خطبة عن قبول العمل (رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ)
سبتمبر 30, 2017خطبة عن (فوض أمرك لله) (وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ)
سبتمبر 30, 2017الخطبة الأولى ( كن . ولا تكن .. كن إيجابيا . ولا تكن سلبيا )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته : ﴿ وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [آل عمران: 133]، وقال تعالى : ﴿ سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ﴾ [الحديد: 21]، وقال تعالى : ﴿ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا ﴾ [البقرة: 148]. وروى ابن ماجة في سننه (عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « إِنَّ هَذَا الْخَيْرَ خَزَائِنُ وَلِتِلْكَ الْخَزَائِنِ مَفَاتِيحُ فَطُوبَى لِعَبْدٍ جَعَلَهُ اللَّهُ مِفْتَاحًا لِلْخَيْرِ مِغْلاَقًا لِلشَّرِّ وَوَيْلٌ لِعَبْدٍ جَعَلَهُ اللَّهُ مِفْتَاحًا لِلشَّرِّ مِغْلاَقًا لِلْخَيْرِ ».
إخوة الإسلام
الدين الإسلامي وشرائعه تدعونا إلى أن نكون إيجابيين ، ولا نكون من السلبيين ، فهذا سيدنا موسى عليه السلام لمَّا علِم أنَّ هناك رجلاً أعلمَ منه، ورغب في الأخْذ عنه، والاستفادة منه، قال لخادمه: ﴿ لاَ أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا ﴾ الكهف: 60 ، ولَمَّا دُعي عليه السلام لملاقاة ربِّه، مضى لفوره؛ كما قال – تعالى -: ﴿ وَمَا أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يَا مُوسَى * قَالَ هُمْ أُولاَءِ عَلَى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى ﴾ [طه: 83 – 84]. وهذه أمُّ المؤمنين خديجة – رضي الله عنها – تشارك رسولِ الله – صلَّى الله عليه وسلَّم – دعوتَه، فتؤمِن به حين كفَر به الناس، وتعطيه حين حرَمه الناس، وتواسيه حينما تخلَّى عنه الناس، وعندما قصَّ عليها ما رآه في غارِ حِراء، تعيش بجوارحها كلِّها معه، وتُطمئنه، وتهدِّئ من رَوْعه، وتبشِّره وتسعِده: “واللهِ لن يخزيَك الله أبدًا، إنَّك لتحمِلُ الكَلَّ، وتَقرِي الضيف، وتُكسِب المعدوم، وتُعين على نوائبِ الحق”. وهذا هو أبو بكر – رضي الله عنه – يصِل إلى قمَّة الإيجابيَّة والمبادرة عندَما يأتي بمالِه كلِّه، ويضعُه في حجر رسولِ الله – صلَّى الله عليه وسلَّم – وعندما يسأل: ماذا تركتَ لأهلك يا أبا بكر؟ ؟ يقول: تركتُ لهم الله ورسولَه. وفى يوم الفُرْقان، يوم الْتقى الجمعان تجلَّتِ الإيجابيَّة في أعظمِ أشكالها، فهذا سعْدُ بن معاذ يقول لقائده ونبيِّه – صلَّى الله عليه وسلَّم -: “قد آمنا بك فصدقْناك، وشهِدْنا أنَّ ما جئت به هو الحق، وأعْطيناك على ذلك عهودَنا ومواثيقَنا على السَّمع والطاعة، فامضِ يا رسول الله لِمَا أردتَ، فو الذي بعثَك بالحق لو استعرضتَ بنا هذا البحرَ، فخُضتَه لخضناه معك، ما تخلَّف منَّا رجل واحد، إنَّا لصبر في الحرْب، صدق في اللِّقاء، ولعلَّ الله يُريك منا ما تقرُّ به عينُك، فسِرْ بنا على بركه الله”، وهؤلاء هم قادة الأنصار يقولون لرسول الله صلى الله عليه وسلم : خُذْ من أموالنا ما شئتَ، واترك منها ما شئتَ، إنَّ الذي تأخذه أحبُّ إلينا مِن الذي تتركه”. وقالوا: يا رسولَ الله، لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسى: فاذهبْ أنت وربك فقاتلاَ إنَّا ها هنا قاعدون، ولكن اذهب أنت وربُّك فقاتلاَ إنَّا معكما مقاتلون”، فسُرَّ رسولُ الله، وأشرق وجهه. وفي الخندق أشار سَلْمان الفارسيُّ بحفْر الخندق، فكان سببًا في نصْر الإسلام
أيها المسلمون
