خطبة عن (شهر رمضان شهر القرآن)
مارس 2, 2025خطبة عن(مع الصحابة في رمضان)
مارس 2, 2025الخطبة الأولى ( مع الصحابة في رمضان ) 2
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أيها المسلمون
روى البخاري في صحيحه : ( عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – اتَّخَذَ حُجْرَةً – قَالَ حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ – مِنْ حَصِيرٍ فِى رَمَضَانَ فَصَلَّى فِيهَا لَيَالِىَ ، فَصَلَّى بِصَلاَتِهِ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ ، فَلَمَّا عَلِمَ بِهِمْ جَعَلَ يَقْعُدُ ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ فَقَالَ « قَدْ عَرَفْتُ الَّذِى رَأَيْتُ مِنْ صَنِيعِكُمْ ، فَصَلُّوا أَيُّهَا النَّاسُ فِى بُيُوتِكُمْ ، فَإِنَّ أَفْضَلَ الصَّلاَةِ صَلاَةُ الْمَرْءِ فِى بَيْتِهِ إِلاَّ الْمَكْتُوبَةَ »
إخوة الإسلام
وما زال حديثنا موصولا عن الصحابة في رمضان : فكان من هدي الصحابة في رمضان الخلوة للعبادة والاعتكاف : فقد “كان ابن عمر (رضي الله عنهما) يقوم في بيته في شهر رمضان، فإذا انصرف الناس من المسجد أخذ إداوة من ماء، ثم يخرج إلى مسجد رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، ثم لا يخرج منه حتى يصلي فيه الصبح”. وقال عبد العزيز بن أبي رواد: أدركتهم يجتهدون في العمل الصالح فإذا فعلوه وقع عليهم الهم: أيقبل منهم أم لا؟ وفي صحيح البخاري ( عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ – رضى الله عنهما – قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – يَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ ). وفي صحيح مسلم قال صلى الله عليه وسلم « إِنِّي اعْتَكَفْتُ الْعَشْرَ الأَوَّلَ أَلْتَمِسُ هَذِهِ اللَّيْلَةَ ثُمَّ اعْتَكَفْتُ الْعَشْرَ الأَوْسَطَ ثُمَّ أُتِيتُ فَقِيلَ لِي إِنَّهَا فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ فَمَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يَعْتَكِفَ فَلْيَعْتَكِفْ ». فَاعْتَكَفَ النَّاسُ مَعَهُ ) ، ومن هدي الصحابة في رمضان التقليل من الطعام: فمن أراد الاستمتاع بالصلاة فلا يكثر من الطعام، بل يخفف؛ فإن قلة الطعام توجب رقة القلب، وقوة الفهم، وانكسار النفس، وضعف الهوى والغضب. ، قال محمد بن واسع: “من قل طعامه فهم وأفهم وصفا ورق، وإن كثرة الطعام تمنع صاحبها عن كثير مما يريد”. ، وقال سلمة بن سعيد: “إن كان الرجل ليعير بالبطن كما يعير بالذنب يعمله”. ، وروى الترمذي (عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ تَجَشَّأَ رَجُلٌ عِنْدَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ : « كُفَّ عَنَّا جُشَاءَكَ فَإِنَّ أَكْثَرَهُمْ شِبَعًا فِي الدُّنْيَا أَطْوَلُهُمْ جُوعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ » ، ومن المواقف المتعلقة بالاقتصاد في الإفطار والسَّحور، فعن أبي زياد مولى ابن عباس عن أبي هريرة، قال: كانت لي خمس عشرة تمرة، فأفطرتُ على خمس تمرات، وتسحَّرت بخمسٍ، وبقِيت خمس لفطري . وإن كان هذا الاقتصاد من قلة الطعام، إلا أن أبا هريرة – رضي الله عنه – يخشى من الشِّبَع ويَحذَر عاقبته، فيقول في ذلك: (ويلٌ لي مِن بطني، إذا أشبَعته كظَّني، وإذا أجَعته سبَّني)، نعم إن مضرة الشِّبَع معروفة، وخاصة في هذا الشهر الكريم؛ لما يُفوِّته على الإنسان من فُرَص