خطبة عن (من ذكريات شهر المحرم)
يوليو 1, 2024خطبة عن (بعد العسر يسر)
يوليو 3, 2024الخطبة الأولى (لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ) مختصرة
الحمد لله رب العالمين. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد أيها المسلمون
روى البخاري في صحيحه: (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ – رضى الله عنه – أَنَّهُ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَقَالَ «لَقَدْ ظَنَنْتُ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ أَنْ لاَ يَسْأَلَنِي عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ أَحَدٌ أَوَّلُ مِنْكَ، لِمَا رَأَيْتُ مِنْ حِرْصِكَ عَلَى الْحَدِيثِ، أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ. خَالِصًا مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ»
إخوة الإسلام
(لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ): هي أفضل الكلام بعد القرآن، وهي أحب الكلام إلى الله، وهي كلمة الإخلاص، وأول ما دعت إليه الرسل،
(لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ): بموجبها يعترفُ العبدُ للهِ عزّ وجلّ وحدَه بالربوبية والألوهية، ويشهدَ العبدُ أنَّ الله هوَ المستحقُّ للعبادةِ والطاعة، وأنَّه لا معبودَ بحقٍّ إلا الله، فهو وحدَه سبحانه المستحقُّ بأنْ تصرفَ له جميعُ العباداتِ، وتكونَ خالصةً له دون سواه، ففي صحيح مسلم: (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ مَنْ عَمِلَ عَمَلاً أَشْرَكَ فِيهِ مَعِي غَيْرِي تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ ».
(لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ): كلمةٌ قامت بها الأرضُ والسماوات، وخُلِقَتْ لأجلها جميعُ المخلوقاتِ ،وبها أَرسلَ الله تعالى رسلَه، وأنزلَ كتبَه، وشرعَ شرائعَه، ولأجلِها نُصِبَتِ الموازينُ، ووضعت الدواوينُ، وقام سوقُ الجنّة والنار، وبها انقسمتِ الخليقةُ إلى المؤمنين والكفار، والأبرار والفجّار، فهي منشأُ الخلقِ والأمر، والثوابِ والعقابِ، وهي الحقُّ الذي خُلِقَتْ له الخليقةُ، وعنها وعن حقوقها السؤالُ والحسابُ، وعليها يقعُ الثوابُ والعقابُ، وعليها نُصِبَتِ القبلةُ، وعليها أُسِّسَتِ الملّةُ ولأجلِها جُرِّدتْ سيوفُ الجهادِ،
(لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ): هي حقُّ اللهِ على جميعِ العبادِ، فهي كلمةُ الإسلام، وهي مفتاحُ دارِ السلامِ، وعنها يُسْألُ الأولون والآخرون، فلا تزولُ قدما العبد بين يدي الله حتى يُسْأَل عن مسألتين: ماذا كنتم تعبدون؟ وماذا أجبتم المرسلين؟، (لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ): فالله عظيمٌ في ذاته وصفاته، وأسمائه وأفعاله، لا تحيطُ به العقولُ، ولا تدرِكُه الأفهام، ولا تَصِلُ إلى عظمته الظُّنون
(لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ): تعني أن الخوفَ منه، والرجاءَ فيه، والتعبُّدَ له. فيجب إفرادُه بالمحبةِ، والإجلالِ، والتعظيمِ، والخوفِ، والرجاءِ، والتوكلِ، والإنابةِ، والرّغبة، والرّهبةِ، فلا يُحَبُّ سواه، ففي الصحيحين: (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – « ثَلاَثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلاَوَةَ الإِيمَانِ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا ، وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لاَ يُحِبُّهُ إِلاَّ لِلَّهِ، وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ، كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ»، وفي مسند أحمد: (عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ: « لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا).. (لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ): فلا يُحْلَفُ إلَّا باسمِهِ، ولا يُنْذَرُ إلَّا له، ولا يُتَابُ إلَّا إليه، ولا يُطَاعُ إلَّا بأمرِه، ولا يُحْتَسَبُ إلَّا له، ولا يُسْتَعَانُ في الشدائِد إلَّا به، ولا يُلْتَجَأُ إلَّا إليه، ولا يُسْجَدُ إلَّا له، ولا يُذْبَحُ إلَّا له وباسمِهِ، ولا يطلب المدد والغوث إلا منه.
(لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ): هذه الشَّهادة هي التي تُنجِّي قائِلَها بصِدقٍ مِن النَّارِ، ومِن عَذابِ يومِ القيامة، ومَنْ عمل بما دلت عليه كانت له السعادة في الدنيا والآخرة، ومَنْ قالها كذباً ونفاقا حَقنت دمه، وحفظت عليه ماله في الدنيا، ففي الصحيحين: (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم فَمَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، فَقَدْ عَصَمَ مِنِّي نَفْسَهُ وَمَالَهُ، إِلاَّ بِحَقِّهِ، وَحِسَابُهُ عَلَى اللَّهِ»
اقول قولي واستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ)
الحمد لله رب العالمين. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد أيها المسلمون
في الصحيحين «مَا مِنْ أَحَدٍ يَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ صِدْقًا مِنْ قَلْبِهِ إِلاَّ حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ». وفي صحيح مسلم :(قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَنِّى رَسُولُ اللَّهِ لاَ يَلْقَى اللَّهَ بِهِمَا عَبْدٌ غَيْرَ شَاكٍّ فَيُحْجَبَ عَنِ الْجَنَّةِ»، وفيه من حديث طويل: (قَالَ «يَا أَبَا هُرَيْرَةَ» وَأَعْطَانِي نَعْلَيْهِ قَالَ «اذْهَبْ بِنَعْلَيَّ هَاتَيْنِ فَمَنْ لَقِيتَ مِنْ وَرَاءِ هَذَا الْحَائِطِ يَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ مُسْتَيْقِنًا بِهَا قَلْبُهُ فَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ »، فاشترط في دخول قائل (لا إله إلا الله) الجنة أن يكون مستيقناً بها قلبه، غير شاك فيها، وإذا انتفى الشرط انتفى المشروط. وفي صحيح مسلم: (عَنْ عُثْمَانَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «مَنْ مَاتَ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ». فمن قال: (لا إله إلا الله)، وهو لا يدري معناها فليس بمسلم، وفي الصحيحين: (عَنْ أَبِى مُوسَى عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ «مَثَلُ مَا بَعَثَنِي اللَّهُ بِهِ مِنَ الْهُدَى وَالْعِلْمِ كَمَثَلِ الْغَيْثِ الْكَثِيرِ أَصَابَ أَرْضًا، فَكَانَ مِنْهَا نَقِيَّةٌ قَبِلَتِ الْمَاءَ، فَأَنْبَتَتِ الْكَلأَ وَالْعُشْبَ الْكَثِيرَ، وَكَانَتْ مِنْهَا أَجَادِبُ أَمْسَكَتِ الْمَاءَ، فَنَفَعَ اللَّهُ بِهَا النَّاسَ، فَشَرِبُوا وَسَقَوْا وَزَرَعُوا، وَأَصَابَتْ مِنْهَا طَائِفَةً أُخْرَى، إِنَّمَا هِيَ قِيعَانٌ لاَ تُمْسِكُ مَاءً، وَلاَ تُنْبِتُ كَلأً، فَذَلِكَ مَثَلُ مَنْ فَقِهَ فِي دِينِ اللَّهِ وَنَفَعَهُ مَا بَعَثَنِي اللَّهُ بِهِ، فَعَلِمَ وَعَلَّمَ، وَمَثَلُ مَنْ لَمْ يَرْفَعْ بِذَلِكَ رَأْسًا، وَلَمْ يَقْبَلْ هُدَى اللَّهِ الَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ» وماذا عن فضائل (لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ)؟ في لقاء قادم -إن شاء الله تعالى-
الدعاء