عليه ويساعده، كما أنه في الجهة المقابلة يؤدي ذلك الى تحرير نفس الفقير من الحقد والحسد لأخيه الغنيّ. ومن فضائل صيام التطوع : يدخل المسلم في حال وفاته وهو صائم من باب الجنة المسمّى باب الريان المخصّص للصائمين في حال أخلص النية لله تعالى وأدّى شروط الصوم.
أيها المسلمون
وفي هذا الحديث فوائد كثيرة ومتعددة ، ومن هذه الفوائد التي يمكن استنباطها من هذا الحديث : الفائدة الأولى : فضيلة الصيام على وجه العموم. الفائدة الثانية : فضيلة الصيام في الجهاد في سبيل الله. الفائدة الثالثة : فضيلة الجهاد في سبيل الله، فإذا اجتمع جهاد وصيام، فهذا من أفضل الأعمال. الفائدة الرابعة : فيه أن الأعمال الصالحة سبب للبعد عن النيران،
الدعاء