الخير والتقرب إلى الله بطاعته. ومن هدي الصحابة في رمضان حفظ اللسان وقلة الكلام وتوقي الكذب: (فعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ – رضى الله عنه – قَالَ ،قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – « مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ » رواه البخاري ، “وفي الحديث دليل أن حكم الصيام الإمساك عن الرفث وقول الزور كما يمسك عن الطعام والشراب، وإن لم يمسك عن ذلك فقد تنقص صيامه، وتعرض لسخط ربه، وترك قبوله منه ،قال عمر بن الخطاب (رضي الله عنه): “ليس الصيام من الطعام والشراب وحده، ولكنه من الكذب والباطل واللغو والحلف” (أخرجه ابن أبي شيبة). وعن علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) قال: “إن الصيام ليس من الطعام والشراب ولكن من الكذب والباطل واللغو” (أخرجه ابن أبي شيبة). وعن جابر بن عبد الله (رضي الله عنهما) قال: “إذا صمت فليصم سمعك وبصرك ولسانك عن الكذب والمآثم، ودع أذى الخادم، وليكن عليك وقار وسكينة يوم صيامك، ولا تجعل يوم فطرك ويوم صيامك سواء” (أخرجه ابن أبي شيبة وعن عطاء قال: سمعت أبا هريرة (رضي الله عنه) يقول: “إذا كنت صائما فلا تجهل ولا تساب، وإن جهل عليك فقل: إني صائم” (أخرجه عبد الرزاق في المصنف). وعن مجاهد قال: “خصلتان من حفظهما سلم له صومه: الغيبة، والكذب” (أخرجه ابن أبي شيبة). ومن هدي الصحابة في رمضان – الاجتهاد في العشر الأواخر: فكانوا يجتهدون اجتهادا منقطع النظير؛ اقتداء بالنبي (صلى الله عليه وسلم)، ففي صحيح مسلم (عَنْ عَائِشَةَ – رضى الله عنها قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ أَحْيَا اللَّيْلَ وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ وَجَدَّ وَشَدَّ الْمِئْزَرَ )، وهم يفعلون ذلك كله رغبة في بلوغ ليلة القدر المباركة، التي كانوا يستعدون لها استعدادا خاصا، فكان بعضهم يغتسل ويتطيب في ليلة السابع والعشرين، التي رجح بعض العلماء أنها ليلة القدر، فيقضونها بين صلاة وذكر، وقيام وقراءة قرآن، ودعاء وتضرع لله تعالى، سائلينه أن يعتق رقابهم من النار. قال الشافعي (رحمه الله): “ويسن زيادة الاجتهاد في العبادة في العشر الأواخر من رمضان”. وذكر ابن جرير (رحمه الله) “أن كثيرا من السلف الصالح كانوا يغتسلون في كل ليلة من ليالي العشر، كان يفعل ذلك أيوب السختياني (رحمه الله)، وكان يفعله الإمام مالك (رحمه الله) فيما يرجح عنده أنه من ليالي القدر، فيغتسل ويتطيب ويلبس حلة لا يلبسها إلى العام القادم من شهر رمضان، وكان غيرهم يفعل مثل ذلك. فتشبهوا بهم إن لم تكونوا مثلهم إن التشبه بالرجال فلاح ، ومن هدي الصحابة في رمضان الدعاء ففي سنن ابن ماجة عن عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- :« إِنَّ لِلصَّائِمِ عِنْدَ فِطْرِهِ لَدَعْوَةً مَا تُرَدُّ ». ،قال ابن أبي مُليكة: سمِعت عبدالله بن عمرو يقول: إذا أفطر : (اللهمَّ إني أسألك برحمتك التي وسعت كلَّ شيء أن تغفر لي) . وفي سنن الترمذي ( عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم- :« ثَلاَثَةٌ لاَ تُرَدُّ دَعْوَتُهُمُ الصَّائِمُ حَتَّى يُفْطِرَ وَالإِمَامُ الْعَادِلُ وَدَعْوَةُ الْمَظْلُومِ يَرْفَعُهَا اللَّهُ فَوْقَ الْغَمَامِ وَيَفْتَحُ لَهَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ وَيَقُولُ الرَّبُّ وَعِزَّتِي لأَنْصُرَنَّكَ وَلَوْ بَعْدَ حِينٍ ». .
