خطبة عن (هل الإسلام هو سبب تخلف المسلمين اليوم؟)
أكتوبر 17, 2019خطبة عن حديث (مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ أَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ)
أكتوبر 19, 2019الخطبة الأولى ( إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته : (فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ (61) قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ) (61) ،(62) الشعراء
إخوة الإسلام
لقد دعا الله عز وجل عباده إلى تدبر القرآن ، فقال الله تعالى : {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آَيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ} [ص: 29]، وفي نفس الوقت ،فقد أنكر الله على من أعرض عن تدبر القرآن ، فقال الله تعالى : {أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جَاءَهُمْ مَا لَمْ يَأْتِ آَبَاءَهُمُ الْأَوَّلِينَ} [المؤمنون: 68]، واليوم إن شاء الله موعدنا مع آيات من كتاب الله ، نتدبرها ، ونسبح في بحار معانيها ، ونرتشف من رحيقها المختوم ، مع قوله تعالى : (قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ) (62) الشعراء ، يقول ابن كثير في تفسيره : إن موسى ، عليه السلام ، لما انتهى إلى البحر قال : يا من كان قبل كل شيء والمكون لكل شيء ، والكائن قبل كل شيء ، اجعل لنا مخرجا . وجاء في الوسيط لطنطاوي : رد عليهم موسى – عليه السلام – بثقة وثبات بقوله : ( كَلاَّ ) أي : كلا لن يدرككم ، فاثبتوا ولا تجزعوا ( إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ ) . بهذا الجزم والتأكيد رد موسى على بنى إسرائيل ، وهو رد يدل على قوة إيمانه ، وثبات يقينه ، وثقته التي لا حدود لها في نصر الله – تعالى – له ، وفى هدايته إياه إلى طريق الفوز والفلاح . ففي تلك اللحظة العثرة التي كاد فيها فرعون أن يدرك سيدنا موسى عليه السلام ومن آمن معه من قومه ، هنا اهتز أصحابه فقالوا (إِنَّا لَمُدْرَكُونَ)، بينما نفى موسى عليه السلام بثبات ما يعتقده أصحابه من أن اللحاق بهم أصبح لا محالة ، واثقا في الله عز وجل قائلا : (كَلَّا ، إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ) الشعراء (62) ، فلن يتركني رب السماوات والأرض ورب كل شيء ، فلم أبتغي سوى رضاه ، ولن يترك من يتوكل عليه، ويستغيث به، فسوف يهديني لطريق النجاة ،من ذلك العبد الذي طغى وبغى ، وبلغ في الظلم منتهاه ، فخرج على رأس عدد وعدة وعداد ؛ ليدرك موسى ،لا لشيء سوى أنه دعا إلى الله الواحد الأحد ، وأراد أن ينقذ الناس مما هم فيه من الكفر والضلال . فلم ينظر نبي الله موسى (عليه السلام) أمامه ليجد الصعاب ، ولم ينظر خلفه ليجد العدو ، وإنما نظر إلى السماء ليرفع الدعاء ، وبأقصى سرعة تكون الإجابة ، فكان رد رب الأرض السماء :” فَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ مُوسَىٰ أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ ۖ فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ ” الشعراء (63) ، وتأملوا في كلمة (فَأَوْحَيْنَا) ليدل حرف العطف (الفاء) على سرعة حصول المراد ،واستجابة الدعاء ،والثقة ،وحسن الظن بالله ، وأن الله لا يخزي من توكل عليه ،واثقا في رحمته وحكمته ، فتلقى موسى عليه السلام الوحي من ربه ليفعل ما فعل ويصنع لنفسه طريق النجاة الذي أوحاه الله إليه (كَلَّا ، إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ) كانت هذه كلمة موسى، وفيها ما فيها من الشعور الدفين بمعية الله جل جلاله، وكأن لسان حاله يقول : لا الأمر أمري ولا التدبير تدبيري ولا الأمور التي تجري بتقديري
لي خالق رازق ما شاء يفعل بي أحاط بي علمه من قبل تصويري
فنبي الله موسى( عليه السلام ) يرى بني إسرائيل وقد خارت قواهم، ووهنت عزيمتهم، وأستبد بهم الخوف، واستولى عليهم الرعب، ولكنه لم يخف ، ولم يهتز لحظة، لأنه يعلم من الله ما لا يعلمون، فقالها كلمة خلدها القرآن الكريم إلى يوم القيامة، وتتناقلها الأجيال جيلا بعد جيل : (كَلَّا ، إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ) ، والنتيجة تكاد تذهب بالألباب، وتذهل العقول، لأنها كانت خرقا للنواميس، كانت معجزة مادية أجراها الله تعالى على يد رسوله موسى، فشق له البحر بضربة عصا ، وجعل له طريقا في البحر يبسا .
