خطبة عن: من أخلاق المسلم :(التقوى)
أبريل 28, 2018خطبة عن: الإيمان بالقضاء والقدر وحديث( وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ)
أبريل 28, 2018الخطبة الأولى (السَّاعِي عَلَى الأَرْمَلَةِ وَالْمِسْكِينِ كَالْمُجَاهِدِ)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
في الصحيحين واللفظ للبخاري (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ ،قَالَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – « السَّاعِي عَلَى الأَرْمَلَةِ وَالْمِسْكِينِ كَالْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ،أَوِ الْقَائِمِ اللَّيْلَ الصَّائِمِ النَّهَارَ »
إخوة الإسلام
لقد عنى الإسلام بشؤون الضّعفاء والمُحتاجين من النّاس، وأَوْلاهم مزيدًا من الاهتمام والرّعاية، جبرًا لضعفهم، وإصلاحًا لشأنهم، حتّى وصل الأجر والثّواب المترتّب على القيام بشؤونهم إلى منزلة أعلى العبادات والطّاعات مَرتبةً وفضيلةً، ففي الحديث المتقدم ،يقول رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « السَّاعِي عَلَى الأَرْمَلَةِ وَالْمِسْكِينِ كَالْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ،أَوِ الْقَائِمِ اللَّيْلَ الصَّائِمِ النَّهَارَ » ،وهكذا يحثّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم الأمّة في هذا الحديث العظيم على التّكافل والتّراحم ، وعلى رعاية الضّعفاء والمحتاجين من الأرامل والمساكين، ويخبرهم بالثّواب الجزيل والمردود الجميل والمرتبة العُليا لمن فعل ذلك، فمن سعى على الأرملة ، وهي من فقدت زوجها، أو من لا زوج لها ، فعمل لها ،وقضى لها حاجتها، وأعانها في أمر معاشها ، وكذلك من سعى على حاجة المسكين ، وهو من لا يجد كفايته ، فإن أجره عند الله كأجر المجاهد في سبيل الله ، وكأجر الصائم القائم .والمراد بذلك ،أن الله تعالى يجمع له ثواب الصائم والقائم والمجاهد ؛ وذلك لأنه قام للأرملة مقام زوجها الذي سلبها إياه قدر الله ، وأرضاها عن ربها ، وقام أيضا على قضاء حاجة المسكين الذي عجز عن قيامه بنفسه ؛ فأنفق هذا فضل قوته ، وتصدق بجَلَدِه ؛ فكان نفعه إذا [ يكافئ ] الصوم والقيام والجهاد فمن فتح الله تعالى عليه في باب السعي على الأرملة والمسكين ، ولم يفتح عليه في كثير صيام ، أو صلاة ، من النوافل ، فيرجى له أن يدرك بهذا الباب من الخير ، الذي فتح له فيه ، ما فاته من ثواب نوافل الصلاة والصيام والجهاد ، ونحو ذلك من الفضائل . قال ابن بطال في “شرح صحيح البخاري” :” من عجز عن الجهاد في سبيل الله وعن قيام الليل وصيام النهار ، فليعمل بهذا الحديث ، وليسع على الأرامل والمساكين ليحشر يوم القيامة في جملة المجاهدين في سبيل الله دون أن يخطو في ذلك خطوة ، أو ينفق درهمًا ، أو يلقى عدوًا يرتاع بلقائه ، أو ليحشر في زمرة الصائمين والقائمين وينال درجتهم وهو طاعم نهاره نائم ليله أيام حياته ، فينبغي لكل مؤمن أن يحرص على هذه التجارة التي لا تبور ، ويسعى على أرملة أو مسكين لوجه الله تعالى ،فيربح في تجارته درجات المجاهدين والصائمين والقائمين من غير تعب ولا نصب ، ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء “. وفي هذا الحديث أيضاً ما يدل على قضية التكافل التي عُني بها الإسلام، فالأرملة لا تضيع ، والمسكين لا يحتاج، بل يجدون من يتسابق على مصالحهم، وكلما كانت نزعة المجتمع مادية ،كلما كان هذا أدعى لضياع هؤلاء الضعفاء، فلا يكون هم الإنسان فقط نفسه، ومصالحه الشخصية، بل إن العناية الحقيقية بالنفس هي العناية بعمارة الآخرة، وهذه الأعمال الخيرية المتعدية للآخرين هي من أعظم أسباب دفع البلاء عن الإنسان في الدنيا، والتوفيق والتسديد، فبصنائع المعروف يدفع المسلم عنه من الشرور ما لا يخطر له على بال، ويوفق ويبارك له في وقته وأولاده ورزقه وعمله، ويحصل له من انشراح الصدر ما لا يقادر قدره، لا يضيع شيء أبداً، إنما هو شيء يبذله الإنسان لنفسه، وهو من أكثر الأعمال التي يجد الإنسان نتيجتها العاجلة في الدنيا قبل الآخرة، وفي المعجم للطبراني (قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : صنائع المعروف تقي مصارع السوء وصدقة السير تطفئ غضب الرب وصلة الرحم تزيد في العمر) ،فالذي يعيش للآخرين يعيش كبيراً، وهو من أشرح الناس صدراً، والله -عز وجل- لا يضيعه أبداً، والذي يعيش لنفسه يعيش صغيرًا، ويموت صغيرً، فإذا مات واحد من هذه الملايين، ربما كثير من جيرانه ما يكتشفون أنه توفي إلا بعد شهور، ولكن إذا مات إنسان نفعه متعدٍّ للناس ، فكل الناس يشعرون بأثره وغيابه وفقده، فكم من الأسر التي كان يكفلها، وكم من الأسر التي كان يرعاها، وكم من الناس المحتاجين الذين كانوا يأتون إليه مكروبين، فهكذا ينبغي أن يكون الإنسان، وكلٌّ بحسبه، ولكي يكون لك نفع متعدٍّ، فلا تعش لنفسك،
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (السَّاعِي عَلَى الأَرْمَلَةِ وَالْمِسْكِينِ كَالْمُجَاهِدِ)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
فالغنيمة العظيمة لمن يسعى في رعاية الأرامل والمساكين ، والمتأمل في هذا الحديث ، يجد أن وجه الشّبه بين المُجاهد والسّاعي على الأرامل والمساكين: أن كليهما يقوم بالإحياء، وكليهما يغالب النّفس والشّيطان والهوى، فالمُجاهد يعمل على إحياء الدّين، والسّاعي يعمل على إحياء النّفوس، والمُجاهد في سبيل الله يذود عن دينه في ميدان المعركة، ويبذل نفسه وماله لله عزّ وجلّ، والسّاعي على الأرامل والمساكين يكدّ في ميدان الحياة، ويتعب وينصب، ويبذل ماله ووقته، لا ليُمتّع نفسه أو ولده، أو لينفقه في البذخ والّلذة، وإنّما ليكفيهم حاجاتهم ويرعى مصالحهم، ويغنيهم عن الاستجداء وذلّ السّؤال، طلبًا لرضا الله عزّ وجلّ، فهما قد اشتركا في البذل والعطاء ابتغاء لمرضاة الله عزّ وجلّ ورغبة فيما عنده، فكان خليقًا -أي السّاعي- بمرتبة المُجاهدين، ومنزلة المقرّبين، ولَعمري إنّها لمنزلة تستحقّ أن نُبادر إليها ونتسابق فيها، لكي نظفر بأجرها وثوابها، وحتى لا يبقى في الأمة أرامل ضائعين، أو مساكين ومحتاجين دون رعاية وكفالة.
الدعاء