خطبة عن (من جوانب عظمة خلق الرسول) مختصرة 3
سبتمبر 1, 2024خطبة عن حديث (أَنَا دَعْوَةُ أَبِي إِبْرَاهِيمَ، وَبِشَارَةُ عِيسَى)
سبتمبر 1, 2024الخطبة الأولى (ماذا يعني ميلاد الرسول؟) مختصرة
الحمد لله رب العالمين . وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته : (لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ) (164) آل عمران ، وروى الإمام مسلم في صحيحه : (عَنْ أَبِى قَتَادَةَ الأَنْصَارِيِّ رضى الله عنه.. قَالَ : وَسُئِلَ صلى الله عليه وسلم عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الاِثْنَيْنِ قَالَ :« ذَاكَ يَوْمٌ وُلِدْتُ فِيهِ وَيَوْمٌ بُعِثْتُ أَوْ أُنْزِلَ عَلَىَّ فِيهِ »
إخوة الإسلام
لقد شرف الله سبحانه وتعالى الوجود بميلاد رسوله محمد صلى الله عليه وسلم ، فازدانت بمولده وبعثته الأيام ، واستنارت به الأكوان ، وأضاءت به الليالي، وانقشعت به غشاوات الضلال والظلام ، لقد كان ميلاد النبي صلى الله عليه وسلم منة عظيمة من الله تعالى على الناس، قال الله تعالى : (لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ) (164) آل عمران ، وكيف لا ، وميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم ميلاد للهداية بعد الضلال ، وميلاد للنور بعد الظلام ، وميلاد للعدل بعد الظلم ،وهدى الله به الأمة صراطاً مستقيماً، وخلقاً قويماً، نعم لقد كان ميلاده صلى الله عليه وسلم ميلاد أمَّةٍ، وكانت بعثتُه بعثة رَحمة، وكان مَقدَمُه مقدم رسالة ، جاءت لتغيِّر مجرى التاريخ، فبميلاده بَيَّض الله وجهَ الأرض، وعطر به نَسيم الكون، ونظم به شؤونَ الحياة، وغيَّر به الواقع السيِّئ الذي كانت تعيشه البشرية ، إلى واقع أصبح مثالا يحتذى به في الطهر والنقاء ، وكان ميلاده صلى الله عليه وسلم ميلاد رحمة للعالمين، وصدق الله العظيم إذ يقول في كتابه الكريم : (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ) الأنبياء (107) ، فقد وهبه الله قلباً رحيماً ، يرقّ للضعيف ،ويحنّ على المسكين ،ويعطف على الخلق أجمعين ، حتى صارت الرحمة له سجيّة ،فشملت الصغير والكبير ، والقريب والبعيد ، والمؤمن والكافر ، فنال بذلك رحمة الله رب العالمين ، وكان ميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم ميلاد دعوة ورسالة تنتظرها الإنسانية لينزاح عنها الاستعباد والقهر، وامتهان كرامة الانسان، وتسعد البشرية كلها بالأمن والأمان والاستقرار، فجاء الحق وزهق الباطل، وانقشعت ظلمة الجهل ، وجبروت الجاهلية، وتنسمت الدنيا كلها رياح التسامح والمودة ، والتراحم ،والصدق والإخلاص والإيثار، وكان ميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم ميلادا للتوحيد الخالص بعد الكفر والشرك والضلال ، فأنار الله به طريق البشرية بالحق ،وهداها الى الوحدانية الخالصة ،والشريعة العادلة ، فصنع أمة بنيت على الإيمان بالله الواحد الأحد ، فتهاوى الشرك والكفر الضلال ،
وكان ميلاده صلى الله عليه وسلم ميلادا للأخلاق الفاضلة ، والقيم السامية ، وكيف لا ، وقد وصفه ربه بقوله تعالى : (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) (4) القلم وقال هو صلى الله عليه وسلم عن نفسه : « إِنَّمَا بُعِثْتُ لأُتَمِّمَ مَكَارِمَ الأَخْلاَقِ » رواه البيهقي ، فلم يكن صلى الله عليه وسلم فاحشاً ولا متفحشاً ،ولا سخاباً في الأسواق ،ولا يجزي بالسيئة السيئة ،ولكن يعفو ويصفح ، وتقول أم المؤمنين عائشة- رضي الله عنها – في وصف رسول الله – صلى الله عليه وسلم – كما في الصحيحين : (مَا خُيِّرَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – بَيْنَ أَمْرَيْنِ إِلاَّ أَخَذَ أَيْسَرَهُمَا ، مَا لَمْ يَكُنْ إِثْمًا ، فَإِنْ كَانَ إِثْمًا كَانَ أَبْعَدَ النَّاسِ مِنْهُ ، وَمَا انْتَقَمَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – لِنَفْسِهِ ، إِلاَّ أَنْ تُنْتَهَكَ حُرْمَةُ اللَّهِ فَيَنْتَقِمَ لِلَّهِ بِهَا ) ، وكان