خطبة عن قوله تعالى ( إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ)
أكتوبر 28, 2017خطبة عن اسم الله ( الْمُهَيْمِنُ )
أكتوبر 28, 2017الخطبة الأولى ( إنما المؤمنون إخوة )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته : ( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) الحجرات 10، وقال سبحانه : (وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا ) آل عمران 103 ،
إخوة الإسلام
الأخوّة في الله، هي التي يلتقي فيها المؤمنون على حُب الله ومرضاته ، والاعتصام بمنهجه القويم.. ويَرعون فيها حقوقها، من المحبة ،والتناصح ،والتعاون، والبذل، والحرص على اجتماع الكلمة ،ودفع الظلم والأذى، وتفقّد الأحوال ، والإصلاح، والتقوى، والإحسان.. يقول الله عز وجل في محكم التنـزيل: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) (الحجرات:10). ولاحظوا كلمة (إنما) في الآية الكريمة، فهي (أداة حصر) أي أنّ الله عز وجل يخبرنا بأنه: لا أخوّة حقيقية إلا أخوّة الإيمان والإسلام، وعلاقة الأخوّة بين المؤمنين أقوى من علاقة النسب، تضعف بضعف إيمانهم، وتَقوى بقوّة هذا الإيمان!.. ويقوى الإيمان بقوّتها، ويضعف بضعفها!.. وهذا ما يجعلنا نقرّر القاعدة التالية: أن [الأخوّة (في الله) والإيمان.. أمران متلازمان يؤثّر أحدهما على الآخر، فهما يضعفان معاً ويتقوّيان معاً]. والأخوّة في الله هي التي عقد الله سبحانه وتعالى لواءها، وتدخّل لتحقيقها بين المؤمنين، لأهميّتها في رفع لواء الإسلام ، وحَمْل الأمانة التي أودعها جل شأنه في هذه الأمة ، ولدى أبنائها البررة ، قال تعالى : (وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (لأنفال:63). والأخوّة الحقيقية مبنيّة على العقيدة السليمة، فكل مسلمٍ مؤمنٍ هو أخي في الإسلام، مهما كان لونه ، أو جنسه أو بلده ، أو حسبه ونسبه.. وكل كافرٍ منحرفٍ عن عقيدة الإسلام بعيد عني، أبرأ إلى الله منه ومن صحبته أو موالاته أو التحالف معه أو مناصرته أو مؤازرته، ومن المواقف الإيمانية الرائعة لصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم في تحقيق الولاء للأخوة في الله ، والبراء من أعداء الله ولو كانوا إخوانهم من النسب : في غزوة بدر، قتل أبو عبيدة بن الجرّاح أباه الكافر، وأنزل الله عز وجل في ذلك قوله في محكم التنـزيل: (لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْأِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (المجادلة:22). لنلاحظ ، كيف ربط الله عز وجل الموقف من أعداء الإسلام.. بالإيمان، فمودّة الكافرين دليل على ضعف الإيمان، وبخاصةٍ إذا ترتّب على هذه المودّة عون لهم على المسلمين وأوطانهم وشعوبهم، وسيحاسِب الله عز وجل مَن يفعل ذلك أشدّ الحساب!.. بينما مفاصلة الكفر دليل على قوّة الإيمان (بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ)، ومَن يلتزم بذلك فهو من الذين قال الله عز وجل عنهم: (أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْأِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ)!.. وبناءً على هذه القاعدة الإيمانية، فقد قتل (مصعبُ بن عمير) -في معركةٍ- أخاه الكافر (عبيد بن عمير)، و(قتل عمرُ بن الخطاب) خالَه الكافر (العاص بن هشام).. وهكذا، حينما تحتدم المعركة بين أهل الإيمان وأهل الكفر، فالمعيار لاتخاذ الموقف هو معيار الإيمان. والأخوة في الله
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية قوله تعالى (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
وللأخوة في الله ثمرات ، فمن ثمرات الأخوّة في الله عز وجل: 1- نَيْلُ رضى الله سبحانه وتعالى وحبّه وحُسن عبادته وأجره : عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (ما تحابّ اثنان في الله إلا كان أحبّهما إلى الله أشدّهما حبّاً لصاحبه) (ابن حبّان والحاكم). ومن ثمرات الأخوّة في الله : 2- التنعّم بحلاوة الإيمان : (عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِىِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « ثَلاَثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلاَوَةَ الإِيمَانِ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا ، وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لاَ يُحِبُّهُ إِلاَّ لِلَّهِ) (متفق عليه). ومن ثمرات الأخوّة في الله : 3- التنعّم بظلّ العرش يوم القيامة : (سبعة يظلّهم الله في ظلّه يوم لا ظلَّ إلا ظلُّهُ.. ورجلان تحابّا في الله اجتمعا عليه وتفرّقا عليه..) (متفق عليه). ومن ثمرات الأخوّة في الله : 4- اعتلاء المنـزلة الرفيعة في الآخرة : (أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ ،قَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- « إِنَّ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ لأُنَاسًا مَا هُمْ بِأَنْبِيَاءَ وَلاَ شُهَدَاءَ يَغْبِطُهُمُ الأَنْبِيَاءُ وَالشُّهَدَاءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِمَكَانِهِمْ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى ».قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ تُخْبِرُنَا مَنْ هُمْ. قَالَ « هُمْ قَوْمٌ تَحَابُّوا بِرُوحِ اللَّهِ عَلَى غَيْرِ أَرْحَامٍ بَيْنَهُمْ وَلاَ أَمْوَالٍ يَتَعَاطَوْنَهَا فَوَ اللَّهِ إِنَّ وُجُوهَهُمْ لَنُورٌ وَإِنَّهُمْ عَلَى نُورٍ لاَ يَخَافُونَ إِذَا خَافَ النَّاسُ وَلاَ يَحْزَنُونَ إِذَا حَزِنَ النَّاسُ ». وَقَرَأَ هَذِهِ الآيَةَ (أَلاَ إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ ).) (سنن أبي داود). فما أعظم هذا الحديث، وما أعظم معانيه ودروسه. وهكذا فالأخ في الله حريص على أخيه، يتألّم لألمه، ويحزن لحزنه، ويفرح لفرحه.. ومقابل ذلك له الجنة والبركة والنعيم من الله عز وجل ففي صحيح مسلم : (عَنْ ثَوْبَانَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « مَنْ عَادَ مَرِيضًا لَمْ يَزَلْ فِي خُرْفَةِ الْجَنَّةِ ». قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا خُرْفَةُ الْجَنَّةِ قَالَ « جَنَاهَا ». وفي سنن ابن ماجة عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « مَنْ عَادَ مَرِيضًا نَادَى مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ طِبْتَ وَطَابَ مَمْشَاكَ وَتَبَوَّأْتَ مِنَ الْجَنَّةِ مَنْزِلاً ». . ونستكمل الحديث عن الأخوة في الله في لقاء قادم إن شاء الله
الدعاء