خطبة عن الصحابي: ( زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ )
يناير 6, 2018خطبة عن (فتنة الأولاد) (إِنَّ الْوَلَدَ مَبْخَلَةٌ مَجْبَنَةٌ)
يناير 6, 2018الخطبة الأولى ( فضل بناء المساجد وعمارتها )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته : { فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ (36) رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ (37) لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} النور(36): (38) وفي الصحيحين أن (عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ يَقُولُ عِنْدَ قَوْلِ النَّاسِ فِيهِ حِينَ بَنَى مَسْجِدَ الرَّسُولِ – صلى الله عليه وسلم – إِنَّكُمْ أَكْثَرْتُمْ ، وَإِنِّي سَمِعْتُ النَّبِيَّ – صلى الله عليه وسلم – يَقُولُ « مَنْ بَنَى مَسْجِدًا – قَالَ بُكَيْرٌ حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ – يَبْتَغِى بِهِ وَجْهَ اللَّهِ ، بَنَى اللَّهُ لَهُ مِثْلَهُ فِي الْجَنَّةِ » ،وعَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ « مَنْ بَنَى لِلَّهِ مَسْجِدًا صَغِيرًا كَانَ أَوْ كَبِيرًا بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ » (رواه الترمذي، وصححه الألباني).
إخوة الإسلام
المساجد هي بيوت الله في الأرض ، وأذن الله أن ترفع ليُعبد فيها وحده، ويُذكر فيها اسمُه، ويُعلى فيها أمرُه ونهيُه، ويتقربُ فيها المسلمون إليه بشتى أنواع العبادات، من صلاة وذكر وتلاوة قرآن واعتكاف وتسبيح ودعاء، فتطهرُ فيها النفوس والأبدان من أدران الذنوب والعصيان، وتحصلُ فيها الراحة والأنس، والأمن والإيمان، ولذة مناجاة الكريم المنان، فالمسلم في أي مكان يحل فيه ، أول ما يبحث عنه يبحث عن المسجد، لأن قلبه معلق به ، ولا يجد راحته ولا يشعر بالسكينة إلا فيه ، وفي مسند البزار (كَتَبَ سَلْمَانُ إِلَى أَبِي الدَّرْدَاءِ : يَا أَخِي عَلَيْكَ بِالْمَسْجِدِ فَالْزَمْهُ ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، يَقُولُ : الْمَسْجِدُ بَيْتُ كُلِّ تَقِيٍّ) ، وفي رواية للطبراني في المعجم (فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : المسجد بيت كل تقي وقد ضمن الله عز وجل لمن كان المساجد بيوته الروح والرحمة والجواز على الصراط ) ، والمساجد هي أحب الأماكن والبقاع إلى الله تعالى ، ففي صحيح مسلم (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « أَحَبُّ الْبِلاَدِ إِلَى اللَّهِ مَسَاجِدُهَا وَأَبْغَضُ الْبِلاَدِ إِلَى اللَّهِ أَسْوَاقُهَا ». ومكانة المسجد في الإسلام تظهر بوضوح وجلاء في كون النبي صلى الله عليه وسلم لم يستقر به المقام عندما وصل إلى حي بني عمرو بن عوف في قباء، حتى بدأ ببناء مسجد قباء، وهو أول مسجد بُني في المدينة، فالمساجد هي أطهر البقاع وأنقاها، ومن مناراتها تعلو أصوات المؤذنين بالتكبير والتهليل ، وتتكرر فيها كلمات التوحيد، وعليها تهبط الملائكة، وتتنزل الرحمات، ويغشى أهلَها السكينةُ، وتحل عليهم البركات، ويتعارف فيها المسلمون، ويتآلفون ويتعاونون، ويتزاورون ،ويتراحمون، وتقوى بينهم الصلة ، والمودة والرحمة. والمساجد رياضٌ رحبة، تقام فيها مجالس العلم والذكر، لتعليم الدين، وحفظ القرآن العظيم، ومدارسة سيرة سيد المرسلين، ويتلقى الناسُ فيها التربية والأخلاق، ومعرفة السنة والبدعة، والحلال والحرام، فمن المساجد تدبر شئون العباد، وفي المساجد تضاء قناديل العلم والمعرفة، فالمسجد شأنه عظيم في قلوب المؤمنين، وقد ذكره الله في كتابه الحكيم وأمر برفعه والعناية به، سواء كان ذلك بتشييده وبنائه، أو الحفاظ عليه من كل ما يتسبب في امتهانه وأمر الله جل وعلا بتطهيرها من أرجاس الشرك والكفر، فقال تعالى: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (الجن:18)، ورغب الله في تعميرها بالطاعات والقربات؛ فقال تعالى : { فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ (36) رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ (37) لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} النور(36): (38) ، وأضافها الله جل وعلا إلى نفسه إضافةَ تشريفٍ وإجلالٍ، وشَهِدَ لعُمَّارِها بالإيمان، فقال تعالى: {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللَّهَ } (التوبة:18). وقد توعَّد الله من منع فيها ذكره ، أو تسبب في خرابها ، بالخزي في الدنيا، والعذاب العظيم في الآخرة، فقال الله تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُوْلَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلاَّ خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (البقرة:114).