فكن أيها المسلم إيجابيا ، ولا تكن سلبيا ، فاشكر الله تعالى على نعمه وآلائه ، واستغفره من ذنوبك ومعاصيك ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (العبد دائماً بين نعمة من الله يحتاج فيها إلى شكر، وذنبٌ منه يحتاج فيه إلى الاستغفار، وكل من هذين من الأمور اللازمة للعبد دائماً، فإنه لا يزال يتقلب في نعم الله وآلائه، ولا يزال محتاجاً إلى التوبة والاستغفار) ، وقد قال الله جل في عُلاه في الحديث القدسي : (يَا عِبَادِي إِنَّكُمْ تُخْطِئُونَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَأَنَا أَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا فَاسْتَغْفِرُونِي أَغْفِرْ لَكُمْ) رواه مسلم ، (وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لَوْ لَمْ تُذْنِبُوا لَذَهَبَ اللَّهُ بِكُمْ وَلَجَاءَ بِقَوْمٍ يُذْنِبُونَ فَيَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ فَيَغْفِرُ لَهُمْ ». رواه مسلم، فكن إيجابيا ، ولا تكن سلبيا ، فإن مررت بحجر يؤذي الناس في الطريق فأبعده عن الطّريق، ونحِّه عن المارّة، واعلم أن الأجر عظيم ، ففي صحيح مسلم (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِى بِطَرِيقٍ وَجَدَ غُصْنَ شَوْكٍ عَلَى الطَّرِيقِ فَأَخَّرَهُ فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ فَغَفَرَ لَهُ ». فإذا لم تزل الحجـر تعثرت به، وإذا لم تُزِل أسباب العثرة تعـثّرت وإن لم تُبعد أسباب الهلاك هلَكت ،وإن لم تبتعد عن موارد العطب ،أُخذت ، وكن على حذر، من أسباب العثرات، وموارد الهلكات، ومظانّ العطب، فالذنب له عاقـبته، والمعصية لها شؤمها، إن لم يتب منها صاحبها، … كن إيجابيا ، ولا تكن سلبيا ، فالنجاح دائماً يبدأ بالأفكار الإيجابية، ثق بنفسك ،وفكر في ما يحدث لك بإيجابية، فالإنسان السلبي ،هو المتشائم من دنياه ، وهو المتكاسل عن العمل وهو المتذمر من واقعه ، وهو الساخط على قضاء ربه ،أما الإنسان الإيجابي، فهو المستفيد من حياته ، والمتفائل من مستقبله، السعيد بحاله ، الشاكر لربه ، حاول أن تكون إيجابياً متفائلاً، فكر بالجوانب التي تسعدك في حياتك ،ولا تكن متشائما لأنك بذلك لن تنتج أبداً ،
كن إيجابيا ، ولا تكن سلبيا ، تفاءل ولا تيأس ، اجتهد ولا تكسل ، حاول مرة بعد مرة ولا تقنط ، ثق في فرج الله ورحمته وعونه وتدبيره ، قال تعالى على لسان نبيه يعقوب : (يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ) يوسف (87) كن إيجابيا ، ولا تكن سلبيا ، تفاءل ولا تتشاءم فإن التشاؤم والتطير من الأوهام والتخيلات الرديئة التي تنشأ من قلة الفقه في الدين، وضعف الإيمان واليقين، فقد روى الإمام أحمد : (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « مَنْ رَدَّتْهُ الطِّيَرَةُ مِنْ حَاجَةٍ فَقَدْ أَشْرَكَ ». قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا كَفَّارَةُ ذَلِكَ قَالَ « أَنْ يَقُولَ أَحَدُهُمْ اللَّهُمَّ لاَ خَيْرَ إِلاَّ خَيْرُكَ وَلاَ طَيْرَ إِلاَّ طَيْرُكَ وَلاَ إِلَهَ غَيْرُكَ »
أيها المسلمون
نعم كن إيجابيا ، ولا تكن سلبيا ، فالإيجابية هي الحياة، وهي الاستجابةُ والتلبية، وهي المبادَرة إلى الخير، والمسارَعة إليه، والمسلِمون الأوائل لبُّوا النِّداء، وتجاوبوا مع وحيِ السماء؛ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ﴾ [الأنفال: 24]، فالمسلم الحق هو من يتشبَّث بالحقِّ الذي قامتْ به السموات والأرض، فلا يسمع إلا نبأه، ولا يصحَب إلا أهلَه، ولا يخضع إلا لمنطقته، ولا يَمضي إلا في طريقه، ولا يزال كذلك، حتى يلقَى الله سبحانه؛ ليسمعَ منه هذا القول، قال تعالى : ﴿ قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ [المائدة: 119]. والمسلم الإيجابي يدعو إلى الخير، ويأمُر بالمعروف، وينهى عن المنكر، ويتذكَّر قولَ نبيِّه – صلَّى الله عليه وسلَّم -: (والذي نفسي بيدي، لَتأمرُنَّ بالمعروف، ولتنهوُنَّ عن المنكر، أو ليوشكنَّ الله أن يبعثَ عليكم عِقابًا منه، ثم تدعونه فلا يُستجاب لكم) رواه الترمذي. والمسلمون الأوائل عندما تفاعَلوا مع آيات كتاب الله ، والذي هو منهجُ الحياة، تربَّع على عروشهم أصفاهم قلْبًا، وأزكاهم نفْسًا، وأطهرهم ضميرًا، وأنضجهم عقلاً، قادَهم أتْقاهُم لله، وأرْحمُهم بعِباد الله، وأحْرصهم على حقِّ الله، وأحْفظهم لحدود الله، وأعْلمهم بالحلال والحرام؛ قال تعالى :﴿ وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلاَةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ ﴾ [الأنبياء: 73]، أمَّا حال المسلمين اليوم ،فعندما تمكَّنتِ السلبية من قلوب البشَر، تربَّع على عروشهم السلبيُّون، الذين لا يعرفون ربًّا، ولا ينصرون حقًّا، ولا يحفظون حدًّا، ولا يُقيمون فردًا، ولا يُنفذون وعدًا، ولا يراعون عهدًا، ومِن ثَمَّ لا ترتفع لهم راية، ولا ينتصر بهم دِين، ولا تتحقَّق لهم غاية. فدعوة الإسلام لا تنتصر بأصحابِ المنافع، ولا بأرباب المصالِح، ولا بطلاَّب الدنيا، ولا بالباحثين عن الأضواءِ والشُّهرة، ولا بالمعطِّلين للدعوة والصادِّين عن سبيل الله،
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( كن . ولا تكن .)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
كن .. ولا تكن .. كن طائعا لله ورسوله ، ولا تكن عاصيا . وكن مبشرا ولا تكن منفرا. وكن ميسرا ولا تكن معسرا .وكن سخيا ولا تكن بخيلا .وكن ودودا ولا تكن جافيا . وكن جادا ولا تكن مهرجا . وكن قويا ولا تكن ضعيفا . وكن صادقا ولا تكن كاذبا . وكن زاهدا ولا تكن طامعا .كن مقبلا على كل خير ، ولا تكن مدبرا . وكن سليم القلب ولا تكن حاقدا . كن عادلا ولا تكن ظالما . وكن ذاكرا لله ، ولا تكن غافلا . وكن حليما ولا تكن مندفعا . كن عاملا منتجا ولا تكن متطفلا . وكن عاليا ولا تكن متعاليا . وكن معطيا ولا تكن آخذا . كن مسالما ولا تكن مهاجما . كن محبا للخير وأهله ، ولا تكن مبغضا . وكن متوكلا على الله ،ولا تكن متواكلا . كن كحامل المسك ، ولا تكن كنافخ الكير . وكن متبعا لرسولك ولا تكن مبتدعا . كن متواضعا ولا تكن متكبرا . وكن توابا ولا تكن مسرفا . وكن غاضا لبصرك ولا تكن مطلقا له . وكن متعلما ولا تكن جاهلا . وكن سابقا في الخيرات ولا تكن مسبوقا . وكن صبورا ولا تكن عجولا . كن لله كما يحب، ولا تكن كما لا يحب . كن أبا حانيا ولا تكن أبا غليظا . وكن شهما ولا تكن نذلا .وكن كالحديد في صلابته ولا تكن كالريشة في هشاشتها ، وكن كالنجم في علاه ، ولا تكن كالحصى في أدناه . كن كالشمس مشعا ولا تكن كالقمر مستمدا . وكن كالنهر في عذوبته ولا تكن كالبحر في ملوحته . وكن كالجمل في تحمله ولا تكن كالفأر في تعجله . كن مفتاحا للخير ومغلاقا للشر , ولا تكن مفتاحا للشر ومغلاقا للخير . كن ذا خلق كريم ولا تكن ذا خلق ذميم .كن مخلصا لله في عملك ولا تكن مرائيا ومسمعا . كن وفيا للوعود والمواثيق ، ولا تكن غادرا أو خائنا . كن واصلا للرحم ولا تكن مكافئا أو مقاطعا . وكن بارا بوالديك ولا تكن عاقا لهما . كن اليد التي تمسح دموع الغير بأفعالك الرائعة , ولا تكن اليد التي تزيد من الجروح ، كن صوت الحق ورايته التي ترتفع دفاعا عن الحقوق , ولا تكن الشيطان الأخرس في سكوتك عن الحق . كن كالنجم الذي يلوح على صفحات الماء وهو رفيع , ولا تكن كالدخان الذي يعلو بنفسه في الهواء وهو وضيع . كن صالحا ولا تكن فاسدا. كن حكيما ولا تكن مجازفا. كن رحيما ولا تكن قاسيا.
كن قارئا للقرآن ولا تكن هاجرا. كن نافعا ولا تكن ضارا. كن حريصا ولا تكن متهاونا. كن نجما في السماء تراه الناس ، ولا تكن حصاة بالأرجل تداس !!
الدعاء