خطبة عن حديث ( أربع من السعادة) مختصرة
نوفمبر 6, 2021خطبة عن ( تصحيح مفهوم النعمة والنقمة )
نوفمبر 13, 2021الخطبة الأولى ( أَبَا هِرٍّ : اقْعُدْ فَاشْرَبْ ، قُلْتُ : لاَ وَالَّذِى بَعَثَكَ بِالْحَقِّ ،مَا أَجِدُ لَهُ مَسْلَكًا )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
روى الإمام البخاري في صحيحه : (أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ كَانَ يَقُولُ آللَّهِ الَّذِى لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ إِنْ كُنْتُ لأَعْتَمِدُ بِكَبِدِي عَلَى الأَرْضِ مِنَ الْجُوعِ ، وَإِنْ كُنْتُ لأَشُدُّ الْحَجَرَ عَلَى بَطْنِي مِنَ الْجُوعِ ، وَلَقَدْ قَعَدْتُ يَوْمًا عَلَى طَرِيقِهِمُ الَّذِى يَخْرُجُونَ مِنْهُ ، فَمَرَّ أَبُو بَكْرٍ ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ ، مَا سَأَلْتُهُ إِلاَّ لِيُشْبِعَنِي ، فَمَرَّ وَلَمْ يَفْعَلْ ، ثُمَّ مَرَّ بِي عُمَرُ فَسَأَلْتُهُ عَنْ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ ، مَا سَأَلْتُهُ إِلاَّ لِيُشْبِعَنِي ، فَمَرَّ فَلَمْ يَفْعَلْ ، ثُمَّ مَرَّ بِي أَبُو الْقَاسِمِ – صلى الله عليه وسلم – فَتَبَسَّمَ حِينَ رَآنِي وَعَرَفَ ، مَا فِي نَفْسِى وَمَا فِي وَجْهِى ثُمَّ قَالَ « أَبَا هِرٍّ » . قُلْتُ لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ . قَالَ « الْحَقْ » . وَمَضَى فَتَبِعْتُهُ ، فَدَخَلَ فَاسْتَأْذَنَ ، فَأَذِنَ لِي ، فَدَخَلَ فَوَجَدَ لَبَنًا فِي قَدَحٍ فَقَالَ « مِنْ أَيْنَ هَذَا اللَّبَنُ » . قَالُوا أَهْدَاهُ لَكَ فُلاَنٌ أَوْ فُلاَنَةُ . قَالَ « أَبَا هِرٍّ » . قُلْتُ لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ . قَالَ « الْحَقْ إِلَى أَهْلِ الصُّفَّةِ فَادْعُهُمْ لِي » . قَالَ وَأَهْلُ الصُّفَّةِ أَضْيَافُ الإِسْلاَمِ ، لاَ يَأْوُونَ إِلَى أَهْلٍ وَلاَ مَالٍ ، وَلاَ عَلَى أَحَدٍ ، إِذَا أَتَتْهُ صَدَقَةٌ بَعَثَ بِهَا إِلَيْهِمْ ، وَلَمْ يَتَنَاوَلْ مِنْهَا شَيْئًا ، وَإِذَا أَتَتْهُ هَدِيَّةٌ أَرْسَلَ إِلَيْهِمْ ، وَأَصَابَ مِنْهَا وَأَشْرَكَهُمْ فِيهَا ، فَسَاءَنِي ذَلِكَ فَقُلْتُ وَمَا هَذَا اللَّبَنُ فِي أَهْلِ الصُّفَّةِ كُنْتُ أَحَقُّ أَنَا أَنْ أُصِيبَ مِنْ هَذَا اللَّبَنِ شَرْبَةً أَتَقَوَّى بِهَا ، فَإِذَا جَاءَ أَمَرَنِي فَكُنْتُ أَنَا أُعْطِيهِمْ ، وَمَا عَسَى أَنْ يَبْلُغَنِي مِنْ هَذَا اللَّبَنِ ، وَلَمْ يَكُنْ مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ وَطَاعَةِ رَسُولِهِ – صلى الله عليه وسلم – بُدٌّ ، فَأَتَيْتُهُمْ فَدَعَوْتُهُمْ فَأَقْبَلُوا ، فَاسْتَأْذَنُوا فَأَذِنَ لَهُمْ ، وَأَخَذُوا مَجَالِسَهُمْ مِنَ الْبَيْتِ قَالَ « يَا أَبَا هِرٍّ ». قُلْتُ لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ .