خطبة عن حديث: (يَقُولُ الْعَبْدُ مَالِي مَالِي إِنَّمَا لَهُ مِنْ مَالِهِ ثَلاَثٌ)
يناير 26, 2019خطبة عن حديث: (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْعَبْدَ التَّقِىَّ الْغَنِىَّ الْخَفِيَّ)
يناير 26, 2019الخطبة الأولى ( من أخلاق المسلم : ( الرحمة)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
روي في الصحيحين عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبْيٌ، فَإِذَا امْرَأَةٌ مِنَ السَّبْيِ قَدْ تَحْلُبُ ثَدْيَهَا تَسْقِي، إِذَا وَجَدَتْ صَبِيًّا فِي السَّبْيِ أَخَذَتْهُ، فَأَلْصَقَتْهُ بِبَطْنِهَا وَأَرْضَعَتْهُ، فَقَالَ لَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَتُرَوْنَ هَذِهِ طَارِحَةً وَلَدَهَا فِي النَّارِ» قُلْنَا: لاَ، وَهِيَ تَقْدِرُ عَلَى أَنْ لاَ تَطْرَحَهُ، فَقَالَ: «لَلَّهُ أَرْحَمُ بِعِبَادِهِ مِنْ هَذِهِ بِوَلَدِهَا». وروى البخاري في صحيحه ، قال صلى الله عليه وسلم : ” الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمْ الرَّحْمَنُ، ارْحَمُوا مَنْ فِي الْأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ، الرَّحِمُ شُجْنَةٌ مِنْ الرَّحْمَنِ فَمَنْ وَصَلَهَا وَصَلَهُ اللَّهُ وَمَنْ قَطَعَهَا قَطَعَهُ اللَّهُ” ، وعن أَبَي هُرَيْرَةَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: “جَعَلَ اللَّهُ الرَّحْمَةَ مِائَةَ جُزْءٍ، فَأَمْسَكَ عِنْدَهُ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ جُزْءًا وَأَنْزَلَ فِي الْأَرْضِ جُزْءًا وَاحِدًا ؛ فَمِنْ ذَلِكَ الْجُزْءِ يَتَرَاحَمُ الْخَلْقُ حَتَّى تَرْفَعَ الْفَرَسُ حَافِرَهَا عَنْ وَلَدِهَا خَشْيَةَ أَنْ تُصِيبَهُ” (رواه البخاري)، وقال صلى الله عليه وسلم في أهل الجنة الذين أخبر عنهم بقوله: “أَهْلُ الْجَنَّةِ ثَلَاثَةٌ: ذُو سُلْطَانٍ مُقْسِطٌ مُتَصَدِّقٌ مُوَفَّقٌ، وَرَجُلٌ رَحِيمٌ رَقِيقُ الْقَلْبِ لِكُلِّ ذِي قُرْبَى وَمُسْلِمٍ، وَعَفِيفٌ مُتَعَفِّفٌ ذُو عِيَالٍ” (رواه مسلم) ، وقالت عائشة – رضي الله عنها -: جاء أعرابي إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: أتُقبِّلون الصبيان؟ فما نقبِّلهم، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أَوَأَمْلِكُ لكَ أن نَزَعَ اللهُ الرحمةَ مِنْ قَلْبِكَ))؛ رواه البخاري. وأَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ – رضى الله عنه – قَالَ قَبَّلَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – الْحَسَنَ بْنَ عَلِىٍّ وَعِنْدَهُ الأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ التَّمِيمِىُّ جَالِسًا . فَقَالَ الأَقْرَعُ إِنَّ لِى عَشَرَةً مِنَ الْوَلَدِ مَا قَبَّلْتُ مِنْهُمْ أَحَدًا . فَنَظَرَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – ثُمَّ قَالَ « مَنْ لاَ يَرْحَمُ لاَ يُرْحَمُ » متفق عليه. وفي صحيح مسلم (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّ النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- تَلاَ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِى إِبْرَاهِيمَ ( رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِى فَإِنَّهُ مِنِّى) الآيَةَ. وَقَالَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ ( إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) فَرَفَعَ يَدَيْهِ وَقَالَ « اللَّهُمَّ أُمَّتِى أُمَّتِى ». وَبَكَى فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَا جِبْرِيلُ اذْهَبْ إِلَى مُحَمَّدٍ وَرَبُّكَ أَعْلَمُ فَسَلْهُ مَا يُبْكِيكَ فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ – عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ – فَسَأَلَهُ فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بِمَا قَالَ. وَهُوَ أَعْلَمُ. فَقَالَ اللَّهُ يَا جِبْرِيلُ اذْهَبْ إِلَى مُحَمَّدٍ فَقُلْ إِنَّا سَنُرْضِيكَ فِى أُمَّتِكَ وَلاَ نَسُوءُكَ.
