خطبة عن (عقوبات المعاصي والذنوب) مختصرة
أكتوبر 17, 2018خطبة عن قوله تعالى (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ) مختصرة
أكتوبر 17, 2018الخطبة الأولى ( لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ كَاشِفَةٌ ) مختصرة
الحمد لله رب العالمين .وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته : (أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ) (62) النمل ،وعَن عِبدِاللهِ بنِ مَسعُودٍ – رَضِيَ اللهُ عَنهُ – قَالَ: قَالَ – صَلَّى اللهُ عَلِيهِ وَسَلَّمَ -: ” مَن نَزَلَت بِهِ فَاقَةٌ فَأَنزَلَهَا بِالنَّاسِ ، لم تُسَدَّ فَاقَتُهُ، وَمَن نَزَلَت بِهِ فَاقَةٌ ،فَأَنزَلَهَا بِاللهِ، فَيُوشِكُ اللهُ لَهُ بِرِزقٍ عَاجِلٍ أَو آجِلٍ ” رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.
إخوة الإسلام
حِينَمَا تَتَوَالَى الفِتَنُ ،وَتشتد المِحَنُ، فَلَيسَ الخَلاصُ باللجوء إلى البشر،ولكن الخَلاصَ يَكُونُ بِاللَّجَوء إِلى اللهِ ،وَالانطِرَاحِ بَينَ يَدَيهِ ، وَالعَودَةِ الصَّادِقَةِ إِلَيهِ، وَتَقوِيَةِ العِلاقَةِ بِهِ، مَعَ التَّبَرُّؤِ مِن حَولِ النُّفُوسِ وَقُوَّتِهَا، وَالانصِرَافِ عَن جُهُودِ البَشَرِ وَتَدبِيرِهِم، إِلى حَولِ اللهِ وَقُوَّتِهِ وَتَدبِيرِهِ وَتَوفِيقِهِ، فهذه الفتن ، وتلك المحن : ( لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ كَاشِفَةٌ ) ،فالمصائب التي تحل بأمتنا اليوم ،والذل والهوان الذي تعاني منه الأمة ،والشدة والفاقة، والفرقة والتنازع ،الذي نعاني منه ، كل هذا ، لا يكون الخلاص منه ، إلا بالرجوع إلى الله العظيم الكريم ، ولا يكون الخلاص منه، بالركون إلى الظالمين، من أعداء الملة والدين : فالمصائب التي حلت بنا : (لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ كَاشِفَةٌ )، فالعزة والكرامة لا تنال إلا من الله، قال تعالى : ( وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ ) [الحج:18]. والرزق ، ورغد العيش ، لا يأتي إلا من عند الله ، قال الله تعالى :( يَاأَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ ، هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ، لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ) (3) فاطر، وقال تعالى : ( وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا ) [هود:6] ، وقال الله تعالى : ( وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ ) [الذاريات:22]. ، فشدة المعيشة التي يعاني منها الجميع تكون باللجوء إلى الله مع العمل بالأسباب ،وكشف الغمة عن الأمة ،والفتح والنصر ، والتأييد والتمكين ، لا يكون إلا بأمر الله ،ولنا في الأحداث دروس وعبر : فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم ،في ساعةٍ أَيِس فيها كل من يرقبه من نجاته، فهو في الغار ولا سلاح لديه ، ولا نصير