خطبة عن ( أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ)
أكتوبر 16, 2021خطبة عن اليسر والتيسير، وقوله تعالى ( وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَى )
أكتوبر 23, 2021الخطبة الأولى لقاء مع الجن ( وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته :(وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ (29) قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ (30) يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (31) وَمَنْ لَا يُجِبْ دَاعِيَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءُ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ) (29) :(32) الاحقاف، وقال الله تعالى : (قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا (1) يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا (2) وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا (3) وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى اللَّهِ شَطَطًا (4) وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ تَقُولَ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا (5) وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا (6) وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَمَا ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ أَحَدًا (7) وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا (8) وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا (9) وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا (10) وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا (11) وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ نُعْجِزَ اللَّهَ فِي الْأَرْضِ وَلَنْ نُعْجِزَهُ هَرَبًا (12) وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدَى آمَنَّا بِهِ فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلَا يَخَافُ بَخْسًا وَلَا رَهَقًا) (1) :(13) الجن
إخوة الإسلام
عالم الجن هو عالم خلقه الله قبل عالم الإنس ، وأسكنهما الأرض ، وابتلى بعضهم ببعض، فللجن حقيقة ووجود، ومنهم المؤمنون ، ومنهم الكفار، وقد ختمت رسالتهم كما ختمت عند البشر بمحمد صلى الله عليه وسلم، إلا أن منهم من يتعدى على الإنس ، ولذلك علم الله الإنسان المؤمن أذكاراً يتحصن بها منهم ، وقد التقى رسول الله صلى الله عليه وسلم مع نفر من الجن ، وقرأ عليهم القرآن ، وأسلم منهم من أسلم ، وكفر منهم من كفر ، ففي مسند أحمد : ( قال صلى الله عليه وسلم :« إِنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ إِلاَّ يَعْلَمُ أَنِّى رَسُولُ اللَّهِ إِلاَّ عَاصِيَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ ». وفي صحيح مسلم : (عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- : « إِنَّ بِالْمَدِينَةِ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ قَدْ أَسْلَمُوا فَمَنْ رَأَى شَيْئًا مِنْ هَذِهِ الْعَوَامِرِ فَلْيُؤْذِنْهُ ثَلاَثًا فَإِنْ بَدَا لَهُ بَعْدُ فَلْيَقْتُلْهُ فَإِنَّهُ شَيْطَانٌ ». وفيه أيضا : (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ : ( أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ) الاسراء 57، قَالَ كَانَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ أَسْلَمُوا وَكَانُوا يُعْبَدُونَ فَبَقِىَ الَّذِينَ كَانُوا يَعْبُدُونَ عَلَى عِبَادَتِهِمْ وَقَدْ أَسْلَمَ النَّفَرُ مِنَ الْجِنِّ). وقد سأل الجن رسول الله صلى الله عليه وسلم الزاد لهم ولدوابهم ففي صحيح مسلم : (عَنْ عَامِرٍ قَالَ سَأَلْتُ عَلْقَمَةَ هَلْ كَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ شَهِدَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- لَيْلَةَ الْجِنِّ قَالَ فَقَالَ عَلْقَمَةُ أَنَا سَأَلْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ فَقُلْتُ هَلْ شَهِدَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- لَيْلَةَ الْجِنِّ قَالَ لاَ وَلَكِنَّا كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- ذَاتَ لَيْلَةٍ فَفَقَدْنَاهُ فَالْتَمَسْنَاهُ فِي الأَوْدِيَةِ وَالشِّعَابِ فَقُلْنَا اسْتُطِيرَ أَوِ اغْتِيلَ – قَالَ – فَبِتْنَا بِشَرِّ لَيْلَةٍ بَاتَ بِهَا قَوْمٌ فَلَمَّا أَصْبَحْنَا إِذَا هُوَ جَاءٍ مِنْ قِبَلِ حِرَاءٍ – قَالَ – فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَدْنَاكَ فَطَلَبْنَاكَ فَلَمْ نَجِدْكَ فَبِتْنَا بِشَرِّ لَيْلَةٍ بَاتَ بِهَا قَوْمٌ. فَقَالَ « أَتَانِي دَاعِى الْجِنِّ فَذَهَبْتُ مَعَهُ فَقَرَأْتُ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنَ ». قَالَ فَانْطَلَقَ بِنَا فَأَرَانَا آثَارَهُمْ وَآثَارَ نِيرَانِهِمْ وَسَأَلُوهُ الزَّادَ فَقَالَ « لَكُمْ كُلُّ عَظْمٍ ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ يَقَعُ فِي أَيْدِيكُمْ أَوْفَرَ مَا يَكُونُ لَحْمًا وَكُلُّ بَعَرَةٍ عَلَفٌ لِدَوَابِّكُمْ ». فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « فَلاَ تَسْتَنْجُوا بِهِمَا فَإِنَّهُمَا طَعَامُ إِخْوَانِكُمْ ». وقد ذكر الله تعالى الجن في القرآن في مواطن كثيرة ، كما بين تبارك وتعالى أن الرسول صلى الله عليه وسلم مبعوث للثقلين الأنس والجن ، قال الله تبارك وتعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ) [الأنبياء:107] والعالَمون: يشمل عالم الجن والأنس ،وقد التقى الرسول عليه الصلاة والسلام -فيما حُفِظ- بالجن مرتَين، وكانا مؤتمرَين عظيمَين، ولقاءَين ساخنَين حارَّين، تحدث صلى الله عليه وسلم فيهما مع الجن مباشرة ، أما اللقاء الأول: فكان مع جن نصيبين ، ففي مسند أحمد وغيره : (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ بَيْنَمَا نَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بِمَكَّةَ وَهُوَ فِي نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ إِذْ قَالَ « لِيَقُمْ مَعِي رَجُلٌ مِنْكُمْ وَلاَ يَقُومَنَّ مَعِي رَجُلٌ فِي قَلْبِهِ مِنَ الْغِشِّ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ ». قَالَ فَقُمْتُ مَعَهُ وَأَخَذْتُ إِدَاوَةً – وَلاَ أَحْسَبُهَا إِلاَّ مَاءً – فَخَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- حَتَّى إِذَا كُنَّا بِأَعْلَى مَكَّةَ رَأَيْتُ أَسْوِدَةً مُجْتَمِعَةً – قَالَ – فَخَطَّ لِي رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- خَطًّا ثُمَّ قَالَ « قُمْ هَا هُنَا حَتَّى آتِيَكَ ». قَالَ فَقُمْتُ وَمَضَى رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إِلَيْهِمْ فَرَأَيْتُهُمْ يَتَثَوَّرُونَ إِلَيْهِ – قَالَ – فَسَمَرَ مَعَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- لَيْلاً طَوِيلاً حَتَّى جَاءَنِي مَعَ الْفَجْرِ فَقَالَ لِي « مَا زِلْتَ قَائِماً يَا ابْنَ مَسْعُودٍ ». قَالَ فَقُلْتُ لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوَ لَمْ تَقُلْ لِي « قُمْ حَتَّى آتِيَكَ ». قَالَ ثُمَّ قَالَ لِي « هَلْ مَعَكَ مِنْ وَضُوءٍ ». قَالَ فَقُلْتُ نَعَمْ. فَفَتَحْتُ الإِدَاوَةَ فَإِذَا هُوَ نَبِيذٌ. قَالَ فَقُلْتُ لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَاللَّهِ لَقَدْ أَخَذْتُ الإِدَاوَةَ وَلاَ أَحْسَبُهَا إِلاَّ مَاءً فَإِذَا هُوَ نَبِيذٌ. قَالَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « تَمْرَةٌ طَيِّبَةٌ وَمَاءٌ طَهُورٌ ». قَالَ ثُمَّ تَوَضَّأَ مِنْهَا فَلَمَّا قَامَ يُصَلِّى أَدْرَكَهُ شَخْصَانِ مِنْهُمْ قَالاَ لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا نُحِبُّ أَنْ تَؤُمَّنَا فِي صَلاَتِنَا. قَالَ فَصَفَّهُمَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- خَلْفَهُ ثُمَّ صَلَّى بِنَا فَلَمَّا انْصَرَفَ قُلْتُ لَهُ مَنْ هَؤُلاَءِ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ « هَؤُلاَءِ جِنُّ نَصِيبِينَ جَاءُوا يَخْتَصِمُونَ إِلَىَّ فِي أُمُورٍ كَانَتْ بَيْنَهُمْ وَقَدْ سَأَلُونِي الزَّادَ فَزَوَّدْتُهُمْ ». قَالَ فَقُلْتُ لَهُ وَهَلْ عِنْدَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ تُزَوِّدُهُمْ إِيَّاهُ قَالَ فَقَالَ « قَدْ زَوَّدْتُهُمُ الرَّجْعَةَ وَمَا وَجَدُوا مِنْ رَوْثٍ وَجَدُوهُ شَعِيراً وَمَا وَجَدُوهُ مِنْ عَظْمٍ وَجَدُوهُ كَاسِياً ». قَالَ وَعِنْدَ ذَلِكَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَنْ أَنْ يُسْتَطَابَ بِالرَّوْثِ وَالْعَظْمِ.) وروى البخاري في صحيحه : (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضى الله عنه أَنَّهُ كَانَ يَحْمِلُ مَعَ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – إِدَاوَةً لِوَضُوئِهِ وَحَاجَتِهِ ، فَبَيْنَمَا هُوَ يَتْبَعُهُ بِهَا فَقَالَ « مَنْ هَذَا » . فَقَالَ أَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ . فَقَالَ « ابْغِنِي أَحْجَارًا أَسْتَنْفِضْ بِهَا ، وَلاَ تَأْتِنِي بِعَظْمٍ وَلاَ بِرَوْثَةٍ » . فَأَتَيْتُهُ بِأَحْجَارٍ أَحْمِلُهَا فِي طَرَفِ ثَوْبِي حَتَّى وَضَعْتُ إِلَى جَنْبِهِ ثُمَّ انْصَرَفْتُ ، حَتَّى إِذَا فَرَغَ مَشَيْتُ ، فَقُلْتُ مَا بَالُ الْعَظْمِ وَالرَّوْثَةِ قَالَ « هُمَا مِنْ طَعَامِ الْجِنِّ ، وَإِنَّهُ أَتَانِي وَفْدُ جِنِّ نَصِيبِينَ وَنِعْمَ الْجِنُّ ، فَسَأَلُونِي الزَّادَ ، فَدَعَوْتُ اللَّهَ لَهُمْ أَنْ لاَ يَمُرُّوا بِعَظْمٍ وَلاَ بِرَوْثَةٍ إِلاَّ وَجَدُوا عَلَيْهَا طَعَامًا »
أما اللقاء الثاني للنبي صلى الله عليه وسلم مع الجن ، فقد رُوي في الصحيحين واللفظ للبخاري : (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ – رضى الله عنهما – قَالَ انْطَلَقَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – فِي طَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ عَامِدِينَ إِلَى سُوقِ عُكَاظٍ ، وَقَدْ حِيلَ بَيْنَ الشَّيَاطِينِ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ ، وَأُرْسِلَتْ عَلَيْهِمُ الشُّهُبُ ، فَرَجَعَتِ الشَّيَاطِينُ إِلَى قَوْمِهِمْ . فَقَالُوا مَا لَكُمْ فَقَالُوا حِيلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ ، وَأُرْسِلَتْ عَلَيْنَا الشُّهُبُ . قَالُوا مَا حَالَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ إِلاَّ شَيْءٌ حَدَثَ ، فَاضْرِبُوا مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا ، فَانْظُرُوا مَا هَذَا الَّذِى حَالَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ فَانْصَرَفَ أُولَئِكَ الَّذِينَ تَوَجَّهُوا نَحْوَ تِهَامَةَ إِلَى النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – وَهْوَ بِنَخْلَةَ ، عَامِدِينَ إِلَى سُوقِ عُكَاظٍ وَهْوَ يُصَلِّى بِأَصْحَابِهِ صَلاَةَ الْفَجْرِ ، فَلَمَّا سَمِعُوا الْقُرْآنَ اسْتَمَعُوا لَهُ فَقَالُوا هَذَا وَاللَّهِ الَّذِى حَالَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ . فَهُنَالِكَ حِينَ رَجَعُوا إِلَى قَوْمِهِمْ وَقَالُوا يَا قَوْمَنَا ( إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا * يَهْدِى إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا ) فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى نَبِيِّهِ – صلى الله عليه وسلم – ( قُلْ أُوحِىَ إِلَىَّ ) وَإِنَّمَا أُوحِىَ إِلَيْهِ قَوْلُ الْجِنِّ) ، فكان هذا اللقاء في ليلة خرج فيها صلى الله عليه وسلم وسط الليل، والتقى بالجن، وسلم عليهم، ودعاهم إلى الإسلام، حتى سُمِع لأصواتهم رجة في الوادي، وقال له أبو ذر: ما هذا يا رسول الله؟ قال: {بينهم خصام فأصلحتُ بينهم} فهم يختصمون كما تختصم القبائل في الدنيا؛ لأن بينهم جواراً، وأرحاماً، وبينهم اختلافات ووجهات نظر، فأتى عليه الصلاة والسلام فأصلح بينهم. والجن بينهم الظالم لنفسه، والمقتصد، والسابق بالخيرات، ومنهم الكريم والبخيل، ومنهم الصادق والكاذب، فهم طبقات مثل الإنس، فالرسول عليه الصلاة والسلام لعظمته ولما أعطاه الله عز وجل أصلح بينهم. وقرأ عليهم القرآن، فأسلم من شاء الله أن يهديه،
أيها المسلمون
ومن مواقفه صلى الله عليه وسلم مع الجن : ففي الصحيحين واللفظ لمسلم ( أن أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « إِنَّ عِفْرِيتًا مِنَ الْجِنِّ جَعَلَ يَفْتِكُ عَلَىَّ الْبَارِحَةَ لِيَقْطَعَ عَلَىَّ الصَّلاَةَ وَإِنَّ اللَّهَ أَمْكَنَنِي مِنْهُ فَذَعَتُّهُ فَلَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَرْبِطَهُ إِلَى جَنْبِ سَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي الْمَسْجِدِ حَتَّى تُصْبِحُوا تَنْظُرُونَ إِلَيْهِ أَجْمَعُونَ – أَوْ كُلُّكُمْ – ثُمَّ ذَكَرْتُ قَوْلَ أَخِي سُلَيْمَانَ :(رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لاَ يَنْبَغِي لأَحَدٍ مِنْ بَعْدِى) ص 35. فَرَدَّهُ اللَّهُ خَاسِئًا ». وفي رواية أحمد (حَدَّثَنِي أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَامَ فَصَلَّى صَلاَةَ الصُّبْحِ وَهُوَ خَلْفَهُ فَقَرَأَ فَالْتَبَسَتْ عَلَيْهِ الْقِرَاءَةُ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ صَلاَتِهِ قَالَ « لَوْ رَأَيْتُمُونِي وَإِبْلِيسَ فَأَهْوَيْتُ بِيَدِي فَمَا زِلْتُ أَخْنُقُهُ حَتَّى وَجَدْتُ بَرْدَ لُعَابِهِ بَيْنَ أُصْبُعَيَّ هَاتَيْنِ – الإِبْهَامِ وَالَّتِي تَلِيهَا – وَلَوْلاَ دَعْوَةُ أَخِي سُلَيْمَانَ لأَصْبَحَ مَرْبُوطاً بِسَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي الْمَسْجِدِ يَتَلاَعَبُ بِهِ صِبْيَانُ الْمَدِينَةِ فَمَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ لاَ يَحُولَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ أَحَدٌ فَلْيَفْعَلْ ». ومن مواقف الصحابة مع الجن ، ما