إخوة الاسلام
الرحمة : فهي: رِقَّةُ القلب ، والشفقة والحنو والعطف على النفس، والآخرين ،فالمؤمنة أو المؤمن يتميز كل منهما بقلب مرهف، ليِّن رحيم، يلقى الناس جميعًا، فيرِقُّ للضعيف، ويتألم للحزين، ويحنو على المسكين، ويمدُّ يده للملهوف، موقنًا أن رحمة الله لا تناله إلا برحمة الناس؛ « إِنَّمَا يَرْحَمُ اللَّهُ مِنْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ » رواه البخاري. والرحمة في الإسلام لا تقتصر على البشر، بل تتجاوزه إلى نطاق الرحمة بالبهائم، فقد أخبرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن الجنة فُتحت أبوابها لامرأة بَغِي سقت كلبًا بخُفِّها، فغفر الله لها، وأن النار فتحت أبوابها لامرأة حبست هرة، فلا هي أطعمتها ولا هي أرسلتها تأكل من خشاش الأرض حتى ماتت. وعلى هذا النهج التربوي النبوي سار الصحابة الكرام، فكانوا أبرارًا رحماءَ، لا فُجارًا ألِدَّاء؛ قال تعالى ﴿ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ﴾ [الفتح: 29]، فها هو أبو الدرداء – رضي الله عنه – الذي امتلأ قلبه رحمة ورقة، يقف أمام بعيره عند موته، فيقول له: يا أيها البعير، لا تخاصمني إلى ربك، فإني لم أكن أُحمِّلك فوق طاقتك. إنها صِبغة الإسلام وتربية خير الأنام؛ حيث سجَّلَ التاريخ لنا مشاهد رائعة من هذه الرحمة الندية، قاد المسلمون من خلالها العالم إلى المحبة والوئام، وحققوا السعادة والسلام، وأناروا حياتهم بمآثر الإحسان. وإن الذي يتجرَّد من الرحمة، فهو في عداد الأشقياء، يستحق سخط الله، يقول -صلى الله عليه وسلم-: ((لا تُنْزَع الرحمة إلا من شقي))؛ رواه الترمذي.
