خطبة عن (المسلم بالقرآن يعمل ويحكم) ( فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ)
فبراير 4, 2017خطبة عن ( اسم الله : الْوَهَّابُ )
فبراير 5, 2017الخطبة الأولى ( علامات قوة الشخصية (فهل أنت قوي الشخصية؟)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
روى مسلم في صحيحه : (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ ،قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « الْمُؤْمِنُ الْقَوِىُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ وَفِى كُلٍّ خَيْرٌ احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَلاَ تَعْجِزْ) ،وروى البخاري في صحيحه : (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ – رضى الله عنه – عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – أَنَّهُ قَالَ « لاَ يُلْدَغُ الْمُؤْمِنُ مِنْ جُحْرٍ وَاحِدٍ مَرَّتَيْنِ »
إخوة الإسلام
قد يظن البعض خطأ ، أن قوة الشخصية : هي القدرة على السيطرة على الآخرين .. فنقول لمثل هؤلاء : هل المدرس الذي يرتعد منه الطلبة ويضبط الفصل هو قوي الشخصية ؟ ، وهل كل من يفرض رأيه على الآخرين يعتبر قوي الشخصية ؟ ، وهل الحاكم الذي يرهب شعبه ، ويجعلهم يستجيبون لأوامره قوي الشخصية ؟ والاجابة كلا ، فالشخصية المسيطرة، والتي لا يرفض لها طلب ، لا تعتبر شخصية قوية ، فقد تكون السيطرة بالتخويف والإرهاب .. فالمدرس مثلا قد يضبط الفصل لأنه يهدد الطلبة ويضربهم وقد تجد نفس هذا المدرس يقف خائفا مرتعدا أمام المدير أو الوزير لذلك لا يمكن اعتباره قوي الشخصية. وهذا النوع لا يحقق سوى السيطرة الظاهرية. ففي وجودك تجد الآخرين يحترمونك أو يخافون منك، ولكن بمجرد أن تغيب يحتقرونك. وهذه سيطرة سلبية لأنها لا تحقق أي نتيجة، بل نتائجها ضارة. ولكن هنالك سيطرة أكبر بكثير هي السيطرة على القلوب! ولا يمكن أن تحصل على هذا النوع إلا بالمحبة، وأن تجعل الآخرين يطيعونك بمحض إرادتهم وبكل طواعية وانقياد. وهذا ما تمتع به النبي الكريم عليه الصلاة والسلام ، فقد ملك القلوب والعقول، والبعض الآخر يعتبر صاحب الشخصية القوية بأنه ذلك الذي يستطيع كسب المال أكثر من غيره ويصل بذلك إلى مكانة اجتماعية متميزة ،وهذا التعريف يتهم الشرفاء بأنهم ضعاف الشخصية لذلك لا يمكن القبول به. والبعض يعتبر الشخصية القوية بأنها الشخصية التي تستطيع ان تتصرف بنجاح في المواقف المختلفة. والواقع أن التصرف الناجح قد يكون غير أخلاقي في بعض الأحيان ، فقد ينجح التاجر مثلا في تجارته نجاحا كبيرا ، وذلك بسبب اعتماده على الغش والكذب كوسيلة لتصريف تجارته ، ويصبح هذا التعريف غير مقبول ..
والسؤال : إذن من هو قوي الشخصية ؟؟؟ … والاجابة : إن قوة الشخصية هي القدرة على ضبط الذات ، وذلك في حدود الأخلاق الفاضلة وقوة الشخصية تعني أيضا .. القدرة على الاختيار السليم .. والتمييز بين الخير والشر والصواب والخطأ .. وإدراك الواقع الحاضر .. وتوقع المستقبل ، والشخصية القوية هي التي تجيد فن التعامل مع الآخرين، وتتسم بالهدوء وعدم الاكتراث بالمناقشات الغبية، وعدم فرض عقليتها على غيرها، فالثقة بالنفس والحجة القوية لا تحتاجان لإلزام أو انفعال أو صراخ. والشخصية القوية : هي التي تتسم بعدم الخوف، أو ما يعبّر عنه بالثقة بالنفس ،وهي التي تنطق بالحكمة ، فقد سئلت سيدتنا عائشة رضي الله تعالى عنها عن أخلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم فردت بكلمة رائعة جمعت فيها صفات شخصية النبي الكريم صلى الله عليه وسلم ، قالت: (كان خُلُقُهُ القرآن)!
