خطبة عن (الرياء: أقسامه وصوره )
يناير 30, 2016خطبة عن( أسباب التعامل بالربا )
يناير 30, 2016الخطبة الأولى (أكل الأموال بالباطل) 1
الحمد لله رب العالمين ..اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك .. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له .وأشهد أن محمدا عبده ورسوله اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله واصحابه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
قال الله تعالى في محكم آياته وهو أصدق القائلين : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا . وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا . إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلا كَرِيمًا }النساء 29 ، 30 ، 31
أيها الموحدون
مع هذه الآيات المباركات من سورة النساء .نعيش لحظات طيبة مع كتاب الله عز وجل. يقول الله سبحانه وتعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ). فالمخاطبون في هذه الآيات .هم أهل التكليف. هم أهل الإيمان .أهل التقوى والإحسان . يقول ابن مسعود رضي الله عنه: “إِذَا سَمِعْتَ اللَّهَ يَقُولُ: ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ” فَأَرْعِهَا سَمْعَكَ فَإِنَّهُ خَيْرٌ يَأْمُرُهُ، أَوْ شَرٌّ يَنْهَى عَنْهُ”.. وإذا سمعت هذا النداء (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ) فاعلم أنك أنت المعني. وأنت المخاطب به. وفي قوله تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا .(لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ). ينهى الله تبارك وتعالى عباده المؤمنين عن أن يأكلوا أموال بعضهم بعضا بالباطل، أي: بأنواع المكاسب المحرمة والتي هي غير شرعية.. وأكل أموال الناس بالباطل له صور متعددة في معاملاتنا منها الربا والقمار واكتساب المال بالغش في البيع والتجارة. أو بالكذب أو بالرشوة .أو بالإتجار في المحرمات أو بالإستيلاء على حقوق الورثة وبالسرقة والغصب والخيانة والظلم وغيرها. فكل من استولى على أموال الغير بطرق محرمة أو في سلع محرمة فهو آكل أموال اللناس بالباطل .روى البخاري في صحيحه، عَنْ خَوْلَةَ الأَنْصَارِيَّةِ رضى الله عنها .قَالَتْ .سَمِعْتُ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ : « إِنَّ رِجَالاً يَتَخَوَّضُونَ فِى مَالِ اللَّهِ بِغَيْرِ حَقٍّ ، فَلَهُمُ النَّارُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ». ، وهذا المال الحرام لا تقبل الصدقة منه .قال صلى الله عليه وسلم : (وَلا كَسَبَ عَبْدٌ مَالا حَرَامًا فَيُبَارِكَ اللَّهُ فِيهِ ، وَلا يَتَصَدَّقُ فَيُتَقَبَّلَ مِنْهُ ، وَلا يَتْرُكُهُ خَلْفَ ظَهْرِهِ إِلاَّ كَانَ قَائِدُهُ إِلَى النَّارِ ، إِنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَزَّ لا يَمْحُو السَّيِّءَ بِالسَّيِّءِ ، وَلَكِنْ يَمْحُو السَّيِّئَ بِالْحَسَنِ ، إِنَّ الْخَبِيثَ لا يَمْحُو الْخَبِيثَ).
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ.( إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ) أي. إذا كان كسب أموالكم عن طريق المتاجرة المشروعة والتي تكون عن تراض من البائع والمشتري فافعلوها فهذا كسب حلال.وعمل مشروع .كما قال سبحانه (وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا). وفي البخاري (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم « الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا – أَوْ قَالَ حَتَّى يَتَفَرَّقَا – فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا فِى بَيْعِهِمَا ، وَإِنْ كَتَمَا وَكَذَبَا مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا » ، وفي كتاب الأدب للبيهقي (عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : إِنَّ أَطْيَبَ الْكَسْبِ كَسْبُ التُّجَّارِ الَّذِينَ إِذَا حَدَّثُوا لَمْ يَكْذِبُوا ، وَإِذَا ائْتُمِنُوا لَمْ يَخُونُوا وَإِذَاوَعَدُوا لَمْ يُخْلِفُوا وَإِذَا اشْتَرُوا لَمْ يَذِمُّوا ، وَإِذَا بَاعُوا لَمْ يُطْرُوا ، وَإِذَا كَانَ عَلَيْهِمْ لَمْ يَمْطُلُوا ، وَإِذَا كَانَ لَهُمْ لَمْ يُعَسِّرُوا)
أقول قولي واستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (أكل الأموال بالباطل ، وقتل النفس ) 1
الحمد لله رب العالمين ..اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك .. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له .وأشهد أن محمدا عبده ورسوله اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله واصحابه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ونستكمل الآيات يقول سبحانه (وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ. إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ) قد يكون المعنى .لا يقتل بعضكم بعضا .وقد يكون المقصود بها النهي أن يقتل الإنسان نفسه فينهى الله تبارك وتعالى عباده المؤمنين أن يقتلوا أنفسهم .أو أن يكونوا سببا في قتل أنفسهم .. وقتل النفس له صور متعددة. أولها. ارتكاب محارم الله والوقوع في معاصيه .فمن فعل ذلك كان قاتلا لنفسه لأنه عرضها لعذاب الله في نار جهنم . ومن صور قتل النفس أيضا أن تعرض نفسك للهلاك والموت إما بطريق مباشر أو غير مباشر بطريق مباشر كمن يقتل نفسه بسلاح أو يطعن نفسه بسكين أو يتناول سما أو يتردى من مكان مرتفع . ففي صحيح مسلم عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: « مَنَ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ فَحَدِيدَتُهُ فِى يَدِهِ يَتَوَجَّأُ بِهَا فِى بَطْنِهِ فِى نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا وَمَنْ شَرِبَ سَمًّا فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَهُوَ يَتَحَسَّاهُ فِى نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا وَمَنْ تَرَدَّى مِنْ جَبَلٍ فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَهُوَ يَتَرَدَّى فِى نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا ». وفي صحيح البخاري( قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : « كَانَ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ رَجُلٌ بِهِ جُرْحٌ ، فَجَزِعَ فَأَخَذَ سِكِّينًا فَحَزَّ بِهَا يَدَهُ ، فَمَا رَقَأَ الدَّمُ حَتَّى مَاتَ ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى بَادَرَنِى عَبْدِى بِنَفْسِهِ ، حَرَّمْتُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ »وقد يقتل الانسان نفسه بطريق غير مباشر. وذلك ما نتعرف عليه في اللقاء القادم إن شاء الله
الدعاء