خطبة عن الحج (لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ)
مايو 19, 2024خطبة عن (فضائل العشر من ذي الحجة)
مايو 19, 2024الخطبة الأولى ( في مدرسة الحج نتعلم )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته : (وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (27) لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ (28) ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ (29) ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعَامُ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ) (27): (30) الحج
إخوة الإسلام
استوقفتني بعض المشاهد المؤثرة لشعيرة الحج ،تلك العبادة العظيمة ،وذلكم المنسك المبارك ،الذي منًّ الله به على أمة الإسلام ،فهو نفحة ربانية ، وهدية إلهية ،المشهد الأول : تأملت جموع الحجيج و هم يفدون إلى بيت الله ، والشوق يحدوهم ، والأماني تصحب خطوهم ،فلا تسل عن حديث النفس بالوصال ،ولا تسل عما يرتسم على محيّاهم من فرحة تغمر الفؤاد ، وسرور يظهر على الوجه ،وبهجة تحيل الكون كل الكون من حوله فرحاً و سروراً ، وعندما يشرع أحدهم في الوفود و يلهج بالتلبية لبيك اللهم لبيك .. فلا تسأل كم من دموع الفرح قد ذُرفت ، كيف لا ، وهو هتاف إلى بيت الله الحرام ، كيف لا ،وهم وفود الرحمن .
هتف المنادي فاستجب لندائه ***** و امنحه وجدان المحب 00و ناد
لبيك 00 فاح الكون من نفحاتها ***** و تعطَّرت منها ربوع الوادي
لبيك 00 فاض الوجد في قسماتها ***** و تناثرت فيها طيوف وداد
لبيك 00فاتحة الرحيل و صحبه ***** هلا سمعت هناك شدوا الشادي
هذا الرحيل إلى ربوع لم تزل ***** تهدي إلى الدنيا براعة هاد
هذا المسير إلى مشاعر لم تزل ***** تذكي المشاعر روعة الإنشاد
نعم إنه الشوق إلى أرض الرحمات ،إنه الشوق إلى أرض العطايا والهبات ، فحق للنفوس أن تتوق ،وحق للأرواح أن تحلق أملاً في الوصال ،وقد ذكر بعض أهل السير أن شقيق البلخي أبصر في طريق الحج مقعداً يتكأ على إليته يمشي حيناً ويرتاح حيناً مما أصابه من وعثاء السفر ، فقال له شقيق يا هذا أين تريد قال أريد بيت الله العتيق ،قال من أين أتيت ؟ قال من وراء النهر ، قال فنظرت إليه متعجباً قال يا هذا مما تتعجب قال أتعجب من بعد سفرك ،وضعف مهجتك قال : أما بعد سفري فالشوق يقربه و أما ضعف مهجتي فالله يحملها ،والمشهد الثاني الذي استوقفني أيضا : أني نظرت إلى المشاعر بعد غروب آخر يوم من أيام التشريق ،فهالني ما رأيت من حزن عظيم ، خيّم على وجهها الأبيض الوضاء ،ودمعها يُهراق على خديها حزناً على فراق ضيوفها ضيوف الرحمن ، وفي المقابل ،أبصرت الضيوف وهم يجهشون بالبكاء ،ويكثرون النحيب على فراقها ، فما أصعب لحظات الفراق ، كيف وهو فراق الحبيبين ، ووداع العاشقين .