أخي الحبيب أين نحن من هذا الخلق وما هو نصيبه من حياتنا ولنتسأل عنه في واقعنا ومعاشنا : فهل نحن رحماء مع آبائنا وأمهاتنا والله عز وجل يقول : {وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً }الإسراء24, وأين نحن من رحمة أبنائنا وبناتنا وأزواجنا والنبي صلى الله عليه وسلم يقول كما في الصحيحين « مَنْ لاَ يَرْحَمُ لاَ يُرْحَمُ » ، وأين نحن من رحمة الضعفاء والمساكين من خدم وفقراء وغيرهم والله عز وجل يقول { فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ(9) وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ} (9) ،(10) الضحى , فهذه دعوة لأن نلين قلوبنا ولأن نكون محبوبين ولأن نكون حريصين على نفع الآخرين ولأجل أن يكون المجتمع متحاباً مترابطاً بعيداً عن كل شقاء وعناء . إخوة الاسلام
ومن صور الرحمة في حياتنا : شفقة الإمام برعيته، وتجنب ما من شأنه أن يجلب المشقة عليهم: – عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ أَعْتَمَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- ذَاتَ لَيْلَةٍ حَتَّى ذَهَبَ عَامَّةُ اللَّيْلِ وَحَتَّى نَامَ أَهْلُ الْمَسْجِدِ ثُمَّ خَرَجَ فَصَلَّى فَقَالَ « إِنَّهُ لَوَقْتُهَا لَوْلاَ أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِى ». – وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « إِذَا أَمَّ أَحَدُكُمُ النَّاسَ فَلْيُخَفِّفْ فَإِنَّ فِيهِمُ الصَّغِيرَ وَالْكَبِيرَ وَالضَّعِيفَ وَالْمَرِيضَ فَإِذَا صَلَّى وَحْدَهُ فَلْيُصَلِّ كَيْفَ شَاءَ » رواه البخاري ومسلم ،ومن صور الرحمة : الرحمة بالنفس : وذلك بالتوسط في العبادات وترك ما يشق على النفس: فعَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ – صلى الله عليه وسلم – دَخَلَ عَلَيْهَا وَعِنْدَهَا امْرَأَةٌ قَالَ « مَنْ هَذِهِ » . قَالَتْ فُلاَنَةُ . تَذْكُرُ مِنْ صَلاَتِهَا . قَالَ « مَهْ ، عَلَيْكُمْ بِمَا تُطِيقُونَ ، فَوَاللَّهِ لاَ يَمَلُّ اللَّهُ حَتَّى تَمَلُّوا » . وَكَانَ أَحَبَّ الدِّينِ إِلَيْهِ مَا دَامَ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ ) رواه البخاري ،ومن صور الرحمة: بر الوالدين.. وخفض جناح الذُّل من الرَّحْمَة لهما: – عن عبد اللّه بن مسعود رضي اللّه عنه قَالَ سَأَلْتُ النَّبِيَّ – صلى الله عليه وسلم – أَيُّ الْعَمَلِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ قَالَ « الصَّلاَةُ عَلَى وَقْتِهَا » . قَالَ ثُمَّ أَىُّ قَالَ « ثُمَّ بِرُّ الْوَالِدَيْنِ » . قَالَ ثُمَّ أَيّ قَالَ « الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ » رواه البخاري ومسلم ، ومن صور الرحمة: الوصية بالمرأة خيرًا والإحسان إليها ،الشفقة على الأبناء، والعطف والحزن عليهم، إذا أصابهم مكروه: عَنْ عَائِشَةَ – رضى الله عنها – قَالَتْ جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – فَقَالَ تُقَبِّلُونَ الصِّبْيَانَ فَمَا نُقَبِّلُهُمْ . فَقَالَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – « أَوَ أَمْلِكُ لَكَ أَنْ نَزَعَ اللَّهُ مِنْ قَلْبِكَ الرَّحْمَةَ » رواه البخاري ومن صور الرحمة المشرقة في دين الإسلام: الرحمة بالضعفاء والفقراء. فمن شعائر الإسلام العظيمة: إطعام الطعام، والإحسان إلى الفقراء والأرامل والأيتام، طلبًا لرحمة الله الملك العلام. روى البخاري ومسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «السَّاعِي عَلَى الأَرْمَلَةِ وَالمِسْكِينِ، كَالْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أَوِ القَائِمِ اللَّيْلَ الصَّائِمِ النَّهَارَ». فالذي يطعم الأرملة ويدخل السرور عليها ويرحم بُعد زوجها عنها، حين يكون لها كزوجها إحسانًا وحنانًا؛ كالصائم الذي لا يفطر من صيامه. والقائم الذي لا يفتر من قيامه. فهنيئًا ثم هنيئًا لأمثال هؤلاء الرحماء. وأخرج البخاري في صحيحه عن سَهْل بْن سَعْدٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَنَا وَكَافِلُ اليَتِيمِ فِي الجَنَّةِ هَكَذَا» وَقَالَ بِإِصْبَعَيْهِ السَّبَّابَةِ وَالوُسْطَى. وأخرج الإمام أحمد والبيهقي عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَجُلاً شَكَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَسْوَةَ قَلْبِهِ فَقَالَ لَهُ: « إِنْ أَرَدْتَ أَنْ يَلِينَ قَلْبُكَ فَأَطْعِمِ الْمِسْكِينَ، وَامْسَحْ رَأْسَ الْيَتِيمِ » .