رواه البخاري ومسلم : (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ – رضى الله عنه – قَالَ وَكَّلَنِي رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – بِحِفْظِ زَكَاةِ رَمَضَانَ ، فَأَتَانِي آتٍ فَجَعَلَ يَحْثُو مِنَ الطَّعَامِ ، فَأَخَذْتُهُ ، وَقُلْتُ وَاللَّهِ لأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – . قَالَ إِنِّي مُحْتَاجٌ ، وَعَلَىَّ عِيَالٌ ، وَلِى حَاجَةٌ شَدِيدَةٌ . قَالَ فَخَلَّيْتُ عَنْهُ فَأَصْبَحْتُ فَقَالَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – « يَا أَبَا هُرَيْرَةَ مَا فَعَلَ أَسِيرُكَ الْبَارِحَةَ » . قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ شَكَا حَاجَةً شَدِيدَةً وَعِيَالاً فَرَحِمْتُهُ ، فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ . قَالَ « أَمَا إِنَّهُ قَدْ كَذَبَكَ وَسَيَعُودُ » . فَعَرَفْتُ أَنَّهُ سَيَعُودُ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – إِنَّهُ سَيَعُودُ . فَرَصَدْتُهُ فَجَاءَ يَحْثُو مِنَ الطَّعَامِ فَأَخَذْتُهُ فَقُلْتُ لأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – . قَالَ دَعْنِي فَإِنِّي مُحْتَاجٌ ، وَعَلَىَّ عِيَالٌ لاَ أَعُودُ ، فَرَحِمْتُهُ ، فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ فَأَصْبَحْتُ ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – :« يَا أَبَا هُرَيْرَةَ ، مَا فَعَلَ أَسِيرُكَ » . قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ شَكَا حَاجَةً شَدِيدَةً وَعِيَالاً ، فَرَحِمْتُهُ فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ . قَالَ « أَمَا إِنَّهُ قَدْ كَذَبَكَ وَسَيَعُودُ » . فَرَصَدْتُهُ الثَّالِثَةَ فَجَاءَ يَحْثُو مِنَ الطَّعَامِ ، فَأَخَذْتُهُ فَقُلْتُ لأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – ، وَهَذَا آخِرُ ثَلاَثِ مَرَّاتٍ أَنَّكَ تَزْعُمُ لاَ تَعُودُ ثُمَّ تَعُودُ . قَالَ دَعْنِي أُعَلِّمْكَ كَلِمَاتٍ يَنْفَعُكَ اللَّهُ بِهَا . قُلْتُ مَا هُوَ قَالَ إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ فَاقْرَأْ آيَةَ الْكُرْسِيِّ ( اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَىُّ الْقَيُّومُ ) حَتَّى تَخْتِمَ الآيَةَ ، فَإِنَّكَ لَنْ يَزَالَ عَلَيْكَ مِنَ اللَّهِ حَافِظٌ وَلاَ يَقْرَبَنَّكَ شَيْطَانٌ حَتَّى تُصْبِحَ . فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ فَأَصْبَحْتُ ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – « مَا فَعَلَ أَسِيرُكَ الْبَارِحَةَ » . قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ زَعَمَ أَنَّهُ يُعَلِّمُنِي كَلِمَاتٍ ، يَنْفَعُنِي اللَّهُ بِهَا ، فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ . قَالَ « مَا هِيَ » . قُلْتُ قَالَ لِي إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ فَاقْرَأْ آيَةَ الْكُرْسِيِّ مِنْ أَوَّلِهَا حَتَّى تَخْتِمَ ( اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَىُّ الْقَيُّومُ ) وَقَالَ لِي لَنْ يَزَالَ عَلَيْكَ مِنَ اللَّهِ حَافِظٌ وَلاَ يَقْرَبَكَ شَيْطَانٌ حَتَّى تُصْبِحَ ، وَكَانُوا أَحْرَصَ شَيْءٍ عَلَى الْخَيْرِ . فَقَالَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – « أَمَا إِنَّهُ قَدْ صَدَقَكَ وَهُوَ كَذُوبٌ ، تَعْلَمُ مَنْ تُخَاطِبُ مُنْذُ ثَلاَثِ لَيَالٍ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ » . قَالَ لاَ . قَالَ « ذَاكَ شَيْطَانٌ »
