خطبة عن: الله هو المولى والنصير ( فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَوْلَاكُمْ)
أكتوبر 28, 2022خطبة عن : الابتلاءات للمسلم مكفرات ، وحديث ( مَا مِنْ مُصِيبَةٍ تُصِيبُ الْمُسْلِمَ إِلاَّ كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا عَنْهُ )
أكتوبر 29, 2022الخطبة الأولى ( وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته : (تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا) (44) الاسراء
إخوة الإسلام
القرآن الكريم هو أساس رسالة التوحيد، وهو المصدر القويم للتشريع، ومنهل الحكمة والهداية، والرحمة المسداة للناس، وهو النور المبين للأمة، والمحجة البيضاء التي لا يزغ عنها إلا هالك ،وموعدنا اليوم -إن شاء الله- مع هذه الآية من كتاب الله ، نتلوها ، ونتفهم معانيها ، ونسبح في بحار مراميها ، ونعمل إن شاء الله بما جاء فيها ، ففي تفسير الوسيط لطنطاوي ، قال في تفسير هذه الآية : بين الله سبحانه وتعالى أن جميع الكائنات تسبح بحمده سبحانه وتعالى ،أي: تنزهه ،وتمجده ، فالسموات السبع ، والأرض ، ومن فيهن من الإِنس والجن والملائكة وغير ذلك ، وما من شيء من مخلوقاته التي لا تحصى إلا ويسبح بحمد خالقه – تعالى – ، ولكن أنتم يا بنى آدم ( ولكن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ ) لأن تسبيحهم بخلاف لغتكم ، وفوق مستوى فهمكم ، وإنما الذى يعلم تسبيحهم هو خالقهم عز وجل ، وصدق الله سبحانه – إذ يقول : (أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) الملك (14) ، والمتدبر في هذه الآية الكريمة ، يراها تبعث في النفوس الخشية والرهبة من الخالق – عز وجل – ، لأنها تصرح تصريحا بليغا بأن كل جماد ، وكل حيوان ، وكل طير ، وكل حشرة . . بل كل كائن في هذا الوجود يسبح بحمده – تعالى – وهذا التصريح يحمل كل إنسان عاقل على طاعة الله ، وإخلاص العبادة له ، ومداومة ذكره ،حتى لا يكون – وهو الذى كرمه ربه وفضله – أقل من غيره طاعة لله – تعالى – .وقوله تعالى : (إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً) تذييل قصد به بيان فضل الله – تعالى – ورحمته بعباده ،مع تقصيرهم في تسبيحه وذكره . أي : (إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً) لا يعاجل المقصر بالعقوبة ، بل يمهله لعله يرعوى وينزجر عن تقصيره ومعصيته ،(غَفُورًا) لمن تاب وآمن وعمل صالحا ،واهتدى إلى صراطه المستقيم . هذا ، ومن العلماء من يرى أن تسبيح هذه الكائنات بلسان الحال ، فقال بعض العلماء تسبيح هذه الكائنات لله – تعالى – هو دلالتها – بإمكانها وحدوثها ، وتغير شئونها ، وبديع صنعها – على وجود مبدعها ، ووحدته وقدرته ، وتنزهه عن لوازم الإِمكان والحدوث ، كما يدل الأثر على المؤثر ،فهي دلالة بلسان الحال، لا يفقهها إلا ذوو البصائر، أما الكافرون فلا يفقهون هذا التسبيح، لفرط جهلهم وانطماس بصيرتهم.. ومنهم من يرى أن تسبيحها بلسان المقال، أي أن التسبيح بمعناه الحقيقي، فالكل يسبح بحمد الله، ولكن بلغته الخاصة التي لا يفهمها الناس ، وجاء في تفسير البغوي “معالم التنزيل” : عَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِ يكرب قال: إن التُّرَابَ يُسَبِّحُ مَا لَمْ يَبْتَلَّ، فَإِذَا ابْتَلَّ تَرَكَ التَّسْبِيحَ، وَإِنَّ الخرزة لتسبح مَا لَمْ تُرْفَعْ مِنْ مَوْضِعِهَا، فَإِذَا رُفِعَتْ تَرَكَتِ التَّسْبِيحَ، وَإِنَّ الْوَرَقَةَ لَتُسَّبِحُ مَا دَامَتْ عَلَى الشَّجَرَةِ فَإِذَا سَقَطَتْ تَرَكَتِ التَّسْبِيحَ، وَإِنَّ الثَّوْبَ لَيُسَّبِحُ مَا دَامَ جَدِيدًا فَإِذَا وَسِخَ تَرَكَ التَّسْبِيحَ، وَإِنَّ الْمَاءَ يُسَبِّحُ مَا دَامَ جَارِيًا فَإِذَا رَكَدَ تَرَكَ التَّسْبِيحَ، وإن الوحش تُسَبِّحُ إِذَا صَاحَتْ فَإِذَا سَكَنَتْ تَرَكَتِ التَّسْبِيحَ.
