خطبة عن (الرضا بالقضاء والقدر وفوائده وثمراته)
يناير 11, 2016خطبة عن ( أدب الحوار في الإسلام )
يناير 11, 2016الخطبة الأولى ( الشهادة ) 1
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته وهو أصدق القائلين : (وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ) البقرة 283 ،وفي صحيح مسلم (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ : « لَوْ يُعْطَى النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ لاَدَّعَى نَاسٌ دِمَاءَ رِجَالٍ وَأَمْوَالَهُمْ وَلَكِنَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ».
اخوة الاسلام
إن الشريعة الإسلامية جاءت بحفظ الحقوق والعدل بين الناس ، ومن حكمة الله تعالى أن شرع طرقا لإثبات الحقوق والحدود عندما يتنازع فيها الناس ، ومن هذه الطرق لإثبات الحقوق (الشهادة ) أو شهادة الشهود ،فالشهادة هي طريق لإنصاف المظلوم ، وردع الظالمين ، وحسم النزاع بين المتخاصمين الشهادة هي التي تميز الحق من الباطل ،وتبين الدعاوى الصادقة من الكاذبة ، لذلك قال بعضهم ( الله أحيا النفوس بالأرواح وأحيا الحقوق بالشهادة الصادقة ) ، ولأهمية الشهادة نطق القرآن بفضلها ، ورفع الله نسبتها إلى نفسه وشرف بها ملائكته ورسله فقال تعالى ( لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلَائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا ) النساء 166 ،وقال تعالى مخاطبا رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم (فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا ) النساء 41
أيها الموحدون
والشهادة لابد أن تكون مبنية على علم وبيان وأن تنشأ عن ثقة واطمئنان ،قال تعالى : (إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ) الزخرف 86 ،وجاء عن إخوة يوسف ، قال تعالى : (وَمَا شَهِدْنَا إِلَّا بِمَا عَلِمْنَا ) يوسف 81 ، ولهذا لا يجوز لك أخي المؤمن أن تشهد لمجرد الظن أو لمجرد السماع، بل لابد أن تكون متيقنا عالما بالأمر قبل أن تشهد عليه ، ويجب على الإنسان أن يشهد بالحق ولو على نفسه ، أو أقرب الناس إليه ، ولا تأخذه في شهادة الحق لومة لائم ، ولا يصرفه عن الحق طمع أو خوف أو محاباة ، قال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ ) النساء 135
أخي المسلم
فمن كانت عنده لأخيه المسلم شهادة بحق وجب عليه أداؤها عند الحاجة إليها ، ويحرم عليك أن تكتمها أو تمتنع عن الحضور إليها قال تعالى : (وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ) البقرة 283 والشهادة إما أن تكون شهادة حق أو شهادة زور وكذب وبهتان فمن شهد بالحق فله الجزاء الأوفى من الله ومن شهد زورا وبهتانا وكذبا فله العذاب الأليم ففي سنن البيهقي (عَنْ خُرَيْمِ بْنِ فَاتِكٍ الأَسَدِيِّ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- صَلاَةَ الصُّبْحِ فَلَمَّا انْصَرَفَ قَامَ قَائِمًا فَقَالَ :« عُدِلَتْ شَهَادَةُ الزُّورِ بِالشِّرْكِ بِاللَّهِ ». ثَلاَثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ تَلاَ هَذِهِ الآيَةَ : (فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ) ، وفي الصحيحين (عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِى بَكْرَةَ عَنْ أَبِيهِ – رضى الله عنه – قَالَ قَالَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – : « أَكْبَرُ الْكَبَائِرِ الإِشْرَاكُ بِاللَّهِ ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ ، وَشَهَادَةُ الزُّورِ ، وَشَهَادَةُ الزُّورِ – ثَلاَثًا – أَوْ قَوْلُ الزُّورِ » . فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى قُلْنَا لَيْتَهُ سَكَتَ )
عباد الله
وشهادة الزور لها صور متعددة فقد تكون أمام قاضي في المحكمة ، أو أمام محقق في مؤسسة ، أو أمام الرئيس في العمل ، وقد تكون مكتوبة في ورق فيوقع في ورقة أن فلانا يسكن في مكان كذا وهو لا يسكن فيه أو فلان يعمل كذا وهو لا يعمل أو فلان يتقن عمل كذا وهو لا يتقن ،وقد تكون شهادة الزور تقريرا طبيا يخالف الواقع والحقيقة وقد تكون شهادة علمية مزورة أو عن طريق الغش ،وقد تكون شهادة الزور تزكية لشخص لا يستحقها أو نصيحة كاذبة وهكذا ، فشهادة الزور هي الشهادة الكاذبة التي ليس لها أساس من الصحة أو يشهد الإنسان بما ليس له به علم إما بدافع المحبة لمناصرة المشهود له بالباطل وإما بدافع الطمع بما يعطيه المشهود له من مال أو من باب تبادل المنافع والمصالح ، ونسي الذي يشهد زورا أنه استباح ما حرم الله وأنه جعل الحق باطلا والباطل حقا وأنه استباح بشهادة الزور دماء الناس وأموالهم وأعراضهم
فيا من شهدت زورا لقد ظلمت نفسك وظلمت الناس وبعت آخرتك بدنيا غيرك فأنت من الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون ، فكم خربت بشهادتك بيوتا عامرة وضيعت بها حقوقا واضحة ، لذلك كان لك الجزاء عند الله النار وبئس القرار فقد روى البيهقي وابن ماجة ( ابْنَ عُمَرَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- : « شَاهِدُ الزُّورِ لاَ تَزُولُ قَدَمَاهُ حَتَّى تُوجَبَ لَهُ النَّارُ ».
أقول قولي واستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( الشهادة ) 1
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
بعد أن تعرفنا على أهمية الشهادة بالحق وخطورة الشهادة بالزور وصور متعددة لشهادة الزور في حياتنا وجزاء شاهد الزور ، ألا فإني أحذركم وأحذر نفسي من شهادة الزور يقول سبحانه (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ ) النساء 135 أي كونوا قوامين بالحق واشهدوا بالعدل لا بالجور ، وفي صحيح مسلم (عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ نَحَلَنِي أَبِى نُحْلاً ثُمَّ أَتَى بِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- لِيُشْهِدَهُ فَقَالَ « أَكُلَّ وَلَدِكَ أَعْطَيْتَهُ هَذَا ». قَالَ لاَ. قَالَ « أَلَيْسَ تُرِيدُ مِنْهُمُ الْبِرَّ مِثْلَ مَا تُرِيدُ مِنْ ذَا ». قَالَ بَلَى. قَالَ « فَإِنِّي لاَ أَشْهَدُ ». ، هكذا يبين لنا الرسول صلى الله عليه وسلم أن المؤمن لا يشهد على جور وظلم ، أما إذا كانت الشهادة على حق وعدل وجب عليك ألا تتخلف عنها ، قال تعالى : (وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا ) البقرة 282 ، وقوله تعالى (وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ) الطلاق 2
الدعاء