خطبة عن: من أخلاق المسلم :(الاستقامة)
أبريل 14, 2018خطبة عن قصة حديث (الْوِشَاحِ الأَحْمَر)
أبريل 14, 2018الخطبة الأولى ( قصة أَصْحَاب الْفيل )
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان ..ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام .. وأشهد أن لا إله إلا لله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح للأمة وكشف الله به الغمة .. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في كتابه العزيز : (فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) الاعراف 176، فالهدف والمقصود من القصص القرآني ، هو التفكر والاعتبار ، واستخلاص الدروس والعبر من أخبار السابقين، والاستفادة من نجاحات الآخرين أو اخفاقاتهم ، واليوم إن شاء الله موعدنا مع: (قصة أَصْحَاب الْفيل ) ، قال الله تعالى : (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ (1) أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ (2) وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ (3) تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ (4) فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ) (1): (5) الفيل ، وقصة أصحاب الفيل وردت في سورة من سور القرآن، قليل عدد آياتها ،وكبير حدثها ، وعظيم مدلولها ،وقد ذكرها النبي كما روى ذلك البخاري ومسلم ووردت تفاصيلها في كتب السيرة والتاريخ وتحدث عنها علماء التفسير في كتبهم . فسورة الفيل هي التي تحدثت عن أصحاب الفيل وفي البخاري أن النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَارَ حَتَّى إِذَا كَانَ بِالثَّنِيَّةِ الَّتِي يُهْبَطُ عَلَيْهِمْ مِنْهَا بَرَكَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ فَقَالَ النَّاسُ حَلْ حَلْ فَأَلَحَّتْ فَقَالُوا خَلَأَتْ الْقَصْوَاءُ خَلَأَتْ الْقَصْوَاءُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَا خَلَأَتْ الْقَصْوَاءُ وَمَا ذَاكَ لَهَا بِخُلُقٍ وَلَكِنْ حَبَسَهَا حَابِسُ الْفِيلِ) . ولما فتح الرسول صلى الله عليه وسلم مكة خطب في الناس كما في الصحيحين أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ لَمَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ قَامَ فِي النَّاسِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ ( إِنَّ اللَّهَ حَبَسَ عَنْ مَكَّةَ الْفِيلَ وَسَلَّطَ عَلَيْهَا رَسُولَهُ وَالْمُؤْمِنِين َ فَإِنَّهَا لَا تَحِلُّ لِأَحَدٍ كَانَ قَبْلِي وَإِنَّهَا أُحِلَّتْ لِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ وَإِنَّهَا لَا تَحِلُّ لِأَحَدٍ بَعْدِي فَلَا يُنَفَّرُ صَيْدُهَا وَلَا يُخْتَلَى شَوْكُهَا وَلَا تَحِلُّ سَاقِطَتُهَا إِلَّا لِمُنْشِدٍ وَمَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ إِمَّا أَنْ يُفْدَى وَإِمَّا أَنْ يُقِيدَ فَقَالَ الْعَبَّاسُ إِلَّا الْإِذْخِرَ فَإِنَّا نَجْعَلُهُ لِقُبُورِنَا وَبُيُوتِنَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا الْإِذْخِرَ فَقَامَ أَبُو شَاهٍ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ فَقَالَ اكْتُبُوا لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اكْتُبُوا لِأَبِي شَاهٍ فقال أن الله حبس عن مكة الفيل وسلط عليها رسوله والمؤمنين) البخاري ومسلم . وقد كانت حادثة الفيل مقدمة بين يدي ميلاد رسول الله صلى الله عليه وسلم ،وإرهاصا لمقدمة وبعثته ، وما سيكون له من شأن في البلد الحرام ، وقال ابن القيم في زاد الميعاد : ( وكان أَمْرُ الْفِيلِ تَقْدِمَةً قَدّمَهَا اللّهُ لِنَبِيّهِ وَبَيْتِهِ وَإِلّا فَأَصْحَابُ الْفِيلِ كَانُوا نَصَارَى أَهْلَ كِتَابٍ وَكَانَ دِينُهُمْ خَيْرًا مِنْ دِينِ أَهْلِ مَكّةَ إذْ ذَاكَ لِأَنّهُمْ كَانُوا عُبّادَ أَوْثَانٍ فَنَصَرَهُمْ اللّهُ عَلَى أهل الكتاب نصراً لا صنع للبشر فيه إرهاصاً وَتَقْدِمَةً لِلنّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ الّذِي خَرَجَ مِنْ مَكّةَ وَتَعْظِيمًا لِلْبَيْتِ الْحَرَام) .ِ وهكذا فالأمور العظيمة ،يسبقها من الإشارات والأحداث ما يكون مؤذنا بقربها، وعلامة على وقوعها، ولم يطرق البشرية حدث أعظم من ميلاد النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ، الذي ساق الله على يديه الخير للبشرية بأسرها .. ففي هذا العام عام الفيل، وُلِدَ فيه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ .. وكأن لسان حال القدر الالهي يقول: لم ننصركم ـ يا معشر قريش ـ على الحبشة لخيرتكم عليهم، ولكن صيانة للبيت العتيق الّذي سنشرّفه ونعظّمه ونوقّره ببعثة النبيّ الأمّيّ محمد(صلى الله عليه وسلم) خاتم الأنبياء.
