خطبة عن :من أخلاق المسلم :(الكرم والجود والسخاء)
مايو 12, 2018دروس عن : السنن الربانية
يونيو 16, 2018الخطبة الأولى ( لَا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان . وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته وهو أصدق القائلين : (قُلْ لَا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (100) المائدة
إخوة الإسلام
موعدنا اليوم -إن شاء الله- مع هذه الآية الكريمة ،نتدبرها ، ونتفهم معانيها ،ونعمل بما جاء قيها، وقد جاء في تفسير قوله تعالى : (قُلْ لَا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ ) أن الخبيث هو الحرام ، والطيب هو الحلال ، وقيل أن الْخَبِيث :هُمْ الْمُشْرِكُونَ ، وَالطَّيِّب : هُمْ الْمُؤْمِنُونَ ، فيَقُول تَعَالَى لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ،قُلْ يَا مُحَمَّد لَا يَتساوى الرَّدِيء وَالْجَيِّد , وَالصَّالِح وَالطَّالِح , وَالْمُطِيع وَالْعَاصِي . والمؤمن والكافر { وَلَوْ أَعْجَبَك كَثْرَة الْخَبِيث } أي: وَلَوْ كَثُرَ أَهْل الْمَعَاصِي ; لِأَنَّ أَهْل طَاعَة اللَّه هُمْ الْمُفْلِحُونَ ، وهم الْفَائِزُونَ بِثَوَابِ اللَّه يَوْم الْقِيَامَة وَإِنْ قَلُّ عددهم, وَإِنَّ أَهْل مَعَاصِيه هُمْ الْأَخْسَرُونَ الْخَائِبُونَ وَإِنْ كَثُرُ عددهم . نعم (لَا يَسْتَوِي الْخَبِيث وَالطَّيِّب) ،فلا يستوي الإيمان والكفر، ولا الطاعة والمعصية، ولا أهل الجنة وأهل النار، ولا الأعمال الخبيثة والأعمال الطيبة، ولا المال الحرام والمال الحلال ، ومن الملاحظ أن الغرض من الآية ،ليس مجرد الإخبار بأن الخبيث لا يستوي هو والطيب، فذلك أمرٌ بدهي فطري ، ولكن الغرض من الآية : هو الحث والترغيب في تتبع كل طيب ،من القول ،والعمل والاعتقاد ،والكسب، والتنفير والترهيب من كل خبيث ،من القول ،والعمل ،والاعتقاد ، والكسب. ولما كان في بعض النفوس ميلٌ إلى بعض الأقوال ،أو الأفعال ،أو المكاسب الخبيثة، ولما كان كثيرٌ من الناس يؤثر العاجل على الآجل، والفاني على الباقي، فقد جاء التحذير من الخبيث ،بأسلوب عجيب ،يقطع الطريق على من قد يحتج بكثرة من يتناولون هذا الخبيث، فقال تعالى: {وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ} ، وذلك أن في بعض الخبائث شيءٌ من اللذة الحسية ،أو المعنوية، كالحصول على مالٍ كثير، ولكن من طريق حرام، أو الوصول إلى اللذة الجسدية عن طريق الزنا، أو الخمر ، أو غيرهما من الملذات المحرمة، فهذه قد تغري الإنسان، وتعجبه، إلا أنه مع كثرة مقدار الخبيث ، ولذاذة متناوله، وقرب وجدانه، فهو سبب للحرمان من السعادة الباقية الأبدية السرمدية في الدار الآخرة ، والتي إليها أشار القرآن ، بقوله تعالى : {وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبّكَ} [الكهف 46]، وإذا كان الأمر كذلك ، فالخبيث ولو أعجبتك كثرته ، فلن يكون مساوياً للطيب ، وأعظم الطيب: معرفة الله ومحبته، وطاعته فتلك هي الحياة الطيبة التي وعد بها ـ من استقام على أمره، بأن يطيب عيشه في الدنيا ،والبرزخ، والآخرة، قال الله تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [النحل: 97] ، فهؤلاء هم الذين طابت أقوالهم ،وطابت أفعالهم ،وطابت حياتهم، فطاب مماتهم ،ورجوعهم إلى الله، كما قال الله تعالى : {الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِين} [النحل: 32] ، والمؤمن الرشيد يعلم علم اليقين ، أن ما في الخبيث من لذة ، إلا وفي الطيّب مثلها وأحسن منها ، مع الأمن من سوء العاقبة في الدنيا والآخرة، والعاقل حين يتحرر من هواه، ويمتلئ قلبه من التقوى، ومراقبة الله تعالى، فإنه لا يختار إلا الطيب، بل إن نفسه ستعاف الخبيث، ولو كان ذلك على حساب فوات لذات، أو لحوق مشقات ؛ فينتهي الأمر إلى الفلاح في الدنيا والآخرة، مسلياً نفسه بقول الله تعالى: {قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا} [النساء: 77].