وفي تفسير ابن كثير : قال قتادة عن عبد الله بن بابي ، عن عبد الله بن عمرو : أن الرجل إذا قال لا إله إلا الله فهي كلمة الإخلاص التي لا يقبل الله من أحد عملا حتى يقولها ، وإذا قال الحمد لله فهي كلمة الشكر التي لم يشكر الله عبد قط حتى يقولها ، وإذا قال الله أكبر فهي تملأ ما بين السماء والأرض ،وإذا قال سبحان الله فهي صلاة الخلائق التي لم يدع الله أحد من خلقه إلا قرره بالصلاة والتسبيح ،وإذا قال لا حول ولا قوة إلا بالله ” قال أسلم عبدي واستسلم ، وجاء في تفسير الطبري : عن جابر بن عبد الله، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” ألا أُخْبِرُكُمْ بِشَيْءٍ أَمَرَ بِهِ نُوحٌ ابْنَهُ؟ إِنَّ نُوحا قالَ لابْنِهِ يا بُنَيَّ آمُرُكَ أنْ تَقُولَ سُبْحانَ الله وبِحَمْدِهِ فإنَّها صَلاةُ الخَلْق، وَتَسْبِيحُ الخَلْقِ، وبِها تُرْزَقُ الخَلْقُ، قالَ الله (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ) ، ويقول الامام (ابن باز) : التَّسبيح معناه: تنزيه الله، ومعناه: الشَّهادة لله بأنه المنعم، وبأنه ربّ العالمين، فالتَّسبيح هو التنزيه والتَّقديس، وقد يكون بلسان المقال، وقد يكون بلسان الحال، وقد يكون بطرقٍ الله أعلم بها ، ولهذا قال: (وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ) [الإسراء:44]، فالحاصل أن التَّسبيح عامٌّ من جميع المخلوقات، ولكننا لا نفقه تسبيحهم، هذا هو ظاهر الآية.. والآية تعمّ الكفار وغيرهم، ولكن يكون تسبيح الكفار تسبيحًا لا نفقهه، تسبيحًا من جهة ما يقع منهم من ذلٍّ واستكانةٍ لربِّهم جل جلاله صاغرين، داخرين، ومن جهة ما يراه من أعمالهم وتصرُّفاتهم، وما يفعلونه من أشياء غريبة، كلها شاهدةٌ لله بأنه العظيم، وبأنه المُقدَّس جل جلاله.
أيها المسلمون
وقوله تعالى : (تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا) (44) الاسراء ، فهذه الآية العظيمة تخبرنا بأمر لا ندركه ،ولكنه موجود ،ونحن كمؤمنين نؤمن بكل ما جاء في كتاب الله، ولكن كيف نقنع من لا يؤمن بهذا الكتاب العظيم؟ ، فإن الذي يتأمل هذه الآية ، يدرك أن كل المخلوقات تسبح بحمد ربها، فالملائكة والإنسان والحيوان والشجر والنجوم وغيرها من المخلوقات الكل يسبح بحمد ربه ولكننا لا نفقه نحن البشر كيفية هذا التسبيح ، ويوضح القرآن الكريم في أكثر من موضع تسبيح المخلوقات كالرعد والملائكة والجبال والطيور، يقول الله تعالى في [سورة الرعد: 13]: {وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَن يَشَاءُ وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ}. ، وتسبيح الجبال والطير: ففي [سورة الأنبياء: 79] قال الله تعالى : {… وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ}. ، وتأتي السنة المطهرة أيضا مؤكدة وموضحة في أكثر من حديث شريف أن الكائنات تسبح بحمد الله- سبحانه وتعالى-، وقد جاء في الصحيحين البخاري ومسلم : (أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ – رضى الله عنه – قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – يَقُولُ « قَرَصَتْ نَمْلَةٌ نَبِيًّا مِنَ الأَنْبِيَاءِ ، فَأَمَرَ بِقَرْيَةِ النَّمْلِ فَأُحْرِقَتْ ، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ أَنْ قَرَصَتْكَ نَمْلَةٌ أَحْرَقْتَ أُمَّةً مِنَ الأُمَمِ تُسَبِّحُ » ، أما عن تسبيح الحصى ، ففي مسند البزار :عن أبي ذر الغفاري – رضي الله عنه قال : كُنْتُ أَتْبَعُ خَلَوَاتِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَتَعَلَّمُ مِنْهُ ، فَذَهَبْتُ يَوْمًا ، فَإِذَا هُوَ قَدْ خَرَجَ فَاتَّبَعْتُهُ ، فَجَلَسَ فِي مَوْضِعٍ فَجَلَسْتُ عِنْدَهُ ، فَقَالَ : يَا أَبَا ذَرٍّ مَا جَاءَ بِكَ ؟ قَالَ : قُلْتُ : اللَّهُ وَرَسُولُهُ ، قَالَ : فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ ، فَسَلَّمَ وَجَلَسَ عَنْ يَمِينِ النَّبِيِّ ، فَقَالَ لَهُ : مَا جَاءَ بِكَ يَا أَبَا بَكْرٍ ؟ قَالَ : اللَّهُ وَرَسُولُهُ ، قَالَ : فَجَاءَ عُمَرُ فَجَلَسَ عَنْ يَمِينِ أَبِي بَكْرٍ ، فَقَالَ : يَا عُمَرُ مَا جَاءَ بِكَ ؟ قَالَ : اللَّهُ وَرَسُولُهُ ، ثُمَّ جَاءَ عُثْمَانُ فَجَلَسَ عَنْ يَمِينِ عُمَرَ ، فَقَالَ : يَا عُثْمَانُ مَا جَاءَ بِكَ قَالَ : اللَّهُ وَرَسُولُهُ ، قَالَ : فَتَنَاوَلَ النَّبِيُّ سَبْعَ حَصَيَاتٍ أَوْ تِسْعَ حَصَيَاتٍ ، فَسَبَّحْنَ فِي يَدِهِ حَتَّى سَمِعْتُ لَهُنَّ حَنِينًا كَحَنِينِ النَّحْلِ ، ثُمَّ وَضَعَهُنَّ فَخَرِسْنَ ، ثُمَّ وُضِعْنَ فِي يَدِ أَبِي بَكْرٍ فَسَبَّحْنَ فِي يَدِهِ حَتَّى سَمِعَ لَهُنَّ حَنِينًا كَحَنِينِ النَّحْلِ ، فَوَضَعَهُنَّ فَخَرِسْنَ ، ثُمَّ تَنَاوَلَهُنَّ فَوُضِعْنَ فِي يَدِ عُمَرَ فَسَبَّحْنَ فِي يَدِهِ حَتَّى سَمِعْتُ لَهُنَّ حَنِينًا كَحَنِينِ النَّحْلِ ، ثُمَّ وُضِعْنَ فَخَرِسْنَ ، ثُمَّ تَنَاوَلَهُنَّ فَوُضِعْنَ فِي يَدِ عُثْمَانَ فَسَبَّحْنَ فِي يَدِهِ حَتَّى سَمِعْتُ لَهُنَّ حَنِينًا كَحَنِينِ النَّحْلِ ، ثُمَّ وُضِعْنَ فَخَرِسْنَ.) ، أما عن تسبيح الطعام : ففي سنن الترمذي : (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ إِنَّكُمْ تَعُدُّونَ الآيَاتِ عَذَابًا وَإِنَّا كُنَّا نَعُدُّهَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بَرَكَةً لَقَدْ كُنَّا نَأْكُلُ الطَّعَامَ مَعَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- وَنَحْنُ نَسْمَعُ تَسْبِيحَ الطَّعَامِ. قَالَ وَأُتِىَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- بِإِنَاءٍ فَوَضَعَ يَدَهُ فِيهِ فَجَعَلَ الْمَاءُ يَنْبُعُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ فَقَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- « حَيَّ عَلَى الْوَضُوءِ الْمُبَارَكِ وَالْبَرَكَةِ مِنَ السَّمَاءِ ». حَتَّى تَوَضَّأْنَا كُلُّنَا.)
