خطبة عن (من مقاصد الصيام وحكمته) 1
مارس 9, 2024خطبة عن الصوم (إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا) مختصرة
مارس 9, 2024الخطبة الأولى ( في رحاب شهر رمضان )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (183) البقرة .
إخوة الإسلام
تستقبل الأمة الإسلامية بعد أيام قلائل ضيفاً عزيزا ووافداً كريما ،تتشوّف القلوب إلى مجيئه ،وتتطلع النفوس إلى قدومه ؛إنه ضيفٌ حبيبٌ على قلوب المؤمنين ،عزيزٌ على نفوسهم ، يتباشرون بمقدمه ،ويهنئ بعضهم بعضا بحلوله، لما فيه من خير وبركة؛ ومغفرة وإحسان ،إنه شهر رمضان ،شهر الخيرات والبركات ،شهر الطاعات والقربات ، شهر الصيام والقيام وتلاوة القرآن ،شهر الذكر والاستغفار والدعاء والمناجاة ،شهر الجود والسخاء ،والعطاء والإحسان ،شهرٌ تعددت خيراته ،وتنوعت بركاته ،وعظمت مقاماته ،فقد خصه الله تعالى بميزات وخصائص عظيمة ،ومناقب متعددة، تميزه عن سائر الشهور، لذلك فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يبشر أصحابه بمقدمه ،ويبين لهم خصائصه وفضائله ، ويَحثَّهم على الجد والاجتهاد فيه، بطاعة الله تعالى ،والتقرب إليه بما يرضيه ، ففي مسند الإمام أحمد: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ لَمَّا حَضَرَ رَمَضَانُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «قَدْ جَاءَكُمْ رَمَضَانُ شَهْرٌ مُبَارَكٌ افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ تُفْتَحُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ وَتُغْلَقُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَحِيمِ وَتُغَلُّ فِيهِ الشَّيَاطِينُ فِيهِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ مَنْ حُرِمَ خَيْرَهَا فَقَدْ حُرِمَ»، وفي سنن الترمذي وغيره: (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « إِذَا كَانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ صُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ وَمَرَدَةُ الْجِنِّ وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ وَفُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ وَيُنَادِى مُنَادٍ يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ وَلِلَّهِ عُتَقَاءُ مِنَ النَّارِ وَذَلِكَ كُلَّ لَيْلَةٍ ».،وينصح الرسول صلى الله عليه وسلم الصائمين من أمته فيقول لهم كما في صحيح البخاري: (وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ ، فَلاَ يَرْفُثْ وَلاَ يَصْخَبْ ، فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ ، أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ) ،فالصائم ينبغي أن يكون هادئ النفس، حسن الخلق، يضع نصب عينه أنَّ الصيام جُنَّة ووقاية له من الآثم، وجُنَّة ووقاية له من سوء الخلق، وجُنَّة له مِن المعاصي، وجُنَّة له من فحش القول، وجُنَّة له من قول الزور والعمل به، ولا يكون استقبال شهر رمضان بجمْع صنوف وأنواع المطاعم والمشروبات والمأكولات ؛ ولكن استقبال شهر رمضان يكون بالتهيّؤ للطاعات ، واستعدادا للعبادة ، وإقبالا صادقا على الله جلّ وعلا ، وتوبة نصوحا من كل ذنب وخطيئة ،فموسم رمضان فرصةٌ للإقبال على الله ،والتوبة من الذنوب، يقول صلى الله عليه وسلم : «كُلُّ بَنِي آدَمَ خَطَّاءٌ وَخَيْرُ الْخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ » رواه ابن ماجه ؛ فالذنوب كثيرة ،والتقصير حاصل ،وأمامنا موسمٌ عظيم للتوبة إلى الله جلّ وعلا ،فلا نضيع هذه الفرصة ،فإذا لم تتحرك النفوس في هذا الموسم الكريم للتوبة إلى الله ،والندم على فعل الذنوب ،فمتى تتحرك !