خطبة عن (الأخوة في الله)
يناير 25, 2024خطبة عن (الخشوع في الصلاة)
يناير 27, 2024الخطبة الأولى ( عَجِبْتُ مِنْ قَضَاءِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لِلْمُؤْمِنِ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
روى الإمام أحمد في مسنده ،وصححه الألباني، وحسّنه شعيب الأرنؤوط : (عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ :قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- : « عَجِبْتُ مِنْ قَضَاءِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لِلْمُؤْمِنِ ،إِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ حَمِدَ رَبَّهُ وَشَكَرَ ،وَإِنْ أَصَابَتْهُ مُصِيبَةٌ حَمِدَ رَبَّهُ وَصَبَرَ ،الْمُؤْمِنُ يُؤْجَرُ فِي كُلِّ شَيْءٍ ،حَتَّى فِي اللُّقْمَةِ يَرْفَعُهَا إِلَى فِي امْرَأَتِهِ »، وفي صحيح الامام مسلم : (عَنْ صُهَيْبٍ قَالَ :قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- :« عَجَبًا لأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ ،وَلَيْسَ ذَاكَ لأَحَدٍ إِلاَّ لِلْمُؤْمِنِ ،إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ ،فَكَانَ خَيْرًا لَهُ ،وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ ،فَكَانَ خَيْرًا لَهُ ».
إخوة الإسلام
نحن -المؤمنين- ما كَتبَه الله عَزّ وَجَلّ هو لنا لا علينا ،فقضاؤه تبارك وتعالى كله خير لنا ،قال الله تعالى : (قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا ،هُوَ مَوْلَانَا ،وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) التوبة (51) ، نعم فهو(لَنَا) ، وذلك لأن الله تبارك وتعالى (هُوَ مَوْلانَا) ،فالمؤمن بالله عز وجل يتميز عن غيره من الناس في تقبّله للقضاء ،فإنْ كان خيرًا والذي يحبه شَكَرَ ،وإن كانت التي يكره صَبَر، فالمؤمن يتنقَّلُ بين الخيرين ،بين خيرِ الرضا والشُّكر ،وخير الرضا والصبر ،وهو بذلك مأجور في الحالين ،وهو خيرٌ له في الدنيا والآخرة ،قَالَ قَتَادَةُ: نِعْمَ الْعَبْدُ، عَبْدٌ إِذَا ابتُلِي صَبَر، وَإِذَا أُعْطِيَ شَكَرَ ،وقال ابن كثير :(فَالْمُؤْمِنُ مَنْ يَتَفَطَّنُ لِمَا ابْتَلاهُ اللَّهُ بِهِ مِنَ السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ) ،وكُلُّ إِنسانٍ في قَضاءِ اللهِ وقَدَرِه بَينَ أَمرينِ: مُؤمنٍ وغَيرِ مُؤمنٍ، فالمُؤمنُ عَلى كُلِّ حالٍ ما قدَّرَ اللهُ له فهُو خيرٌ لَه، إنْ أَصابتْه الضَّراءُ صَبرَ عَلى أَقدارِ اللهِ، وانْتَظَر الفَرجَ مِن اللهِ، واحْتَسبَ الأَجرَ عَلى اللهِ؛ فَكان ذَلكَ خَيرًا له. وإِن أَصابتْه سَرَّاءُ مِن نِعمةٍ دِينيَّةٍ؛ كالعِلمِ والعَملِ الصَّالحِ، ونِعمةٍ دُنيويَّةٍ؛ كالمالِ والبَنينَ والأَهلِ، شَكَرَ اللهَ، وَذَلك بالقِيامِ بطاعَةِ اللهِ عزَّ وجلَّ، فيَشكُرُ اللهَ فَيكونُ خيرًا لَه، ويَكونُ عَليه نِعمتانِ: نِعمةِ الدِّينِ، ونِعمةِ الدُّنيا؛ نِعمةُ الدِّينِ بالشُّكرِ، ونِعمَةُ الدُّنيا بالسَّرَّاءِ؛ فهَذه حالُ المؤمنِ، فهُو عَلى خَيرٍ، سَواءٌ أُصيبَ بضَرَّاءَ أو سَرَّاءَ.
