خطبة عن (وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ)
أبريل 21, 2025خطبة عن (أَنْوَاعُ الْجِهَادِ)
أبريل 22, 2025الخطبة الأولى ( طُوبَى لِمَنْ جَعَلَ اللَّهُ مَفَاتِيحَ الْخَيْرِ عَلَى يَدَيْهِ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
روى ابن ماجه في سننه : (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ :قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- :« إِنَّ مِنَ النَّاسِ مَفَاتِيحَ لِلْخَيْرِ مَغَالِيقَ لِلشَّرِّ ،وَإِنَّ مِنَ النَّاسِ مَفَاتِيحَ لِلشَّرِّ مَغَالِيقَ لِلْخَيْرِ ،فَطُوبَى لِمَنْ جَعَلَ اللَّهُ مَفَاتِيحَ الْخَيْرِ عَلَى يَدَيْهِ ،وَوَيْلٌ لِمَنْ جَعَلَ اللَّهُ مَفَاتِيحَ الشَّرِّ عَلَى يَدَيْهِ ».
إخوة الإسلام
إن المسلم حينما يعمل عملا صالحا ، يصبح مفتاحا للخير، ودلالة معروف، وسفير هداية، ورسول صلاح ،ومغلاقا للشرِّ، ودافع بلاء، ومانع نقمة، وصمام أمان من غضب الرحمن، والإسلام عندما أمرنا وكلفنا بالعمل الصالح، لم يجعله ماليا فقط ،يختص به الأغنياء دون غيرهم ، ولا علميا يختص به المثقفون فقط، ولا بدنيا ينفرد به الأقوياء من الناس، ولكن الله جعل الخير عملا إنسانيا عاما ،يتقرب به كل إنسان مسلم من الله تعالى على قدر طاقته، يشترك فيه الفقير والغني، والأمي والمتعلم، والضعيف والقوي، وفي المعجم الكبير للطبراني : (عن سهل بن سعد (رفع الحديث الى النبي صلى الله عليه وسلم) قال :قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (عند الله خزائن الخير والشر، مفاتيحها الرجال، فطوبى لمن جعله الله مفتاحا للخير مغلاقا للشر، وويل لمن جعله الله مفتاحا للشر مغلاقا للخير) ، وقال الحكيم: فالخير مرضاة اللّه والشر سخطه، فإذا رضي اللّه عن عبد فعلامة رضاه أن يجعله مفتاحاً للخير، فإن رؤى ذُكر الخير برؤيته، وإن حضر حضر الخير معه، وإن نطق نطق بخير، وعليه من اللّه سمات ظاهرة ،لأنه يتقلب في الخير، ويعمل الخير ،وينطق بخير ،ويفكر في خير ،ويضمر خيراً ،فهو مفتاح الخير حسبما حضر ،وسبب الخير لكل من صحبه، والقسم الآخر : يتقلب في شر ويعمل شراً وينطق بشر ويفكر في شر ويضمر شراً، فهو مفتاح الشر لذلك فصحبة الأول دواء والثاني داء
وفي هذا الحديث النبوي الكريم الذي بين أيدينا اليوم يقول صلى الله عليه وسلم :« إِنَّ مِنَ النَّاسِ مَفَاتِيحَ لِلْخَيْرِ مَغَالِيقَ لِلشَّرِّ ،وَإِنَّ مِنَ النَّاسِ مَفَاتِيحَ لِلشَّرِّ مَغَالِيقَ لِلْخَيْرِ ،فَطُوبَى لِمَنْ جَعَلَ اللَّهُ مَفَاتِيحَ الْخَيْرِ عَلَى يَدَيْهِ ،وَوَيْلٌ لِمَنْ جَعَلَ اللَّهُ مَفَاتِيحَ الشَّرِّ عَلَى يَدَيْهِ ) ، فقد قسَّم النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم النَّاس قسمين: مفاتيح للخير ،ومفاتيح للشرِّ، والمفتاح كلُّ ما يحلُّ غلقًا، حسِّيًّا كان أو معنويًّا، فالحسيُّ كمفتاح الباب، والمعنويُّ كما جاء في الحديث المشهور: «مِفْتَاحُ الصَّلاَةِ الطُّهُورُ»، والمفاتيح في هذا الحديث ذكرها النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم بصيغة الجمع لبيان أنَّ مفاتيح الخير كثيرة، وكذا بالمقابل فإنَّ مفاتيحَ الشَّرِّ كثيرةٌ متنوِّعة، وكلُّ مطلوب للإنسان جعل الله له مفتاحًا يفتح به، فلذا ينبغي للعبد أن يعرف ويتعلَّم مفاتيحَ الخير من مفاتيح الشَّرِّ، وكون الإنسان مفتاحاً للخير ومغلاقاً للشر معناه: أن يحفظ نفسه ووقته وجهده وما يستطيع لمنفعة الآخرين من المسلمين أيضاً، فزيادة على أن يستقيم في ذاته ينفع الله تعالى به المسلمين ومن حوله من الناس، بحيث يكون -كما كان أنبياء الله عز وجل- رحمة للعالمين، كما أخبر الله تبارك وتعالى عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، أو رحمة لأقوامهم ومن حولهم كما كان كل الأنبياء، وبهذا يعيش المسلم في مجتمعه ينبوعاً يفيض بالخير والرحمة، ويتدفق بالنفع والبركة، يفعل الخير ويدعو إليه؛ ويبذل المعروف ويدل عليه، فهو مفتاح للخير، ومغلاق للشر.