ويقول: د/ محمد بن إسحاق كندو: إن الأدلة من الكتاب والسنة والآثار متضافرة – بما لا يدع مجالا للشك والتردد – على تسبيح الكائنات كلها لله تعالى تسبيحا حقيقيا بلسان المقال، فضلا عن لسان الحال الذي هو دلالتها – بظهور آثار الصنعة الإلهية فيها – على عظمة خالقها وكماله وتنزهه عن العيوب والنقائص والشركاء والأنداد ، ويقول الدكتور/ زغلول النجار: أنه من رحمة الله – سبحانه وتعالى – بنا أنه حجب عنا أصوات تسبيح المخلوقات، ولولا ذلك لأصبحت الحياة جحيماً لا يطاق إذا تكاثرت الأصوات من حولنا وتداخلت دون توقف أو انقطاع، ولأدى ذلك إلى تعطل قدرات الإنسان عن كل من العمل والتفكر والتدبر والعبادة ولحرم النوم والراحة والاستجمام، بل لفقد الإنسان عقله إذا استمع إلى جميع ما في الوجود من حوله وهو يتكلم في وقت واحد.
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ومما يلفت الانتباه في هذه الآية ، أن الله تعالى قال: (وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ) ولم يقل (ولكن لا تسمعون تسبيحهم)، فنحن يمكن أن نسمع تسبيح هذه المخلوقات ،ولكن لا نستطيع ترجمتها ،ولا نستطيع أن نفقهها، فالفقه يكون بعد السماع ، فإذا قلنا لإنسان : أنت لا تفقه ما نقوله لك، فهذا يعني أننا نتكلم أمامه ويسمعنا ،ولكنه لا يفهم ماذا نقول، ومن هنا يمكن أن نستنتج أن الله تعالى في هذه الآية الكريمة ، أشار بوضوح إلى إمكانية أن نسمع أصوات التسبيح الصادرة من كل شيء من حولنا ولكننا لن ندرك معنى ما تقوله ولا يمكن أن نفهم أو نفقه هذه الأصوات ، وهذا ما يكتشفه العلماء اليوم! فقد لاحظ العلماء أن بعض النباتات تصدر ذبذبات صوتية في المجال الذي يسمعه الإنسان، ولكن هذه الإشارات الصوتية التي تطلقها هذه النباتات ضعيفة جداً ،ولا يمكن سماعها إلا بعد تقويتها وتكبيرها آلاف المرات. كما بدأ العلماء يلاحظون أن بعض النجوم تصدر أصواتاً مسموعة، ومنذ فترة تمكن العلماء من تسجيل الصوت الذي أصدره الكون بعد ولادته ، ومن أكثر الاكتشافات غرابة أن الخلية الحية تصدر ترددات صوتية، وهذا ينطبق على جميع الخلايا، وكانت أوضح الترددات ما تصدره خلايا القلب! فقد اكتشف الدكتور Gimzewskiأستاذ الكيمياء في جامعة كاليفورنيا وباستخدام كمبيوتر ذري أن كل خلية تصدر صوتاً محدداً يختلف عن الخلية الأخرى ، والدلافين والصراصير والطيور والنحل وغيرها من الكائنات الحية جميعها تصدر أصواتاً، ثم اكتشف العلماء أن الفيروسات تصدر ترددات صوتيه، وقد يتطور العلم فيكتشف أن الذرة تصدر ترددات صوتية، فيكون بذلك كل شيء يسبح لله كما أخبر بذلك القرآن، ويكون هذا من الأدلة العلمية على صدق هذا الكتاب ،
أيها المسلمون
فإذا كان كل شيء يسبح الله ليلاً نهاراً لا يمل ولا يفتر، فلماذا تنسى ذكر الله والتسبيح؟ لماذا لا يكون كل كلامك تسبيحاً لله تعالى، وهل فكرت أن تسبح الله في كل يوم مئة مرة فقط؟ ، فإذا كان هذا الفيروس الذي لا يُرى يسبّح الله، ألسنا أحق بالتسبيح ونحن الذين ندَّعي الإيمان؟ ، من أجل ذلك اعتبر نبينا صلى الله عليه وسلم أن كلمة (سبحان الله وبحمده) من أحب الكلمات إلى الله تعالى، ففي الصحيحين: (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « كَلِمَتَانِ خَفِيفَتَانِ عَلَى اللِّسَانِ ، ثَقِيلَتَانِ فِي الْمِيزَانِ ، حَبِيبَتَانِ إِلَى الرَّحْمَنِ ، سُبْحَانَ اللَّهِ الْعَظِيمِ ، سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ »، وفي الصحيحين : (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ – رضى الله عنه – أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « مَنْ قَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ . فِي يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ حُطَّتْ خَطَايَاهُ ، وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ » ، وصدق الله العظيم القائل: (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا) [الإسراء: 44].
الدعاء