أيها المسلمون
ومن الوسائل التي تعين المؤمن على الرضا بقضاء الله : أولا : حُسن الظنّ بالله :قال ذو النون :الْجُود بِالْمَوْجُود غاية الْجُود ،والبُخل بِالْمَوْجُود سُوء ظَنّ بِالْمَعْبُود ،وقَالَ بَعْضُ الصَّالحينَ: اسْتَعْمِلْ في كُلِّ بَلِيَّةٍ تَطْرُقُكَ حُسْنَ الظَنِّ بِاللهِ عَزَّ وَجَلَّ في كَشْفِهَا؛ فَإنَّ ذَلِكَ أَقْرَبُ إلى الفَرَجِ ، فكلما أحسنت الظن بالله عز وجل كلما كان الفرج لك أسرع .
ثانيا : ومن الوسائل التي تعين المؤمن على الرضا بقضاء الله : قُوّة اليقين بالله : فهذا نَبيّ الله موسى (عليه الصلاة والسلام) أمام البحر المتلاطِم ،والعدو يُطارِده ،وليس ثَمّ مَخرَج ،ولا بارِقَة مِن أمَل ،ولا وَمِيض مِن فَرَج ،ولكنه لما كان موقنا بنصر الله وتأييده له ،أتاه الفرج ، قال الله تعالى : (فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ (61) قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ (62) فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ) (61) :(63) الشعراء ،وهذا نَبِيّ الله يونس (عليه الصلاة والسلام) يُلقَى في البَحْر ،فيَلتَقِمه الْحُوت ، فيَرَى الفَرَج في أطباق الظُّلُمات : ظُلْمَة البحر ،وظُلْمَة الليل ،وظُلْمَة بَطْن الحوت ،فلم ييأس ، قال الله تعالى 🙁 وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (87) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ ) (87) ،(88) الأنبياء
ثالثا : ومن الوسائل التي تعين المؤمن على الرضا بقضاء الله : التَفَاؤلِ وتَحرّي وتَرقّبِ الخير: فقد ظَلّ نبي الله يعقوب (عليه الصلاة والسلام) يَترقّب رُجوع يوسف أربعين سَنة ،وقيل : أكثر ، فلم ييأس ،بل قال لأبنائه : (يَابَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ) يوسف (87) ،فالمؤمنون متفائلون ،واثِقُون بِالله وبِنَصْرِه وبِوعدِه ، ويَرون الضوء في حالِك الظُّلمات ،فهذا رسول الله ﷺ ،يُصدّ عن بيت الله الحرام عام الحُديبية ،فيتفاءل عندما قَدِم سُهيلُ بن عمرو، فقال : مَن هذا ؟ قالوا : سُهيل بن عمر . قال : (لَقَدْ سَهُلَ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ) رواه البخاري ، ورَوَى أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يُعْجِبه إذا خَرَج لِحَاجَته أن يَسْمَع : (يا راشِد ، يا نَجِيح) رواه الترمذي وصححه الألباني ،وفي يوم اليرموك قال رجل لِخَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ : مَا أَكْثَرَ الرُّومَ وَأَقَلَّ الْمُسْلِمِينَ ! فَقَالَ خَالِدٌ : وَيْلَكَ ، أَتُخَوِّفُنِي بِالرُّومِ ؟ ، إِنَّمَا تَكْثُرُ الْجُنُودُ بِالنَّصْرِ، وَتَقِلُّ بِالْخِذْلانِ لا بِعَدَدِ الرِّجَالِ ، وَاللَّهِ لَوَدِدْتُ أَنَّ الأَشْقَرَ بَرَاءٌ مِنْ تَوَجِّيهِ ،وَأَنَّهُمْ أَضْعَفُوا فِي الْعَدَدِ .
رابعا : ومن الوسائل التي تعين المؤمن على الرضا بقضاء الله : الصبر والشكر : ففي الصحيحين: قال صلى الله عليه وسلم 🙁 مَن يَسْتَعْفِف يُعفّه الله ، ومَن يَستغن يُغْنه الله ، ومَن يتصبّر يُصبّره الله ، وما أُعطي أحد عطاء خيرا وأوْسَع مِن الصّبْر) .وقال شيخ الإسلام ابن تيمية :الْمُؤْمِنُ إذَا كَانَ صَبُورًا شَكُورًا يَكُونُ مَا يُقْضَى عَلَيْهِ مِنْ الْمَصَائِبِ خَيْرًا لَهُ ،وَإِذَا كَانَ آمِرًا بِالْمَعْرُوفِ نَاهِيًا عَنْ الْمُنْكَرِ مُجَاهِدًا فِي سَبِيلِهِ كَانَ مَا قُدِّرَ لَهُ مِنْ كُفْرِ الْكُفَّارِ سَبَبًا لِلْخَيْرِ فِي حَقِّهِ ،وَكَذَلِكَ إذَا دَعَاهُ الشَّيْطَانُ وَالْهَوَى كَانَ ذَلِكَ سَبَبًا لِمَا حَصَلَ لَهُ مِنْ الْخَيْرِ ؛فَيَكُونُ مَا يُقَدَّرُ مِنْ الشَّرِّ إذَا نَازَعَهُ وَدَافَعَهُ كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ سَبَبًا لِمَا يَحْصُلُ لَهُ مِنْ الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَحُصُولِ الْخَيْرِ وَالثَّوَابِ وَارْتِفَاعِ الدَّرَجَاتِ .
