خطبة عن (مع الرُّشْد والرَّاشِدينَ)
ديسمبر 9, 2025الخطبة الأولى (كَلِمَاتٌ مِنْ نُور)
الحمد لله رب العالمين، اللهم لك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، حمدا يوافي النعم ويكافئ المزيد، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ، أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ، تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا﴾ [إبراهيم:٢٤–٢٥]. وقال النبي ﷺ: «الكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ» (متفق عليه).
إخوة الإسلام
إنَّ الكلمةَ ليستْ مجرّدَ حروفٍ تَخرُجُ من الفم، بل هي روحٌ تنفُذ إلى القلوب، ونورٌ يبدّدُ الظلمات، وعملٌ يُكتَب في صحائفنا، فكلمةٌ ترفعُ إنسانًا، وأخرى قد تهدمُ بيوتًا وأُمَمًا.
ألا ترَونَ كيف جعلَ الله كلامَه هو النورَ والهداية؟، فقال الله تعالى: (قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ (15) يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) (15)، (16) المائدة، وقال تعالى: ﴿اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ [النور:٣٥]. فكلماتُ الله هي أنوارٌ تهدي القلوبَ، وتُخرجُ الناسَ من الظلمات إلى النور، كما قال سبحانه: ﴿كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ﴾ [إبراهيم:١].
فما أعظمَها من كلمات! تُنيرُ دربَ المؤمن، وتُسكِّنُ خوفَه، وتُداوي جراحَه. فحين يقولُ الله: ﴿إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا﴾ [الشرح:٦]، يَطمئنُّ القلبُ المضطرب، ويستبشرُ المهمومُ بالفرجِ القريب.
وحين يقولُ الله تعالى: ﴿لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ﴾ [الزمر:٥٣]، تشرقُ أرواحُ التائبين بعد ظلمةِ الذنوب.
وكلماتُ الله لا تَنفد، كما قال سبحانه: ﴿وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ، وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ، مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ﴾ [لقمان:٢٧]. فهي كلماتٌ لا تنتهي، نورُها دائمٌ، وهدايتُها باقيةٌ ما بقيَ الزمان.
وإنَّ من أعظم الكلمات نورًا، وأثقلها في الميزان، وأحبها إلى الرحمن، كلمةُ التوحيد: «لا إله إلا الله». ففي سنن الترمذي: (أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ «وَخَيْرُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ».
ف«لا إله إلا الله» هي الكلمة التي تُحرِّر القلب من العبودية لغير الله، وتملؤه طمأنينةً ويقينًا، وتجعلُ صاحبَها من أهل الجنة، إن صدق بها، وعمل بمقتضاها، ففي سنن أبي داود: (عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «مَنْ كَانَ آخِرُ كَلاَمِهِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ».
و«لا إله إلا الله» هي كلمة ينال بها الموحد الشفاعة، ويخرج بها المؤمن العاصي من النار، ففي الصحيحين: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ – رضي الله عنه – أَنَّهُ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَقَالَ «لَقَدْ ظَنَنْتُ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ أَنْ لاَ يَسْأَلَنِي عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ أَحَدٌ أَوَّلُ مِنْكَ، لِمَا رَأَيْتُ مِنْ حِرْصِكَ عَلَى الْحَدِيثِ، أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ. خَالِصًا مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ»،
وفي صحيح البخاري: (عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ «يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ مَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَفِى قَلْبِهِ وَزْنُ شَعِيرَةٍ مِنْ خَيْرٍ، وَيَخْرُجُ مِنَ النَّارِ مَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَفِى قَلْبِهِ وَزْنُ بُرَّةٍ مِنْ خَيْرٍ، وَيَخْرُجُ مِنَ النَّارِ مَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَفِى قَلْبِهِ وَزْنُ ذَرَّةٍ مِنْ خَيْرٍ»
أيها المسلمون
وكلماتُ النور كثيرة، فمنها: «سبحان الله» تملأ ما بين السماء والأرض. «الحمد لله» تُنزل البركة على العبد. «الله أكبر» تُعظّم في القلب شأنَ الله. «لا حول ولا قوة إلا بالله» تفتح أبوابَ الفرج. ففي صحيح مسلم: (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «الطُّهُورُ شَطْرُ الإِيمَانِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلأُ الْمِيزَانَ. وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلآنِ – أَوْ تَمْلأُ – مَا بَيْنَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَالصَّلاَةُ نُورٌ وَالصَّدَقَةُ بُرْهَانٌ وَالصَّبْرُ ضِيَاءٌ وَالْقُرْآنُ حُجَّةٌ لَكَ أَوْ عَلَيْكَ)،
فما أجملَ أن يكونَ لسانُك رطبًا بذكر الله، وأن تمضيَ حياتَك تُضيء بها دروبَ الناس، كما تُضيءُ لنفسك طريقَ الجنة.
