خطبة حول ( أعراض قسوة القلب وأسبابها)
فبراير 6, 2016خطبة عن (الإسلام يأمر بالسعي لطلب الرزق)
فبراير 7, 2016الخطبة الأولى ( قسوة القلب :صورها وأسبابها وعلاجها ) 1
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته وهو أصدق القائلين : (ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً ) البقرة 74، وقال تعالى (وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ ) المائدة 13 ، وقال تعالى: {فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ} [الزمر: 22]. وروى الترمذي في سننه (عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- :« لاَ تُكْثِرُوا الْكَلاَمَ بِغَيْرِ ذِكْرِ اللَّهِ فَإِنَّ كَثْرَةَ الْكَلاَمِ بِغَيْرِ ذِكْرِ اللَّهِ قَسْوَةٌ لِلْقَلْبِ وَإِنَّ أَبْعَدَ النَّاسِ مِنَ اللَّهِ الْقَلْبُ الْقَاسِي ».
أخي في الإسلام
هل أحسست يوما بقسوة في قلبك فلم تتأثر بدمعة يتيم ، أوصرخة حزين ؟ ، وهل أحسست يوما بقسوة في قلبك فلم تتأثر بأنين المريض ، أوتوجع المصاب ؟ ، وهل أحسست يوما بقسوة في قلبك فلم يتفطر قلبك لمنظر تمزق جثة شهيد؟ أو لميت يحتضر ؟ وهل أحسست يوما بقسوة في قلبك فما سارعت لنصرة مظلوم ، أو مساعدة مكروب ؟وهل أحسست يوما بقسوة في قلبك فلم يتحرك لمنظر جائع يتلوى ، أو فقير أو مسكين يصرخ ؟ ، و هل أحسست يوما بقسوة في قلبك فلم يتحرك لضعف شيخ كبير ، أو طفل صغير ؟
أخي في الله
إن الناظر والمتأمل في أحوالنا وفى أنفسنا يظهر له : أننا لا نشعر بالخشوع في صلاتنا وعبادتنا. وعدم التأثر والتباكي عند تلاوة القرآن. * وعدم التورع عن الشبهات فى المعاملات ، والظلم والاعتداء على حقوق الآخرين. والجفاء وسوء الظن بين الإخوان. وانتشار القطيعة بين الأسر. – وعدم التأثر بالموعظة وذكر الله، وجمود العين وبخلها بالدموع، لا رحمة بالصغير ولا عطف على الفقير. – وعدم التأثر بما يصيب الغير من الألم، أو الأذى. – وعدم الاهتمام بأمور المسلمين، وفقدان الرغبة في نصرة الإسلام وأهله. – وعدم الإحساس بخطورة احتلال المقدسات، وانتهاك الحرمات، واغتصاب أعراض المسلمات. وإن كل ما سبق فهي علامات وأعراض لقسوة القلب ، ومرضه
إخوة الإسلام
وما أُصيب أحد بمصيبة أعظم من قساوة قلبه ؛ وذلك لأن قساوة القلب :– تذهب باللين والرحمة والخشوع من القلب، وإنّ مجتمعًا ينعدم اللين والرحمة بين أفراده لهو مجتمع شين، كما أن مجتمعًا لا خشوع في قلوب أهله لهو مجتمعٌ محروم من كل خير. – قسوة القلب تزيل النعم وتأتي بالنقم، وتؤدي إلى الفرقة، وعدم التآلف، وذهاب الأخوة. – وقسوة القلب تكثر الضغائن والشحناء والعداوة بين أفراد المجتمع، بل بين المجتمعات. – وقسوة القلب تؤدي إلى كراهية الناس لصاحب هذا المرض، والانصراف من حوله، والابتعاد عنه، يقول تعالى: {وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} [آل عمران: 159]. – وقسوة القلب تقعد صاحبها عن الخير، وتصده عن الهداية، وتغرقه في بحار الشهوات. – وتعتبر قسوة القلب بوابة تفتح القلب لدخول الأمراض فيه، وهجومها عليه. – وقسوة القلب تعرض صاحبها لإغواء الشياطين ووقوعه فريسة لهم، يقول تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إلى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ * فَلَوْلاَ إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأنعام: 42، 43]. – وقسوة القلب توقع صاحبها تحت تهديد المولى -عز وجل- له بالعذاب الأليم في نار جهنم {فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ} [الزمر: 22]. – وقسوة القلب تُقرِّب صاحبها من زمرة اليهود، وعصاة الأمم.. يقول تعالى لليهود: {ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً} [البقرة: 74]. فمرض قسوة القلب ، مرض خطير تنشأ عنه أمراض ، وتظهر له أعراض ، ولا يسلم من ذلك إلا من سلمه الله وأخذ بالأسباب : يقول تعالى مخاطبا اليهود: ﴿ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً ﴾ البقرة 74
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( قسوة القلب :صورها وأسبابها وعلاجها ) 1
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ولقسوة القلب أعراض ومظاهر تدل عليها، وهي تتفاوت من حيث خطورتها وأثرها على صاحبها، ومن أهم هذه المظاهر : أولا : التكاسل عن الطاعات وأعمال الخير، فالصلاة يؤديها مجرد حركات لا خشوع فيها ، بل يضيق بها ذرعا كأنه يحمل عبئا ينوء به ظهره ويريد التخلص منه سريعا ، وقد وصف الله المنافقين فقال: ﴿ وَلاَ يَأْتُونَ الصَّلاَةَ إِلاَّ وَهُمْ كُسَالَى وَلاَ يُنفِقُونَ إِلاَّ وَهُمْ كَارِهُونَ ) التوبة 54. وقال سبحانه : ﴿ وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى ﴾ النساء 142، ثانيا : عدم التأثر بآيات القرآن الكريم والمواعظ : فهو يسمع آيات الوعد والوعيد فلا يتأثر ولا يخشع قلبه ولا يخبت ، كما أنه يغفل عن قراءة القرآن ، وعن سماعه ويجد ثقلاً وانصرافاً عنه ، مع أن الله تعالى يقول : ﴿ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ ﴾ ق 45، ومدح الله المؤمنين بقوله : ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ﴾ الانفال 2. ثالثا : عدم تأثره بشيء مما حوله من الحوادث كالموت والآيات الكونية : والعجائب التي تمر عليه بين حين وآخر ، فهو يرى الأموات ويمشي في المقابر وكأن شيئاً لم يكن ، وكفى بالموت واعظاً ، ويرى ويسمع الزلازل والكوارث ولا يبالي، قال تعالى : ﴿ أَوَلاَ يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَّرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لاَ يَتُوبُونَ وَلاَ هُمْ يَذَّكَّرُونَ ﴾ التوبة 126 ، وقال تعالى: ﴿فَلَوْلا إِذْ جَاءهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُواْ وَلَـكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ﴾ الانعام 43،
ونواصل الحديث عن قسوة القلب في لقاء قادم إن شاء الله
الدعاء