خطبة عن قوله تعالى: (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ)
يناير 26, 2019خطبة عن حديث (تُقَاتِلُكُمُ الْيَهُودُ فَتُسَلَّطُونَ عَلَيْهِمْ)
يناير 26, 2019الخطبة الأولى ( لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته : (لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ ) الرعد 11
إخوة الإسلام
موعدنا اليوم إن شاء الله مع هذه الآية الكريمة من كتاب الله ، نتدارسها ، ونتفهم معانيها ، ونسبح في بحار مراميها ، ونرتشف من رحيقها المختوم ،وبداية تعالوا بنا نستطلع آراء العلماء ، وأهل التفسير والتأويل فيما جاء في شأنها : فعن مجاهد أنه قال: ما من عبدٍ إلا له ملك موكَّل يحفظه في نومه ويقظته من الجنّ والإنس والهوامّ, فما منها شيء يأتيه يريده إلا قال : وراءَك! إلا شيئًا يأذن الله فيه فيصيبه .وقال عكرمة ،عن ابن عباس (يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ) قال : ملائكة يحفظونه من بين يديه ومن خلفه ، فإذا جاء قدر الله خلوا عنه . و”المعقبات” التي تعتقب على العبد ، وذلك أن ملائكة الليل إذا صعدت بالنهار أعقبتها ملائكة النهار ، فإذا انقضى النهار صعدت ملائكة النهار ثم أعقبتها ملائكة الليل . وقال كعب الأحبار : لو تجلى لابن آدم كل سهل وحزن ، لرأى كل شيء من ذلك شياطين لولا أن الله وكل بكم ملائكة عنكم في مطعمكم ومشربكم وعوراتكم ، إذا لتخطفتم . وقال أبو مجلز : جاء رجل من مراد إلى علي ، رضي الله عنه ، وهو يصلي ، فقال : احترس ، فإن ناسا من مراد يريدون قتلك. فقال : إن مع كل رجل ملكين يحفظانه مما لم يقدر ، فإذا جاء القدر خليا بينه وبينه ، وإن الأجل جنة حصينة .
أيها المسلمون
هكذا يتبين لنا من خلال هذه الآية الكريمة ،وآراء العلماء فيها ،أن هناك حفظة من الملائكة، يحرسون العباد، بإذن الله وقدره ،مما لم يقدر الله إصابة العبد به ،فإذا قدر الله أن يصاب العبد بشيء فلا تستطيع الملائكة دفعه ، فقال الله تعالى: (لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ) {الرعد: 11 } ، وقد ذكر ابن كثير في التفسير : أنهم أربعة بالليل وأربعة بالنهار، فاثنان عن اليمين والشمال يكتبان الحسنات والسيئات، واثنان من ورائه وأمامه يحرسانه. وليس معنى الآية أن الملائكة تحفظ العبد مما يأتي من قضاء الله وقدره ، وإنما المراد أنها تحفظه بأمر الله ، ف (من) هنا بمعنى (الباء) ويدل لذلك ما في بعض القراءات الشاذة يحفظونه بأمر الله . كما يدل أن الملائكة لا تحفظ العبد مما يأتي من قضاء الله وقدره ، قوله تعالى: (وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ) {الرعد: 11 } ،قال البغوي في التفسير : يحفظونه من أمر الله، يعني : بأمر الله ، أي : يحفظونه بإذن الله تعالى ما لم يجئ المقدور ، فإذا جاء المقدور خلوا عنه . وقيل : يحفظونه من أمر الله : أي مما أمر الله به من الحفظ عنه . وقال القرطبي في التفسير: يحتمل أن يكون توكيل الملائكة بهم لحفظهم من الوحوش والهوام والأشياء المضرة، لطفاً منه به ، فإذا جاء القدر خلوا بينه وبينه ، وقال ابن رجب في جامع العلوم والحكم : وحفظ الله لعبده يدخل فيه نوعان أحدهما حفظه له في مصالح دنياه كحفظه في بدنه وولده وأهله وماله ويحفظانه مما لم يقدر ، فإذا جاء القدر خلوا بينه وبينه
أيها المسلمون
ومن المعلوم أن من الملائكة الذين ذكروا في نصوص الوحي الحفظة الذين يحفظون العبد ويحرسونه ويحفظون أعماله ويكتبونها، قال الله تعالى: ( وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لا يُفَرِّطُونَ ) {الأنعام:61}. وقال تعالى: (كَلَّا بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ*وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ*كِرَاماً كَاتِبِينَ* يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ) {الانفطار:9ـ12}. وقال الله تعالى: (وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ*وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ*النَّجْمُ الثَّاقِبُ*إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ ) {الطارق:1ـ4}. وقال تعالى: (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْأِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ *إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ*مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ) {قّ:16ـ18}. وفي الصحيحين : (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ : « يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلاَئِكَةٌ بِاللَّيْلِ وَمَلاَئِكَةٌ بِالنَّهَارِ ، وَيَجْتَمِعُونَ فِي صَلاَةِ الْعَصْرِ وَصَلاَةِ الْفَجْرِ ، ثُمَّ يَعْرُجُ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ فَيَسْأَلُهُمْ وَهْوَ أَعْلَمُ كَيْفَ تَرَكْتُمْ عِبَادِي فَيَقُولُونَ تَرَكْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ ، وَأَتَيْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ » ،وعن ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ما من آدمي إلا في رأسه حكمة بيد ملك فإذا تواضع قيل للملك ارفع حكمته، وإذا تكبر قيل للملك ضع حكمته). رواه الطبراني وحسنه الألباني في السلسلة
أيها المسلمون
أمَّا بالنسبة للعلاقة المباشرة بين الانسان وبين الملائكة، فإن بدايتها يوم مولدك، ثم هم معك في طفولتك، وتستمرُّ هذه العلاقة في حياتك كلها، وأشد ما تكون هذه العلاقة عند الشدائد، وبالذات يوم وفاتك ويوم بعثك، ثم بعد ذلك عند الحساب، وبعدها إما في الجنة بإذن الله، أو – والعياذ بالله – في النار التي عليها ملائكة غلاظ شِداد. فقد رُوي أن سيدنا آدم – عليه السلام – ناجى ربَّه – تبارك وتعالى – قائلاً: “يا رب، سلَّطت علينا إبليس ولا نستطيع دفعه إلا بعونك، فقال له – سبحانه وتعالى – وهو اللطيف الخبير: (يا آدم، كلما ولِد لك ولَد وكَّلتُ به ملكًا يحفظه)؛ أي: يحفظه من عبث الشياطين. وهذه العلاقة تستمر معك بطول الحياة وعرضها، فإذا ذهبتَ إلى المسجد للصلاة، يقول ملك بجوارك: “اللهم اغفر له، اللهم احفظه”، ولا يتركك حتى تنصرف، وإذا أنفقتَ مما آتاك الله شيئًا لوجه الله، يقول ملك من قِبل الله – تعالى -: (اللهم آتِ منفقًا خلفًا)، وهكذا كلما هممت بطاعة ابتغاءَ وجه الله – تعالى. وفي نهاية مطافك في الحياة الدنيا، فإن الإنسان إذا احتضر ورقد رقدة الموت، يأتيه ملك الأرزاق، فيقول له: بحثتُ لك عن رزقٍ، فوجدتُك قد وفيت ما كُتب لك من الرزق، فيمسك نهائيًّا عن الطعام، ثم يأتيه ملك المياه، ويقول له: بحثت لك عن قطرة ماء، فوجدتك قد وفيت كلَّ ما كتب لك من الماء، فيمنع عنه الماء، ثم يأتيه ملك الأنفاس، ويقول له: بحثت لك عن نفس تتنفسه، فوجدتك قد وفيت كلَّ ما كتب لك من أنفاس، فيتوقف عن التنفس؛ أي: يتوفَّى، فيقوم ملك الموت بنزع الروح، كما قال – تعالى -: ﴿ قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ ﴾ [السجدة: 11]. وفي القبر رُوي أن ملكًا من قِبَل الله – تعالى – يأتي إلى الإنسان ويريه مقعده في الجنة أو النار، وذلك في نهاية سؤال القبر. ويوم البعث ستخرج من قبرك فتجد ملكًا من قِبَل الله يأخذك ويوقفك في المكان الذي يريده الله لك، أو يسوقك إلى موقفك المناسب ، قال الله تعالى : ﴿ وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ ﴾ [ق: 21]. ثم عند الحساب يوم ينفع الصادقين صدقهم، تأتي الملائكة شفعاء – بإذن الله – ولكنَّهم كما قال – تعالى -: ﴿ لَا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا ﴾ [مريم: 87]، وقال الله تعالى : ﴿ وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى ﴾ [النجم: 26]. وبعد الحساب، إما جنة وإما نار، فبالنسبة لأهل الجنة، قال الله تعالى : ﴿ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ ﴾ [الرعد: 23]، وأما أهل النار، فسيجدون التوبيخ اللائق بهم، قال الله تعالى : ﴿ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا ﴾ [الزمر: 71]، ثم يباركون لأهل الجنة ويهنئونهم بعدما يزفونهم إلى الجنة؛ بما صبروا، وأقاموا الصلاة، وأنفقوا مما رزقهم الله سرًّا وعلانيةً، حيث لا يكونون وحدهم؛ ولكن ، قال الله تعالى : ﴿ جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ * سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ ﴾ [الرعد: 23، 24]. وفي هذا المشهد العظيم الحمد كله لله – سبحانه وتعالى – ونعم أجر العاملين، قال تعالى : ﴿ وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الزمر: 75].
