خطبة عن (التنوع والتوازن والشمول في شخصية الرسول)
أبريل 21, 2018خطبة عن حديث (يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلاَئِكَةٌ بِاللَّيْلِ وَمَلاَئِكَةٌ بِالنَّهَارِ)
أبريل 21, 2018الخطبة الأولى ( ولَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته :(وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (130) إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (131) وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (132) أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) (130) :(133) البقرة ،وقال الله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) (102) آل عمران ،وفيه أيضا ( عَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « طُوبَى لِمَنْ هُدِىَ إِلَى الإِسْلاَمِ وَكَانَ عَيْشُهُ كَفَافًا وَقَنِعَ »
أيها المسلمون
في الآيات والأحاديث المتقدمة ، دعوة لنا ونداء من الله ورسوله ، أن نعتنق الاسلام ، وأن نحيا به ، ونموت عليه ، فقال الله تعالى : (إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) البقرة (132)،وقال الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) (102) آل عمران ،وقوله صلى الله عليه وسلم : « طُوبَى لِمَنْ هُدِىَ إِلَى الإِسْلاَمِ ) ،وقد روى البيهقي في سننه :(حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ وَهُوَ عَلَى الصَّفَا يَدْعُو وَيَقُولُ : ( اللَّهُمَّ إِنَّكَ قُلْتَ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ،وَإِنَّكَ لاَ تُخْلِفُ الْمِيعَادَ ،وَإِنِّي أَسْأَلُكَ كَمَا هَدَيْتَنِي إِلَى الإِسْلاَمِ ،أَلاَّ تَنْزِعَهُ مِنِّى حَتَّى تَتَوَفَّانِي وَأَنَا مُسْلِمٌ. وفيه أيضا : (عَنْ أَبِى مُوسَى قَالَ : بَعَثَنِي النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- وَمُعَاذًا إِلَى الْيَمَنِ فَقَالَ : « انْطَلِقَا فَادْعُوا النَّاسَ إِلَى الإِسْلاَمِ وَيَسِّرَا وَلاَ تُعَسِّرَا وَبَشِّرَا وَلاَ تُنَفِّرَا » ، والدعوة إلى الاسلام ، وترغيب الناس فيه ، عمل من أجل الأعمال ، ولأن يهتدي إلى الاسلام بسببه رجل واحد ، خير من الدنيا وما فيها ، ففي الصحيحين واللفظ لمسلم (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ يَوْمَ خَيْبَرَ « لأُعْطِيَنَّ هَذِهِ الرَّايَةَ رَجُلاً يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَى يَدَيْهِ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ ». …. فَقَالَ « أَيْنَ عَلِىُّ بْنُ أَبِى طَالِبٍ ». فَقَالُوا هُوَ يَا رَسُولَ اللَّهِ يَشْتَكِى عَيْنَيْهِ – قَالَ – فَأَرْسَلُوا إِلَيْهِ فَأُتِىَ بِهِ فَبَصَقَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فِي عَيْنَيْهِ وَدَعَا لَهُ فَبَرَأَ حَتَّى كَأَنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ وَجَعٌ فَأَعْطَاهُ الرَّايَةَ فَقَالَ عَلِىٌّ يَا رَسُولَ اللَّهِ أُقَاتِلُهُمْ حَتَّى يَكُونُوا مِثْلَنَا. فَقَالَ « انْفُذْ عَلَى رِسْلِكَ حَتَّى تَنْزِلَ بِسَاحَتِهِمْ ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الإِسْلاَمِ وَأَخْبِرْهُمْ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ مِنْ حَقِّ اللَّهِ فِيهِ فَوَ اللَّهِ لأَنْ يَهْدِىَ اللَّهُ بِكَ رَجُلاً وَاحِدًا خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ ». و جاء في تفسير ابن كثير ،في قوله تعالى : (فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) البقرة (132)، أي :(حافظوا على الإسلام في حال صحتكم وسلامتكم لتموتوا عليه ، فإن الكريم قد أجرى عادته بكرمه أنه من عاش على شيء مات عليه ، ومن مات على شيء بعث عليه) ، وروى الترمذي في سننه بسند صحيح (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَرَأَ هَذِهِ الآيَةَ (اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « لَوْ أَنَّ قَطْرَةً مِنَ الزَّقُّومِ قُطِرَتْ فِي دَارِ الدُّنْيَا لأَفْسَدَتْ عَلَى أَهْلِ الدُّنْيَا مَعَايِشَهُمْ فَكَيْفَ بِمَنْ يَكُونُ طَعَامَهُ ».