أيها المسلمون
بعد هذه المشاهد المؤثرة بادرني سؤال …. ما سر هذا الشوق ؟ و لماذا كل هذا الحنين ؟ ، لماذا يختص الحج بكل هذا ؟ و ما سر تعلق القلوب بهذه العبادة ؟ ،والاجابة على هذه الأسئلة يطول شرحها ، ولعلي أجملها في أمرين : الأول : أن منسك الحج يرتبط بالوفود إلى بيت الله و هذا البيت في خاصية الجذب لقلوب المؤمنين فهو مغناطيس الأفئدة قال تعالى : ( إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدىً لِلْعَالَمِينَ * فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِناً وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ) (آل عمران: 96 ـ 97)، الثاني : أن هذه العبادة الجليلة مدرسة عظيمة تحمل في طياتها الكثير و الكثير من الدروس و العبر التي يتربى عليها المسلمون جميعاً أفراداً و شعوباً و أمماً ، ولذا وجب بيان هذه الدروس وتجليتها للمسلمين ، لعلّهم يأخذوا ولو ببعض من تلك الدروس : أولاً: توحيد الله عز وجل : فتتجلى العناية بالتوحيد و بيان أهميته أن الحكمة من بناء البيت إنما هي توحيد الله جلّ وعلا وجُعل قصدُ الناس إليه من أرجاءِ المعمورة لإذكاءِ شعيرةِ توحيد العبادةِ وخلوصها لله سبحانه لا شريكَ له، قال تعالى : {وَإِذْ بَوَّأْنَا لإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لا تُشْرِكْ بِي شَيْئاً وَطَهِّرْ بَيْتِي لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} [الحج:26]، والمتأمل للأعمال والأذكار التي يقوم بها الحاج خلال رحلة الحج ،يجد أنه يلهج بتوحيد الله عز وجل من أول منسكه إلى نهايته ، ومدرسة الحج تدعو المسلم إلى أن يراجع نفسه في أمور كثيرة يخالف فيها التوحيد ،ويقع في براثن الشرك ،تدعوه لتصحح المسار ، والعودة به إلى التوحيد الخالص ، ثانياً : الاقتداء والتأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم : فمدرسة الحج تربي الفرد و المجتمع المسلم على الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم ،فالحاج يربي نفسه على متابعة هدي النبي صلى الله عليه و سلم في جميع شؤون الحياة ،فإن متابعة الحاج لهدي النبي صلى الله عليه وسلم في مناسك الحج استجابة لقوله صلى الله عليه و سلم كما جاء في مسند أحمد : (أن جَابِراً يَقُولُ رَأَيْتُ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- يَرْمِى عَلَى رَاحِلَتِهِ يَوْمَ النَّحْرِ يَقُولُ لَنَا « خُذُوا عَنِّى مَنَاسِكَكُمْ فَإِنِّي لاَ أَدْرِى لَعَلِّى أَنْ لاَ أَحُجَّ بَعْدَ حَجَّتِي هَذِهِ » ،ثالثاً : الأخوة الإسلامية: فمدرسة الحج تربي على الأخوة الإسلامية ،فالحاج يستشعر معنى الأخوة الإسلامية من خلال لقائه بإخوانه المسلمين من شتى بقاع الأرض، ومن كل قطر ومصر ،يراهم وقد تصافحت أيديهم ،وتآلفت قلوبهم ،ويظهر بعضهم لبعض المحبة و العطف والتعاون والتسامح ،عملا بقول الله تعالى :{ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ } الحجرات 10 ، رابعاً : الوحدة الإسلامية: فمدرسة الحج تربي الفرد و المجتمع و الأمة و العالم الإسلامي على مبدأ من أعظم مبادئ هذا الدين ،ألا وهو مبدأ الوحدة الإسلامية ، فإن الحج جعل الناس سواسية في لباسهم وأعمالهم وشعائرهم وقبلتهم وأماكنهم، فلا فضل لأحد على أحد ، والأمة الإسلامية في أمس الحاجة إلى الوحدة خاصة في هذه الأيام العصيبة التي تكالبت فيها أمم الكفر على حرب الإسلام و المسلمين والسعي الحثيث إلى زيادة تفكيكهم وتفريقهم و زرع العداوات بينهم يأتي الحج ليذكرنا أننا أمة واحدة كما قال تعالى: ( وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) (آل عمران:103) ، و مدرسة الحج كما أنها تربي على الوحدة فهي بالمقابل تحدث هزيمة نفسية عظمى للكفار ،فهي تحبط كل محولات تفريق المسلمين ،وتغيّر قناعة الكفار في مدى نجاح خططهم لتفكيك المسلمين ،وتفريقهم ،وتدخل عليهم الرعب والخوف والهلع من هذا الجمع الغفير ، الذي توحد في كل شيء ،رغم تفرق البلدان ،وتباين اللغات ،واختلاف الألوان ،وتنوع الطبائع واللهجات . خامساً : ذكر الله : فمدرسة الحج تربي الحاج على ذكر الله، فالذكر هو أول المقاصد التي أرادها الله من عبادة الحج قال تعالى 🙁 وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (27) لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ ) [الحج:27-28]. ورحلة الحج من بدايتها إلى نهايتا ذكر لله عز وجل ،فالحاج يذكر الله بالتلبية ،وخلال الطواف ،وخلال السعي ،ويصعد الحاج إلى عرفات ليدعو الله