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( مع الصحابة في رمضان ) 2
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أيها المسلمون
ومما يتعلق بهذه الشهر الكريم من مواقف سعد بن معاذ – رضي الله عنه – هو تفطيره لرسول الله – صلى الله عليه وسلم – لما رواه ابن ماجه بسند صحيح عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ أَفْطَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عِنْدَ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فَقَالَ : « أَفْطَرَ عِنْدَكُمُ الصَّائِمُونَ وَأَكَلَ طَعَامَكُمُ الأَبْرَارُ وَصَلَّتْ عَلَيْكُمُ الْمَلاَئِكَةُ ». ففي الحديث نجد أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قد أفطر عند سعد بن معاذ – رضي الله عنه – وهذا خير جزيل ساقَه الله – سبحانه وتعالى – للصحابي الجليل سعد بن معاذ – رضي الله عنه – من وجهين: أما الوجه الأول: فهو تفطير رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وهو القائل – كما في سنن الترمذي بسند صحيح (عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ قَالَ ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- : « مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ غَيْرَ أَنَّهُ لاَ يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِ الصَّائِمِ شَيْئًا ». . فبهذا العمل حصل لسعد بن معاذ – رضي الله عنه – أجرٌ عظيمٌ من صيام رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وهو أتَمُّ الصيام وأكملُه، وأوفره أجرًا. أما الوجه الثاني: فدعوة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – لسعد بن معاذ – رضي الله عنه – بهذا الإفطار؛ حيث قال له: « أَفْطَرَ عِنْدَكُمُ الصَّائِمُونَ وَأَكَلَ طَعَامَكُمُ الأَبْرَارُ وَصَلَّتْ عَلَيْكُمُ الْمَلاَئِكَةُ ». فكم في هذه الدعاء من الخير لسعد بن معاذ – رضي الله عنه؟! وفي هذا الدعاء ثلاثة أمور: الأول: دعاء له بأن يُفطر عنده الصائمون، وإفطار الصائمين عنده يقتضي كثرة الأجْر المترتب على فطرهم عنده؛ لأن له مثل أجورهم، من غير أن ينقص من أجورهم شيئًا، وكلما كَثُر إفطار الصائمين عنده، كثُر أجره بالمقابل. الثاني: الدعاء له بأن يأكل طعامه الأبرار، والأبرار هم القائمون بحقوق الله، وحقوق عباده، الملازمون للبر في أعمال القلوب وأعمال الجوارح . وهذا يترتب عليه كثرة الخير له؛ إما بدعائهم له، أو بما يحصل منهم من العلم والإعانة على الخير، ويحتمل أيضًا أن يكون الذين يأكلون طعامه هم أصحابه، وبهذا يكون أصحابه هم الأبرار، ونعمة الصُّحبة التي تعود عليه بالخير. الثالث: الدعاء له بصلاة الملائكة عليه، وصلاة الملائكة عليه هي دعاؤهم واستغفارهم له؛ كما في قوله سبحانه -: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56].
أيها المسلمون
هذه بعض الصور المشرفة من حياة الصحابة في رمضان ، ألا فتشبهوا بهؤلاء الرجال ، لتكونوا من عباد الله الأخيار ، فهم الذين قال الله تعالى في شأنهم : ( وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) (100) التوبة ، وقال تعالى :(لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا) (18)) الفتح ، وقال تعالى :(أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (22) المجادلة ، وقال تعالى :(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ (7) جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ) (8)) البينة
الدعاء