خطبة عن المسلم يحب كل جميل (إِنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ)
ديسمبر 2, 2017خطبة عن (العبرة والاعتبار) (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشَى)
ديسمبر 2, 2017الخطبة الأولى ( لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ ) : معناها وفضائلها )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته : (وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ) الكهف 39، وفي الصحيحين 🙁عَنْ أَبِى مُوسَى قَالَ كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فِي سَفَرٍ فَجَعَلَ النَّاسُ يَجْهَرُونَ بِالتَّكْبِيرِ فَقَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- « أَيُّهَا النَّاسُ ارْبَعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ إِنَّكُمْ لَيْسَ تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلاَ غَائِبًا إِنَّكُمْ تَدْعُونَ سَمِيعًا قَرِيبًا وَهُوَ مَعَكُمْ ». قَالَ وَأَنَا خَلْفَهُ وَأَنَا أَقُولُ لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ فَقَالَ « يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسٍ أَلاَ أَدُلُّكَ عَلَى كَنْزٍ مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ ». فَقُلْتُ بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ « قُلْ لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ ».
إخوة الاسلام
« لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ » وتسمى أيضا : (الحوقلة) ، فهذه الكلمة العظيمة ، لها دلالات ومعانٍ جليلةٌ ، تدل على كمالها وعِظم شأنها ،وكثرة فوائدها وفضائلها ، فينبغي على كل مسلم أن يُعنى بها ، وأن يَهتم بها غاية الاهتمام ، وأن يُكثر من ترديدها حيثما كان، فهي مفتاح كل خير ، ولقائلها يفرج الله كل هم وضيق وكرب ، ويحفظه من كل مكروه . وفي قول :« لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ » : اعتراف العبد بعجزه عن القيام بأي أمر إلا بتوفيق الله وتيسيره ، وأن حول المرء ونشاطه وقوته مهما بلغت من العِظم ، فإنها لا تغني عن العبد شيئا ،إلا بعون الله الذي علا وارتفع على سائر المخلوقات ، فهو سبحانه العظيم الذي لا يعظم معه شيء ، فكل قوي ضعيف في جنب قوة الله ، وكل عظيم فهو حقير في جنب عظمته سبحانه وتعالى . و« لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ » : معناها: لا حول عن معصية الله إلا بعصمة الله، ولا قوة على طاعة الله إلا بمعونة الله. وعن ابن عباس (رضي الله عنهما)، قال في “لا حول ولا قوة إلا بالله”. قال: “لا حول بنا على العمل بالطاعة إلا بالله، ولا قوة لنا على ترك المعصية إلا بالله” وعن زهير بن محمد أنه سئل، عن تفسير “لا حول ولا قوة إلا بالله” قال: “لا تأخذ ما تحب إلا بالله، ولا تمتنع مما تكره إلا بعون الله”
أيها المسلمون
ولقد وردت نصوص كثيرة في السنة النبوية تبين فضل هذه الكلمة ، وعظم شأنها، وقد تنوعت هذه النصوص في الدلالة على تشريف هذه الكلمة وتعظيمها، مما يدل بجلاء على عظم فضل هذه الكلمة ورفعة مكانتها، وأنها كلمة عظيمة ينبغي على كلِّ مسلم أن يعنى بها ويهتمّ بها ، ومما جاء في فضائلها : أن « لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ » كنز من كنوز الجنة: ففي مسند الإمام أحمد (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « أَكْثِرُوا مِنْ قَوْلِ لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ فَإِنَّهَا كَنْزٌ مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ ». ومعنى أنها كنز من كنوز الجنة ، أي أن ثوابها مدخر لقائلها في الجنة . كما جاء في فيض القدير للإمام المناوي : « أَكْثِرُوا مِنْ قَوْلِ لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ فَإِنَّهَا كَنْزٌ مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ ». أي أن ثوابها نفيس ،ومدخر في الجنة، كما يدخر الكنز ، ويحفظ في الدنيا. وروى