خطبة عن (انتبه انتبه: أنت الآن مراقب)
فبراير 16, 2019خطبة عن (هل يحبك الله؟، فما هي علامات حب الله للعبد؟)
فبراير 16, 2019الخطبة الأولى ( من أخلاق المسلم : ( الصدق)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ) التوبة 119، وقال الله تعالى : (وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ) [الزمر: 33]. وروى مسلم في صحيحه : (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « عَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ فَإِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِى إِلَى الْبِرِّ وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِى إِلَى الْجَنَّةِ وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَصْدُقُ وَيَتَحَرَّى الصِّدْقَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ صِدِّيقًا وَإِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ فَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِى إِلَى الْفُجُورِ وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِى إِلَى النَّارِ وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَكْذِبُ وَيَتَحَرَّى الْكَذِبَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا ».
إخوة الاسلام
الصدق صفة رفيعة ، ومنزلة عظيمة و خلق كريم ،وهو أصل الإيمان ،وأساس النجاة من عذاب الله عز وجل، وبه يتميز أهل الإيمان الحق من المنافقين الكاذبين. يقول الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى في منزلة الصدق: «وهو منزل القوم الأعظم الذي منه تنشأ جميع منازل السالكين، والطريق الأقوم الذي من لم يسر عليه فهو من المنقطعين الهالكين» .. إلى أن يقول: «فهو روح الأعمال، ومحك الأحوال، والحامل على اقتحام الأهـوال، والباب الذي دخل منه الواصلون إلى حضرة ذي الجلال، وهو أساس بناء الدين، وعمود فسطاط اليقين، ودرجته تالية لدرجة “النبوة” التي هي أرفع درجات العالمين». فالصدق في كل الأمور يوصل صاحبه إلى مرتبة الصديقية، التي هي المرتبة التالية لمرتبة النبوة،
أيها المسلمون
مــا هـو الصـدق؟ الصدق هو مطابقة منطوق اللسان للحقيقة ،وبمعناه الأعم مطابقة الظاهر للباطن، فالصادق مع الله ومع الناس ظاهره كباطنه. فقد وصف الله نبيَّه محمدًا – صلى الله عليه وسلم – بأنه جاء بالصدق، وأن أبا بكر وغيره من المسلمين هم الصادقون، قال – تعالى -: (وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ) [الزمر: 33]. كما أن التحلي بالصدق كان من أوَّليات دعوتِه – صلى الله عليه وسلم -، كما جاء مصرحًا بذلك في قصة أبي سفيان مع هرقل، وفيها: أن هرقل قال لأبي سفيان: (قَالَ مَاذَا يَأْمُرُكُمْ قُلْتُ يَقُولُ اعْبُدُوا اللَّهَ وَحْدَهُ ، وَلاَ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ، وَاتْرُكُوا مَا يَقُولُ آبَاؤُكُمْ ، وَيَأْمُرُنَا بِالصَّلاَةِ وَالصِّدْقِ وَالْعَفَافِ وَالصِّلَةِ) رواه البخاري ،كما أن الصدق سمة من سمات الأنبياء والمرسلين، وجميع عباد الله الصالحين،
والصدق أقسام :
أولها : الصدق بالقلب فالمؤمن يجب أن يكون صادقاً بقلبه فلا يخالف ظاهره باطنه . ثانيها : الصدق بالأفعال سواء التي بينه وبين الله تعالى أو بينه وبين الخلق فلا يغش ولا يخلف إذا وعد قال الله تعالى (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا ) الأحزاب 23، ثالثها : الصدق بالأقوال فلا تخالف الواقع ولا تخالف أفعال صاحبها ، قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (2) كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ ) الصف 2،3 ، وللصدق مكانة عظيمة ، ومنزلة كبيرة بين مكارم الأخلاق ، فالصدق مرتبط بالإيمان، ففي موطأ مالك (عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ أَنَّهُ قَالَ قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَيَكُونُ الْمُؤْمِنُ جَبَانًا فَقَالَ « نَعَمْ ». فَقِيلَ لَهُ أَيَكُونُ الْمُؤْمِنُ بَخِيلاً فَقَالَ « نَعَمْ ». فَقِيلَ لَهُ أَيَكُونُ الْمُؤْمِنُ كَذَّابًا فَقَالَ « لاَ ». وعاقبة الصدق خير وإن توقع المتكلم شرًا، قال الله تعالى :{فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ} محمد 21 والصدق طمأنينة وثبات كما جاء في الحديث الذي رواه الترمذي (فَإِنَّ الصِّدْقَ طُمَأْنِينَةٌ وَإِنَّ الْكَذِبَ رِيبَةٌ ». وللصدق مجـالات متعددة ، وصور شتى ومنها : – الصدق مع الله: وذلك بإخلاص الأعمال كلها لله. – والصدق مع الناس: فلا يكذب المسلم في حديثه مع الآخري – والصدق مع النفس: فالمسلم الصادق يعترف بعيوبه وأخطائه ويصححها.
