خطبة عن ( الإسلام يعلمني )
مايو 5, 2018خطبة عن :من أخلاق المسلم :(الصبر)
مايو 12, 2018الخطبة الأولى (من أخلاق المسلم 🙁 الرضا )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
روى مسلم في صحيحه : (عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « ذَاقَ طَعْمَ الإِيمَانِ مَنْ رَضِىَ بِاللَّهِ رَبًّا وَبِالإِسْلاَمِ دِينًا وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولاً ». وفي سنن الترمذي بسند حسن 🙁عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « إِنَّ عِظَمَ الْجَزَاءِ مَعَ عِظَمِ الْبَلاَءِ وَإِنَّ اللَّهَ إِذَا أَحَبَّ قَوْمًا ابْتَلاَهُمْ فَمَنْ رَضِىَ فَلَهُ الرِّضَا وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السَّخَطُ »
إخوة الاسلام
خلق الرضا دليل على كمال الإيمان ، وحسن الإسلام، والطريق للفوز بالجنة ،والنجاة من النار، والسبيل لتحقيق الأمن النفسي للعباد، والسلام الاجتماعي للمجتمعات. فعن أَبَي الدَّرْدَاءِ، قَالَ: ” ذِرْوَةُ الْإِيمَانِ أَرْبَعُ خِلَالٍ: الصَّبْرُ لِلْحُكْمِ وَالرِّضَا بِالْقَدَرِ وَالْإِخْلَاصُ لِلتَّوَكُّلِ وَالِاسْتِسْلَامُ لِلرَّبِّ عَزَّ وَجَلَّ ” ( ابن أبي الدنيا ) ،وعَنْ غَيْلَانَ بْنِ جَرِيرٍ، قَالَ: «مَنْ أُعْطِيَ الرِّضَا وَالتَّوَكُّلَ وَالتَّفْوِيضَ فَقَدْ كُفِيَ» ( ابن أبي الدنيا ) ، فالرضا من العبادات القلبية ،التي تعكس إيمان العبد بربه، وتُظهر قوته ومتانته في نفسه، فالرضا يبعث في النفس الطمأنينة، ويسكب عليها برد السكينة ،فإذا هو ساكن وقور ، على عكس الشخص الساخط ،الذي تملؤه الشكوك ، وتقتله الأوهام، ويتخبط في حياة كلها سواد ممتد، وظلام متصل، وليل حالك مُظلم ،لا يعقبه نهار منير. والسخط عكس الرضا ،كما في الدعاء “اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك” سنن الترمذي، والإنسان الساخط قلَّما تجده فرحًا مسرورًا، وقلما تجده مستبشرًا متفائلاً، الكآبة ظله الدائم، والضيق حاله المتلازم ،فهو ضيِّق الصدر ممن حوله، وضيق الصدر من الأحداث التي تدور من حوله، ضيق الصدر من كلِّ شيء ، حتى إنه ضيِّق الصدر من نفسه.
أيها المسلمون
وقد أوجب الله على عباده الرضا بقضائه. فهل أنت راض عن الله؟ هل أنت راض عن أفعال الله ،وقدره في حياتك؟. فقد يدعي أكثر الناس ويقول : نعم أنا راض عن الله. فأسأله بطريق آخر. هل أنت راض عن حالك؟ هل أنت راض برزقك؟ هل أنت راض بصحتك؟ هل أنت راض بشكلك ولونك؟ هل أنت راضية بجمالك أو بطولك أو بقصرك؟ هل أنت راض بزوجتك أو بزوجك؟. هل أنت راض بابنك المعاق أو ابنتك التي لم تتزوج ؟ هل أنت راض برزقك القليل ،وجسمك العليل ،وببيتك المتواضع ،وأثاث بيتك القليل؟. هل أنت راض بعملك ، بأولادك ،بوالديك ،وبجيرانك؟ هل أنت راض ؟؟ وقد تكون إجابة بعض الناس (ليس باليد حيلة) ، فأقول هذا هو عدم الرضا بعينه. فالكثير من الناس لا يرضى عن حظِّه في الحياة ويعيش شاكياً مغضبا فأصبحت الشكوى عند الكثير من النَّاس سمةً غالبةً عليهم. إن أصابه خير أو شر يشكو، أو كان في غنى أو فقر يشكو ،فأقول لك إن لم تكن راضيا عن بعض ما قدر الله عليك ،فجدد إيمانك ،واستغفر لذنبك، وعاهد الله على الرضا بما قضى به وقدر ، فإن ذلك من تمام الإيمان ، ففي مسند أحمد :(عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « لاَ يُؤْمِنُ عَبْدٌ حَتَّى يُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ »
أيها المسلمون
إن الإنسان في هذه الحياة الدنيا بين حالتين: بين حالة الرضا ، وبين حالة السخط، والرضا من لوازم الإيمان، والسخط من لوازم الكفران، الرضا من لوازم القرب من الله، والسخط من لوازم البعد عن الله. وكلما زاد علمك بالله. زاد رضاك عن الله، وكلما قلّ علمك قلَّ رضاك ولذلك كان من دعائه صلى الله عليه وسلم (اللَّهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ وَابْنُ عَبْدِكَ وَابْنُ أَمَتِكَ نَاصِيَتِي بِيَدِكَ مَاضٍ فِيَّ حُكْمُكَ عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ) رواه أحمد، والرضا :هو سرور القلب بمر القضاء ،وهو :ارتفاع الجزع فيما قدر الله به وحكم ،الرضا :هو أن يعلم العبد أن كل شيء يجري بتقدير الله ومشيئته ، ومشيئته نافذة، ولا مشيئة للعباد إلا ما شاء لهم (فمَا شَاءَ اللَّهُ كَانَ وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ( . قال الله تعالى :(مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ. لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ) الحديد 22 ، وفي صحيح مسلم قال صلى الله عليه وسلم(احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَلاَ تَعْجِزْ وَإِنْ أَصَابَكَ شَيْءٌ فَلاَ تَقُلْ لَوْ أَنِّى فَعَلْتُ كَانَ كَذَا وَكَذَا. وَلَكِنْ قُلْ قَدَرُ اللَّهِ وَمَا شَاءَ فَعَلَ فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ » ، فكن راضياً عن ربك ، لأنّ الله يفعل ما يفعل عن حكمة عظيمة .قال لقمان لابنه (أوصيك بخصال تقربك من الله وتباعدك من سخطه . أن تعبد الله لا تشرك به شيئا وأن ترضى بقدر الله فيما أحببت وكرهت) ، وكتب عمر بن الخطاب إلى أبي موسى رضي الله عنهما “أما بعد، فإن الخير كله في الرضا فإن استطعت أن ترضى وإلا فاصبر)...