الامام أحمد في مسنده (عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ « أَلاَ أُعَلِّمُكَ – قَالَ هَاشِمٌ أَفَلاَ أَدُلُّكَ عَلَى – كَلِمَةٍ مِنْ كَنْزِ الْجَنَّةِ مِنْ تَحْتِ الْعَرْشِ لاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ يَقُولُ أَسْلَمَ عَبْدِى وَاسْتَسْلَمَ » ، وفي معنى أنها كنز من تحت العرش أي أنه لما كانت الجنة تحت العرش والعرش سقفها، فكان كنز الجنة مجاز عن تحت العرش ،ومن فضائل « لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ » : أنها غرس مِنْ غِرَاسِ الجَنَّةِ: فعن أَبي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- لَيْلَةَ أُسْرِىَ بِهِ مَرَّ عَلَى إِبْرَاهِيمَ فَقَالَ مَنْ مَعَكَ يَا جِبْرِيلُ قَالَ هَذَا مُحَمَّدٌ. فَقَالَ لَهُ إِبْرَاهُيمُ مُرْ أُمَّتَكَ فَلْيُكْثِرُوا مِنْ غِرَاسِ الْجَنَّةِ فَإِنَّ تُرْبَتَهَا طَيِّبَةٌ وَأَرْضَهَا وَاسِعَةٌ. قَالَ « وَمَا غِرَاسُ الْجَنَّةِ ». قَالَ لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ) رواه أحمد. ومن فضائل « لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ » : أنها باب مِنْ أَبْوَابِ الجَنَّةِ: ففي سنن الترمذي بسند صحيح (عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ أَنَّ أَبَاهُ دَفَعَهُ إِلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- يَخْدُمُهُ. قَالَ فَمَرَّ بِيَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- وَقَدْ صَلَّيْتُ فَضَرَبَنِي بِرِجْلِهِ وَقَالَ « أَلاَ أَدُلُّكَ عَلَى بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ ». قُلْتُ بَلَى. قَالَ « لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ ». ومن فضائل « لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ » : أنها سبيل لحفظ النعم ، وذلك كما يفهم من قول الرجل المؤمن لصاحب الجنة ، في قوله تعالى :﴿ وَلَوْلا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ ﴾ [الكهف: 39]، وقال مالك: ينبغي لكل من دخل منزله أن يقول هذا.
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ معناها وفضائلها )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ومن فضائلها« لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ »: أنها تقي صاحبها من شياطين الجن والإنس ، ففي سنن أبي داود (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « إِذَا خَرَجَ الرَّجُلُ مِنْ بَيْتِهِ فَقَالَ بِسْمِ اللَّهِ تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ ». قَالَ « يُقَالُ حِينَئِذٍ هُدِيتَ وَكُفِيتَ وَوُقِيتَ فَتَتَنَحَّى لَهُ الشَّيَاطِينُ فَيَقُولُ لَهُ شَيْطَانٌ آخَرُ كَيْفَ لَكَ بِرَجُلٍ قَدْ هُدِىَ وَكُفِىَ وَوُقِىَ ». ومن فضائل «لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاَّ باللَّهِ»: أنها حافظة مانعة ، فقد جاء في تفسير القرطبي ، في تفسير قوله تعالى : (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ) الطلاق 2 ،3 : (عن جابر بن عبد الله: نزلت في عَوْف بن مالك الأشجعي أسر المشركون ابناً له يُسَمَّى سالماَ، فأتىَ رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وشكا إليه الفاقة وقال: إن العدوّ أسر ابني وجَزِعت الأمّ، فما تأمرني؟ فقال عليه السلام: «اتَّقِ الله واصبر، وآمرك وإيّاها أن تستكثِرا من قول لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا باللَّهِ». فعاد إلى بيته وقال لامرأته: إن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أمرني وإيّاكِ أن نستكثر من قول لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا باللَّهِ. فقالت: نِعْمَ ما أمرنا به. فجعلا يقولان: فَغفَل العَدُوّ عن ابنه، فساق غنمهم وجاء بها إلى أبيه: وهي أربعة آلاف شاة. فنزلت الآية، وجعل النبيّ- صلى الله عليه وسلم- تلك الأغنام له ) .«الجامع لأحكام القرآن للقرطبي ».
الدعاء