أيها المسلمون
ومن أهمِّ مفاتيح الخير تعليم العلوم النَّافعة وبثُّها في النَّاس، بإقامة الدُّروس والمحاضرات والنَّدوات والدَّورات العلميَّة المفيدة، فإنَّها مفاتيح الخيرات كلِّها، وكذا الأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر برفق وحكمة ولين، ومن ذلك أيضًا سنُّ السُّنن وإحياؤها، كمن يسعى لفتح وإنشاء مدارس قرآنية، وكذا السَّعي في طباعة الكتب النَّافعة وتوزيعها، وإصدار المجلاَّت المفيدة المباركة الَّتي تدعو إلى الإصلاح والتَّوحيد ودين الله الخالص، يقول الله تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل:125]، ويقول الله تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللهِ} [آل عمران:110].
وواجب أهل العلم وطلابه أكبر وأعظم من غيرهم في فتح أبواب الخير على النَّاس وعلى المجتمع، وبيان وجوه الخير وطرائقه، وتحذيرهم من وجوه الشَّرِّ وأبوابه، ودعوتهم إلى الهدى وتحذيرهم من طرق الغواية والرَّدى ، وحثِّهم على العمل بكتاب الله وسنَّة رسوله صلَّى الله عليه وسلَّم، وتصحيح فهمها ، وتطهير أفكارهم وعقولهم من البدع والتَّخريف. ويكون ذلك بإرشادها وبذل النُّصح لهم، وملاك ذلك كلِّه رغبةُ العبد في إيصال الخير والنَّفع ونشره بين النَّاس، وإخلاصه في ذلك واستعانته بالله، وسؤاله التَّوفيق والسَّداد في كلِّ ما يقول ويعمل ، وأمَّا التَّوفيق وشرح الصُّدور فهو بفتح الله تعالى على العبد، فالفتح فتحان، فتحٌ يكون بالمخلوق بالبيان والتَّبليغ، وفتح يختصُّ به الله تعالى، وهو التَّوفيق والهداية.
ومن الأمور الَّتي يجب معرفتها أنَّ مفتاح الخيرات كلِّها هو مفتاح الجنَّة، وهو كلمة التَّوحيد «لا إله إلاَّ الله»، ورُوِي ذلك مرفوعًا: «مِفْتَاحُ الجَنَّةِ شَهَادَةُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله» رواه البزار . فالجنَّة لا تفتح إلاَّ لمن حقَّق التَّوحيد وآمن بالله، وأمَّا من كفر بالله وكذَّب برسله ولم يأت بكلمة التَّوحيد والإيمان فلا تفتح لهم أبواب الجِنَان، قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لاَ تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلاَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ} [الأعراف: 40]، فمن حقَّق التَّوحيد والإيمان فتحت له أبواب الجنان، كما جاء في (صحيح مسلم) من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: «مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ يَتَوَضَّأُ فَيبلغ -أَوْ قَالَ- يَسْبِغُ الوُضُوءَ ثُمَّ يَقُولُ: أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ إِلاَّ فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ الجَنَّةِ الثَّمَانِيةُ يَدْخُلُ مِنْ أَيِّهَا شَاءَ»، والمفتاح كما هو معلوم لا بدَّ له من أسنان حتَّى يَفتح، فعن وهب بن منبِّه أنَّه قيل له: أليس مفتاح الجنَّة لا إله إلاَّ الله؟ قال: “بلى، ولكن ليس من مفتاح وإلاَّ وله أسنان، فإذا جِئْتَ بمفتاح له أسنان فُتح لك، وإلاَّ لم يُفتح لك”، فلا يكفي للإنسان أن يدَّعي أنَّه من أهل لا إله إلاَّ الله وهو مُنْغَمِسٌ في الرَّذائل، تارك للواجبات والفرائض، بل يجب عليه القيام بحقوق هذه الكلمة، والإتيان بواجباتها وشروطها حتَّى يكون محقِّقًا لمعناها ولا يكون مدَّعِيًا فقط،، قال الله تعالى : {أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ} [ص:28].