والكلمةُ الطيبة تَزرَعُ في القلوبِ الأمل، وتُوقِدُ في النفوسِ الإيمان، وتُعيدُ للحياةِ معناها بعد يأسٍ طويل، ومن أجل ذلك، شبَّهها اللهُ بالشجرةِ الطيبة، أصلُها ثابتٌ في الأرض، وفرعُها في السماء، تُظلِّل الناسَ بخيرها، وتُطعِمهم من ثمرها، وتمنحُهم من عطرها.
والكلمةُ الطيبةُ ليست فقط في المواعظ والخطب، بل في كل قولٍ يُرضي الله: فهي في كلمة تُقال بلُطف، وفي سلامٍ يُلقَى بحب، وفي دعاءٍ صادقٍ لأخٍ غائب، وفي نصيحةٍ تُقدَّم برفق: «جزاك الله خيرًا»، و «سامحك الله»، و «غفر الله لك».
فكم من قلبٍ حزينٍ أفاقَ على كلمةٍ طيبة، وكم من نفسٍ يائسةٍ أعادَت لها الحياةَ كلمةٌ صادقة ،فالكلمةُ الطيبةُ نورٌ لصاحبها في الدنيا، ونورٌ له في قبره، ونورٌ له يومَ يلقى ربَّه، فطوبى لمن ملأَ حياتَه بكلماتٍ من نور، لا تؤذي ولا تجرح، بل تُحيي وتُصلِح.
أيها المسلمون
إنّ الله جلّ وعلا قد عظَّم أثرَ الكلمة، حتى جعلَها طريقًا إلى الجنة، أو إلى النار، ففي الصحيحين واللفظ للبخاري: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ «إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ لاَ يُلْقِي لَهَا بَالاً، يَرْفَعُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَاتٍ، وَإِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ لاَ يُلْقِي لَهَا بَالاً يَهْوِي بِهَا فِي جَهَنَّمَ».
فانظروا إلى عِظَمِ الخطرِ، وعِظَمِ الأجر، كلمةٌ واحدة قد تكون سببًا في نجاةِ عبد، أو هلاكه!،
ألا فلنحذر كلماتِ الغفلةِ، والجدالِ، والغيبةِ، والسخرية، فإنها تَطفئُ نورَ القلب، وتُثقِلُ الميزانَ بالسيئات،
ولنحرصْ على أن تكونَ ألسنتُنا جاريةً بذكرِ الله، داعيةً إلى الخير، ناطقةً بالحق، ناثرةً للسلام، وليكن شعارُنا ما قاله الله تعالى: ﴿وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا﴾ [البقرة:٨٣]. وقول ابْن عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «يَا لِسَانُ، قُلْ خَيْرًا تَغْنَمْ، أَوِ اسْكُتْ عَنْ شَرٍّ تَسْلَمْ».