أيها المسلمون
وقريبا مما حدث لنبي الله موسى ،يحدث أيضا لنبي الله محمد صلى الله عليه وسلم ، فهذا أبو بكر يجيل بصره في الغار فإذا به يرى المشركين يقفون على باب الغار فترتعد فرائصه، ويضطرب قلبه من شدة الخوف على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ففي الصحيحين واللفظ لمسلم : (أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ حَدَّثَهُ قَالَ نَظَرْتُ إِلَى أَقْدَامِ الْمُشْرِكِينَ عَلَى رُءُوسِنَا وَنَحْنُ فِي الْغَارِ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ نَظَرَ إِلَى قَدَمَيْهِ أَبْصَرَنَا تَحْتَ قَدَمَيْهِ فَقَالَ « يَا أَبَا بَكْرٍ مَا ظَنُّكَ بِاثْنَيْنِ اللَّهُ ثَالِثُهُمَا ». وفي الصحيحين واللفظ للبخاري يقول أبو بكر 🙁 فَارْتَحَلْنَا وَالْقَوْمُ يَطْلُبُونَا ، فَلَمْ يُدْرِكْنَا أَحَدٌ مِنْهُمْ غَيْرُ سُرَاقَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ عَلَى فَرَسٍ لَهُ . فَقُلْتُ هَذَا الطَّلَبُ قَدْ لَحِقَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ . فَقَالَ « لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا » ، ويصور القرآن الكريم هذا المشهد في قول الله تعالى : (إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (40) التوبة
ومثل ذلك أيضا ما حدث لرسول الله محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه في غزوة بدر ، حينما جاءت قريش بقضها وقضيضها ،وعددها وعدتها وصلفها وكبريائها ،وكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في حال من الضعف وقلة العدد والعدة ،وحين التقى الجمعان لجأ رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الله تعالى متذللاً متضرعاً مبتهلاً ملحاً في ربه في طلب انفراج الكربة ونصر المسلمين حتى إنه صلى الله عليه وسلم نسي سقوط ردائه وهو يبتهل إلى الله ويتضرع إليه ، فقد جاء في صحيح مسلم : « اللَّهُمَّ أَنْجِزْ لِي مَا وَعَدْتَنِي اللَّهُمَّ آتِ مَا وَعَدْتَنِي اللَّهُمَّ إِنْ تَهْلِكْ هَذِهِ الْعِصَابَةُ مِنْ أَهْلِ الإِسْلاَمِ لاَ تُعْبَدْ فِي الأَرْضِ ». فَمَازَالَ يَهْتِفُ بِرَبِّهِ مَادًّا يَدَيْهِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ حَتَّى سَقَطَ رِدَاؤُهُ عَنْ مَنْكِبَيْهِ فَأَتَاهُ أَبُو بَكْرٍ فَأَخَذَ رِدَاءَهُ فَأَلْقَاهُ عَلَى مَنْكِبَيْهِ ثُمَّ الْتَزَمَهُ مِنْ وَرَائِهِ. وَقَالَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ كَذَاكَ مُنَاشَدَتُكَ رَبَّكَ فَإِنَّهُ سَيُنْجِزُ لَكَ مَا وَعَدَكَ ،فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ (إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّى مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ مُرْدِفِينَ) فَأَمَدَّهُ اللَّهُ بِالْمَلاَئِكَةِ) .
وإننا من خلال هذه الصور الحية الثابتة ،نخرج منها بالإيمان بالله رباً وبه إلهاً ،وبه حسيباً وكافياً ومولى ونصيراً ،وأن قدرته الشاملة ،ومعيته الخاصة فوق كل اعتبار وتوقع، قال الله تعالى في شأن أصحاب رسول الله وصدقهم في ايمانهم ومع رسولهم: (الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173) فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ) آل عمران (173) (174)
أيها المسلمون
فإذا كنت واثقاً بالله متوكلاً عليه فلا تخشى أي شيء ، فلو اجتمع العالم على أن يضروك لن يضروك بشيء إلا قد كتبه الله عليك ،والثقة بالله هي تفويض الأمر لله ،وهي خلاصة التوكل على الله ، قال تعالى : (وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ ) غافر 44 ،والثقة بالله تعالى هي التي جعلت أم موسى تلقي بموسى في اليم ، قال الله تعالى : (وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ ) القصص 7 ، والثقة بالله هي التي جعلت كليم الله موسى يقول في ساعة حرجة وقد احيط به من قبل فرعون وجنوده (فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ *قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ) الشعراء 25-26 ، والذي اخرج يونس من بطن الحوت في ظلمة الليل وظلمة الحوت وظلمة المحيط قادر على أن يعينك ويخرجك من مآزقك ومحنتك ويرزقك وينجيك ، قال الله تعالى : (وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (87) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ) الأنبياء:87ـ88.