وأحداث هذه القصة تبدأ : بأن اليمن كانت تابعة للنجاشي ملك الحبشة في ذلك الوقت . وقام والي اليمن ويسمى (أبرهة) ببناء كنيسة عظيمة بها ، وأراد أن يغيّر وجهة حجّ العرب. فيجعلهم يحجّون إلى هذه الكنيسة ،بدلا من بيت الله الحرام ، فقد كانت العرب تحج إلى بيت الله الحرام على ملة ابراهيم عليه السلام. فكتب أبرهة إلى النجاشي: إني قد بنيت لك أيها الملك كنيسة لم يبن مثلها لملك كان قبلك, ولست بمنته حتى أصرف إليها حج العرب، إلا أن العرب أبوا ذلك، وقيل إن رجلا من العرب ذهب وأحدث في الكنيسة تحقيرا لها، وإن بنو كنانة قتلوا رسول أبرهة الذي جاء يطلب منهم الحج للكنيسة، فلذلك عزم أبرهة على هدم الكعبة، وجهّز جيشا جرارا، ووضع في مقدمته فيلا مشهورا عندهم . فعزمت العرب على قتال أبرهة، وكان أول من خرج للقائه، رجل من أشراف اليمن دعا قومه فأجابوه، والتحموا بجيش أبرهة, لكنه هُزِم وسيق أسيرا إلى أبرهة ، ثم وصل أبرهة ورجاله إلى الطائف، فقال قوم من الطائف لأبرهة إن الكعبة موجودة في مكة –حتى لا يهدم لهم بيت اللات الذي بنوه في الطائف- وأرسلوا مع الجيش رجلا منهم ليدلّهم على الكعبة. أرسل أبرهة كتيبة من جنده، ساقت له أموال قريش وغيرها من القبائل, وكان من بين هذه الأموال مائتي بعير لعبد المطلب بن هاشم، كبير قريش وسيّدها. انطلق عبد المطلب إلى أبرهة، ثم قال لترجمانه: قل له: ما حاجتك? فقال: حاجتي أن يرد علي الملك مائتي بعير أصابها لي. فلما قال ذلك, قال أبرهة لترجمانه: قل له: أتكلمني في مئتي بعير أصبتها لك وتترك بيتا هو دينك ودين آبائك قد جئت لهدمه ولا تكلمني فيه? قال له عبد المطلب: إني أنا رب الإبل, وإن للبيت رب سيمنعه ويحميه. فاستكبر أبرهة وقال: ما كان ليمتنع مني. قال: أنت وذاك!.. فردّ أبرهة على عبد المطلب إبله. ثم عاد عبد المطلب إلى قريش وأخبرهم بما حدث، وأمرهم بالخروج من مكة والبقاء في الجبال المحيطة بها. ثم توجه هو ورجال من قريش إلى للكعبة وأمسكوا حلقة بابها، وقاموا يدعون الله ويستنصرونه, ثم ذهب هو ومن معه إلى الجبل. أمر أبرهة جيشه والفيل في مقدمته بدخول مكة, إلا أن الفيل برك ولم يتحرك، فضربوه ووخزوه، لكنه لم يقم من مكانه، فوجّهوه ناحية اليمن، فقام يهرول. ثم وجّهوه ناحية الشام، فتوجّه، ثم وجّهوه جهة الشرق، فتحرّك. فوجّهوه إلى مكة فَبَرَك، ثم كان ما أراده الله من إهلاك الجيش وقائده, فأرسل عليهم جماعات من الطير، مع كل طائر منها ثلاثة أحجار: حجر في منقاره, وحجران في رجليه, لا تصيب منهم أحدا إلا هلك. فتركتهم كأوراق الشجر الجافة الممزقة، وأصيب أبرهة في جسده، وخرجوا به يتساقط لحمه قطعا صغيرة .