أقولُ قولي هذا، وأستغفرُ اللهَ لي ولكم
الخطبة الثانية (كَلِمَاتٌ مِنْ نُور)
الحمد لله رب العالمين، اللهم لك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، حمدا يوافي النعم ويكافئ المزيد، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد أيها المسلمون
إذا كانت الكلمة الطيبة صدقةً، والكلمة الصالحة نورًا، فإن الكلمة الفاسدةَ ظُلمةٌ في القلب، ووبالٌ في الآخرة. فكم من إنسانٍ أفسد بين الأهل والأصدقاء بكلمةٍ عابرة!، وكم من بيتٍ تهدّم بسبب كلمة!، وكم من علاقةٍ قُطعت، وقلوبٍ تباعدت، لأنَّ أحدهم لم يَزِنْ كلامه قبل أن ينطق به!، ولذلك فقد حذرنا الله تعالى من الكلام في الباطل، فقال تعالى: (لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا) (114) النساء،
وحذرنا النبي ﷺ من الكلمة السيئة، ففي سنن الترمذي: (عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فِي سَفَرٍ فَأَصْبَحْتُ يَوْمًا قَرِيبًا مِنْهُ وَنَحْنُ نَسِيرُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنِي بِعَمَلٍ يُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ وَيُبَاعِدُنِي مِنَ النَّارِ. قَالَ «لَقَدْ سَأَلْتَنِي عَنْ عَظِيمٍ وَإِنَّهُ لَيَسِيرٌ عَلَى مَنْ يَسَّرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ تَعْبُدُ اللَّهَ وَلاَ تُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا وَتُقِيمُ الصَّلاَةَ وَتُؤْتِى الزَّكَاةَ وَتَصُومُ رَمَضَانَ وَتَحُجُّ الْبَيْتَ ». ثُمَّ قَالَ «أَلاَ أَدُلُّكَ عَلَى أَبْوَابِ الْخَيْرِ الصَّوْمُ جُنَّةٌ وَالصَّدَقَةُ تُطْفِئُ الْخَطِيئَةَ كَمَا يُطْفِئُ الْمَاءُ النَّارَ وَصَلاَةُ الرَّجُلِ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ ». قَالَ ثُمَّ تَلاَ (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ) حَتَّى بَلَغَ (يَعْمَلُونَ) ثُمَّ قَالَ «أَلاَ أُخْبِرُكَ بِرَأْسِ الأَمْرِ كُلِّهِ وَعَمُودِهِ وَذِرْوَةِ سَنَامِهِ». قُلْتُ بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «رَأْسُ الأَمْرِ الإِسْلاَمُ وَعَمُودُهُ الصَّلاَةُ وَذِرْوَةُ سَنَامِهِ الْجِهَادُ».
ثُمَّ قَالَ «أَلاَ أُخْبِرُكَ بِمَلاَكِ ذَلِكَ كُلِّهِ». قُلْتُ بَلَى يَا نَبِيَّ اللَّهِ قَالَ فَأَخَذَ بِلِسَانِهِ قَالَ «كُفَّ عَلَيْكَ هَذَا ». فَقُلْتُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ وَإِنَّا لَمُؤَاخَذُونَ بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ فَقَالَ «ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا مُعَاذُ وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ أَوْ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ إِلاَّ حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ».
أيها المسلمون
وفي زمنٍ كثرت فيه الكلماتُ المؤذيةُ، والعباراتُ الجارحةُ، فنحن أحوجُ ما نكونُ إلى كلماتٍ من نورٍ وهدايةٍ ورحمة، كلماتٍ تُطفئ نارَ الغضب، وتُصلِحُ ذاتَ البين، وتُعيدُ الثقةَ بين الناس،
فلْيكنْ أحدُنا إذا تكلّم، تكلّم بخيرٍ أو صمت، ففي الصحيحين: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ – رضي الله عنه – قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا، أَوْ لِيَصْمُتْ)،
فاجعلْ لسانك يا عبدَ الله لسانَ خيرٍ، وذكرٍ وسلامٍ، لا لسانَ فُحشٍ وخصامٍ وبهتانٍ. وتكلّموا بما يُرضي الله، فإنَّ الكلمةَ الطيبةَ ترفعُك في الدنيا قبل الآخرة، وتبقى لك ذكرًا جميلًا في الناس، ودعاءً صادقًا بعد موتك. واجعلوا من كلامكم نورًا يسكن البيوت، وضياءً يملأ القلوب، وسكينةً تسري بين الناس.
واجعلوا ألسنتكم مفاتيحَ للخير، مغاليقَ للشر. وانشروا في بيوتكم وأعمالكم ومدارسكم كلماتٍ من نور: كلمةُ ذكر، وكلمةُ دعاء، وكلمةُ تشجيع، وكلمةُ عفو، وكلمةُ «جزاك الله خيرًا».. فهذه الكلمات البسيطة تصنعُ أثرًا لا تصنعه الأموال. فالكلمة نور، والنور حياة.
فاللهم اجعلنا من أهل «كلمات النور» الذين قلت فيهم: ﴿اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ﴾ [البقرة:٢٥٧]. واجعل ألسنتنا عامرةً بذكرك، وقلوبنا مطمئنةً بحبك، وأعمالنا خالصةً لوجهك. وطهّر ألسنتنا من الكذب والغيبة، وزيّنها بقول الخير والدعوة إلى الحق. واجعلنا من الذين يستمعون القول فيتّبعون أحسنه.
الدعاء