خامسا : ومن الوسائل التي تعين المؤمن على الرضا بقضاء الله : النّظر إلى عواقِب الأمور : فتأملْ في قضاء الله عز وجل لآدمَ ،لما قضى الله عز وجل على آدم وأُخرج من الجنة ،كان حاله بعد الخروج من الجنة أفضل من حاله قبل ذلك ،قَالَ ابنُ القيِّمِ : فَكَمْ بينَ حَالِهِ (يَعني آدمَ) وَقَدْ قِيلَ لَهُ : (إِنَّ لَكَ أَلا تَجُوعَ فِيهَا وَلا تَعْرَى (118) وَأَنَّكَ لا تَظْمَأُ فِيهَا وَلا تَضْحَى) طه (118)، (119) ، وَبينَ قولِهِ تعالى: (ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى) طه (122)، ،فَالحَالُ الأولى حَالُ أكْلٍ وَشُرْبٍ وَتمتُّعٍ ،والحالُ الأخرى حالُ اجتباءٍ واصطفاءٍ وهدايةٍ، فيا بُعْدَ ما بينهِما
سادسا: ومن الوسائل التي تعين المؤمن على الرضا بقضاء الله : أن يَعلم المسلِم أَن «مَا أَصَابَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَهُ، وَمَا أَخْطَأَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَهُ» رواه أحمد، وأن يَعلم الإنسان أن الله أرحَم به مِن أرحم الناس به، وهي الأم،
أيها المسلمون
وقوله صلى الله عليه وسلم :« عَجِبْتُ مِنْ قَضَاءِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لِلْمُؤْمِنِ ،إِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ حَمِدَ رَبَّهُ وَشَكَرَ ،وَإِنْ أَصَابَتْهُ مُصِيبَةٌ حَمِدَ رَبَّهُ وَصَبَرَ ،الْمُؤْمِنُ يُؤْجَرُ فِي كُلِّ شَيْءٍ ،حَتَّى فِي اللُّقْمَةِ يَرْفَعُهَا إِلَى فِي امْرَأَتِهِ »، فمِن أعظم أسباب الثبات والرِّضَا عن الله تبارك وتعالى: العَمل الصالح : قال الله تبارك وتعالى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا . وَإِذًا لَّآتَيْنَاهُم مِّن لَّدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا . وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا} [النساء:66-68]. وقال تعالى عن الصلاة وأعمال الْبِرّ: {إِنَّ الْإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا . إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا . وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا . إِلَّا الْمُصَلِّينَ . الَّذِينَ هُمْ عَلَىٰ صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ . وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ . لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ . وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ . وَالَّذِينَ هُم مِّنْ عَذَابِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ} [المعارج:19-27]. ومِن هنا كان أبو بكر الصدّيق رضي الله عنه أعظم الناس ثَبَاتا؛ لِمَا وَقَر في قَلبِه مِن تصديق، وصَدَّقَه عَمَله. وهذا يَحتاج إلى قَسْر النَّفْس على الرِّضا وعدم السخط، ويحصل هذا بتعوّد النفس على ذلك .