معه أو مؤيّد، والطَّلب على باب الغار ، إنهم يريدون محمداً وصاحبه حيا أو ميتا ، فمن الذي نجاه ، وكشف ضره ، وفرج همه ،فالكاشفة كانت من الله ، وبجند من جنوده ، فمُنع المعتدون من دخول الغار ، وكشف الله الغمة عن رسوله صلى الله عليه وسلم لأنه : (لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ كَاشِفَةٌ )، ويؤيد ذلك أيضا قول الله تعالى في محكم آياته عن نصره وتأييده لأنبيائه ورسله : (حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ) (110) يوسف ، فإذا توالت الفتن ،وامتد شعاعها، وذاع صيتها ،وأظلمت أجواؤها، فليس لنا إلا الفرار إلى الله ، راجين منه أن يكشف الغمة ،ويرفع عنا الشدة والبلاء، (لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ كَاشِفَةٌ )
أيها المسلمون
لا يَجرِي عَلَى الأَرضِ شَيءٌ إِلاَّ بِقَدَرِ الله، وَلا عَاصِمَ مِن أَمرِهِ إِلاَّ رَحمَتُهُ، وَلا يَرفَعُ القَدَرَ وَيَرُدُّ الشَّرَّ وَيَصرِفُ السُّوءَ إِلاَّ الدُعَاء ، قَالَ – عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: ” لا يَرُدُّ القَضَاءَ إِلاَّ الدُّعَاءُ ” أَخرَجَهُ التِّرمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ، وَقَالَ – صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: ” مَا مِن مُسلِمٍ يَدعُو بِدَعوَةٍ لَيسَ فِيهَا إِثمٌ وَلا قَطِيعَةُ رَحِمٍ إِلاَّ أَعطَاهُ اللهُ بِهَا إِحدَى ثَلاثٍ: إِمَّا أَن يُعَجِّلَ لَهُ دَعوَتَهُ، وَإِمَّا أَن يَدَّخِرَهَا لَهُ في الآخِرَةِ، وَإِمَّا أَن يَصرِفَ عَنهُ مِنَ السُّوءِ مِثلَهَا ” قَالُوا: إِذًا نُكثِرُ. قَالَ: ” اللهَ أَكثَرُ ” رَوَاهُ أَحمَدُ وَقَالَ الأَلبَانيُّ: حَسَنٌ صَحِيحٌ. فالله – تَعَالى – هُوَ رَبُّ الكَونِ وَمُدَبِّرُهُ، الخَلقُ خَلقُهُ وَالأَمرُ أَمرُهُ، وَسَيَمضِي الأَمرُ بِمَا قَضَى، وَلَن يَكُونَ إِلاَّ مَا يَشَاءُ وَيُرِيدُ، لا ما يُرِيدُهُ مَن يَظُنُّونَ اليَومَ أَنَّهُم يَتَحَكَّمُونَ في مَجرَى الأَحدَاثِ، وَيَتَوَهَّمُونَ أَنَّهُم يُرسُونَ قَوَاعِدَهَا وَيُوَجِّهُونَهَا كَيفَ شَاؤُوا، فَنَسأَلُهُ أَن يَجعَلَ في قَضَائِهِ الخَيرَ لِلإِسلامِ وَالمُسلِمِينَ، فَإِنَّهُ – سُبحَانَهُ – القَائِلُ: ﴿ وَإِن يَمسَسْكَ اللهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يَمسَسْكَ بِخَيرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * وَهُوَ القَاهِرُ فَوقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الحَكِيمُ الخَبِيرُ ﴾ [الأنعام: 17، 18] ، وَهو القَائِلُ سبحانه وتعالى : ﴿ وَإِن يَمسَسْكَ اللهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيرٍ فَلا رَادَّ لِفَضلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَن يَشَاءُ مِن عِبَادِهِ وَهُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾ [يونس: 107].
