خطبة عن فضائل القرآن (إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ)
أكتوبر 20, 2018خطبة عن حديث (عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ صَدَقَةٌ)
أكتوبر 20, 2018الخطبة الأولى ( من أسباب النصر ، وعوامل الهزيمة)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ) (7) محمد ،وقال الله تعالى :(إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) (160) آل عمران ، وقال الله تعالى : (حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ) (110) يوسف
إخوة الإسلام
إن معرفة أسباب النصر والهزيمة أمر هام ، ينبغي أن يعرفه المسلمون عموماً، والدعاة إلى الله خصوصاً، وينبغي لهم أن يبحثوه ويتأملوه ليعرفوا أسباب النصر، فيعملوا على تحقيقها، وينشروها، ويعرفوا أسباب الخذلان والهزيمة ، فيجتنبوها، ويحذروا منها ، ويحاربوها، وبداية يجب أن يكون معلوما لدى كل مسلم ،أن الله وعد المؤمنين أن ينصر هذا الدين ،وأن يمكن له في الأرض، قال الله تعالى: {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْاَشْهَادُ} (51) غافر . ولا يخفى على أحدٍ من الناس ما يعيشه المسلمون اليوم من هزيمة من أعدائهم ، وما ترتب على ذلك من ذلةٍ ومهانة، وما يحيط بهم من ظروف صعبة، وأحوال مريرة؛ تتمثل في كيد الأعداء وتسلطهم على بلاد المسلمين، فالأمة الإسلامية اليوم تواجه واقعاً مأساوياً، ونستطيع أن نلخصه في ثلاث نقاط: 1- هزيمة نفسية تنتاب كثيراً من أفراد الأمة: حتى وجد فيهم من ينادي بالانخراط في منظومة (ما يسمى بالنظام العالمي الجديد) لنكون عجلة من عجلات هذا النظام، ويقوده ذلك الرجل الغربي الكافر . 2- تبعية في مجالات كثيرة: ومن أهمها التبعية الثقافية والفكرية، والاقتصادية، وتبعيات كثيرة . 3- الأمر الثالث الذي يتضح فيه واقع الأمة: الضعف والذلة والتفرق: فأصبحت الأمة المسلمة أضعف الأمم، وأقل الأمم شأناً في هذا العصر، وهذا الواقع المرير الذي يعيشه المسلمون اليوم لا يستغرب من قبل العالمين بسنن الله – تبارك وتعالى – في التغيير، حيث إنَّ هذا الواقع هو النتيجة الطبيعية للبعد عن دين الله – تبارك وتعالى -، وعدم الاستسلام لشرعه، ولا ننتظر في ضوء السنن الربانية غير هذا، والله – تبارك وتعالى – يقول: {لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللّهُ بِقَوْمٍ سُوءاً فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ} الرعد 11 ، أما الذين يجهلون سنن الله – تبارك وتعالى -، أو يغفلون عنها وينسونها؛ فهم الذين يستغربون ما يحل بالمسلمين اليوم من محنٍ وويلات، وهزائم متتالية ، وهم الذين يتساءلون أنى هذا؟ وكيف يحصل هذا ونحن أصحاب الدين الحق؟ ، فيجيبهم الله – تبارك وتعالى – بما أجـاب به من سأل من أصحاب محمد – صلى الله عليه وسلم – مثل هذا السؤال فقال الله – سبحانه وتعالى -: {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} آل عمران 165، ونتيجة لنسيان هذه السنة الربانية ،أو الغفلة عنها؛ يقع الانحراف في المواقف المختلفة ،إزاء هذه الأحوال المريرة التي يمر بها المسلمون ،وترى حال المسلمين واحدا من أربع : الأول : مسلم يائسٍ من التغيير قد أصابه الإحباط، وألقى بيده ينتظرُ المهدي أو المسيح – عليه السلام – لإنقاذ الأمة، والتمكين لها في الأرض، والثاني : مسلم مستعجل النصر قد نفد صبره مما يرى من الكفر والنفاق، فقرر الجهاد المسلح والمواجهة مع أعداء الدين غير ملتفت للقواعد الشرعية، وأصول التمكين، وأسباب النصر؛ فنجم عن ذلك من المفاسد الكثيرة ما الله بها عليم، والثالث : مسلم رأى مهادنة الأعداء، والرضا منهم بأنصاف الحلول، والدخول معهم في مفاوضات ومقايضات لم تـثمر إلاَّ مزيداً من التمكين للمفسدين، والرابع : هم الذين فقهوا سنن الله – تبارك وتعالى – في النصر والتمكين والتغيير، وأخلصوا دينهم لله – تعالى -؛ فقد هداهم ربهم سبحانه لما اختلف فيه من الحق، ورأوا أنه لا يصلح آخر هذه الأمة إلاَّ بما صلح به أولها، وذلك بما كان عليه الرسول – صلى الله عليه وعلى آله وسلم -.