ومن سمات الشخصية القوية : أن تكون شخصية متكاملة ، فالشخصية المتكاملة هي الشخصية السوية الموحدة المتزنة ، وتتضمن تكامل الشخصية تفاعل سماتها بعضها مع بعض ،وتآزر بعضها مع بعض ، بحيث إن التغير في سمة من سماتها تنعكس على الشخصية بأكملها فيؤدي إلى تغييرها ،والشخصية القوية .. هي الشخصية التي تستمر في النمو والتطور ،فصاحب العقلية المتحجرة .. ضعيف الشخصية ،ومن لا يستفيد من وقته وصحته وإمكانياته .. ضعيف الشخصية ، ومن لا يعدل من سلوكه ويقلع عن أخطائه .. يكون أيضا ضعيف الشخصية
أيها المسلمون
وللشخصية القوية سمات وعلامات ، ومنها أن الشخصية القوية شخصية متكاملة ، ومن علامات تكامل الشخصية :
– انسجام الشخص مع غيره من الناس ، والمقدرة على عقد الصلات الاجتماعية بشكل مرض دون أي شعور بالاضطهاد أو شكوى من الآخرين ، ودون أن يزعجه النقد الموجه له منهم . ومثل الشخصية المتكاملة كمثل أسرة يتعاون أفرادها بعضهم مع بعض يحكمهم غرض واحد يوجه نشاطهم ويؤلف بين قلوبهم ،وهناك معايير أخرى هامة لقوة الشخصية تتمثل في: الإحساس بالمسئولية ، وتحمل تبعات الاختيار، واتخاذ القرار. ومن سمات الشخصية القوية عدم الخوف من المخلوقين ، فلا يخاف إلا رب العالمين ، فالمؤمن يعود نفسه على الخوف من الله تعالى، فلا يخاف أي شيء آخر. وإذا أردت أن تقضي على أي خوف مهما كان كبيراً فما عليك إلا أن تستحضر عظمة الله وتتذكر قوته وعظمته وتقارن ذلك بقوة الشخص الذي تخاف منه وحدوده، لتجد أن كل الدنيا لا تساوي شيئاً أمام قوة الله تعالى.
وهذه العقيدة ستجعل الإنسان أكثر قدرة على المواجهة وبالتالي تجعله أكثر قدرة على درء المخاوف.
أيها الشاب المسلم
ويمكنك أن تجعل شخصيتك قوية جذابة ، وذلك عن طريق اتباع النصائح الآتية : المصافحة: صافح الأخريين بثبات وحزم غير مبالغ فيه ،وابتعد عن المصافحة بأيدٍ رخوة فهي سمة من سمات غير الواثقين ، وكذلك ابتعد عن المصافحة بأيد قوية جدا فقد تشعر الآخرين بأنك إما أن تكون شخصا ً متغطرساً متسلطاً ، أو انك تخدعهم بقوة شخصيتك وتنقصك الثقة. الثقة: اجعل نبرة صوتك تعبر عن الثقة ، حتى يصل إلى الناس قبل أفكارك ، فنبرة صوتك لها اثر كبير على مشاعر الآخرين ، وعليه يحدد من يسمعك هل أنت تتحدث بصوت ينم عن الشجاعة أو اليأس والشجن ، ولابد أن يكون كلامك واضحا بعيدا عن التردد كن ذا لباقة: فإذا أردت حب الناس كن شغوفا بهم ، ولا تجعل لسانك يخونك قط ،فان القدرة على الكلام مع اللباقة تزيد من قوة تأثيرك على الناس ، التحلي بالصبر: فاصبر على الآراء والأفكار التي تراها في قرارة نفسك غير متفقة معك ، فان من أسرار الشخصية الجذابة الإصغاء الواعي المشوب بالتقدير والعطف على آراء الآخرين ، وحاول أن تحاور وتناقش بعقلانية وهدوء عندما يخالف رأيك احد ولكن احترم رأيه ولا تحاول قدر الإمكان أن تجرح شعوره ، ولذلك يقول تعالى: (وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) [الشورى: 43]. أي أن الصبر والعفو والتسامح، هو من الأشياء التي تعطي قوة في العزيمة ، وهذا ما ينعكس على قوة الشخصية. كن مرحا متفائلا: فأكثر الناس يحب المرح المنضبط ،والتفاؤل المشرق، خاصة وقت الأزمات ،حيث أن الآخرين يشعرون بأنك الشخص المناسب وقت الشدائد ، فيعمدون إليك لتصبرهم وتوجههم ، اهتم بمظهرك: فالمظهر اللائق يكسبك احترام النفس ،واحترام الآخرين لك ويجعلك تشعر بالثقة والاطمئنان ، فالشخص الذي تشيع الفوضى في هندامه ، يشعر الآخرين بان الفوضى تشيع في تفكيره ، كذلك هنالك صفة مهمة وضرورية لتكون شخصيتك قوية وهي أن تتعلم كيف تكسب ثقة الآخرين، وهذا يمكن تحقيقه بسهولة بمجرد أن تكون صادقاً، يقول تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) [التوبة: 119]. فالصدق يجعل الناس أكثر احتراماً لك، ولكن هنالك فرق بين أن تكون صادقاً لأجل الناس، أو تكون صادقاً لأجل الله تعالى. ففي الحالة الأولى لا تكسب أي أجر في الآخرة ،لأنك تكون قد أخذت ثواب عملك في الدنيا من احترام الناس وتقديرهم لك ،وتعاملهم معك وثقتهم بك.
