خطبة عن قوله تعالى ( هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ)
سبتمبر 9, 2017خطبة عن الصحابي (عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ )
سبتمبر 9, 2017الخطبة الأولى (لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته : ( إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (40) التوبة ، وفي الصحيحين واللفظ لمسلم : (أَسْرَيْنَا لَيْلَتَنَا كُلَّهَا حَتَّى قَامَ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ وَخَلاَ الطَّرِيقُ فَلاَ يَمُرُّ فِيهِ أَحَدٌ حَتَّى رُفِعَتْ لَنَا صَخْرَةٌ طَوِيلَةٌ لَهَا ظِلٌّ لَمْ تَأْتِ عَلَيْهِ الشَّمْسُ بَعْدُ فَنَزَلْنَا عِنْدَهَا فَأَتَيْتُ الصَّخْرَةَ فَسَوَّيْتُ بِيَدِي مَكَانًا يَنَامُ فِيهِ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- فِي ظِلِّهَا ثُمَّ بَسَطْتُ عَلَيْهِ فَرْوَةً ثُمَّ قُلْتُ نَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَأَنَا أَنْفُضُ لَكَ مَا حَوْلَكَ فَنَامَ وَخَرَجْتُ أَنْفُضُ مَا حَوْلَهُ فَإِذَا أَنَا بِرَاعي غَنَمٍ مُقْبِلٍ بِغَنَمِهِ إِلَى الصَّخْرَةِ يُرِيدُ مِنْهَا الَّذِى أَرَدْنَا فَلَقِيتُهُ فَقُلْتُ لِمَنْ أَنْتَ يَا غُلاَمُ فَقَالَ لِرَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ قُلْتُ أَفِي غَنَمِكَ لَبَنٌ قَالَ نَعَمْ. قُلْتُ أَفَتَحْلُبُ لِي قَالَ نَعَمْ. فَأَخَذَ شَاةً فَقُلْتُ لَهُ انْفُضِ الضَّرْعَ مِنَ الشَّعَرِ وَالتُّرَابِ وَالْقَذَى – قَالَ فَرَأَيْتُ الْبَرَاءَ يَضْرِبُ بِيَدِهِ عَلَى الأُخْرَى يَنْفُضُ – فَحَلَبَ لِي فِي قَعْبٍ مَعَهُ كُثْبَةً مِنْ لَبَنٍ قَالَ وَمَعِي إِدَاوَةٌ أَرْتَوِى فِيهَا لِلنَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- لِيَشْرَبَ مِنْهَا وَيَتَوَضَّأَ – قَالَ – فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- وَكَرِهْتُ أَنْ أُوقِظَهُ مِنْ نَوْمِهِ فَوَافَقْتُهُ اسْتَيْقَظَ فَصَبَبْتُ عَلَى اللَّبَنِ مِنَ الْمَاءِ حَتَّى بَرَدَ أَسْفَلُهُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ اشْرَبْ مِنْ هَذَا اللَّبَنِ – قَالَ – فَشَرِبَ حَتَّى رَضِيتُ ثُمَّ قَالَ « أَلَمْ يَأْنِ لِلرَّحِيلِ ». قُلْتُ بَلَى. قَالَ فَارْتَحَلْنَا بَعْدَ مَا زَالَتِ الشَّمْسُ وَاتَّبَعَنَا سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكٍ – قَالَ – وَنَحْنُ فِى جَلَدٍ مِنَ الأَرْضِ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أُتِينَا فَقَالَ « لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ». فَدَعَا عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَارْتَطَمَتْ فَرَسُهُ إِلَى بَطْنِهَا أُرَى فَقَالَ إِنِّى قَدْ عَلِمْتُ أَنَّكُمَا قَدْ دَعَوْتُمَا عَلَىَّ فَادْعُوَا لِي فَاللَّهُ لَكُمَا أَنْ أَرُدَّ عَنْكُمَا الطَّلَبَ. فَدَعَا اللَّهَ فَنَجَى فَرَجَعَ لاَ يَلْقَى أَحَدًا إِلاَّ قَالَ قَدْ كَفَيْتُكُمْ مَا هَا هُنَا فَلاَ يَلْقَى أَحَدًا إِلاَّ رَدَّهُ – قَالَ وَوَفَى لَنَا)
إخوة الإسلام
(لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ) : هذه الكلمة الإيمانية التي قالها رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لصاحبه أبي بكرٍ الصديق وقد لحق بهما الكفّار، قالها رسول الله صلى الله عليه وسلم بيقين وإيمان لا يتزعزع ، قالها قويةً في حزمٍ، صادقةً في عزمٍ، صارمةً في جزمٍ: (لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ) .. وأنت أخي المسلم : فما دام الله معنا فلِمَ الحزن؟ ولِمَ الخوف؟ ولِمَ القلق؟ اسكنْ، واثبتْ، واهدأْ، واطمئنَّ؛ و(لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ) : فنحن لا نُغلب، ولا نُهزم، ولا نضلّ، ولا نضيع، ولا نيأس، ولا نقنط؛ لأن الله معنا. .. (لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ) : فالنصر حليفنا، والفرج رفيقنا، والفتح صاحبنا، والفوز غايتنا، والفلاح نهايتنا؛ لأن الله معنا. .. (لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ) : فلو وقفتِ الدنيا كلّ الدنيا في وجوهنا، ولو حاربنا البشر كلّ البشر، ونازلنا كلُّ مَن على وجه الأرض، فلا تحزن؛ لأنّ الله معنا. ..(لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ) : فمَن أقوى منّا قلباً؟ ومَن أهدى منّا نهجاً؟ ومَن أجلّ منّا مبدأً؟ ومَن أحسن منّا مسيرةً؟ ومَن أرفع منا قدراً؟ لأنّ الله معنا. .. (لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ): فما أضعفَ عدوَّنا! وما أذلَّ خصمَنا! وما أحقرَ مَن حاربنا! وما أجبن مَن قاتلنا! لأنّ الله معنا. .. (لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ) : فلن نقصد بشراً، ولن نلتجئ إلى عبدٍ، ولن ندعوَ إنساناً، ولن نخاف مخلوقاً؛ لأنّ الله معنا. .. (لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ) : فنحن أقوى عدةً، وأمضى سلاحاً، وأثبتُ جَناناً، وأقوم نهجاً؛ لأنّ الله معنا. نحن الأكثرون الأكرمون الأعلون الأعزّون المنصورون؛ لأنّ الله معنا. فيا أيها المسلم ! اهجرْ همّك، وأزلْ غمّك، واطردْ حزنك، وانسَ يأسك؛ لأنّ الله معنا. ارفعْ رأسك، وهدّئْ من روعك، وأرحْ قلبك؛ لأنّ الله معنا. أبشرْ بالفوز، وانتظر النصر، وترقّب الفتح؛ لأنّ الله معنا. غداً سوف تَعلو رسالتنا، وتَظهر دعوتنا، وتُسمع كلمتنا؛ لأنّ الله معنا. غداً سوف نُسمع أهلَ الأرض روعةَ الأذان، وكلامَ الرحمن، ونغمةَ القرآن؛ لأن الله معنا. غداً سوف نُخرج الإنسانيّة، ونحرّر البشريّة من عبوديّة الوثنيّة؛ لأن الله معنا. ..(لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا) : فمعنا الركن الذي لا يُضام، والقوة التي لا تُرام، والعزة التي لا تُغلب. .. (لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ) : وما دام الله معنا فمِمّنْ نخاف؟ ومن نخشى؟ ومن نرهب؟ فهو القوي العزيز، وهم الضعفاء الأذلاّء، ما دام الله معنا فلا تأسفْ على قِلّةٍ من عدد، أو عوزٍ من عتاد، أو فقرٍ من مال، أو تخاذلٍ من أنصار. إن الله معنا وكفى، معنا بحفظه ورعايته، بقوته وجبروته، بكفايته وعنايته، إنها أعظم كلمة في الخَطْب ،وأشرف جملة في الكرْب ،فهي هذه الكلمة الصادقة الساطعة: (لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ).
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
وسرّ هذه الكلمة في مدلولها ،وعظمتها في معناها ،يوم تذكر معية الله ـ عزّ وجلّ ـ وهو الذي بيده مقاليد الحكم، ورقاب العباد، ومقادير الخلق، وأرزاق الكائنات. .. «لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا» : يحتاجها المسلم كلّ آن؛ فإذا تكاثف همّك، وكثر غمّك، وتضاعف حزنك فقلْ لقلبك: (لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا). وإذا غلبك الدَّين، وأضناك الفقر، وشواك العدم، فقل لقلبك: (لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا)، وإذا هزّتْك الأزمان، وطوّقتْك الحوادث، وحلّت بك الكُرُبات، فقل لقلبك: (لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ) .وذهاب الحزن نعمة عظيمة يجب أن نحمد الله عليها كما حمده أهل الجنة: يقول الله تعالى: {وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ} [فاطر:34]. ولهذا كان أحبَّ شيء إلى الشيطان أن يُحْزن العبد المؤمن ليقطعه عن عمله، ويوقفه عن فعل الخير فيزين له التناجي بالغيبة والنميمة, قال الله تعالى: {إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيُحْزنَ الَّذِينَ آَمَنُوا} [المجادلة:10].
أيها المسلم
فالله معك ومن كان الله معه .فمعه كل شيء . كن متفائلا مستبشرا وأنفع الآخرين. كن ثمرة طيبة. ويدا حانية ،فدل حيران، وقف مع مظلوم، وأشفع لضعيف، واكرم عالما وأرحم صغيرا، ووقر كبيرا.. فإذا طاف بك طائف من الهم. أو ألم بك شيء من الغم. فادفعه بفعل الخيرات. تجد الفرج وراحة البال. فأعط محروما، وانصر مظلوما، وأنقذ مكروبا ، أو اطعم جائعا ،أو عد مريضا ،أو أعن منكوبا، تجد الرضا والسعادة. ففي صحيح مسلم : (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم « مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ)
الدعاء