أيها المسلمون
ولهذه القصة دلالات كثيرة يصفا الأستاذ سيّد قطب رحمه الله في كتابه (في ظلال القرآن): فيقول : وأول ما توحي به أن الله – سبحانه – لم يرد أن يكل حماية بيته إلى المشركين، ولو أنهم كانوا يعتزون بهذا البيت، ويحمونه ويحتمون به ، فلما أراد أن يصونه ويحرسه ويعلن حمايته له وغيرته عليه ترك المشركين يهزمون أمام القوة المعتدية ،وتدخلت القدرة سافرة لتدفع عن بيت الله الحرام، حتى لا تتكون للمشركين يد على بيته ولا سابقة في حمايته، بحميتهم الجاهلية. وكذلك توحي دلالة هذا الحادث بأن الله لم يقدر لأهل الكتاب – أبرهة وجنوده – أن يحطموا البيت الحرام أو يسيطروا على الأرض المقدسة ،حتى والشرك يدنسه، والمشركون هم سدنته، ليبقي هذا البيت عتيقا من سلطان المتسلطين، مصونا من كيد الكائدين. ونحن نستبشر بإيحاء هذه الدلالة اليوم ونطمئن، إزاء ما نعلمه من أطماع فاجرة ماكرة ترف حول الأماكن المقدسة من الصليبية العالمية والصهيونية العالمية. والإيحاء الثالث هو أن العرب لم يكن لهم دور في الأرض، بل لم يكن لهم كيان قبل الإسلام. كانوا في اليمن تحت حكم الفرس أو الحبشة. وكانت دولتهم حين تقوم هناك أحيانا تقوم تحت حماية الفرس، وفي الشمال كانت الشام تحت حكم الروم إما مباشرة وإما بقيام حكومة عربية تحت حماية الرومان، ولم ينج إلا قلب الجزيرة من تحكم الأجانب فيه، ولكنه ظل في حالة تفكك لا تجعل منه قوة حقيقية في ميدان القوى العالمية. وكان يمكن أن تقوم الحروب بين القبائل أربعين سنة، ولكن لم تكن هذه القبائل متفرقة ولا مجتمعة ذات وزن عند الدول القوية المجاورة، وما حدث في عام الفيل كان مقياسا لحقيقة هذه القوة حين تتعرض لغزو أجنبي. وتحت راية الإسلام ولأول مرة في تاريخ العرب أصبح لهم دور عالمي يؤدونه، وأصبحت لهم قوة دولية يحسب لها حساب، قوة جارفة تكتسح الممالك وتحطم العروش، وتتولى قيادة البشرية، بعد أن تزيح القيادات الضالة ،ولكن الذي هيأ للعرب هذا لأول مرة في تاريخهم هو أنهم نسوا أنهم عرب! نسوا نعرة الجنس، وعصبية العنصر، وذكروا أنهم ومسلمون. مسلمون فقط، ورفعوا راية الإسلام، وراية الإسلام وحدها ،وحملوا عقيدة ضخمة قوية يهدونها إلى البشرية رحمة برا بالبشرية، ولم يحملوا قومية ولا عنصرية ولا عصبية، حملوا فكرة سماوية يعلمون الناس بها لا مذهبا أرضيا يخضعون الناس لسلطانه ،وخرجوا من أرضهم جهادا في سبيل الله وحده، ولم يخرجوا ليؤسسوا إمبراطورية عربية ينعمون ويرتعون في ظلها، ويشمخون ويتكبرون تحت حمايتها، ويخرجون الناس من حكم الروم والفرس إلى حكم العرب وإلى حكمهم أنفسهم ، إنما قاموا ليخرجوا الناس من عبادة العباد جميعا إلى عبادة الله وحده، عندئذ فقط كان للعرب وجود، وكانت لهم قوة، وكانت لهم قيادة، ولكنها كانت كلها لله وفي سبيل الله، وقد ظلت لهم قوتهم ،وظلت لهم قيادتهم ما استقاموا على الطريقة، حتى إذا انحرفوا عنها وذكروا عنصريتهم وعصبيتهم، وتركوا راية الله ليرفعوا راية العصبية ،نبذتهم الأرض وداستهم الأمم، لأن الله قد تركهم حيثما تركوه، ونسيهم مثلما نسوه!