أيها المسلمون
وقد حث ديننا الحنيف على بناء المساجد وعمارتها, وجعل ذلك سبيلاً إلى الجنة والفوزِ برضا الله جل وعلا، ففي الصحيحين أن (عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ يَقُولُ عِنْدَ قَوْلِ النَّاسِ فِيهِ حِينَ بَنَى مَسْجِدَ الرَّسُولِ – صلى الله عليه وسلم – إِنَّكُمْ أَكْثَرْتُمْ ، وَإِنِّي سَمِعْتُ النَّبِيَّ – صلى الله عليه وسلم – يَقُولُ « مَنْ بَنَى مَسْجِدًا – قَالَ بُكَيْرٌ حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ – يَبْتَغِى بِهِ وَجْهَ اللَّهِ ، بَنَى اللَّهُ لَهُ مِثْلَهُ فِي الْجَنَّةِ » ،وفي رواية في سنن البيهقي : (عَنْ أَبِى ذَرٍّ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- : « مَنْ بَنَى لِلَّهِ مَسْجِدًا وَلَوْ مِثْلَ مَفْحَصِ قَطَاةٍ بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ » ، ومفحص القطاة لا يمكن بحال أن يتسع لمصلي، فدل ذلك على أن أيّ تبرع يُسهم في بناء مسجد ،موعودٌ صاحبه ببيت في الجنة، والمقصود ألا يحتقر أحد مساهمته في بيت الله، ولو كان المبلغ الذي دفعة للمسجد قليلا ، ومقداره بالنسبة للمسجد بهذا المقدار الصغير لموضع بيض القطاة ، وقد يدخل في ذلك من ساهم في بنائه ، أو عمل فيه بيده، أو دفع أجرة العاملين، ونحو ذلك . وبناء المساجد من الصدقات الجارية ، التي يجري أجرها للعبد بعد ما ينقطع عمله بالموت، فقد روى مسلم (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ : « إِذَا مَاتَ الإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلاَّ مِنْ ثَلاَثَةٍ إِلاَّ مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ ». وقال صلى الله عليه وسلم:( سَبْعٌ يَجْرِي لِلْعَبْدِ أَجْرُهُنَّ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهِ، وهُو فِي قَبْرِهِ: مَنْ عَلَّمَ عِلْمًا، أَوْ كَرَى نَهْرًا، أَوْ حَفَرَ بِئْرًا، أَوْ غَرَسَ نَخْلا، أَوْ بَنَى مَسْجِدًا، أَوْ وَرَّثَ مُصْحَفًا، أَوْ تَرَكَ وَلَدًا يَسْتَغْفِرُ لَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ) (رواه البزار، وحسنه الألباني). ولقد وعى هذا الأمر صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم فاهتموا بذلك، واعتنى الخلفاء الراشدون بها فكتب عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى ولاته أن يبنوا مسجداً جامعاً في مقر الإمارة، ويأمروا القبائل والقرى ببناء مساجد جماعة في أماكنهم. وعن عثمان بن عطاء قال لما فتح عمر بن الخطاب البلد كتب إلى أبي موسى الأشعري وهو على البصرة يأمره أن يتخذ للجماعة مسجداً فإذا كان يوم الجمعة انضموا إلى مسجد الجماعة فشهدوا الجمعة . (كنز العمال) أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( فضل بناء المساجد وعمارتها )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
وكما حثنا الإسلام على بناء المساجد فقد حثنا أيضاً على عمارتها, وجعل ذلك علامة من علامات الإيمان, فقال جل وعلا: {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ} (التوبة:18). ومن عمارة المساجد ترميمَها وتعاهدَها وصيانتَها، ويدخل هذا الفعل أيضا في الصدقة الجارية، ولو كانت المشاركة بمبلغ قليل، ومن عمارة المساجد أيضا تحفيظ القرآن ، ودروس العلم ، وكذا التعبد لله فيها بالذكر والصلاة ، والجلوس فيها انتظارا للصلاة التالية ، فقد روى مسلم (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- « مَنْ غَدَا إِلَى الْمَسْجِدِ أَوْ رَاحَ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُ فِي الْجَنَّةِ نُزُلاً كُلَّمَا غَدَا أَوْ رَاحَ ». وفي مسند أحمد (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ : « لاَ يَزَالُ الْعَبْدُ الْمُسْلِمُ فِي صَلاَةٍ مَا دَامَ فِي مُصَلاَّهُ قَاعِداً وَلاَ يَحْبِسُهُ إِلاَّ انْتِظَارُ الصَّلاَةِ وَالْمَلاَئِكَةُ يَقُولُونَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ مَا لَمْ يُحْدِثْ ». وعن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” إن الله ينادى يوم القيامة أين جيراني أين جيراني فتقول الملائكة ربنا من ينبغي له أن يجاورك فيقول أين عُمَّارُ المساجد ” ” السلسلة الصحيحة للألباني” وحينما تنقطع صلة الإنسان بهذه الحياة , ويوضع في قبره فإنه يتمنى لو عاد إلى الدنيا مرة أخرى لا ليجمع الأموال أو يحصل المناصب , بل ليصلى ركعتين فقط , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِقَبْرٍ، فَقَالَ: “مَنْ صَاحِبُ هَذَا الْقَبْرِ؟ ” فَقَالُوا: فُلانٌ، فَقَالَ: “رَكْعَتَانِ أَحَبُّ إِلَى هَذَا مِنْ بَقِيَّةِ دُنْيَاكُمْ “. أخرجه الطبراني وصححه الألباني الدعاء