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ كَاشِفَةٌ ) مختصرة
الحمد لله رب العالمين .وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
فلا يَنبَغِي للِمَكرُوبِينَ أَو المُبتَلَينَ، أَن يَغفُلُوا عَمَّا وَعَدَ اللهُ بِهِ في كِتَابِهِ الحكيم، فَقَد قَالَ الله تَعَالى في محكم آياته وهو أصدق القائلين : ﴿ وَلَنَبلُوَنَّكُم بِشَيءٍ مِنَ الخَوفِ وَالجُوعِ وَنَقصٍ مِنَ الأَموَالِ وَالأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتهُم مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيهِم صَلَوَاتٌ مِن رَبِّهِم وَرَحمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ المُهتَدُونَ ﴾ [البقرة: 155 – 157] ، إِنَّهُ لَعَجِيبٌ أَن تُقرَأَ هَذِهِ الآيَاتُ ،ثم تَمُرَّ هِيَ وَأَمثَالُهَا عَلَى المُسلِمِينَ مُرُورَ الكِرَامِ، وَكَأَنَّ الَّذِي وَعَدَ بِمَا فِيهَا وَحَكَمَ بِهِ ، أَحَدٌ غَيرُ اللهِ الحَكِيمِ العَلِيمِ، الَّذِي لا يَبطُلُ حُكمُهُ وَلا يُخلَفُ وَعدُهُ؟ ،فلا حُلُولَ لِرَحمَةٍ بَعدَ ابتِلاءٍ، وَلا وِقَايَةَ مِن مَكرٍ وَلا نَجَاةَ مِن غَمٍّ، وَلا ثَبَاتَ لأَقدَامٍ وَلا نَصرَ عَلَى الكَافِرِينَ، إِلاَّ بِلُزُومِ الصَّبرِ وَحُسنِ التَّوَكُّلِ عَلَى اللهِ، وَتَقوِيَةِ العِلاقَةِ بِهِ وَتَفوِيضِ الأُمُورِ إِلَيهِ، وَالاعتِرَافِ بِالتَّقصِيرِ في حَقِّهِ وَتَعجِيلِ التَّوبَةِ، فما دام يقيننا بأن الذي يكشف الغمة عن الأمة هو الله, فلا بد من أن نتوب إلى الله -تعالى- نحن أولاً, نحن الذين نعيش هذا الضنك والضيق وحياة الشقاء. ويجب علينا أن نطالب أنفسنا بالتوبة إلى الله ، إنها الفتن التي تجعل اللبيب حيران ـ ، إنها الطامة التي نزلت بالأمة ، والله أعلم بما سوف يأتي بعدها، قال صلى الله عليه وسلم كما عند مسلم” (وإنَّ أُمَّتَكُمْ هذِهِ جُعِلَ عَافيتُها في أَوَّلِها، وسَيُصِيبُ آخِرَهَا بلاءٌ وأُمُورٌ تُنكِرُونَهَا، وتجيءُ فِتَنٌ يُرقِّقُ بَعضُها بَعْضاً، وتجيء الفِتْنَةُ فَيقُولُ المؤمِنُ: هذِهِ مُهْلِكَتي، ثُمَّ تَنْكَشِفُ، وتجيءُ الفِتنَةُ فَيَقُولُ المُؤْمِنُ: هذِهِ هذِهِ…” ، وعن عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنه، قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ حَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ ذَكَرَ الْفِتْنَةَ، فَقَالَ : ” إِذَا رَأَيْتُمُ النَّاسَ قَدْ مَرِجَتْ عُهُودُهُمْ وَخَفَّتْ أَمَانَاتُهُمْ وَكَانُوا هَكَذَا وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ، قَالَ: فَقُمْتُ إِلَيْهِ، فَقُلْتُ: كَيْفَ أَفْعَلُ عِنْدَ ذَلِكَ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاكَ؟ قَالَ : الْزَمْ بَيْتَكَ وَامْلِكْ عَلَيْكَ لِسَانَكَ وَخُذْ بِمَا تَعْرِفُ وَدَعْ مَا تُنْكِرُ وَعَلَيْكَ بِأَمْرِ خَاصَّةِ نَفْسِكَ وَدَعْ عَنْكَ أَمْرَ الْعَامَّةِ”. فترقبوا من أمر الله ما لا يخطر على بال، مما يغير مجرى الأحداث التي ظن أعداء الدين أنهم يتحكمون في مجرياتها ويرسون قواعدها كيف شاءوا، فإن الله هو رب الكون ومدبره وحقا ما قال ربنا : (أَزِفَتِ الْآزِفَةُ (57) لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ كَاشِفَةٌ) (57) ،(58) النجم
الدعاء