أيها المسلمون
(قُلْ لَا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (100) المائدة إنها آيةُ فازةُ جامعةُ, فلا يستوي الخبيث والطيب في كل الأبواب, فلا يستوي الخبيث في معتقده ، مع الطيب في معتقد, ولا يستوي خبيث النوايا ،مع طيب النوايا, ولا يستوي خبيث العمل ،مع طيب العمل, ولا يستوي خبيث القول ، مع طيب القول, ولا يستوي من كسبه حلال طيب ، مع من كسبه حرام خبيث, ولا يستوي المشرك مع المؤمن, ولا من أدعى أن المسيح هو الله ، مع من قال لا إله إلا الله, قال الله تعالى :( أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمنوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الأرض أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ) ص 28, وقال الله تعالى :(أَفَمَن كان مُؤْمِنًا كَمَن كان فَاسِقًا لّا يَسْتَوُونَ ) السجدة 18، وقال الله تعالى : (أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ (35) مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ) القلم (35) ،(36) ، نعم 🙁قُلْ لَا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ )
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( قُلْ لَا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ )
الحمد لله رب العالمين . وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
وهكذا تتوالى الآيات, لإثبات هذا المعنى ، أن الخبيث لا يستوي مع الطيب، قال الله تعالى : (وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ (19) وَلَا الظُّلُمَاتُ وَلَا النُّورُ (20) وَلَا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ (21) وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاءُ وَلَا الْأَمْوَاتُ) فاطر 19 : 22, فلا يستوي أبداً المؤمن الذي يسير على بصيرة من الله ، مع الكافر المتخبط , ولا يستوي من يعمل عملاً يبتغي به وجه ربه الأعلى ، مع من يعمل عملاً يبتغي به عرضاً زائلاً من عوارض الحياة الدنيا, ولا يستوي البار بوالديه مع العاق لأبويه, ولا يستوي واصل الرحم مع قطعها, ولا يستوي من يحسن إلى الخلق, ويحنو عليهم, ويطعمهم إذا جاعوا, ويسقيهم إذا عطشوا, ويستر عليهم إذا ارتكبوا معصية مع من فعل غير ذلك ، ولا يستوي من ستر مسلماً مع من سعى في فضيحة العباد, ولا يستوي من يسعى في نشر الفضيلة في الأرض ،مع من يسعى في نشر الرذيلة فيها, ولا يستوي أبداً ًالمحسن إلى جاره ، مع المسيء إلى الجار, ولا يستوي طيب القول والعمل مع خبيث القول والعمل , ولا يستوي أبداً من لسانه ينطق بذكر الله, مع من شأنه القيل والقال ،والخوض في الأعراض ،والطعن في المؤمنين المؤمنات، ولا يستوي أبداً العفيف المتعفف ، مع الشرير المتكبر
أيها المسلمون
فأنظر أخي أين أنت؟ ومع من أنت؟, هل أنت من الصالحين الطيبين، أم أنت مع الفئة الأخرى ؟؟ ،أنظر هل أنت من المصلحين بين الناس؟, أم أنت من المفسدين في الأرض ؟, فقد قدر الله سبحانه أن يكون هناك أقوام يسعون للإصلاح بين الناس, أو يسعون لكفالات الأيتام, أو يسعون لتعمير بيوت الله, وهناك آخرون : يسعون في الأرض فسادا، نعم : (قُلْ لَا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (100) المائدة
الدعاء