ومن ثمرات الصدق أيضا : – إنَّ أقلَّ ما يحصِّلُهُ الصادق في الدنيا حلاوةً في منطقه وهيبةً في مطْلعه. – ومن ثمرات وفوائد الصدق : الفوز بثمرات التقوى العاجلة والآجلة. – ومن ثمرات وفوائد الصدق : اطمئنان المؤمن على إيمانه, فالصدق أساس الإيمان. – ومن ثمرات وفوائد الصدق : أن يحظى الصادق دائماً بثقة من حوله. ـ ومن ثمرات وفوائد الصدق : أن الصدق يهدي إلى البر ، والبر يهدي إلى الجنة . ـ ومن ثمرات وفوائد الصدق : أن الصادق محبوب عند الله ، وعند الناس . ـ ومن ثمرات وفوائد الصدق : أن الصدق ينجي صاحبه من المهالك في الدنيا والآخرة
أيها المسلمون
وفضائل الصدق كثيرة منها الجزاء العظيم عليه بجنات تجري من تحتها الأنهار: قال سبحانه وتعالى: ﴿قَالَ اللّهُ هَذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾ [المائدة: 119]. فأخبر سبحانه أنه لا ينفع العبد وينجيه من العذاب في يوم القيامة إلا صدقه. وفي مسند أحمد وغيره (عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « اضْمَنُوا لِي سِتًّا مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَضْمَنْ لَكُمُ الْجَنَّةَ اصْدُقُوا إِذَا حَدَّثْتُمْ وَأَوْفُوا إِذَا وَعَدْتُمْ وَأَدُّوا إِذَا ائْتُمِنْتُمْ وَاحْفَظُوا فُرُوجَكُمْ وَغُضُّوا أَبْصَارَكُمْ وَكُفُّوا أَيْدِيَكُمْ » ، بل إن منازل أهل الصدق في الجنة من أعلى المنازل وأعظمها حتى ظن البعض أنها منازل الأنبياء عليهم السلام عندما سمعوها من سيد الصادقين وإمام المتقين محمد- صلى الله عليه وسلم- فقد روى البخاري في صحيحه (عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ – رضى الله عنه – عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « إِنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ يَتَرَاءَيُونَ أَهْلَ الْغُرَفِ مِنْ فَوْقِهِمْ كَمَا يَتَرَاءَيُونَ الْكَوْكَبَ الدُّرِّيَّ الْغَابِرَ فِي الأُفُقِ مِنَ الْمَشْرِقِ أَوِ الْمَغْرِبِ ، لِتَفَاضُلِ مَا بَيْنَهُمْ » . قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ ، تِلْكَ مَنَازِلُ الأَنْبِيَاءِ لاَ يَبْلُغُهَا غَيْرُهُمْ قَالَ « بَلَى وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ ، رِجَالٌ آمَنُوا بِاللَّهِ وَصَدَّقُوا الْمُرْسَلِينَ »
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (من أخلاق المسلم : ( الصدق)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
والصدق من أسباب النجاة من العذاب: قال سبحانه: ﴿لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِن شَاء أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً﴾ [الأحزاب: 24]. – وفي الصدق مغفرة الذنوب والأجر العظيم :قال -عز وجل-: ﴿ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً﴾ [الأحزاب: 35].
أيها المسلمون
وكما رغب الاسلام في الصدق ، فقد حذر من الكذب وخطورة الكذب والافتراء: فالكذب: داء عضال، ومرض فتَّاك، وخُلُقٌ ساقطٌ بغيضٌ إلى الله، بغيض إلى رسوله، بغيض إلى ذوي الفِطر السليمة، يأباه الشرفاء، ويمقته العقلاء، وتمجُّه أنفس النبلاء، يُهين أصحابه، ويُذل أربابه، ويزري بمروجيه..فالكذب: سبيل إلى كل قبيح وفاسد من أقوال أو أفعال، قال ابن القيم رحمه الله: “كل عمل فاسد ظاهر أو باطن فمنشؤه الكذب، والله تعالى يعاقب الكذاب بأن يقعده ويثبطه عن مصالحه ومنافعه، ويثيب الصادق بأن يوفقه للقيام بمصالح دنياه وآخرته، فما استجلبت مصالح الدنيا والآخرة بمثل الصدق، ولا مفاسدها ومضارها بمثل الكذب”.وفي الصحيحين ، قال صلى الله عليه وسلم ( وَإِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ فَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ، وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ، وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَكْذِبُ وَيَتَحَرَّى الْكَذِبَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللهِ كَذَّابًا»
الدعاء