فالآيات تخاطب عامة أهل الإيمان أن يبذلوا جهدهم في الوصول لأعلى درجات الإيمان ، وأن يستمسك أهل الإسلام بإسلامهم , وأن يعتصموا بحبل ربهم , وأن يعتزوا بدينهم , ويبذلوا له ،ويعطوا لدعوته , ويكملوا مسيرته , فإنهم لا يدرون متى يقع عليهم الموت فتنتهي مهلتهم , فاستمسكوا بتقواكم وصلاحكم وطاعاتكم حتى إذا جاءكم الموت وجدكم مسلمين مؤمنين أتقياء صالحين . والله تبارك وتعالى قد اصطفى لنا دين الإسلام، وهو دين كل حيٍّ ، وكل شيءٍ في الأرض والسماوات، ولهذا يقول الله تعالى :(وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ) (83) [آل عمران]. ويقول الله تعالى : (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ) [آل عمران]. ويقول سبحانه وتعالى : (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنْ الْخَاسِرِينَ) (85) [ آل عمران]. ويقول سبحانه : (..وَرَضِيتُ لَكُمْ الْإِسْلَامَ دِينًا) (3) [المائدة]. فالله تبارك وتعالى قد رضي واصطفى واختار لنا الاسلام ، وأكد أن الدين عنده الإسلام، وهدد من ابتغى دينا سواه ،فهو غير مقبول ،وعاقبته الخسران، وأمام هذا الاصطفاء الرباني، والتأكيد والارتضاء والتحديد، لا يملك الإنسان إلا أن يرضى ويستسلم ويستجيب ويسلم.. نعم .. (فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) (132) [البقرة].
أيها المسلمون
(فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) : فالإسلام بمعناه الواسع : هو الاستسلام لله , طاعة له , واتباعا لمنهجه , واحتكاما إلى كتابه ، واقتداء برسوله صلى الله عليه وسلم ، والعمل بسنته . ففي زمن التكالب الخارجي والداخلي الواسع النطاق، والمتعدّد الأشكال على الاسلام ، لا يسع المسلمين إلا أن يزدادوا استمساكا واعيا بصيرا بدينهم ،على مستوى العقائد ، والعبادات ،والشرائع ،والأخلاق ،والقيم والسلوك ، ولا يخافون في الله لومة لائم ، هذا الثبات على الدين الحق ، هو الحصن الأقوى ،الذي يقينا الضربات الفكرية والإعلامية والسلوكية التي تستهدفنا بضراوة ، وهو العامل الحاسم في رفع تحدّي العولمة الطاغية والغزو الثقافي والسياسي ، فالثغرة الأولى التي قد تحدث في كياننا ، والتي يسعى إليها أعداء الاسلام ، هي أن نتعقّد من ديننا وانتمائنا ،وأن نخجل من بعض أحكامه ، وأن نتنازل عن بعض ما أنزل الله إلينا في كتابه ، ووحي رسوله صلى الله عليه وسلم ، وهو بالفعل ما أصاب بعض المسلمين ،فانخرطوا في سعي خطير ،يحمل أسماء مستعارة ، منها تجديد الخطاب الديني ،وتغيير المناهج التربوية ونحو ذلك ، وقد حذرنا الله تبارك وتعالى من ذلك ، فقال الله تعالى : (وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ (49) أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) (49) ،(50) المائدة ،وقال الله تعالى : (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) (63) النور ولهذا أمرنا الله تبارك وتعالى أن نستمسك بينه ، ونعتصم به حتى الممات ، فقال تعالى : (فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) (132) [البقرة].