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية لقاء مع الجن ( وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ما هي الحروز العشرة التي نحترز بها من الجان والشياطين؟ اسمعوا إلى هذه الحروز، وانقلوها إلى أهلكم وأسركم وأطفالكم وجيرانكم، علَّ الله أن ينفعنا وإياكم بها ، الحرز الأول: الوضوء : فأوصيكم ونفسي أن يكون المسلم دائماً على وضوء، أن يكون كلما خرج من بيته طاهراً، سواء في وقت صلاة أو في غير وقت صلاة. فأكبر حرز -وهو سلاح المؤمن- الوضوء، ولن يقترب منك شيطان وأنت متوضئ، أما الحرز الثاني: التسمية : أن تدخل بيتك فتُسمي، وتأكل الطعام فتُسمي، وتتوضأ فتُسمي، وتذبح فتُسمي، فإذا سَمَّيْتَ لا يقربك شيطان أبداً، ففي صحيح مسلم : (عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « إِذَا دَخَلَ الرَّجُلُ بَيْتَهُ فَذَكَرَ اللَّهَ عِنْدَ دُخُولِهِ وَعِنْدَ طَعَامِهِ قَالَ الشَّيْطَانُ لاَ مَبِيتَ لَكُمْ وَلاَ عَشَاءَ. وَإِذَا دَخَلَ فَلَمْ يَذْكُرِ اللَّهَ عِنْدَ دُخُولِهِ قَالَ الشَّيْطَانُ أَدْرَكْتُمُ الْمَبِيتَ. وَإِذَا لَمْ يَذْكُرِ اللَّهَ عِنْدَ طَعَامِهِ قَالَ أَدْرَكْتُمُ الْمَبِيتَ وَالْعَشَاءَ ». وفي سنن أبي داود : (عَنْ عَمِّهِ أُمَيَّةَ بْنِ مَخْشِىٍّ – وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- – قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- جَالِسًا وَرَجُلٌ يَأْكُلُ فَلَمْ يُسَمِّ حَتَّى لَمْ يَبْقَ مِنْ طَعَامِهِ إِلاَّ لُقْمَةٌ فَلَمَّا رَفَعَهَا إِلَى فِيهِ قَالَ بِسْمِ اللَّهِ أَوَّلَهُ وَآخِرَهُ فَضَحِكَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- ثُمَّ قَالَ « مَا زَالَ الشَّيْطَانُ يَأْكُلُ مَعَهُ فَلَمَّا ذَكَرَ اسْمَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ اسْتَقَاءَ مَا فِي بَطْنِهِ ». أما الحرز الثالث: فالتعوذ بالله من الشيطان الرجيم : ففي الصحيحين واللفظ للبخاري : (عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ صُرَدٍ قَالَ كُنْتُ جَالِسًا مَعَ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – وَرَجُلاَنِ يَسْتَبَّانِ ، فَأَحَدُهُمَا احْمَرَّ وَجْهُهُ وَانْتَفَخَتْ أَوْدَاجُهُ ، فَقَالَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – « إِنِّي لأَعْلَمُ كَلِمَةً لَوْ قَالَهَا ذَهَبَ عَنْهُ مَا يَجِدُ ، لَوْ قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ . ذَهَبَ عَنْهُ مَا يَجِدُ » . فَقَالُوا لَهُ إِنَّ النَّبِيَّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « تَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ » . فَقَالَ وَهَلْ بِي جُنُونٌ)، الحرز الرابع: آية الكرسي : فهي آية عظيمة، وأطالب نفسي وإياكم بحفظها وتحفيظها أبناءكم وأهلكم، وقولوها عند النوم وفي الصباح وأدبار الصلوات، فإنها من أعظم الحروز –بإذن الله- كما جاء ذلك في حديث أبي هريرة والشيطان . الحرز الخامس: المعوذتان : وهما: (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ ) [الفلق:1] ، (وقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ) [الناس:1]. وقد روى البخاري في صحيحه : (عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ – صلى الله عليه وسلم – كَانَ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ كُلَّ لَيْلَةٍ جَمَعَ كَفَّيْهِ ثُمَّ نَفَثَ فِيهِمَا فَقَرَأَ فِيهِمَا ( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ) وَ ( قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ ) وَ ( قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ) ثُمَّ يَمْسَحُ بِهِمَا مَا اسْتَطَاعَ مِنْ جَسَدِهِ يَبْدَأُ بِهِمَا عَلَى رَأْسِهِ وَوَجْهِهِ وَمَا أَقْبَلَ مِنْ جَسَدِهِ يَفْعَلُ ذَلِكَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ)، الحرز السادس: (بِسْمِ اللَّهِ الَّذِى لاَ يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَيْءٌ ) : ففي سنن أبي داود : أن (أَبَانَ بْنَ عُثْمَانَ يَقُولُ سَمِعْتُ عُثْمَانَ – يَعْنِى ابْنَ عَفَّانَ – يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « مَنْ قَالَ بِسْمِ اللَّهِ الَّذِى لاَ يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَيْءٌ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاءِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ لَمْ تُصِبْهُ فَجْأَةُ بَلاَءٍ حَتَّى يُصْبِحَ وَمَنْ قَالَهَا حِينَ يُصْبِحُ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ لَمْ تُصِبْهُ فَجْأَةُ بَلاَءٍ حَتَّى يُمْسِىَ » ،الحرز السابع: (أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ) : ففي صحيح مسلم : (عَنْ خَوْلَةَ بِنْتِ حَكِيمٍ السُّلَمِيَّةِ أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « إِذَا نَزَلَ أَحَدُكُمْ مَنْزِلاً فَلْيَقُلْ أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ. فَإِنَّهُ لاَ يَضُرُّهُ شَيْءٌ حَتَّى يَرْتَحِلَ مِنْهُ ». الحرز الثامن: التهليل مائة تهليلة : ففي الصحيحين واللفظ للبخاري : (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ – رضى الله عنه – أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « مَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ ، وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ ، وَهْوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ . فِي يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ ، كَانَتْ لَهُ عَدْلَ عَشْرِ رِقَابٍ ، وَكُتِبَ لَهُ مِائَةُ حَسَنَةٍ ، وَمُحِيَتْ عَنْهُ مِائَةُ سَيِّئَةٍ ، وَكَانَتْ لَهُ حِرْزًا مِنَ الشَّيْطَانِ يَوْمَهُ ذَلِكَ ، حَتَّى يُمْسِىَ ، وَلَمْ يَأْتِ أَحَدٌ بِأَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ بِهِ إِلاَّ رَجُلٌ عَمِلَ أَكْثَرَ مِنْهُ » الحرز التاسع: ذكر الله مطلقاً : فقد روى البخاري : (عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – : « قَالَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَا مَعَ عَبْدِى حَيْثُمَا ذَكَرَنِي وَتَحَرَّكَتْ بِي شَفَتَاهُ »، الحرز العاشر: قراءة سورة البقرة في البيت ، فكل بيت تُقرأ فيه سورة البقرة لا يقربه شيطان ، والقرآن عموماً؛ فقد روى مسلم في صحيحه : (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « لاَ تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ مَقَابِرَ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْفِرُ مِنَ الْبَيْتِ الَّذِى تُقْرَأُ فِيهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ ». فليكن مصحفك في بيتك، ولتكن آيات الله عز وجل ولو قَلَّتْ تدورُ في بيتك،
الدعاء