ويذكره ،فقد روى الترمذي ( أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « خَيْرُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ وَخَيْرُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ » ،سادساً : مخالفة المشركين و البراءة منهم : قال تعالى : (وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ ) التوبة 3، فالحج فرصة لتأصيل عقيدة الولاء و البراء في نفوس المؤمنين ،خاصة أنها قد ضعفت وهزلت في نفوس كثير من الناس ،فتأتي مدرسة الحج لتحيي قضية البراء من المشركين ،فقد حرص النبي صلى الله عليه وسلم على مخالفة المشركين خلال رحلة حجه ، قال د .عبد العزيز آل عبد اللطيف : لقد لبى النبي -صلى الله عليه وسلم- بالتوحيد ، خلافاً للمشركين في تلبيتهم الشركية ، وأفاض من عرفات مخـالـفـاً لقريش حيث كانوا يفيضون من طرف الحرم ، كما أفاض من عرفات بعد غروب الشمس مخالفاً أهل الشرك الذين يدفعون قبل غروبها. ولما كان أهل الشرك يدفـعـون من المشعر الحرام (مزدلفة) بعد طلوع الشمس ، فخالفهم الرسول -صلى الله عليه وسلم- ، فدفع قبل أن تطلع الشمس. سابعا : تربية النفس و ترويضها على الصبر و تحمل المشاق : فمن أظهر الدروس التي تتضح بجلاء في مدرسة الحج التربية على الصبر ،وتحمل المشاق في سبيل مرضاة الله قال تعالى 🙁 يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) (البقرة:153)
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( في مدرسة الحج نتعلم )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ونتعلم من مدرسة الحج : الثقة بنصر الله للإسلام والمسلمين : فمدرسة الحج تزرع في النفس الثقة بنصرة الدين ،والتمكين له ،وأنه مهما طال ليل الكفر والباطل ،فإن فلق الصبح أوشك على الانبلاج ،وما تجمع العدد الغفير من المسلمين في أيام الحج من كل فج عميق ،إلا بشارة بفجر جديد قريب لعز الإسلام والمسلمين ،فعندما يرى الحاج وفد الحجيج حتى من البلاد التي تشن الحرب على الإسلام والمسلمين ،وعندما يجالس وفود الحجيج ،فينقلون له تهافت الناس على الإسلام ،وتشوقهم إلى التعرف عليه ،ويسردون أخبار التائبين والتائبات ،تزداد ثقته ،ويقوى يقينه بنصر الله للإسلام والمسلمين ،وأن المستقبل لهذا الدين ،قال عز وجل:{ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ} [(33) التوبة] ، وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم :[ لَيَبْلُغَنَّ هَذَا الْأَمْرُ مَا بَلَغَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَلَا يَتْرُكُ اللَّهُ بَيْتَ مَدَرٍ وَلَا وَبَرٍ إِلَّا أَدْخَلَهُ اللَّهُ هَذَا الدِّينَ بِعِزِّ عَزِيزٍ أَوْ بِذُلِّ ذَلِيلٍ عِزًّا يُعِزُّ اللَّهُ بِهِ الْإِسْلَامَ وَذُلًّا يُذِلُّ اللَّهُ بِهِ الْكُفْرَ] رواه أحمد ، وعَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:[بَشِّرْ هَذِهِ الْأُمَّةَ بِالسَّنَاءِ وَالنَّصْرِ وَالتَّمْكِينِ فَمَنْ عَمِلَ مِنْهُمْ عَمَلَ الْآخِرَةِ لِلدُّنْيَا لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي الْآخِرَةِ نَصِيبٌ] رواه أحمد ، تاسعاً : التربية على الأخلاق الفاضلة : فالحج مدرسة للتربية على الأخلاق الفاضلة من الحلم والعفو والصفح والتسامح والإيثار والرحمة والتعاون والإحسان والبذل والكرم ،فهي رحلة تسفر عن أخلاق الرجال ،وتسهم إسهاماً عظيما في تعديل السلوك السيئ إلى الحسن ،فكم من حاج عاد من رحلة حجه بوجه غير الذي ذهب به قال تعالى : ( الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ) (البقرة:197)، عاشرا : الدعوة إلى الله عز و جل : فإن مدرسة الحج تربي الحاج على الدعوة إلى الله عز وجل وهذا الله من أعظم وأجل ثمار الحج ، الحادي عشر : ضبط الجوارح : فمن أعظم ما يتربى عليه المسلم في الحج ضبط الجوارح ،وكفها عن ما حرم الله ،فجوارح العبد في الحج تتربى على ترك الحرم ،والبعد عن الفسوق والآثام ، الثاني عشر : المحاسبة و التوبة : فالحاج عندما يستشعر عظم الزمان و المكان ، ويرى بكاء الباكين ،وابتهال العابدين ،ودموع المنيبين ،يدعوه ذلك كله إلى محاسبة نفسه على تفريطها في جنب الله ،فيكون ذلك بداية توبة وأوبة إلى الله عز وجل
أيها المسلمون
فما أعظم مدرسة الحج حين تهب الحاج ميلاداً جديدا يفضل على ميلاده من بطن أمه كيف لا ،وهو ميلاد الهداية و الصلاح ، فطوبى ثم طوبى ثم طوبى لمن تربى في مدرسة الحج ، فعاد من حجه مخلوقاً آخر ، وعاد بقلب غير الذي خرج به .
الدعاء