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
وما دامت الملائكة يحبُّون ابن آدم بسبب حبِّ الله له، فمن الواجب أن يحب الإنسانُ الملائكةَ حبًّا في الله – تبارك وتعالى – ليس فقط لأنهم لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون؛ ولكن لأنهم أحباب الله وأحباب رسول الله – صلَّى الله عليه وسلَّم – قال الله تعالى : ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ الأحزاب: 56 ،وأيضًا هم أحباب المؤمنين من بني آدم، ويقومون بكل واجبات هذا الحب، والمقومات التي تحافظ على هذا الحبِّ من عبث الأيام، ومن مكايد الشيطان، وبالدعوات التي تشرح صدر هذا الإنسان، وبالنهاية التي تثلج قلب مَن صَمَدَ على الصراط ، يقول الله تعالى : ﴿ الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ ﴾ [غافر: 7]. وهم قد يقتصرون بصالح دعواتهم وصلواتهم للمؤمنين فقط، ولكن في استغفارهم يستغفرون لكل من في الأرض، فإذا قَبِل الله استغفارَهم في عبدٍ من بني الإنسان وهداه إلى الصراط المستقيم، فيزيدون الدعاء بالمغفرة، وأن يقيهم الله عذاب النار، وأن يدخلهم الجنة هم وآباءهم وأزواجَهم وذريَّاتِهم، ولا ينسون أن يدْعوا الله له بأن يبعده عن السيئات، فيقول – تعالى – مبيِّنًا ذلك: ﴿ وَالْمَلَائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ ﴾ [الشورى: 5]. وهؤلاء الذين آمنوا بالله – سبحانه – وساروا على نهج الله – تعالى – واهتدَوْا إلى الصراط المستقيم، وسلكوا سبيل الرشد؛ أملاً في الاستقامة، فالملائكة لا تبخل عليهم بإذن الله وتوفيقه، فيطمئنونهم ويبشِّرونهم، قال الله تعالى : ﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ﴾ [فصلت: 30]. وحينما يصلِّي علينا – سبحانه وتعالى – ليخرجَنا من الظلمات إلى النور، فإن الملائكة لا يتركون هذه الفرصة تمرُّ؛ بل يساهمون في تلك الدعوات والصلوات، قال الله تعالى : ﴿ هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا ﴾ [الأحزاب: 43]. وحينما تهمُّ الفئة الكافرة لمحاربة المؤمنين، لا على دنيا يتقاسمونها؛ ولكن لأن الكفار يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم، والمؤمنون يريدون أن تكون كلمة الله هي العليا، وكلمة الذين كفروا هي السفلى ، نجد أن الله – سبحانه – يرسل رسله لنصرة الذين آمنوا، وفي موقعة من إحدى المواقع بين المسلمين والكفار، شاركتْ فيها ألوف الملائكة بجانب أصحاب الحقِّ من بني الإنسان؛ لنصرتهم وإعانتهم على عدوهم ، قال الله تعالى : ﴿ إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلَاثَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُنْزَلِينَ * بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ ﴾ [آل عمران: 124، 125]. وبعد كل هذه المودَّة والمحبة من قِبَل الملائكة تجاه بني آدم عمومًا، والمؤمنين خصوصًا، فهم يسخطون كلَّ السخط على من اتَّخذ الشيطانَ وليًّا من دون الله، ومتى حلَّت لعنة الله في فئة، كانت اللعنات من الملائكة متلاحقة عليهم، وفي ذلك يقول الله تعالى -: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ﴾ البقرة: 161
الدعاء