قَالَ « خُذْ فَأَعْطِهِمْ » . قَالَ فَأَخَذْتُ الْقَدَحَ فَجَعَلْتُ أُعْطِيهِ الرَّجُلَ فَيَشْرَبُ حَتَّى يَرْوَى ، ثُمَّ يَرُدُّ عَلَىَّ الْقَدَحَ ، فَأُعْطِيهِ الرَّجُلَ فَيَشْرَبُ حَتَّى يَرْوَى ، ثُمَّ يَرُدُّ عَلَىَّ الْقَدَحَ فَيَشْرَبُ حَتَّى يَرْوَى ، ثُمَّ يَرُدُّ عَلَىَّ الْقَدَحَ ، حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَى النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – وَقَدْ رَوِىَ الْقَوْمُ كُلُّهُمْ ، فَأَخَذَ الْقَدَحَ فَوَضَعَهُ عَلَى يَدِهِ فَنَظَرَ إِلَىَّ فَتَبَسَّمَ فَقَالَ « أَبَا هِرٍّ » . قُلْتُ لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ . قَالَ « بَقِيتُ أَنَا وَأَنْتَ » . قُلْتُ صَدَقْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ . قَالَ « اقْعُدْ فَاشْرَبْ » . فَقَعَدْتُ فَشَرِبْتُ . فَقَالَ « اشْرَبْ » . فَشَرِبْتُ ، فَمَا زَالَ يَقُولُ « اشْرَبْ » . حَتَّى قُلْتُ لاَ وَالَّذِى بَعَثَكَ بِالْحَقِّ ، مَا أَجِدُ لَهُ مَسْلَكًا . قَالَ « فَأَرِنِى » . فَأَعْطَيْتُهُ الْقَدَحَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَسَمَّى ، وَشَرِبَ الْفَضْلَةَ )
أيها المسلمون
لقاؤنا اليوم -إن شاء الله- مع هذا الحديث النبوي الكريم ، والذي يتحدث فيه الصحابي الجليل أبو هريرة (رضي الله عنه) عن حالة الجوع التي كانت تبلغ منه مبلغًا لا يطاق ، فقد كان يصل به الجوع الشديد إلى أن يلصق بطنه بالأرض من شدته عليه , ولقد كان يأخذ الحجر فيشد به على أخمص بطنه ،ثم يشده بثوبه ليقيم به صلبه ،وكان يبلغ به الحال أعظم من ذلك، فقد كان في بعض الأحيان يُصرع من الجهد والجوع، فيظن المار به والناظر لحاله أنه مجنون , وما أصاب أبا هريرة رضي الله عنه من الجوع الشديد لم يكن قصراً عليه وحده ، فأهل الصفة جميعا كانوا على مثل حاله، بل كان الجوع الشديد يصيب الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وكبار الصحابة.قال الطبري : ” وكان نبينا – عليه أفضل الصلاة والسلام – يطوي الأيام، ويعصب على بطنه الحجر من الجوع، إيثارًا منه شظف العيش والصبر عليه، مع علمه بأنه لو سأل ربه أن يسير له جبال تهامة ذهبًا وفضة لفعل، وعلى هذِه الطريقة جرى الصالحون “. وقال العيني في “عمدة القاري” : ” وفائدة شد الحجر على البطن المساعدة على الاعتدال والانتصاب على القيام أو المنع من كثرة التحلل من الغذاء الذي في البطن لكونها حجارة رقاقا تعدل البطن، وفي قول أبي هريرة : (وَلَقَدْ قَعَدْتُ يَوْمًا عَلَى طَرِيقِهِمُ الَّذِى يَخْرُجُونَ مِنْهُ ) أي: طريق النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ممن كان طريق منازلهم إلى المسجد متحدة , لعلّ أحدهم يكفيه يومه , فهو رضي الله عنه أقعده عن طلب الرزق التفرّغ لطلب حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم , ولقد رزقه الله ميراث النبي صلى الله عليه وآله وسلم بصبره على الجوع والحاجة , فكان أحفظ الصحابة على الإطلاق , فبالصبر واليقين تُنال الإمامة في الدين . وقوله : (فَمَرَّ أَبُو بَكْرٍ ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ ، مَا سَأَلْتُهُ إِلاَّ لِيُشْبِعَنِي ، فَمَرَّ وَلَمْ يَفْعَلْ ، ثُمَّ مَرَّ بِي عُمَرُ فَسَأَلْتُهُ عَنْ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ ، مَا سَأَلْتُهُ إِلاَّ لِيُشْبِعَنِي ، فَمَرَّ فَلَمْ يَفْعَلْ ) والظاهر أنهما حملا سؤال أبي هريرة على ظاهره، وهو سؤاله عن آية من القرآن، أو لم يكن عندهما شيء يواسيانه به ، وقوله : (ثُمَّ مَرَّ بِي أَبُو الْقَاسِمِ – صلى الله عليه وسلم – فَتَبَسَّمَ حِينَ رَآنِي وَعَرَفَ ، مَا فِي نَفْسِى وَمَا فِي وَجْهِى ) أي : عرف رسول الله صلى الله عليه وسلم ما في نفس أبي هريرة من حاجته لشيء من الغذاء يتقوى به ليقيم صلبه , وعرف ما في وجهه من تغيّر لونه إلى الاصفرار من شدة الجوع , وتبسّم النبي صلى الله عليه وآله وسلم في وجهه حتى يخفّف عنه بعض الألم مما أصابه من بلاء الجوع وشدته . قال في “الفتح” : ” التبسم يكون للتعجب ولإيناس من يتبسم إليه وحال أبي هريرة لم تكن معجبة فيترجح الحمل على الإيناس “.
وقوله : (ثُمَّ قَالَ « أَبَا هِرٍّ » بترخيم أبا هريرة والترخيم حذف أواخر الكلمة تخفيفا, والترخيم يؤتى به للتحسين، ولهذا لا يأتي إلا في مقام الرقة واللين وقوله : (قُلْتُ لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ . قَالَ « الْحَقْ » ، أي: اتبعني , وقوله : (وَمَضَى فَتَبِعْتُهُ ، فَدَخَلَ فَاسْتَأْذَنَ ، فَأَذِنَ لِي ، فَدَخَلَ فَوَجَدَ لَبَنًا فِي قَدَحٍ فَقَالَ « مِنْ أَيْنَ هَذَا اللَّبَنُ » . قَالُوا أَهْدَاهُ لَكَ فُلاَنٌ أَوْ فُلاَنَةُ . قَالَ « أَبَا هِرٍّ » . قُلْتُ لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ . قَالَ « الْحَقْ إِلَى أَهْلِ الصُّفَّةِ فَادْعُهُمْ لِي » أي : انطلق إلى أهل الصفة وأدركهم في مكانهم , وأهل الصفة ناسٌ فقراء لا منازل لهم فكانوا ينامون في المسجد لا مأوى لهم غيره وذكر الحافظ أنهم سبعون نفسا , والحال كما قال أبو هريرة رضي الله عنه أهل الصفة : (وَأَهْلُ الصُّفَّةِ أَضْيَافُ الإِسْلاَمِ ، لاَ يَأْوُونَ إِلَى أَهْلٍ وَلاَ مَالٍ ، وَلاَ عَلَى أَحَدٍ ، إِذَا أَتَتْهُ صَدَقَةٌ بَعَثَ بِهَا إِلَيْهِمْ ، وَلَمْ يَتَنَاوَلْ مِنْهَا شَيْئًا ، وَإِذَا أَتَتْهُ هَدِيَّةٌ أَرْسَلَ إِلَيْهِمْ ، وَأَصَابَ مِنْهَا وَأَشْرَكَهُمْ فِيهَا ). وقوله : (فَسَاءَنِي ذَلِكَ ، فَقُلْتُ وَمَا هَذَا اللَّبَنُ فِي أَهْلِ الصُّفَّةِ كُنْتُ أَحَقُّ أَنَا أَنْ أُصِيبَ مِنْ هَذَا اللَّبَنِ شَرْبَةً أَتَقَوَّى بِهَا) ومعناه : أنه أصابه الهم لذلك ،فإن الجوع بلغ منه مداه ،فهو يريد شربة يتقوّى بها على جوعه فإنه سحقه ،حتى ضاقت نفسه رضي الله عنه , فحدّث نفسه , وهل يكفي هذا القدح جمعًا من الناس ؟! وأين يقع هذا اللبن منهم؟! لكن لم يكن من الصحابي الصابر إلا أن قال : ” وَلَمْ يَكُنْ مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ وَطَاعَةِ رَسُولِهِ – صلى الله عليه وسلم – بُدٌّ ” ، فلقد علم رضي الله عنه وجوب طاعة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في المنشط والمكره، فأبو هريرة مع شدة جوعه ومعاناته، أطاع، ودعا أهل الصفة، وصبر على جوعه، ولم يرد على الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أمره.