ومن أسباب الثبات والرِّضَا عن الله تبارك وتعالى: أن يقول العبد: (لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ)، ويُكثر مِن قول: (حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ). ، ففي صحيح البخاري : (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ( حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ) قَالَهَا إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ حِينَ أُلْقِىَ فِي النَّارِ ، وَقَالَهَا مُحَمَّدٌ – صلى الله عليه وسلم – حِينَ قَالُوا ( إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ )
ومن أسباب الثبات والرِّضَا عن الله تبارك وتعالى: أن يَعلم الإنسان أن التَّسخّط لا يُعيد مفقودا، ولا يَردّ قضاء، وإنما يَجلب شقاء! ولذلك: مَن رَضِي عن الله وأقدارِه؛ فَلَه الرِّضا، ومَن سَخِط فعليه السّخط ،ففي سنن ابن ماجه وغيره : (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ « عِظَمُ الْجَزَاءِ مَعَ عِظَمِ الْبَلاَءِ وَإِنَّ اللَّهَ إِذَا أَحَبَّ قَوْمًا ابْتَلاَهُمْ فَمَنْ رَضِىَ فَلَهُ الرِّضَا وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السُّخْطُ ».،قال بعض الحكماء: العاقل يَفعل في أول يوم مِن المصيبة ما يَفعله الجاهل بعد أيام، ومَن لم يَصبر صَبر الكرام سَلا سُلُو البهائم.. وقال الأشعث بن قيس: إنك إن صَبَرْتَ إيمانا واحتسابا وإلاَّ سَلَوْتَ سُلُوّ البهائم”. فالله تعالى يُحبّ أن يُرضى عنه وعن قضائه. ومَتى رَضِي المؤمن بِقَضاء الله كُتِب له الأجر العظيم، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِذَا مَاتَ وَلَدُ الْعَبْدِ قَالَ اللهُ لِمَلَائِكَتِهِ: قَبَضْتُمْ وَلَدَ عَبْدِي! فَيَقُولُونَ: نَعَمْ، فَيَقُولُ: قَبَضْتُمْ ثَمَرَةَ فُؤَادِهِ! فَيَقُولُونَ: نَعَمْ، فَيَقُولُ: مَاذَا قَالَ عَبْدِي؟ فَيَقُولُونَ: حَمِدَكَ وَاسْتَرْجَعَ، فَيَقُولُ اللهُ: ابْنُوا لِعَبْدِي بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَسَمُّوهُ بَيْتَ الْحَمْدِ» (رواه الترمذي وحسّنه الألباني).
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( عَجِبْتُ مِنْ قَضَاءِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لِلْمُؤْمِنِ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
وقد أوْصَى النبي صلى الله عليه وسلم بِوَصِيّة جامِعة: وهي التسليم لله عزَّ وجَلّ، والرضا عن أقدارِه ،ففي مسند أحمد : (عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ :قَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَيُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ قَالَ :« إِيمَانٌ بِاللَّهِ وَتَصْدِيقٌ وَجِهَادٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَحَجٌّ مَبْرُورٌ ». قَالَ الرَّجُلُ أَكْثَرْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ .فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « فَلِينُ الْكَلاَمِ وَبَذْلُ الطَّعَامِ وَسَمَاحٌ وَحُسْنُ خُلُقٍ ». قَالَ الرَّجُلُ أُرِيدُ كَلِمَةً وَاحِدَةً. قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « اذْهَبْ فَلاَ تَتَّهِمِ اللَّهَ عَلَى نَفْسِكَ » ،وفي رواية له: «لَا تَتَّهِمِ اللهَ فِي شَيْءٍ قَضَى لَكَ بِهِ» ،وقال ابن مسعود رضي الله عنه: “لأن يَعضّ أحدكم على جمرة حتى تطفأ خير مِن أن يقول لأمْر قضاه الله: ليت هذا لم يكن”. وقال ذو النون: “ثلاثة مِن أعلام التَّسليم: مُقابلة القضاء بالرضا، والصبر على البلاء، والشكر على الرخاء”.
ومن أسباب الثبات والرِّضَا عن الله تبارك وتعالى: الرضا بالله رَبّا ومالِكًا ومُتصرّفًا، فالرضا عن الله في أفعاله وفي شَرعه وبأقدَارِه يُورِث الجنة ،ففي صحيح مسلم : (عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ :« يَا أَبَا سَعِيدٍ مَنْ رَضِىَ بِاللَّهِ رَبًّا وَبِالإِسْلاَمِ دِينًا وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيًّا وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ ». فَعَجِبَ لَهَا أَبُو سَعِيدٍ فَقَالَ: أَعِدْهَا عَلَىَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَفَعَلَ ثُمَّ قَالَ :« وَأُخْرَى يُرْفَعُ بِهَا الْعَبْدُ مِائَةَ دَرَجَةٍ فِي الْجَنَّةِ مَا بَيْنَ كُلِّ دَرَجَتَيْنِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ ». قَالَ وَمَا هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ « الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ».
الدعاء