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( قصة أَصْحَاب الْفيل )
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان ..ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام .. وأشهد أن لا إله إلا لله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح للأمة وكشف الله به الغمة .. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ولنا مع حادثة الفيل بعض الوقفات نستلهم منها الدروس والعبر والعظات : 1 – أن قصه أصحاب الفيل كانت معجزة ، وكانت إرهاصا ومقدمة له وتوكيدا لأمره وتمهيدا لشأنه ، ومن الدروس والعبر في قصة أصحاب الفيل : 2 – فيها بيان لشرف الكعبة ،التي كانت تعظم حتى من قبل المشركين ،ولذلك حسدهم أبرهة عليها وأراد هدمها وكان يريد صرف الشرف الحاصل للعرب بسبب الكعبة منهم ومن بلدهم إلى بلدته، قال الله تعالى : (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ (96) فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ) (96) ،(97) آل عمران ، ومن الدروس والعبر في قصة أصحاب الفيل: 3 – فيها بيان أن القوة لله جميعا ،وأن قوى البشر مهما عظمت ، ومهما بلغت، تتضاءل أمام قوة الله، وأن البشر مهما تجبروا ،ومهما أوتوا من قوة ، فهم ضعاف أمام سلطان الله وقوته ، ومن الدروس والعبر في قصة أصحاب الفيل: 4 – وأن قصة أصحاب الفيل ، هي قصة واحدة من قصص الظالمين المهلكين ، فالظلم عاقبته وخيمة، قال الله تعالى: { وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ } هود 102، ومن الدروس والعبر في قصة أصحاب الفيل: 5- فيها بيان بأن العرب لا شيء بغير الإسلام ،فقبل الإسلام لم يكن لهم شأن يذكر ،ولا كيان يرهب ،بل لم يستطيعوا حماية البيت ، ولما جاء الإسلام صار للعرب دور عالمي يؤيدونه ورسالة خالدة يبلغونها وينشرونها وأصبحت لهم دولة قوية يحسب لها ألف حساب وخرجوا بعد ذلك غزاة فاتحين مجاهدين في سبيل الله ينشرون نوره في الأرض وأخرجوا العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام فكان لهم وجود وقوة وقيمة وقيادة ترهب وسلطان يمتد حتى دخل الناس في دين الله أفواجا. ونحن نقول اليوم إنّ العرب بغير الإسلام لا شيء أبدا وإنّ العقيدة الصحيحة التي جعلت للعرب بالأمس شانا هي التي يمكن أن تعيد لهم سلطانهم ودورهم في الأرض اليوم فحين يصدق المسلمون في عقيدتهم وتوجههم لخالقهم فسيرد الله تعالى حينها كيد الكائدين في نحورهم ويدفع عنهم جميع قوى الأرض مهما كان حجمها وقوتها فالذي دفع كيد أصحاب الفيل وردهم خائبين خاسئين قادر علي دفع غيرهم من أمم الكفر الظالمة ’ فحادثة الفيل تؤكد لنا نحن المسلمين أنه يجب علينا ألا نستسلم للباطل مهما انتفش أصحابه وأن لا نيأس من نصر الله حين نرى المسلمين يستضعفون هنا وهناك وتؤكد لنا الحادثة عدم الإحباط ونحن نرى القوى الكبرى تبطش وتقهر وتظلم وتفجر وتحل وتربط في قضايا العالم فربنا للظالمين بالمرصاد وكلما زاد الظلم تسارع السقوط ، فلا تيأسوا أيها المسلمون وثقوا بربكم واصدقوا في تمسككم بدينكم وابذلوا غاية جهدكم والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون .
الدعاء