أيها المسلمون
كيف تحقق الرضا بقضاء الله عز وجل وقدره في حياتك؟، ففي سنن الترمذي : (عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم « لاَ يُؤْمِنُ عَبْدٌ حَتَّى يُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّ مَا أَصَابَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَهُ وَأَنَّ مَا أَخْطَأَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَهُ » ، وعند الامام احمد : (عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ « لِكُلِّ شَيْءٍ حَقِيقَةٌ وَمَا بَلَغَ عَبْدٌ حَقِيقَةَ الإِيمَانِ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّ مَا أَصَابَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَهُ وَمَا أَخْطَأَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَهُ » ، والرضا لا يتعارض مع الاخذ بالأسباب : فعليك أن تعمل بالأسباب ولكن ترضى بالنتائج . فمن أقوال بعض الحكماء : (ارح نفسك من الهم بعد التدبير). أما عن ثمرات الرضا فمنها : أن تتلذذ بطعم الإيمان وحلاوة الإيمان كما قال صلى الله عليه وسلم : (ذَاقَ طَعْمَ الإِيمَانِ مَنْ رَضِىَ بِاللَّهِ رَبًّا وَبِالإِسْلاَمِ دِينًا وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولاً ) ، فللرضا حلاوةً تفوق كلَّ حلاوة وعذوبةً دونها كلُّ عذوبةٍ وإذا رضي العبد بربوبية الله وألوهيته فقد رضي عنه ربُّه، وإذا رضي عنه ربّه فقد أرضاه وكفاه وحفظه ورعاه، وقد رتّب الباري سبحانه في محكم التنزيل في غير آيةٍ رضاه عن الخلق برضاهم عنه فقال في عدّة آيات( رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ) المائدة 119. أما عن جزاء الراضين عن الله سبحانه فقد قال تعالى (هَلْ جَزَاءُ الإحْسَانِ إلاّ الإحْسَانُ) الرحمن 60 ، فمن أحسن الرضا عن الله جازاه الله بالرضا عنه، فقابل الرضا بالرضا، وهذا غاية الجزاء ونهاية العطاء، وهو قوله عزّ وجلّ: (رَضِيَ الله عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ) ، وقد رفع الله الرضا على جنات عدن، وهي من أعلى الجنات، كما فضل الذكر على الصلاة فقال تعالى: (وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً في جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرضْوَانٌ مِنَ اللهِ أَكْبَرُ) التوبة 72 ، وقال العلماء: “إن العبد إذا رضي عن الله وهبه اليقين. وفي تفسير قوله تعالى: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ} التغابن 11. قالوا في تفسيرها : (يَهْدِ قَلْبَهُ ) : أي يهبه اليقين فيعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وأن ما أخطأه لم يكن ليصيبه .
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (من أخلاق المسلم 🙁 الرضا )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
إذا كان الإنسان راضياً عن الله تبارك وتعالى، وعنده الإيمان واليقين الذي ربى النبي صلى الله عليه وسلم عليه أصحابه، ثبت الله جنانه، ولذلك كان بعض السلف إذا أصيب بالمصيبة أظهر الرضا لله.. قام أحدهم بين أناس فأصيبت يده فقطعت فضحك، قالوا: سبحان الله!! تصاب في يدك فتضحك، قال: “إني ذكرت ثوابي عند الله عز وجل فضحكت”. فكلما كان اليقين في قلب العبد قويا وجدته أشرح لله عز وجل صدرا،. وقال قائل والله. ما رضي عبد عن الله. إلا جعل له من كل همٍ فرجا، ومن كل ضيق مخرجاً.. والذي لا يرضى ولا يسلِّمُ للمقدّر، فإن استطاع أن يبتغي نفقاً في الأرض أو سُلَّماً في السماء {فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاء ثُمَّ لِيَقْطَعْ فَلْيَنظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ} الحج 15 ، فإن الجزع والتسخط لا يرد من أمر الله وقدره شيء ،وهو دليل على عدم رضى العبد عن ربه ،ولذلك لا يكون العبد راضيا عن الله حتى يسلم له بكل مايصيبه من خير او شر، وأن يملأ قلبه يقينا أن الله اراد به خيرا، وأنه ارحم به من نفسه..مع فعل الأسباب في جلب رضى الله ودفع سخطه .. ولذلك قال النبي ففي سنن ابن ماجة عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ : « عِظَمُ الْجَزَاءِ مَعَ عِظَمِ الْبَلاَءِ وَإِنَّ اللَّهَ إِذَا أَحَبَّ قَوْمًا ابْتَلاَهُمْ فَمَنْ رَضِىَ فَلَهُ الرِّضَا وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السُّخْطُ ». نعم. من رضي عن الله ، أرضاه الله في دنياه وأخراه.. وكتب عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، يوصيه ويذكر له تلك الوصية النافعة؛ فاستفتح كتابه رضي الله عنه بقوله: أما بعد : فاعلم أن الخير كله في الرضا عن الله،
الدعاء