كما جعل الله سبحانه لكلِّ مطلوب مفتاحًا يفتح به؛ فجعل مفتاح الصَّلاة: الطُّهور، كما قال صلَّى الله عليه وسلَّم: «مِفْتَاحُ الصَّلاَةِ: الطُّهُورُ»، ومفتاح الحجِّ: الإحرام، ومفتاح البِّرِّ: الصِّدق، ومفتاح الجنَّة: التَّوحيد، ومفتاح العلم: حُسن السُّؤال وحُسن الإصغاء، ومفتاح النَّصر والظَّفَر: الصَّبر، ومفتاح المزيد: الشُّكر، ومفتاح الوَلاية والمحبَّة: الذِّكر، ومفتاح الفلاح: التَّقوى، ومفتاح التَّوفيق: الرَّغبة والرَّهبة، ومفتاح الإجابة: الدُّعاء، ومفتاح الرَّغبة في الآخرة: الزُّهد في الدُّنيا، ومفتاح الإيمان: التَّفكُّر فيما دعا الله عباده إلى التَّفكُّر فيه، ومفتاح الدُّخول على الله: إسلامُ القلب وسلامته له والإخلاص له في الحبِّ والبغض والفعل والتَّرك، ومفتاح حياة القلب: تدبُّر القرآن والتَّضرُّع بالأسحار وترك الذُّنوب، ومفتاح حصول الرَّحمة: الإحسان في عبادة الخالق والسَّعي في نفع عبيده، ومفتاح الرِّزق: السَّعي مع الاستغفار والتَّقوى، ومفتاح العزِّ: طاعة الله ورسوله، ومفتاح الاستعداد للآخرة: قِصر الأمل، ومفتاح كلِّ خير: الرَّغبة في الله والدَّار الآخرة..». فهذه من مفاتيح الخير الَّتي جمعها النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم في قوله: «إِنَّ مِنَ النَّاسِ مَفَاتِيحَ لِلْخَيْرِ مَغَالِيقَ لِلشَّرِّ». وفتح أبواب الخير يستلزم إغلاق أبواب الشُّرور، فما فُتح باب للخير إلاَّ وأُغلق مكانه باب من الشَّرِّ، كما أنَّه ما أُحييت سنَّة إلاَّ أُميتت بدعة.