قال أبو هريرة : (فَأَتَيْتُهُمْ فَدَعَوْتُهُمْ فَأَقْبَلُوا ، فَاسْتَأْذَنُوا فَأَذِنَ لَهُمْ ، وَأَخَذُوا مَجَالِسَهُمْ مِنَ الْبَيْتِ قَالَ « يَا أَبَا هِرٍّ ». قُلْتُ لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ .قَالَ « خُذْ فَأَعْطِهِمْ ». قَالَ فَأَخَذْتُ الْقَدَحَ فَجَعَلْتُ أُعْطِيهِ الرَّجُلَ فَيَشْرَبُ حَتَّى يَرْوَى ، ثُمَّ يَرُدُّ عَلَىَّ الْقَدَحَ ، فَأُعْطِيهِ الرَّجُلَ فَيَشْرَبُ حَتَّى يَرْوَى ، ثُمَّ يَرُدُّ عَلَىَّ الْقَدَحَ فَيَشْرَبُ حَتَّى يَرْوَى ، ثُمَّ يَرُدُّ عَلَىَّ الْقَدَحَ ، حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَى النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – وَقَدْ رَوِىَ الْقَوْمُ كُلُّهُمْ ، فَأَخَذَ الْقَدَحَ فَوَضَعَهُ عَلَى يَدِهِ فَنَظَرَ إِلَىَّ فَتَبَسَّمَ فَقَالَ « أَبَا هِرٍّ » . قُلْتُ لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ . قَالَ « بَقِيتُ أَنَا وَأَنْتَ » . قُلْتُ صَدَقْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ . قَالَ « اقْعُدْ فَاشْرَبْ » . فَقَعَدْتُ فَشَرِبْتُ . فَقَالَ « اشْرَبْ » . فَشَرِبْتُ ، فَمَا زَالَ يَقُولُ « اشْرَبْ » . حَتَّى قُلْتُ لاَ وَالَّذِى بَعَثَكَ بِالْحَقِّ ، مَا أَجِدُ لَهُ مَسْلَكًا . قَالَ « فَأَرِنِى » . فَأَعْطَيْتُهُ الْقَدَحَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَسَمَّى ، وَشَرِبَ الْفَضْلَةَ ) وهذا فيه من البركة التي أجراها الله على يد رسوله صلى الله عليه وآله وسلم ، فقد بارك الله في اللبن القليل الذي لا يكاد يكفي الواحد أو الاثنين ،فكفى هذا الجمع من أهل الصفة، حتى كان أحدهم يروى منه ، بل إن أبا هريرة لم يجد مسلكا للزيادة ، فلقد تضلّع من اللبن حتى قال : (لاَ وَالَّذِى بَعَثَكَ بِالْحَقِّ ، مَا أَجِدُ لَهُ مَسْلَكًا) فلقد أقسم أنه لا يجد مكانا للزيادة في الشرب منه , وهذا قد جرى على يد الرسول صلى الله عليه وسلم مرات كثيرة
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( أَبَا هِرٍّ : اقْعُدْ فَاشْرَبْ ، قُلْتُ : لاَ وَالَّذِى بَعَثَكَ بِالْحَقِّ ،مَا أَجِدُ لَهُ مَسْلَكًا )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ومن فوائد العديدة ، والتي يمكن لنا أن نستنبطها من هذا الحديث النبوي الشريف :الفائدة الأولى : كتمان الحاجة والتلويح بها أولى من إظهارها .