خطبة عن (أهمية الدعاء (رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً )
فبراير 8, 2016خطبة عن (كيف نتخلص من مكائد الشيطان؟)
فبراير 8, 2016الخطبة الأولى (رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً ) 1
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته (فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ (200) وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (201) أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ ) ( البقرة 199 ، 200 ، 201)
أيها المسلمون
هذه الآيات تحتوي على دعاء عظيم ، ورجاء للكريم الرحيم ، وهذا الدعاء هو من جوامع الدعاء، وهو أكثر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم وهو قوله: ( رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآَخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ) . فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يتخير من الدعاء أجمعه كما في حديث عَائِشَةَ رضى الله عنها قَالَتْ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَسْتَحِبُّ الْجَوَامِعَ مِنَ الدُّعَاءِ وَيَدَعُ مَا سِوَى ذَلِكَ. رواه أبو داود، وقال في عون المعبود: وجوامع الدعاء هو ما كان لفظه قليلا ومعناه كثيرا، كما في قوله تعالى:( رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآَخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ). ، وفي صحيح البخاري وغيره (عَنْ أَنَسٍ قَالَ كَانَ أَكْثَرُ دُعَاءِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم : « اللَّهُمَّ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً ، وَفِى الآخِرَةِ حَسَنَةً ، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ » ،ومن أهل العلم من فسر الحسنة في الدنيا بالمرأة الحسناء الصالحة، ومنهم علي رضي الله عنه كما ذكر القرطبي، وقيل الآية عامة في جميع نعيم الدنيا، ومن نعيمها المرأة الصالحة الحسناء، وممن مال إلى ذلك الطبري وابن كثير وغيرهم من أئمة التفسير. ثم إنه ينبغي أن يعلم أن الإنسان يمكنه أن يدعو الله بما شاء من خيري الدنيا والآخرة ما لم يكن إثما أو قطيعة رحم، وقد صرح أهل العلم بأن الدعاء مستحب مطلقا سواء كان مأثورا أو غير مأثور.
عباد الله
وتأملوا كيف ترتبط الدنيا بالآخرة في نظر الإسلام، وكيف يصحح الإسلامُ المفاهيم الخاطئة في هذا الدعاء الشامل الذي كثيراً ما نردده بألسنتنا وقد لا تستحضره قلوبنا: (( رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)). فإن الحسنة في الدنيا تشمل كلَّ مطلوبٍ دنيوي من عافيةٍ ودار رحبةٍ، وزوجةٍ حسنة، ورزق واسع، وعلمٍ نافعٍ وعمل صالح ومركب هنيء وثناء جميل، إلى غير ذلك مما اشتملت عليه عباراتُ المفسرين. وأما الحسنةُ في الآخرة فأعلاها دخولُ الجنة وتوابعهُ من الأمن من الفزع الأكبر في العرصات وتيسير الحساب وغير ذلك من أمور الآخرة الصالحة. وأما النجاةُ من النار فهو يقتضي تيسير أسبابهُ في الدنيا من اجتناب المحارم والآثام وترك الشبهات والحرام
أيها المسلمون
أن الله سبحانه وتعالى قريب مجيب لمن دعاه، وقد تعهد بذلك ولم يقيده بلفظ؛ كما قال تعالى: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ) {البقرة:186} ، وقال تعالى: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ) {غافر:60} ، وفي صحيح مسلم وغيره (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ : « لاَ يَزَالُ يُسْتَجَابُ لِلْعَبْدِ مَا لَمْ يَدْعُ بِإِثْمٍ أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ مَا لَمْ يَسْتَعْجِلْ ».، قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الاِسْتِعْجَالُ قَالَ : « يَقُولُ قَدْ دَعَوْتُ وَقَدْ دَعَوْتُ فَلَمْ أَرَ يَسْتَجِيبُ لِي فَيَسْتَحْسِرُ عِنْدَ ذَلِكَ وَيَدَعُ الدُّعَاءَ ».
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً ) 1
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
وإذا تأملنا معاني هذا الدعاء نجد أن معنى قوله تعالى «آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً»: أي تفضل علينا بكل خير وعافية، وكل أمر تستحسنه وتحبه. «وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً»: أي تفضل علينا بكل خير في الآخرة، كالأمن من الفزع الأكبر، وتيسير الحساب، وتثقيل الميزان، وتبييض الوجه، وأن يعطى الكتاب بيمينه، والنجاة من عذاب الله، وأعظم ذلك دخول الجنة، ونيل رضاء الله، والنظر إلى وجهه ، وأما قوله تعالى : «وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ»: أي: اصرف عنا ذلك، وهذه تشمل شيئين: الأول: العصمة من الأعمال الموجبة لدخول النار. الثاني: المغفرة للذنوب التي توجب دخول النار. ومن صرف عنه عذاب جهنم وأُدخل الجنة كان من الفائزين، قال الله تعالى : {فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ) [آل عمران/185]. والملاحظ أن هذا الدعاء دعا به الكليمان ( سيدنا محمد ، وسينا موسى ، عليهما السلام ، فقد ذكر أنس رضي الله عنه أن هذه الدعوة كانت غالب دعاء النبي صلى الله عليه وسلم كما سبق. ودعا بها موسى عليه السلام، كما في قوله تعالى: {وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ} [الأعراف/156]. ونواصل الحديث في لقاء قادم إن شاء الله
الدعاء