أيها المسلمون
ومن المعلوم أن للنصر عوامل وأسباب ، لا بد من الأخذ بها حتى يتحقق ، فمن عوامل النصر ، وأسبابه : فمن أسباب النصر: الإيمان بالله – تبارك وتعالى – والعمل الصالح: فقد وعد الله – تبارك وتعالى – المؤمنين بالنصر المبين على أعدائهم وذلك بإظهار دينهم، وإهلاك عدوهم وإن طال الزمن قال الله تعالى: {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ} غافر 51، وقال سبحانه: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ رُسُلاً إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاؤُوهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَانتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ} الروم 47 ، ومن أسباب النصر: نصر دين الله – تعالى -: فمن أعظم أسباب النصر نصر دين الله – تبارك وتعالى -، والقيام به قولاً، واعتقاداً، وعملاً، ودعوةً قال الله – تبارك وتعالى -: {الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ * الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ} الحج 40، 41، ومن أسباب النصر: التوكل على الله والأخذ بالأسباب: فالتوكل على الله – تبارك وتعالى – مع إعداد القوة من أعظم عوامل النصر، وذلك لقوله – تبارك وتعالى -: {إِذْ هَمَّت طَّآئِفَتَانِ مِنكُمْ أَن تَفْشَلاَ وَاللّهُ وَلِيُّهُمَا وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} آل عمران 122، ولا بد مع التوكل من الأخذ بالأسباب، لأن التوكل يقوم على ركنين عظيمين: 1- الاعتماد على الله – تبارك وتعالى -، والثقة بوعده ونصره – تعالى -، 2- الأخذ بالأسباب المشروعة. وإذا لم توجد الأسباب فهو توكل كاذب بل هو تواكل، ولهذا قال الله – تبارك وتعالى – حاثاً على العمل بالأسباب: {وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ} الانفال 60،
ومن أسباب النصر: وجود القيادة المؤمنة القوية: فالقيادة العلمية القوية وقيادة الدنيا إذا اجتمعتا تحقق النصر والتمكين، أما إذا وجدت القيادة العلمية، ولكن ليس معها قوة تحميها وتدافع عنها وتجاهد لنشرها فإنها لا تقوى ولا تنتصر.ومن أسباب النصر: إقامة القسط وتوخي العدل قال تعالى: (فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا) [النمل:52]. وقال ابن تيمية: إن الله ينصر الأمة العادلة، ولو كانت كافرة، وإن الله عز وجل يهزم الأمة الظالمة، ولو كانت مسلمة. ومن أسباب النصر: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهو واجب الأمة جميعاً ، ومن أسباب النصر: الثبات عند لقاء العدو: فمن عوامل النصر الثبات عند اللقاء، وعدم الانهزام والفرار، فقد ثبت النبي – صلى الله عليه وسلم – في جميع معاركه التي خاضها ،وثبت أصحابه – رضوان الله عليهم – من بعده، ومن أسباب النصر: الشجاعة والبطولة والتضحية في سبيل الله – تبارك وتعالى -: فالاتصاف بالشجاعة، والتضحية بالنفس، والاعتقاد بأن الجهاد لا يقدم الموت ولا يؤخره؛ ولهذا كان أهل الإيمان الذين امتلأت قلوبهم إيماناً هم أشجع الناس، وأكملهم شجاعة؛ ومن أسباب النصر: كثرة الدعاء وكثرة ذكر الله: فمن أعظم وأقوى عوامل النصر الاستغاثة بالله – تبارك وتعالى -، وكثرة ذكره، لأنه القوي القادر على هزيمة أعدائه، ونصر أوليائه قال الله – جل وعلا -:{إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُرْدِفِينَ} الانفال 9، ومن أسباب النصر: عدم العجب والاغترار بالقوة والكثرة: قال الله – تبارك وتعالى -: {لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئاً وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ} التوبة 25، ومن أسباب النصر: الاجتماع وعدم التفرق والتنازع: فلا يخفى على أحد من الناس أهمية جمع كلمة المسلمين، وأن ذلك سبب في النصر على عدوهم، وقال سبحانه: {وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} الانفال 46،
أيها المسلمون