الفائدة الثانية : بيان كرم النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وإيثار الآخرين على نفسه ، وأن ساقي القوم آخرهم شربًا، وفيه استحباب الحمد على النعم . والتسمية عند الشرب ، وجواز الشبع ، وكذا الشرب من قعود ،الفائدة الثالثة : فيه جواز الإخبار عن شدة عيش أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وحسن صبرهم ، وجواز الإخبار عن شدة العيش على وجه شرح الحال , وتسلية المؤمن الفقير، لا على وجه الشكاية من الأقدار. الفائدة الرابعة : وفيه علم عظيم من أعلام النبوة؛ وذلك أنه صلى الله عليه وآله وسلم عرف ما في نفس أبي هريرة، ولم يعلم ذلك أبو بكر ولا عمر رضي الله عنهما وفيه: شرب العدد الكثير من اللبن القليل حتى شبعوا ببركة النبوة ، وذلك من أعلامها أيضًا. الفائدة الخامسة : فيه استحباب التبسّم في وجه المكروب والمهموم لتسليته وتخفيف مصابه ، وأن الإمام، والعظيم في قومه، والعالم يستحب له أن يكون له بيت للضيافة .الفائدة السادسة : استحباب سؤال الرجل عما يجده في بيت نفسه، إذا كان لا مادة لذلك الشيء من ماله يعلمها؛ فإن رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – لما رأى اللبن سأل عنه، فيستدل أنه لم يكن له حلوبة في البيت؛ فلذلك سأل، فلما قيل له: أهداه لك فلان أو فلانة رضيه – صلى الله عليه وآله وسلم – واستطابه. الفائدة السابعة : وفيه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقبل الهدية ويأكل منها ،ولا يأكل الصدقة ، وأنه لا حرج على ولي الأمر أو العالِم أن يكلف بعض أتباعه ببعض المهمات، كما كلّف الرسول صلى الله عليه وسلم أبا هريرة بدعوة أهل الصفة، وإسقاء القوم اللبن ، الفائدة الثامنة : وفيه إبطال ما يدور على ألسنة الناس من أن الهدية لا تُهدى ولا تُباع , فقد ضَيَّف الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أهل الصفة من اللبن الذي أُهدِيَ إليه , كما أنه يجوز بيع الهدية وذلك أن المهدَى إليه بقبضه الهدية ملكها، ثم يجوز للمالك أن يتصرف فيما يملكه، ولذلك كان الرسول صلى الله عليه وسلم يأكل مما تُصدق به على بريرة، وعلَّل ذلك بأنه وإن كان صدقة على بريرة، فإنه منها هدية له، فبريرة ملكت، ثم أهدت. الفائدة التاسعة : فيه حُسْنُ الظَّنِّ بالله سُبحانَهُ وتعالى أنَّه يُبَارِكُ في القَليلِ مِنَ الزَّادِ؛ فَيَعُمُّ الجَمْعَ الكَبيرَ. الفائدة العاشرة : أنَّ مِنْ هَدْيِهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّ صاحِبَ البَيتِ يَكونُ آخِرَ القَومِ شُرْبًا، وكَذلِكَ خادِمُه، وأنَّ مِنْ هَدْيِهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم الرِّيَّ مِنَ اللَّبنِ؛ فإنَّه غِذاءٌ يَجمعُ بين الطَّعامِ والشَّرابِ. الفائدة الحادية عشر : فيه بيان تواضُع النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، حيث شَرِبَ مِن فَضلِ أصحابِ الصُّفَّةِ؛ فلا يَنبغي لِلمُؤمِنَ أنْ يَسْتَنْكِفَ من سُؤْرِ المُؤمِنينَ وإنْ كَانوا فُقراءَ، ولا أنْ يَتَرَفَّعَ عنْ شُرْبِهِ. الفائدة الثانية عشر : وفيه أن المدعو إذا وصل إلى دار الداعي لا يدخل بغير استئذان
الدعاء