أيها المسلمون
وحتى يموت المسلمون على الاسلام ، يجب عليهم أن يعيشوه طول حياتهم ، مستسلمين لأمر الله ،متّبعين لمنهجه ،محتكمين لشريعته ،معتزّين به ،مهما تلوّنت سبل الحياة ، وتشعّبت ، وذلك أنه لدى أعدائه حرصا كبيرا ومتواصلا على صدّ المسلمين عنه ، لأنه صخرة النجاة ،وخطّ الدفاع ،ومصدر القوة الدافعة ، وهم يبذلون في سبيل ذلك كلّ أنواع الحيل والمكر ، ويحاربون الاسلام ظاهرين ، فإن أعجزهم ذلك ،دسّوا وخططوا له ماكرين ،قال الله تعالى : (وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ) (30) الانفال
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
وأعداء الاسلام لا يحاربون الاسلام وحدهم ، وإنما يستعينون بأذيالهم وأتباعهم من المنافقين والتغريبيّين ، الذين يتحرّكون من الداخل ،فيخذّلون ، ويثبّطون بواسطة الاشاعات والشبهات ، وفينا سمّاعون لهم ، ولأنه بأيديهم غيرَ قليل من وسائل التأثير القوية ، والتي استأثروا بها ، فهؤلاء يزيّنون بها مفاسد الغرب ،ويقبّحون محاسن الاسلام ،لينتكس بعض أهل الإيمان، ويسلكوا سبل الضلال ،بعد أن نعموا بالإيمان ، وإنما تبدأ الهزيمة النفسية بتراجع الضمير الديني ،وقبول المناهج والأوضاع الغربية التي تنافي ثوابت الإسلام ، والتي تمّ تسويقها بلافتات براقة ،كالحداثة ،والإنسانية والعولمة المحتومة ، لذلك نجد المسلم الواعي لا يتمسّك بمقتضيات الدين فحسب بل يعتزّ بدينه اعتزازا يفوق أي انتساب ، لأنه ليس دينا بالمعنى اللاهوتي الذي يحصره في الطقوس إنما ، وإنما هو هوية المسلم وشخصيته وجنسيته ، قال الله تعالى :(وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) (33) فصلت ،فهو لا يتعقد من نسبه الرباني ، بل يجهر به ، ويفاخر ، ويعتزّ بإسلامه .وقد يستغرب من لا يفهم الإسلام ، حين يرى حرص المؤمنين على الاسلام بهذا الشكل ، ونقول لمثل هؤلاء : إن تمسكنا بإسلامنا وديننا له ما يبرّره ، فالإسلام هو وحده مفتاح الجنة التي نرجو من الله دخولها ، والاسلام هو شخصيتنا وحضارتنا ، بل وبه سدنا العالم قرونا ، فجلبنا له الخير والأمن والكرامة ،ونقلناه من عبادة الطبيعة ،إلى تسخيرها ،ومن عبادة الحُكام بمقتضى الحق الإلهي المزعوم ،إلى الحكم الشوري ، والاسلام ليس دين الماضي ،بل هو دين المستقبل من غير شكّ ،لأنه يحمل في طياته ودائما مقوّمات البقاء ،وعوامل النهوض ،مهما كانت التحديات ، والاسلام تهوي القلوب إلى عقيدته البسيطة الصافية الحيّة ،وإلى ما تنشده البشرية من قيم العدل ،والمساواة ،والأخلاق الرفيعة والكرامة والحق ، والاسلام لديه – رغم التنكّر والتشويه – شاهد عدل من رصيد التجربة التي دامت قرونا في ثلاث قارّات ، رأى الناس فيها المسلمين يتعبّدون ربهم في المسجد والمدرسة والسوق وساحة القضاء وميدان الحرب ، وسمعوا الحادي يردّد بافتخار واعتزاز :
أبي الاسلام لا أب لي سواه إذا ما افتخروا بقيس أو تميم
ولابدّ من الإشارة إلى أنّ حصوننا مهدّدة من داخلها ، خاصة في العقود الأخيرة ، فلا يجوز التغافل عن أخطار الهجمة الشرسة على الإسلام ، لأن هناك من النّخب السياسية والفكرية ،من مال إلى العلمانية المتوحّشة، واتخذها دينا ،ويعمل على فرضها تدريجيا على المجتمعات المسلمة ،عبر تغريب القوانين والأذواق والحياة العامة ، بل وهناك شباب يتنصّرون لأسباب شتى ، وآخرون يتشيّعون ، وكلهم قنابل موقوتة تهدّد الاسلام ، ونحن نحتفي كثيرا بمن يعتنقون الاسلام ، ولكنّنا نتجاهل من يخرجون منه ، ويبقون بيننا ،يبثّون السموم وينخرون في جسد الأمة ، وهنا يقع عبء أكبر على الأوساط العلمية ، والدعوية – وهي مضطلعة بمهامها غير متكاسلة والحمد لله – لتجديد أساليب التوعية والتحصين ولحراسة الثغور المختلفة التي قد يتسلّل منها التهديد ، إلى جانب الهجوم المضادّ نفسيا وفكريا وإعلاميا الذي ينقل المعركة إلى ساحة الخصوم ، فللإسلام أبناء قادرون على كلّ هذا ،إذا استشعروا الخطر ،وهبّوا لفداء الاسلام ، الذي يعيشون في سبيله ،ويموتون في سبيله ، لأنهم – إذا اقتضى الأمر – يصبرون على الفقر والتضييق والبلاء والأذى الفردي والجماعي ، النفسي والمادي ، ولا يفرّطون في شيء من دينهم .
الدعاء