أما إذا كان صدقك من أجل الله، فإنك تكسب أجر الدنيا وأجر الآخرة، في الدنيا تكسب الاحترام والثقة والمحبة، وفي الآخرة تكسب الأجر العظيم فتكون مع الأنبياء والصدّيقين والصالحين. القدرة على التحكم بالعواطف : إذا أردت أن تكون قوياً في أعين الناس، فيجب أن تنطلق القوة من داخلك! ،وهذا يعني أن القوة تسكن في أعماق الإنسان، أي في عقله الباطن، فإذا ما تمكنت من إعادة برمجة هذا العقل الخفي، ودرّبته جيداً فسوف تكون إرادتك قوية، وقراراتك حاسمة ، وبالتالي تمتلك شخصية مميزة، أدرك قوتك الحقيقة : فيعتقد العلماء :أن القوى الموجودة في الإنسان كبيرة وهائلة، ولا نستخدم منها إلا أقل من 5 بالمئة! فكل إنسان لديه قوة التأثير، ولديه قوة الإرادة ،ولديه قوة التركيز ،والتفكير ،ولديه كمية كبيرة من الذكاء، ولكنه نادراً ما يستخدمها. إذن : فيجب علينا أن نتعلم كيف نحرر ونطلق هذه القوى ونستفيد منها. فإذا أردت أن تكون قوي الشخصية، فيجب عليك أن تعتقد أن شخصيتك قوية بما فيه الكفاية، لمواجهة أي مشكلة، أو أزمة ، بثقة ونجاح. لذلك يجب أن تتعرف على هذه القوى ،وتتعلم كيف تستثمرها بنجاح. ويمكنك ذلك من خلال دراسة سير بعض الناجحين في الحياة، وتعتقد أنه بإمكانك أن تكون مثلهم. قوة اللغة : فإن اللغة هي الوسيلة الأساسية للاتصال بالآخرين، والتأثير عليهم. ولذلك فهي جزء مهم من قوة الشخصية. وتلعب اللغة دوراً كبيراً في إعادة برمجة المعتقدات والأفكار. وقد يعاني كثير من الناس من مشكلة التعبير بدقة عما يريدون. فقد تجد شخصاً لديه أفكار كثيرة، ولكنه عندما يريد أن يتكلم لا يعرف ما يجب أن يتكلم به، أو ربما ينسى ما يريد قوله ، أو يتردد في هذا القول ، وأعظم ما يؤثر في اللغة حفظ القرآن ، فعليك بحفظ القرآن، فالقرآن يكسبك قوة هائلة في التعبير عما تريد، فالله تعالى هو القائل: (إِنَّ هَذَا الْقُرْآَنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ) [الإسراء: 9]. إذن فالقرآن يقوّم أي خلل تعاني منه، وهذا الكلام عن تجربة مؤكدة.
