خطبة عن ( يَابَنِي آدَمَ : هذا نداء التكريم والتشريف)
أكتوبر 14, 2017خطبة عن ( نبرأ إلى الله مما يعمل الظالمون)
أكتوبر 14, 2017الخطبة الأولى (الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته : ( وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (78) قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ (79) الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ (80) أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ (81) إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (82) فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) (78)،(83) يس
إخوة الإسلام
إن هذه الآيات المباركات من سور (يس) تتحدث عن دلائل قدرة الله سبحانه وتعالى ، وعن طلاقة قدرته ،في الخلق ،والبعث والايجاد ، وأنه سبحانه وتعالى لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء ، وهو سبحانه قادر على إحياء الموتى يوم القيامة، ومحاسبتهم على ما قدموا ، كما نبه الله تعالى على وحدانيته ،ودل على كمال قدرته في إحياء الموتى بما يشاهدونه من إخراج المحرق اليابس من العود الندي الرطب . وذلك لأن الكافر قال : النطفة حارة رطبة بطبع الحياة فخرج منها الحياة ، والعظم بارد يابس بطبع الموت فكيف تخرج منه الحياة ! ، فأنزل الله تعالى : ” الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ” يس (80) ، إي إن الشجر الأخضر من الماء، والماء بارد رطب ،ضد النار ،وهما لا يجتمعان ، فأخرج الله منه النار ، فهو القادر على إخراج الضد من الضد ، وهو على كل شيء قدير. وفي قوله تعالى : (الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ) (80) يس ، للعلماء والمفسرين في ذلك أقوال ، وللعلم الحديث أيضا بيان وإعجاز : قال قتادة : (الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ) أي : الذي أخرج هذه النار من هذا الشجر قادر على أن يبعث هذه العظام . وقد ذكر الإمام ابن كثير قولاً آخر في تفسير هذه الآية فقال : الذي بدأ خلق هذا الشجر من ماء حتى صار خضراً نضراً ذا ثمر وينع، ثم أعاده إلى أن صار حطباً يابساً توقد به النار، كذلك هو فعال لما يشاء، قادر على ما يريد لا يمنعه شيء . وقيل: الذي أخرج لكم من الشجر الأخضر نارا تحْرق الشجر، لا يمتنع عليه فعل ما أراد، ولا يعجز عن إحياء العظام التي قد رَمَّت، وإعادتها بشَرا سويا، وخلقا جديدا، كما بدأها أول مرة، وقيل : المراد بذلك سرح المرخ والعفار ، ينبت في أرض الحجاز فيأتي من أراد قدح نار وليس معه زناد ، فيأخذ منه عودين أخضرين ، ويقدح أحدهما بالآخر ، فتتولد النار من بينهما ، كالزناد سواء .
أيها المسلمون
(الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ) (80) يس ، فهذه الآية فيها من أسرار الخلق ما يأسر القلوب ويجعلها خاضعة لعلام الغيوب . فقد جاء العلم الحديث اليوم ليثبت للمعرضين عن منهج الله، أن القرآن كتاب الله، وأن محمداً صلى الله عليه وسلم رسول الله ،الذي (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4) عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى) (3): (5) النجم، وذلك من خلال المعجزات الباهرة ،والآيات البينة ،التي تظهر مع مرور الأيام ،وتقدم التكنولوجيا الحديثة ، وصدق الله العظيم إذ يقول في محكم آياته : (وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) (93) النمل، وفي هذا البحر الزاخر ،الذي لا ساحل له ، تأتي هذه الآية لثبت أن في أوراق الشجر الأخضر المصنع الوحيد على وجه الأرض الذي يتم فيه صنع الطعام ، ويتم ذلك بتحويل الطاقة الشمسية وثاني أكسيد الكربون والماء إلى طعام للإنسان والحيوان، وهذا يطلق عليه اليخضور. وأنَّ هذا الشَّجَر ما كان له أن يكون لولا الورَقَة الخضْراء ! فالوَرَقَة الخضْراء هِيَ المَعْمَل ،فما كان لِهذا النبات أن يكون موجودًا لولا الورقَة الخضْراء،
