خطبة عن (العبادة التعاملية )
يناير 30, 2016خطبة عن ( السلف الصالح والمراقبة لله)
فبراير 1, 2016الخطبة الأولى (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنفُسَهُمْ )1
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له.وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته : ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا ) (49) النساء ، وقال الله تعالى : ( هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى) (32) النجم
إخوة الإسلام
موعدنا اليوم -إن شاء الله- مع آية من كتاب الله نتدارسها ونتدبرها ونعمل بما جاء فيها مع قول الله تعالى (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنفُسَهُمْ بَلْ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً) النساء49. والمشهورُ في سببِ نزولِ هذه الآيةِ الكريمةِ. أنها نزلتْ في الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى حِين قَالُوا :(نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ) المائدة 18 ، وَفِي قَوْلهمْ ( لَنْ يَدْخُل الْجَنَّةََ إِلا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى) البقرة 111.وكَانُوا َيَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ لا ذُنُوب لَهُمْ ،ولا عقوبة عليهم :(وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً) البقرة 80، ، وقد عاب الله عليهم أن يزكوا أنفسهم أويمدحوا أخلاقهم .فقال لهم ردا على قولهم : (بَلْ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً). وهكذا. فهذه الآية نزلت في ذَمّ التَّمَادُح ، وَالتَّزْكِيَة. فالانسان الذي يزكي نفسه ويمدحها هو إنسان مغرور ومتكبر. بل وفيه صفة من صفات إبليس. الذي رأى نفسه أفضل من آدم : فقال الله تعالى على لسانه (قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ ) الاعراف 12، .، ومن رأى أنه أفضل من الآخرين فقد خالطه الكبر فالمتكبر هو الذي يرى أنه مميز عن بقية الخلق ولذا فهو يحتقرهم ولا يقبل منهم قولا ففي صحيح مسلم (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : « لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِى قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ ». قَالَ رَجُلٌ إِنَّ الرَّجُلَ يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ ثَوْبُهُ حَسَنًا وَنَعْلُهُ حَسَنَةً. قَالَ « إِنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ الْكِبْرُ بَطَرُ الْحَقِّ وَغَمْطُ النَّاسِ »
وتزكية النفس ومدحها من الأمور التي يبغضها الشرع وينهى عنها الدين. فَفِي صَحِيح مُسْلِم عَنْ الْمِقْدَادِ بْن الأسْوَد قَالَ : أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّه – صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نَحْثُو فِي وُجُوه الْمَدَّاحِينَ التُّرَاب . وَفِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ رَسُول اللَّه – صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – رأى رَجُلاً يُثْنِي عَلَى رَجُل ؛ فَقَالَ : ” وَيْحكَ قَطَعْتَ عُنُقَ صَاحِبك ” ثُمَّ قَالَ :” إِنْ كَانَ أَحَدكُمْ مَادِحًا صَاحِبه لا مَحَالَة ؛ فَلْيَقُلْ : أَحْسَبهُ كَذَا ، وَلا يُزَكِّي عَلَى اللَّه أَحَدًا ”
وأنت أيها المؤمن : إياك أن تزكي نفسك أو تمدح طباعك أو تفتن بأخلاقك وصفاتك .فكل ذلك من صفات المغرورين .ومن صفات المعجبين بأنفسهم والله سبحانه وتعالى يقول لنا في محكم آياته : (فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى) النجم 32، . وها هو رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا ألا نمدح أحدا ولا نزكي إنسانا لأننا لا نعلم إلا ظاهرا من الحياة الدنيا ففي صحيح البخاري (أَنَّ أُمَّ الْعَلاَءِ – امْرَأَةً مِنَ الأَنْصَارِ بَايَعَتْ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم- أَخْبَرَتْهُ أَنَّهُمُ اقْتَسَمُوا الْمُهَاجِرِينَ قُرْعَةً . قَالَتْ فَطَارَ لَنَا عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ ، وَأَنْزَلْنَاهُ فِى أَبْيَاتِنَا فَوَجِعَ وَجَعَهُ الَّذِى تُوُفِّىَ فِيهِ ، فَلَمَّا تُوُفِّىَ غُسِّلَ وَكُفِّنَ فِى أَثْوَابِهِ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – فَقُلْتُ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْكَ أَبَا السَّائِبِ ، فَشَهَادَتِى عَلَيْكَ لَقَدْ أَكْرَمَكَ اللَّهُ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – : « وَمَا يُدْرِيكِ أَنَّ اللَّهَ أَكْرَمَهُ » . فَقُلْتُ بِأَبِى أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَمَنْ يُكْرِمُهُ اللَّهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – : « أَمَّا هُوَ فَوَ اللَّهِ لَقَدْ جَاءَهُ الْيَقِينُ ، وَاللَّهِ إِنِّى لأَرْجُو لَهُ الْخَيْرَ ، وَوَاللَّهِ مَا أَدْرِى وَأَنَا رَسُولُ اللَّهِ مَاذَا يُفْعَلُ بِى » . فَقَالَتْ وَاللَّهِ لاَ أُزَكِّى بَعْدَهُ أَحَدًا أَبَدًا )
أقول قولي وأستغفر الله
الخطبة الثانية (حرمة تزكية النفس )
الحمد لله رب العالمين ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الله صل وسلم وبارك على سيدنا معمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ولقد عتب الله جل وعلا على نبيه موسى عليه السلام عندما أجاب بأنه أعلم أهل الأرض ففي صحيح البخاري (عن أُبَىّ بْن كَعْبٍ عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم – قَالَ : « قَامَ مُوسَى النَّبِيُّ خَطِيبًا فِي بَنِى إِسْرَائِيلَ ، فَسُئِلَ أَىُّ النَّاسِ أَعْلَمُ فَقَالَ أَنَا أَعْلَمُ . فَعَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِ ، إِذْ لَمْ يَرُدَّ الْعِلْمَ إِلَيْهِ ، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ أَنَّ عَبْدًا مِنْ عِبَادِى بِمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ هُوَ أَعْلَمُ مِنْكَ) ، وفي صحيح مسلم (عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ قَالَ سَمَّيْتُ ابْنَتِى بَرَّةَ فَقَالَتْ لِى زَيْنَبُ بِنْتُ أَبِى سَلَمَةَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- نَهَى عَنْ هَذَا الاِسْمِ وَسُمِّيتُ بَرَّةَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- : « لاَ تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمُ اللَّهُ أَعْلَمُ بِأَهْلِ الْبِرِّ مِنْكُمْ ». فَقَالُوا بِمَ نُسَمِّيهَا قَالَ « سَمُّوهَا زَيْنَبَ ». ، وعَنْ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: إِنْ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمْ إِعْجَابُ الْمَرْءِ بِرَأْيِهِ، َمَنْ قَالَ: إِنَّهُ عَالَمٌ فَهُوَ جَاهِلٌ، وَمَنْ قَالَ: إِنَّهُ فِي الْجَنَّةِ، فَهُوَ فِي النَّارِ ) ، وفي قوله تعالى:( وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) النور 21، أنه صلى الله عليه وسلم كان يقول عند هذه الآية: (اللهم آت نفوسنا تقواها وزكها، أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها)
أيها المسلمون
ألا فاحذروا تزكية النفوس ، واتهموها بتقصيرها ،(فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى ) النجم 32
الدعاء