أيها المسلمون
وفي قوله صلى الله عليه وسلم : (وَوَيْلٌ لِمَنْ جَعَلَ اللَّهُ مَفَاتِيحَ الشَّرِّ عَلَى يَدَيْهِ) ، فمن المعلوم أنه يقابل مفاتيح الخير مفاتيح الشَّرِّ ،وما أكثرها وأكثر من هي في أيديهم، وأعظم تلك المفاتيح الكفر ،وكذا الإعراض عن الله ،والصَّدُّ عن سبيله، ومحاربة السُّنَّة وإظهار البدع، وكذا منع المصلحين من الإصلاح والوقوف في وجه الدَّعوة والصدُّ عنها ،وتنفيرُ النَّاس من حقائقها، ونَبْزُ وتعييرُ القائمين عليها، كلُّ ذلك من أعظم مفاتيح الشَّرِّ، وجميع المعاصي مفاتيح الشَّرِّ، فالخمر مفتاح كلِّ إثم، والكسل والخمول مفتاح الخيبة والحرمان، والكذب مفتاح النِّفاق، والحرص والشُّحُّ مفتاح البُخل وقطيعة الرَّحم، والإعراض عن السُّنَّة مفتاح البدعة، ومفتاح كلِّ شرٍ: حبُّ الدُّنيا وطول الأمل ، وكل من شغل الناس بما يضرُّهم ولا ينفعهم، وسعى في إشعال نار الفتن والشِّقاق والتَّنافر، وحرص كلَّ الحرص على مضرَّة العباد فملأ مجالسهم بالنَّميمة والغيبة والوقيعة في النَّاس، وثبَّط عباد الله عن الخير، بل دعاهم إلى ما يفسد أعمالهم وعقائدهم، فهذا مغلاق للخير مفتاح للشَّرِّ والآفات، وما أكثر هذا اللَّون في هذا الزَّمان،
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( طُوبَى لِمَنْ جَعَلَ اللَّهُ مَفَاتِيحَ الْخَيْرِ عَلَى يَدَيْهِ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
في مسند أحمد : (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ خَطَّ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- خَطًّا ثُمَّ قَالَ « هَذَا سَبِيلُ اللَّهِ ثُمَّ خَطَّ خُطُوطاً عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ – ثُمَّ قَالَ – هَذِهِ سُبُلٌ – قَالَ يَزِيدُ – مُتَفَرِّقَةٌ عَلَى كُلِّ سَبِيلٍ مِنْهَا شَيْطَانٌ يَدْعُو إِلَيْهِ ». ثُمَّ قَرَأَ (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ) [الأنعام:153]»، فالطَّريق الموصل إلى الله واحد، وهو ما بعث به رسله وأنزل به كتبه، ولا يصل إليه أحدٌ إلاَّ من هذا الطَّريق، ولو أتى النَّاس من كلِّ طريق واستفتحوا من كلِّ بابٍ فالطُّرق عليهم مسدودة، والأبواب عليهم مُغْلَقة، إلاَّ من هذا الطَّريق الواحد؛ فإنَّه متَّصل بالله مُوصِل إلى الله، فالدين الإسلام يقوم على أصلين عظيمين، عبادة الله وحده لا شريك له، وألا يُعبد سبحانه إلا بما شرع في كتابه، وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، وكل الطرق إلى الله مسدودة، إلا طريق محمد صلى الله عليه وسلم، وما من عمل ولا قول إلا ينصب له ديوانان: لم؟ وكيف؟ فالأول: سؤال عن الإخلاص. والثاني: سؤال عن المتابعة ، فقد قال الله تعالى: (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [آل عمران: 31]. وقال تعالى: (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) [النور: 63]. وأحسن العمل: أخلصه وأصوبه، والخالص: ما كان له، والصواب: ما كان على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما قال الفضيل بن عياض وغيره. وقال تعالى: (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) [الحشر: 7]. وفي الصحيحين : (عَنْ عَائِشَةَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- :« مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ » . وفي صحيح مسلم : (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ ». ، فلا نجاح ولا فلاح، ولا قبول، ولا نجاة، إلا باتباع النبي صلى الله عليه وسلم في كل صغير وكبير ودقيق وجليل.
أيها المسلمون
وأمَّا أبواب الضَّلال فهي مفتوحة والسُّبل إليها كثيرة، وعلى كلِّ سبيلٍ منها شيطانٌ يدعو إليها، يفرِّق بين عباد الله ويدعو إلى الشَّرِّ والابتداع، والكفر والنِّفاق. فينبغي على العبد أن يعتني أشدَّ الاعتناء بمعرفة مفاتيح الخير وما جعلت المفاتيح له، ويدعو إليها، ويرشد النَّاس ويفتح عليهم وجوه الخير وأعمال البرِّ، ويجتهد في أن يكون مغلاقًا للشُّرور والآفات، ويعلم ما كان منها مفتاحًا للشَّرِّ مغلاقًا للخير ويحذر كلَّ الحذر ويحذِّر غيره من تلك المفاتيح حتَّى ينال رضى الله فطوبى لمن كان كذلك، وويل لمن كان غير ذلك. “وهذا باب عظيم من أنفع أبواب العلم، وهو معرفة مفاتيح الخير والشَّرِّ، لا يُوفَّق لمعرفته ومراعاته إلاَّ من عظُم حظُّه وتوفيقه” فكونوا عباد الله مفاتيح الخير مغاليق الشَّرِّ تفلحوا وتسعدوا في الدُّنيا والآخرة، وتُسعدوا غيركم وتنالوا رضى ربِّكم.
الدعاء