خطبة عن قوله تعالى ( لَا يَسْأَمُ الْإِنْسَانُ مِنْ دُعَاءِ الْخَيْرِ)
أغسطس 5, 2017خطبة عن(من يبايع الرسول) و(هَلْ تَدْرُونَ عَلامَ تُبَايِعُونَ)
أغسطس 5, 2017الخطبة الأولى ( وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته :( وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا) (32) النساء ،وقال تعالى : ( وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ) غافر 60 ، وفي مسند أحمد : ( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :(فَإِذَا سَأَلْتُمُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَيُّهَا النَّاسُ فَاسْأَلُوهُ وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالإِجَابَةِ)
إخوة الإسلام
لا طريق إلى حصول العبد المؤمن للمطلوب من جلائل النعم ودقائقها إلا بالتطفل على موائد أكَرَمِ الأكرمين، ومن بيده خزائن الأرض والسماء ، ومن عطاؤه لا ينفد ، وكرمه لا ينقطع ، وفي الإنجيل : سلوا تعطوا ، اطلبوا تجدوا ، اقرعوا يفتح لكم ، كل من سأل أعطي ، ومن طلب وجد ، ومن يقرع يفتح له . وأوحى الله إلى موسى : قل للمؤمنين لا يستعجلوني إذا دعوني ، ولا يبخلوني ، أليس يعلمون أني أبغض البخيل ، كيف أكون بخيلا ، يا موسى ! لا تخف مني بخلا أن تسألني عظيما ، ولا تستحي أن تسألني صغيرا ، اطلب إلي الدقة والعلف لشاتك ، يا موسى ! أما علمت أني خلقت الخردلة فما فوقها ، وأني لم أخلق شيئا إلا وقد علمت أن الخلق يحتاجون إليه ، فمن سألني مسألة وهو يعلم أني قادر أعطي وأمنع أعطيته مسألته بالمغفرة . وقال عروة بن الزبير : إني أسأل الله في صلاتي ، حتى أسأله الملح إلى أهلي ” ،ويقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :” لا بأس أن يدعو بشيء يتعلَّق بأمور الدُّنيا ؛ مثل أن يقول : اللَّهُمَّ اُرزقني بيتاً واسعاً ، أو: اللَّهُمَّ اُرزقني زوجة جميلة ، أو : اللَّهُمَّ اُرزقني مالاً كثيراً ، أو : اللَّهُمَّ اُرزقني سيارة مريحة ؛ وذلك لأن الدُّعاء نفسه عبادة ولو كان بأمور الدنيا ، وليس للإنسان ملجأ إلا الله ” ، ففضل الله سبحانه وتعالى واسع ، وكرمه عميم، وأنه سبحانه لا يتعاظمه شيء يعطيه ، ولو أعطى كل واحد مسألته ما نقص من ملكه شيء ،يقول عز وجل : ( وَاسْأَلُواْ اللّهَ مِن فَضْلِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً ) النساء 32، وقد جاء في حديث أبي ذر القدسي الطويل من قول الله تبارك وتعالى : ( يَا عِبَادِي ! كُلُّكُمْ ضَالٌّ إِلَّا مَنْ هَدَيْتُهُ ، فَاسْتَهْدُونِي أَهْدِكُمْ ، يَا عِبَادِي ! كُلُّكُمْ جَائِعٌ إِلَّا مَنْ أَطْعَمْتُهُ ، فَاسْتَطْعِمُونِي أُطْعِمْكُمْ ، يَا عِبَادِي ! كُلُّكُمْ عَارٍ إِلَّا مَنْ كَسَوْتُهُ ، فَاسْتَكْسُونِي أَكْسُكُمْ… يَا عِبَادِي ! لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ قَامُوا فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ فَسَأَلُونِي فَأَعْطَيْتُ كُلَّ إِنْسَانٍ مَسْأَلَتَهُ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِمَّا عِنْدِي إِلَّا كَمَا يَنْقُصُ الْمِخْيَطُ إِذَا أُدْخِلَ الْبَحْرَ ) رواه مسلم ،يقول ابن رجب في “جامع العلوم والحكم” : ” وفي الحديث دليل على أن الله يحب أن يسأله العباد جميع مصالح دينهم ودنياهم من الطعام والشراب والكسوة وغير ذلك ، كما يسألونه الهداية والمغفرة ، وعن عائشة رضي الله عنها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إِذَا تَمَنَّى أَحَدُكُم فَلْيُكثِر ، فَإِنَّمَا يَسأَلُ رَبَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ) رواه ابن حبان والطبراني في “الأوسط”، وكان بعض السلف يسأل الله في صلاته كل حوائجه حتى ملح عجينه وعلف شاته .