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية : علامات قوة الشخصية (فهل أنت قوي الشخصية؟)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يوجد هناك مثالا يحتذى به – بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم – في قوة شخصيته ، ألا وهو الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، فهو يعتبر نموذجا مميزا لقوة الشخصية وتميز الصفات, وقد وردت عدة صفات في وصفه نحاول أن نلقي عليها نظرة موجزة وهي : القوة البدنية الجسمانية: فقد قال عبد اللـه بن عمر: كان أبي أبيض تعلوه حمرة ، طوالاً ، أصلع ، أشيب , وقال سِماك: كان عمر يسرع في مشيته , فهذه بعض صفات عمر ، منها الطول والجسامة ، والإسراع الذي يدل على المبادرة والإقدام ، وهذه الصفات من القوة البنيانية والجسمانية قد تساعد أحياناً في كسب الإنسان القوة في الشخصية , ولكن ولاشك أن قوة الشخصية لا تتوقف عليها وحدها بحال . أما الصفات الأخرى والهامة للشاب القوي الشخصية وكانت موجودة في أمير المؤمنين عمر فهي كثيرة : قوة العلاقة باللـه عز و جل: فكان عمر يمر بالآية من ورده فيسقط , حتى – يُزار – منها أياماً كما ذكر ذلك الحسن. ولذا قال عنه النبي – صلى الله عليه وسلم – كما روى ذلك الإمام مسلم : (( والذي نفسي بيده ما لَقِيك الشيطان قط سالكاً فجاً ، إلا سلك فجاً غير فَجِّك )). وما اكتسب عمر- رضي اللـه عنه – هذا الأمر إلا بقوة علاقته باللـه سبحانه , ولئن خسر الناس علاقتهم بربهم فإن شخصياتهم وآثارها وأعمالها ستصير بهدف دنيوي فارغ يسعى وراء حظ زائل , وستنكشف حقائق تلك الشخصيات عند تغير الظروف ، – العلم والفقه بالدين مع الحرص على ذلك: ولذا يقول ابن مسعود – رضي اللـه عنه -: لو أن عِلم عمر وُضِع في كفه ميزان ووُضِع عِلمُ أحياء الأرض في كفة لرجح عِلم عمر بعلمهم , فلا حزم بغير علم ولا تأثير بغير فهم وحكمة , وإنما بلغ عمر بما بلغ بعلم وقر في قلبه وظهر على جوارحه وعمله , فقد جمع بين العلم في الرأس وتطبيقه على الواقع .. البساطة وعدم التكلف: يقول أنس – رضي اللـه عنه- : رأيت بين كتفي عمر أربع رقاع في قميصه, وقال قتادة: كان عمر يلبس وهو خليفة ، جُبَّة من صوف مرقوعة بعضها بأدم , وقال عبداللـه بن عامر بن ربيعة: حججت مع عمر ، فما ضرب فسطاطاً ، ولا خِباء ، كان يلقي الكساء والنطع على الشجرة ، ويستظل تحته , فكان أنموذجا في البساطة ومثالا في عدم التكلف لازال يضرب حتى اليوم .. البعد عن الإعجاب بالنفس ، ولو أدى ذلك إلى إذلالها: يقول عبيد اللـه بن عمر بن حفص: إن عمر بن الخطاب حمل قربة على كتفه ، فقيل له في ذلك: فقال: إن نفسي أعجبتني فأردت أن أذلَّها , وكذا أقوياء الشخصية , يتحكمون في أنفسهم ولا تتحكم فيهم أهواؤهم ويوجهون رغباتهم ولا توجههم رغباتهم , ويؤدبون نفوسهم ويهذبونها بإبعادها عما يضرها وتقريبها مما ينفعها في الدنيا والآخرة . احترام حقوق الآخرين ، والورع في ذلك: ولذا قال محمد بن سيرين: قَدِم صِهرٌ لعمر عليه ، فطلب أن يعطيه عمر من بيت المال فانتهره عمر ، وقال: أردت أن ألقى اللـه ملكاً خائناً !؟ فلما كان بعد ذلك أعطاه من صلب ماله عشرة آلاف درهم. . الحرص على نفع الآخرين ، وخدمتهم ، ولو أدى ذلك أحياناً إلى هضم حقه: وهو خلق لا يستطيعه إلا الكبار ، قال أنس – رضي اللـه عنه- : تقرقر بطن عمر من أكل الزيت عام الرمادة؛ و كان قد حرم نفسه قال: فنقر بطنه بإصبعه ، وقال: إنه ليس عندنا غيره حتى يحيا الناس -أي غير الزيت -. – قبوله النقد بصدر رحب : وما كان يسمعه من نقد لاذع لم يكن ليوفقه عن منهجه , فعن ابن عباس ، قال: لمَّا ولي عمر قيل له: لقد كان بعض الناس أن يحيد هذا الأمر عنك. قال: وما ذاك ؟ قال: يزعمون أنك فظ غليظ. قال: الحمد للـه الذي ملأ قلبي لهم رحمة، وملأ قلوبهم لي رعباً. – شفافيته وعدله : فيروي أصحاب السير أن رجلا أوقفه على منبره وسأله عن ثوبه الذي يلبسه – وكان رجلا طوالا – وكيف له بثوبين ؟! فقال : قم يا عبدالله بن عمر , فقام عبد الله وبين للناس أنه قد أعطى اباه ثوبه فجمعهما في ثوب واحد , ولربما كان الرجل يوقفه ويسأله ويعاتبه وهو يستمع ويحسن ذلك ، ولربما جاءه بعض العامة يشتكون له من بعض أمرائهم فيأخذ الحق من الأمير للعامي سواء بسواء , ولما جاءه رسول فارس وسأل عنه , لم يجد له قصرا ولا حرسا وقيل له إنه نائم تحت ظل شجرة , فراح ونظر إليه ولكأنه خاطب نفسه فقال : عدلت فأمنت فنمت يا عمر !
الدعاء