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
وليس المهم في أن تقول لفظًا “فوضت أمري لله” أو “إن معي ربي سيهدين” ولكن داخلك يتقطّع قلقًا على ما سيحدث لك في الساعات أو الأيام القادمة، فالإيمان والتفويض الكامل، حيث السكون ،وعدم الشعور بالاضطراب نحو تلك الأمور.. نعم أحيانًا لا تسير الأمور كما تشتهي نفوسنا، ولا كما نحسب لها ونقدر، ولكن في النهاية تقديراتنا بشرية، وحساباتنا تكون على قدر مد بصرنا، أو أقل من ذلك، لا نستطيع أن ننظر إلى الجوانب الأخرى المتعلقة بالغيب، ولا إلى تلك الحكمة المجهولة من حدوث هذه الأشياء أو عدم حدوثها، لذا نحتاج إلى شيءٍ ما يطمئننا ويبث روح الرضى في نفوسنا كي لا نيأس، أو نحزن، وهذا الشيء هو اليقين بتقديرات الله لنا، والرضا بقضائه مهما كلفنا هذا الأمر من مشقة وعناء. فمن أعظم مراحل التسليم لله، أن كل شيء يكون لله، من العبادات والفرائض، والحياة بأكملها، والايمان الصادق بأن الله يعلم مايصلحنا، لأنه خالقنا، قال الله تعالى : “مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا ۚ إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (22) لِّكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ) الحديد (22)، (23) ، وأمر التسليم هنا متعلقٌ جدًا بأمر الرضا بقضاء الله وقدره، فهما شيئان يكمّل بعضهمُ الآخر، فحيثما كان التسليم وجدت الرضا، وأينما كان الرضا وجدت وراءهُ تسليمًا صادقًا وخالصًا..
أيها المسلمون
ونتوقف أمام هذه الآية الكريمة لنستلهم منها الدروس والعبر ، ومنها : أولا : أن حالة موسى عليه السلام عندما سدت دونه الطرق ، لم ييأس ولو للحظة ، بل رد قائلا بكل ثقة كلا ، في الوقت الذي ظن فيه أصحابه أن السبل قد انقطعت بهم وأنهم مدركون، وأن العاقبة غير محمودة ، هم يظنون ذلك ، ولكن موسى يقول كلا فهو يثق بربه ، هذه الحالة رفعت في أقل من ثانية إلى الله عز وجل ، بقلب واثق في الله “إن معي ربي سيهدين” ، وهنا نتوقف مع أنفسنا لحظات نتعلم ، ويسترجع كل منا موقف من المواقف أو حتى العديد من المواقف والمحن والأزمات التي يمر كل منا بها في حياته ، ويظن أن ليس لها حلا ، هكذا أغلقت دونه الأبواب وسدت دونه الطرق ، فيتوجه إلى الله بالدعاء بقلب خاشع ضارع ، فيأتي الفرج بعد الضيق ، ويأتي اليسر بعد العسر ، ثانيا : أن استجابة الله عز وجل وسرعة حصول المراد يوحي إليك ما أراد أن يوحي لتجد النور الذي في قلبك خرج وامتد حولك وأضاء لك الطريق ، وأرشدك في أي اتجاه تسير وتفكر ، هنا يكون الوحي طاقة يعطيها الله إياك ، وينبثق من تلك الطاقة حلا بل حلولا تجعلك ترى الأمور بشكل مختلف ، ولا تبكي على ما هو فات ، وإنما تفكر فيما هو آت ، دون أن يقلل ما مضى من عزيمتك ، لكن علينا جميعا أن نتعلم مما يحدث لنا وندرك الأخطاء ، ونحللها وتحلل كل ما يعيد لك ما افتقدته ، وتعيد بدء مرحلة جديدة ، تعرف فيها جيدا ما الذي يجب أن تتخذه من تدابير لتعالج قضيتك أو تحقق حلمك ، ثالثا : ومما تظهره هذه الآية من معانى : إذا كان الله معك فمن عليك؟ ، وإذا كان الله عليك فمن معك؟ ،فالإيمان بقدرة الله تجعل كلمة اليأس لا وجود لها في حياة المؤمنين، فلا شك أن اليأس كفر ، وأن القنوط كفر ، وأن أخطر شيء يصيب الأمة أن تهزم من الداخل ، أو أن تقع في اليأس ، لذلك ساق الله جل جلاله لنا قصص الأنبياء لتكون لنا فيها دروساً وعبرا .
الدعاء