، ولهذا صحَّ في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «وَرَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ دَخَلَ عَلَيْهِ رَمَضَانُ ثُمَّ انْسَلَخَ قَبْلَ أَنْ يُغْفَرَ لَهُ» رواه الترمذي، وذلك لأنه موسم عظيم للتوبة؛ تتحرك فيه القلوب إلى الله بالتوبة والإنابة إليه ،والإقبال على طاعته جلّ وعلا، ومما يُستقبل به هذا الشّهر الكريم الدعاء الصادق ،والالتجاء إليه سبحانه بأن يعين العبد على طاعة الله في هذا الشهر الفَضِيل ،فالعبد لا قدرة له على القيام بالطاعة وتحقيق العبادة والإتيان بها على وجهها إلا إذا أعانه الله، فـ «لَوْلَا اللَّهُ مَا اهْتَدَيْنَا وَلَا صُمْنَا وَلَا صَلَّيْنَا»؛ ولهذا فعلى المؤمنين أن يُقْبِلوا على الله جلّ وعلا داعين ومؤمِّلين وراجين ومخبتين، يرجون رحمته، ويطلبون مدده وعونه ،بأن ييسر لهم صيام رمضان، وأن يعينهم على قيامه ،وأن يكتب لهم الخير والبركة فيه ،وأن يجعلهم من عتقائه من النار، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وما شاء الله كان ،وما لم يشأ لم يكن.
أيها المسلمون
وعلى المسلم أن يستقبل شهر رمضان بالحَمْد والشُّكر لله -سبحانه وتعالى، أن أطال في عمره وبلغه رمضان، إذ إنّ بلوغ شهر رمضان وصيامه من أعظم النِّعم التي مَنّ الله تعالى بها على عباده؛ ولذلك ينبغي للعبد الإكثار من حَمْد الله، وشُكره، ففي مسند أحمد: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ كَانَ رَجُلاَنِ مِنْ بَلِىٍّ مِنْ قُضَاعَةَ أَسْلَمَا مَعَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- وَاسْتُشْهِدَ أَحَدُهُمَا وَأُخِّرَ الآخَرُ سَنَةً. قَالَ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ فَأُرِيتُ الْجَنَّةَ فَرَأَيْتُ الْمُؤَخَّرَ مِنْهُمَا أُدْخِلَ قَبْلَ الشَّهِيدِ فَعَجِبْتُ لِذَلِكَ فَأَصْبَحْتُ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَوْ ذُكِرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «أَلَيْسَ قَدْ صَامَ بَعْدَهُ رَمَضَانَ وَصَلَّى سِتَّةَ آلاَفِ رَكْعَةٍ أَوْ كَذَا وَكَذَا رَكْعَةً صَلاَةَ السَّنَةِ»،
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( في رحاب شهر رمضان )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
وعلى المسلم أن يستقبل شهر رمضان بإخلاص النيّة لله – سبحانه وتعالى-: فلا بُدّ من النيّة، وعَقْد العزم على الصوم ،واستغلال الأوقات المُباركة بالتزام الطاعات، واجتناب المعاصي والسيّئات، وتطهير القلوب، والتوبة الصادقة، لا سيّما أنّ الله -سبحانه وتعالى- يجزي العبد على نيّته؛ إذ رُوي عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-، أنّه قال: (إنَّما الأعْمالُ بالنِّيّاتِ، وإنَّما لِكُلِّ امْرِئٍ ما نَوَى). وعلى المسلم أن يستقبل شهر رمضان بتعلُّم أحكام الصيام: فقد ذهب أهل العلم إلى وجوب تعلُّم أحكام الصيام على كلّ مَن وجب عليه الصيام؛ إذ إنّ الجهل بأحكام الصيام، وآدابه، وشروطه من الأسباب التي قد تحرم المسلم من الأجر والثواب، ولَرُبّما صام من لديه عُذرٌ شرعيٌّ يُوجب إفطاره، ولرُبَّما صام العبد ولم يَنل من صيامه إلّا الجوع والعطش؛ لجَهله بأحكام الصيام.
الدعاء