خطبة عن (اليقين بالله في حياة الأنبياء والمؤمنين الأولين)
أبريل 20, 2016خطبة عن (كيف نصل إلى منزلة اليقين بالله؟ وكيف نتربى عليه؟)
أبريل 20, 2016الخطبة الأولى (منزلة اليقين بالله تعالى ووسائل بلوغها)
الحمد لله رب العالمين ..اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك .. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له .وأشهد أن محمدا عبده ورسوله اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله واصحابه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
قال الله تعالى : ( وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ) (24) السجدة
إخوة الإسلام
حديثنا عن الوسائل والأسباب والأمور التي تعين الانسان على الوصول لدرجة اليقين بالله تعالى، ومنها : العزم الجازم الذي لا تردد فيه في العمل بمرضاة الله عز وجل: فيُقدم العبد على ذلك من غير نظرٍ في الحسابات، فالذي يجلس قبل أن يتوب، ويحسب الأرباح والخسائر؛ قد لا يعمل، وقد لا يتوب، وقد تفوته فرصة الحياة، وهو لم يتقرب إلى الله عز وجل كثيراً، وإنما العبد بحاجة إلى الإقدام والجزم، ولهذا قال بعض أهل العلم:’ الاهتمام بالعمل يورث الفكرة، والفكرة تورث العبرة، والعبرة تورث الحزم، والحزم يورث العزم، والعزم يورث اليقين، واليقين يورث الغنى –فلا يلتفت ولا يفتقر إلى أحد سوى الله عز وجل- والغنى يورث الحب، والحب يورث اللقاء’. ومن الأمور التي يُحصل بها اليقين: مفارقة الشهوات والحظوظ النفسانية: فإذا كان العبد منغمساً في شهواته، فأني له باليقين؟ ومما يورث اليقين في قلوبنا، ويكون سباً إلى تحصيله: التفكر في الأدلة التي توصل إلى اليقين ، ومأ أكثر الآيات في صفحة الكون المنظور والمسطور ، قال تعالى (اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ (2) وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ) (2 )،(3) الرعد،
أيها المسلمون
وماذا قال الأولون من سلفنا الصالح عن اليقين بالله تعالى ؟ ،قال خالد بن معدان -رحمه الله- قال: تعلموا اليقين كما تعلموا القرآن حتى تعرفوه .وقال أبو بكر بن أبي مريم: ما نزل في الأرض شيء أقل من اليقين، ولا قسم بين الناس شيء أقل من الحلم , وقال عمار بن ياسر: “كفى بالموت واعظا، وكفى باليقين غنى، وكفى بالعبادة شغلا” .ومن وصايا لقمان لابنه: قوله يا بني إن الصبر على المكاره من حسن اليقين، وإن لكل عمل كمالا وغاية، وكمال العبادة الورع واليقين. وعن الحسن البصري -رحمه الله- قال: “ما أيقن عبد بالجنة والنار حق يقينهما إلا خشع ووجل، وذل واستقام، واقتصر حتى يأتيه الموت” .وما أجمل ما قاله ابن مسعود -رضي الله عنه- في اليقين حيث قال: “اليقين أن لا ترضي الناس بسخط الله، ولا تحمد أحدا على رزق الله، ولا تلم أحدا على ما لم يؤتك الله -عز وجل-، فإن الرزق لا يسوقه حرص حريص، ولا يرده كراهية كاره، فإن الله تبارك وتعالى بقسطه وعلمه وحلمه جعل الروح والفرج في اليقين والرضا، وجعل الهم والحزن في الشك والسخط” .وقال أبو بكر الوراق -رحمه الله-: “اليقين ملاك القلب وبه كمال الإيمان وباليقين عرف الله وبالعقل عقل عن الله” .وقال ابن مسعود -رضي الله عنه-: “اليقين الإيمان كله”، وقال أيضا: “الصبر نصف الإيمان، واليقين الإيمان كله” .وعن سفيان الثوري -رحمه الله-: قال لو أن اليقين استقر في القلب كما ينبغي لطار فرحا وحزنا شوقا إلى الجنة أو خوفا من النار .وقد روي عن السيد المسيح -عليه السلام- قوله: لو أن لابن آدم من اليقين قدر شعيرة مشى على الماء .
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( اليقين في حياة الأنبياء والمرسلين )
الحمد لله رب العالمين ..اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك .. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له .وأشهد أن محمدا عبده ورسوله اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله واصحابه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ولقد ضرب أنبياء الله ورسله الكرام المثل الأعلى في اليقين وحسن الثقة بالله تعالى , فها هو الخليل إبراهيم عليه وسلم حينما حاجه قومه قال لهم في يقين وثبات : قال تعالى : (وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِ وَلَا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبِّي شَيْئًا وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ (80) وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) ( 80)،(81) الأنعام . وها هو كليم الله موسى عليه السلام ، البحر أمامه والعدو وراءه ومعه أمة خرجت ذليلة لله، مستجيبة لأمر الله، فوقف أمام البحر فلما قال له بنو إسرائيل: (إِنَّا لَمُدْرَكُونَ ) [الشعراء:61] ،قال واليقين معمور به قلبه ومليءٌ به فؤاده: ( قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ ) [الشعراء:62] ، كلا؛ لا أُدرك ولا أُهان ومعي الواحد الديان، ففي طرفة عين تنزلت أوامر الله أَنِ ( اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ ) [الشعراء:63] وإذا بتلك الأمواج المتلاطمة العظيمة تنقلب في طرفة عين إلى أرض يابسة، وإذا به على أرض لا يخاف دركاً فيها ولا يخشى، : قال تعالى :” فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ (61) قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ (62) فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ (63) وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآخَرِينَ (64) وَأَنْجَيْنَا مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ (65) ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ (66) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (67) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ) ( 61) :(68) الشعراء . ونواصل الحديث إن شاء الله
الدعاء