صلى الله عليه وسلم ذا رَحمةٍ وشَفَقَةٍ وإحسانٍ ،يُواسي الفُقراءَ وَيَسْعى في قضاءِ حاجةِ الأرامِلِ والأيتامِ والمساكينِ ، والضُّعفاءِ ، وكان من أشدَّ النَّاسِ تَوَاضُعاً وعفواً وتسامحاً وحلماً ،فما أعظَمَهُ من نبيٍ وما أحلاها من صِفاتٍ ، عَسَانا أن نَتَجَمَّلَ ونتحلى بصفاته الكريمة؛ لنكونَ على هديِهِ – صلى الله عليه وسلم -، فميلاده صلى الله عليه وسلم كان ايذانا بخرج البشرية من الظلام إلى النور ،ومن الجهل الى العلم ،ومن الكفر إلى الايمان، فميلاده كان إعلانا لحياة جديدة ، تخلصت به الانسانية من براثن الجهل والشقاء ،وانتقلت من الضلال والانحراف ،الى الهدى والنصح والارشاد، فدعوته صلوات الله عليه كانت روحا جديدة ، سرت بهذا الكون ، فاخذت طريقها المستقيم، بالاعتماد على الانسان المؤمن ،ليعمر الأرض ،ويبني الحياة ،ويتجه لخالقه بالعمل والعبادة ، لقد كان ميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم فتحًا، وكانت بعثته فجرًا، هدى الله به من الضلالة، وعلم به من الجهالة، وأرشد به من الغواية، وفتح الله به أعينًا عميًا، وآذانًا صمًّا، وقلوبًا غُلفًا، وكثَّر به بعد القلة، وأعزَّ به بعد الذِّلة. وكان صلى الله عليه وسلم أعلى الخلق أخلاقًا،وأعظمهم أمانةً، وأصدقهم حديثًا، وأجودهم نفسًا، وأسخاهم يدًا، وأشدهم صبرًا، وأعظمهم عفوًا. إنه رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي شرح الله صدره ورفع ذكره، ووضع وزره وأتم أمره، وأكمل دينه وأبر يمينه، ما ودعه ربه وما قلاه، بل وجده ضالًا فهداه، وفقيرًا فأغناه، ويتيمًا فآواه، وخيَّره بين الخلد في الدنيا ،وبين أن يختار ما عند الله، فاختار لقاء الله.
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (ماذا يعني ميلاد الرسول؟)
الحمد لله رب العالمين . وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
إنه رسول الله صلى الله عليه وسلم خير من وطئ الثرى، وأول من تُفتح له الفردوس الأعلى؛ يقول النبي صلى الله عليه وسلم: « أَنَا سَيِّدُ بَنِى آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَأَوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الأَرْضُ وَأَوَّلُ شَافِعٍ وَأَوَّلُ مُشَفَّعٍ ». أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ . وكان فصيح اللسان واضح البيان، موجز العبارة موضح الإشارة، آتاه الله جوامع الكلم، وأعطاه بدائع الحِكَم؛ وفي سنن الترمذي : (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ مَا رَأَيْتُ شَيْئًا أَحْسَنَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- كَأَنَّ الشَّمْسَ تَجْرِى فِي وَجْهِهِ وَمَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَسْرَعَ فِي مَشْيِهِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- كَأَنَّمَا الأَرْضُ تُطْوَى لَهُ إِنَّا لَنُجْهِدُ أَنْفُسَنَا وَإِنَّهُ لَغَيْرُ مُكْتَرِثٍ) ، إنه الحبيب المصطفى والرسول المجتبى الذي، بعثه الله جل علا؛ ليخرج الأمة من الوثنية والظلام إلى التوحيد والإسلام، وينقذ الناس من التناحر والتفرق والآثام، إلى العدل والمحبة والوئام.
أيها المسلمون
فما أحوجنا في هذا الزمان للرجوع والتمسك بهذه الأخلاق في هذا الزمان الذي ابتعدت فيه الأمة عن دينها وعن سنة رسولها، فلنهذب أنفسنا ، ولنطهر جوارحنا ، ونربي أبناءنا على هذه الأخلاق الاسلامية السامية. ويجب علينا أن نستعيد محبته صلى الله عليه وسلم في قلوبنا فإنَّ محبةَ رسولِ اللهِ – صلى الله عليه وسلم – يجب أن تكون فِي النفوسِ مغروسةٌ، وطاعتُهُ فِي القلوبِ مطبوعَةٌ، وتكون محبته منْ خلالِ التأسِي بصفاتِهِ وأخلاقِهِ ،ودراسةِ سيرتِهِ العطرةِ المباركَةِ ،وسيرةِ أصحابِهِ رضوانُ اللهِ عليهِمْ أجمعينَ، الذينَ ربَّاهُمْ، فصنَعَ منهُمْ خيْرَ أُمةٍ أُخرجَتْ للناسِ، وصدقَ اللهُ العظيم إذْ يقولُ: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا) الاحزاب 21،.
الدعاء