والنبات الأخضر (الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ) هو الذي يحول الطاقة الشمسية الضوئية إلى طاقة كيميائية مخزنة في جذور وجذوع وأوراق وثمار النبات، التي بإشعالها تتحرر تلك الطاقة على هيئة نار يستعملها الإنسان في شتى الاستعمالات المنزلية والصناعية والحياتية، ولذلك ضرب الله تعالى بها المثل المادي العلمي المحسوس المبين لقدرته ومقدرته وعلمه القادر وحده على خلق الإنسان من العدم وإعادة بعثه بعد تحلله. كما أثبت العلم الحديث أن كل أنواع البترول أساسها نباتات وأشجار مِن العُصور الماضيَة المَدفونة تحت الأرض، وبعد دَفْنِها بِحِقَبٍ طويلة انْقَلَبت إلى بتْرول فلذلك هذه الآية مِن إعجاز القرآن العِلْمي. وهذا البتْرول جعل الله في طبقَتِهِ الأولى من تحت ماءً مالِحًا، وهي الطَّبَقَة التي تَمْنَع تسرُّبَه إلى أعماق الأرض، وجعَلَ فوقه غازٌ ضاغِط فأنت بِمُجَرَّد أن تحفِر هذا البئْر يخْرج هذا البترول بِضَغط الغاز، فماءٌ مالِحٌ فوقهُ غازٌ ضاغِط، وهذا مِن أعْظَم الحِكَم ! فصدق ربي حين قال : (الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ) (80) يس ،
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
لقد حثنا الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم على التفكر والتدبر في خلق السموات والأرض, وفي الخليفة بأشكالها وأنواعها وذلك لترسيخ الإيمان وتعميقه في نفوس البشر, وأن يزدادوا إيمانًا بالخالق سبحانه ثم بكتابه, وليتخذوه دستورا لحياتهم, ويزخر القرآن الكريم بالآيات التي لها دلالات علمية واضحة والتي سبق بها كل المعارف البشرية وتجلت معانيها بعد تقدم العلوم التجريبية في هذا العصر. وفي قوله تعالى: (الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ) (80) يس ، فظاهر الآية واضح لكل إنسان ،وبالذات في عصر نزول القرآن الكريم ،فإن المصدر الوحيد للوقود في جميع أنحاء العالم آن ذاك ،كان الشجر الأخضر ومشتقاته ،الذي يجف ويتحول إلى خشب, والناس كانوا يستعملون هذا الخشب للتدفئة والطهي ، وجاء العلم في العصر الحديث ليقول لنا : تستدل هذه الآيات السبع من خواتيم سورة يس على قدرة الله ـ تعالى ـ في الخلق بتلك القدرة المذهلة التي وضعها في الشجر الأخضر، ومكنه من استخدام طاقة الشمس في تثبيت ذرات الكربون الموجودة في غاز ثاني أكسيد الكربون المكون للغلاف الغازي للأرض على هيئة مركبات عضوية تكون أهم مصادر الوقود على الأرض, حتى يمكن لكل من الإنسان والحيوان الاستفادة بها, وقد يظن ظان أن َكَلِمَة (أخْضَر) لا تتناسَب مع الاشْتِعال، فقال العلماء: إنَّ هذا الشَّجَر ما كان له أن يكون لولا الورَقَة الخضْراء ! فالوَرَقَة الخضْراء هِيَ المَعْمَل ، وما كان لِهذا النبات أن يكون موجودًا لولا هذه الورقَة الخضْراء، وقد استخدمت الآيات هذا المثل في الاستدلال أيضاً على أن الله ـ تعالى ـ الذي خلق هذا الكون قادر على إفنائه وعلى إعادة خلقه من جديد ـ أي بعثه يوم القيامة، فقال الله تعالى : (أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ (81) إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (82) فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) (81)،(83) يس
الدعاء