أيها المسلمون
إنَّ كلَّ ما يحتاج العبد إليه إذا سأله من الله ،فقد أظهر حاجته فيه ، وافتقاره إلى الله ، وذاك ما يحبه الله ، ومن الأحاديث التي ورد فيها سؤال العبد ربه من نعيمي الدنيا والآخرة : ما رواه مسلم في صحيحه (سَلُوا اللَّهَ لِيَ الْوَسِيلَةَ فَإِنَّهَا مَنْزِلَةٌ فِي الْجَنَّةِ لاَ تَنْبَغِي إِلاَّ لِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا هُوَ فَمَنْ سَأَلَ لِيَ الْوَسِيلَةَ حَلَّتْ لَهُ الشَّفَاعَةُ ». وروى الترمذي : (قَامَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ عَلَى الْمِنْبَرِ ثُمَّ بَكَى فَقَالَ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَامَ الأَوَّلِ عَلَى الْمِنْبَرِ ثُمَّ بَكَى فَقَالَ « سَلُوا اللَّهَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فَإِنَّ أَحَدًا لَمْ يُعْطَ بَعْدَ الْيَقِينِ خَيْرًا مِنَ الْعَافِيَةِ ». ، وروى الترمذي: (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « سَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُحِبُّ أَنْ يُسْأَلَ وَأَفْضَلُ الْعِبَادَةِ انْتِظَارُ الْفَرَجِ ». وروى الترمذي :(عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « الدُّعَاءُ لاَ يُرَدُّ بَيْنَ الأَذَانِ وَالإِقَامَةِ ». قَالُوا فَمَاذَا نَقُولُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ « سَلُوا اللَّهَ الْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ ». وفي سنن ابن ماجة وصحيح الادب المفرد للبخاري : (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « لاَ تَسُبُّوا الرِّيحَ فَإِنَّهَا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ تَأْتِى بِالرَّحْمَةِ وَالْعَذَابِ وَلَكِنْ سَلُوا اللَّهَ مِنْ خَيْرِهَا وَتَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ شَرِّهَا ». وفي سنن ابن ماجة : (عَنْ جَابِرٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « سَلُوا اللَّهَ عِلْمًا نَافِعًا وَتَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ عِلْمٍ لاَ يَنْفَعُ ». وفي المستدرك : (عثمان بن عفان يقول مر رسول الله صلى الله عليه و سلم بجنازة عند قبر و صاحبه يدفن فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : استغفروا لأخيكم و سلوا الله له التثبيت فإنه الآن يسأل)، وفي المستدرك : (أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : يا أيها الناس لا تتمنوا لقاء العدو و سلوا الله العافية فإذا لقيتموه فاصبروا و اعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف)، وفي المعجم الكبير : (عن أبي أمامة : عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : سلوا الله الفردوس فإنها سرة الجنة وإن أهل الفردوس ليسمعون أطيط العرش) ،وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إذا تمنى أحدكم فليكثر فإنما يسأل ربه. رواه الطبراني في الأوسط، وصححه الألباني. وفي لفظ آ خر: إذا سأل أحدكم فليكثر فإنما يسأل ربه. رواه ابن حبان وصححه الألباني.
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
وقد ذكر ابن القيم في مدارج السالكين أن الله تعالى اجتبى موسى وأنعم عليه فإنه خرج ليقتبس النار فرجع وهو كليم الواحد القهار، وفي مثل هذا قيل: أيها العبد كن لما لست ترجو **** من صلاح أرجى لما أنت راج…. إن موسى أتى ليقبس نارا **** من ضياء رآه والليل داج … فانثنى راجعا وقد كلمه الله وناجاه وهو خير مناج فعليك يا أخي أن تواصل الدعاء ولا تمل. ففي صحيح مسلم: (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ « لاَ يَزَالُ يُسْتَجَابُ لِلْعَبْدِ مَا لَمْ يَدْعُ بِإِثْمٍ أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ مَا لَمْ يَسْتَعْجِلْ ». قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الاِسْتِعْجَالُ قَالَ « يَقُولُ قَدْ دَعَوْتُ وَقَدْ دَعَوْتُ فَلَمْ أَرَ يَسْتَجِيبُ لِي فَيَسْتَحْسِرُ عِنْدَ ذَلِكَ وَيَدَعُ الدُّعَاءَ » ،وفي مسند احمد :(عَنْ أَبِى سَعِيدٍ أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « ما مِنْ مُسْلِمٍ يَدْعُو بِدَعْوَةٍ لَيْسَ فِيهَا إِثْمٌ وَلاَ قَطِيعَةُ رَحِمٍ إِلاَّ أَعْطَاهُ اللَّهُ بِهَا إِحْدَى ثَلاَثٍ إِمَّا أَنْ تُعَجَّلَ لَهُ دَعْوَتُهُ وَإِمَّا أَنْ يَدَّخِرَهَا لَهُ فِي الآخِرَةِ وَإِمَّا أَنْ يَصْرِفَ عَنْهُ مِنَ السُّوءِ مِثْلَهَا ». قَالُوا إِذاً نُكْثِرُ. قَالَ « اللَّهُ أَكْثَرُ
الدعاء