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( من أخلاق المسلم : ( الرحمة)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ومن صور الرحمة: الرحمة بالحيوان وعدم إخافته أو إجهاده أو إجاعته: فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: « دَخَلَتِ امْرَأَةٌ النَّارَ فِي هِرَّةٍ رَبَطَتْهَا ، فَلَمْ تُطْعِمْهَا ، وَلَمْ تَدَعْهَا تَأْكُلُ مِنْ خِشَاشِ الأَرْضِ » رواه البخاري ومسلم ،أما عن جزاء الراحمين عن عبد الله بن عمرو ـ رضي الله عنه ـ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ ارْحَمُوا مَنْ فِي الأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ ) رواه الترمذي ، والراحمون تألفهم القلوب ، وتأنس بهم ، وهم محبوبون من الناس ، ومقربون منهم ، وتشملهم رحمة الله وحفظه ورعايته أينما كانوا ، فيفرج كروبهم ، ويزيل همومهم
أيها المسلمون
وكما أمر الاسلام بخلق الرحمة ، فقد حذر من القسوة والشدة في غير موضعها ، فحين تنعدم من القلوب الرحمة وتحل القسوة بدلا منها فإنها تصبح مثل الحجارة أو أشد قسوة، وقد ذمَّ الله ـ عز وجل ـ أقواماً وصلوا إلى تلك الحالة من القسوة وانعدام الرحمة، فقال تعالى عن بني إسرائيل: { ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً } (البقرة من الآية: 74) .وقسوة القلب تعني البعد عن الله، وتؤدي إلى الشقاء، قال الله تعالى: { فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ } (الزمر الآية: 22)، وعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « لاَ تُكْثِرُوا الْكَلاَمَ بِغَيْرِ ذِكْرِ اللَّهِ فَإِنَّ كَثْرَةَ الْكَلاَمِ بِغَيْرِ ذِكْرِ اللَّهِ قَسْوَةٌ لِلْقَلْبِ وَإِنَّ أَبْعَدَ النَّاسِ مِنَ اللَّهِ الْقَلْبُ الْقَاسِي ».رواه الترمذي .قال ابن القيم: ” ما ضُرب عبد بعقوبة أعظم من قسوة القلب والبعد عن الله ” .وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: « لاَ تُنْزَعُ الرَّحْمَةُ إِلاَّ مِنْ شَقِىٍّ » رواه الترمذي وحسنه الألباني . قال الطيبي: ” لأن الرحمة في الخلق رقة القلب، والرقة في القلب علامة الإيمان، فمن لا رقة له لا إيمان له، ومن لا إيمان له شقي، فمن لا يرزق الرقة شقي ” . وقال القرطبي: ” الرحمة رقة وحنوّ يجده الإنسان في نفسه عند رؤية مُبْتَلَى أو صغيرٍ أو ضعيف، يحمله على الإحسان إليه، واللطف والرفق به، والسعي في كشف ما به .. فمن خلق اللّه في قلبه هذه الرحمة الحاملة على الرفق وكشف ضرر المُبتلى، فقد رحمه اللّه بذلك في الجنان، وجعل ذلك على رحمته إياه في المآل، ومن سلبه الله ذلك المعنى ،وابتلاه بنقيضه ،من القسوة والغلظة، ولم يلطف بضعيف، ولا أشفق على مُبتلى، فقد أشقاه حالاً ،وجعل ذلك علماً على شقوته مآلاً، نعوذ باللّه من ذلك ” .
الدعاء