أما عن عوامل الاخفاق والفشل ، وأسباب الهزيمة والضعف، فأذكر لكم منها : فمن أسباب الهزيمة : عدم الثقة بموعود الله الواحد الأحد ،ومن أسباب الهزيمة : الاغترار بالكثرة والقوة ،ومن أسباب الهزيمة : الإرجاف وتصديق الشائعات ،فالمرجفون هم أهل الشائعات ،وهؤلاء الذين يبثون في قلوب الناس والمجتمع الرعب والخوف، ومن أسباب الهزيمة : التخذيل في صفوف الذين آمنوا ،كأن يقول: ما أكثر جيش العدو! وسمعنا أن دباباته كذا وكذا، ويصف لنا بعض الصواريخ التي لم تحدث ولا صنعت في العالم، أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( من أسباب النصر ، وعوامل الهزيمة)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ومن أسباب الهزيمة : الترف والترهل ،وتنصل الأمة عن أمور الجهاد، وعن أمور التقشف والرجولة ، والتكاسل والإحباط المعنوي، واشتغال الأمة بالتوافه في حياتها ، والإسراف في المباحات الملهية ، واهتمام الأمة بصغار المسائل على حساب كبارها، ومن أسباب الهزيمة : ضياع الهوية الإيمانية قال تعالى: (وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) [آل عمران:139] ،ومن أسباب الهزيمة :عدم ربط الأمة بعلمائها، فمن خصائص الإسلام أنه يربط الجيل بعلمائه ،ومن خصائص الإسلام أنه لا يصلح حال الأمة، حتى يتولى الريادة والصدارة فيها ورثة محمد صلى الله عليه وسلم في شريعته ومنهجه. ومن أسباب الهزيمة :إن في الأمة نفاقاً اعتقادياً ونفاقاً عملياً فهذا النفاق تعيشه الأمة، ولا يزال الإنسان يسمع بين الفينة والأخرى من يشكك في المعتقد والرسالة. وأما النفاق العملي فحدث ولا حرج، الأمة فيها من إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان، وهي من عوامل الهزيمة، ويوم تتكمن في أمة فإنها لا تستحق النصر، ومن أسباب الهزيمة : الأنظمة الحاكمة في أكثر بلدان المسلمين، التي مارست الضغط على شعوبها المسلمة باسم مكافحة التطرف والإرهاب، ووقفوا تجاه كل حركة إصلاحية تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، وتسعى من أجل اقامة الدين ،ومن أسباب الهزيمة :الأمراض التي تصيب الأمة : والمتمثلة في الركون إلى الدنيا والتحاسد والكبر والرياء… الخ في نفوس أفراد الأمة
أيها المسلمون
وقد يؤخر الله النصر لهذه الامة قليلاً ،حتى يرتفع مستواها ، وتصبح قادرة على تحمل أعباء النصر الذي سيمنحه الله إياها إذا جاء وقته، يقول الله سبحانه:{ وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} [40 الحج] ، وقال تعالى : {الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ} [41 الحج] . وأيضًا: تكون الأمة في مستوى النصر بالإمكانات بالقدرات، فيكون لديها من يستطيعون إدارة البلدان المسلمة لو تيسر لها النصر، أو إدارة العالم لو تمكنت من فتح العالم كله، فإذا أصبحت الأمة في هذا المستوى، وتوفرت لها بقية الأسباب؛ فإن الله جل وعلا يمنحها النصر أمراً مؤكداً لا شك فيه ولا ريب . وقد ذكر صاحب “الظلال” بعض الأمور التي يتأخَّر بسببها النصر ؛ وذكر منها : أن النصر قد يبطئ؛ لأن بنية الأمة لم تنضج بعدُ نضجها، ولم تستكمل قوتها واستعدادها. – وقد يبطئ حتى تبذل الأمة المؤمنة آخر ما في طوقها من قوة، وآخر ما تملكه من رصيد، فلا تستبقي عزيزاً ولا غالياً إلا وتبذله رخيصاً في سبيل الله. – وقد يبطئ حتى تجرِّب الأمة المؤمنة آخر قواها، فتدرك أن هذه القوى وحدها – بدون سند من الله – لا تكفل النصر. – وقد يبطئ لأن البيئة لا تصلح بعدُ لاستقبال الحق والخير والعدل، فلو انتصرت حينئذ للقيت معارضةً من البيئة، لا يستقر معها قرارٌ. – وقد يبطئ لتُزيد الأمة المؤمنة صلتها بالله، فتعلم يقيناً أنه لا ملجأ ولا منجا منه – سبحانه – إلا إليه. – وقد يبطئ لأن الأمة المؤمنة لم تتجرَّد بعدُ في كفاحها وتضحياتها لله ولدعوته، فهي تقاتل لمغنم تحققِّه، أو حميَّة لذاتها، أو شجاعة، والله يريد أن يكون الجهاد له وحده وفي سبيله. – وقد يبطئ لأنَّ في الشرِّ الذي تكافحه الأمة المؤمنة بقية من خير، يريد الله أن يجرِّد الشرَّ منها؛ ليتمحض خالصاً.- وقد يبطئ لأنَّ الباطل الذي تحاربه الأمة المؤمنة لم ينكشف زيفه للناس تماماً، فلو غلبه المؤمنون؛ فقد يجد له أنصاراً من المخدوعين فيه، فيشاء الله أن يبقى الباطل حتى يتكشَّف عارياً للناس، ويذهب غير مأسوف عليه من ذي بقية.
أيها المسلمون
هذه هي بعض عوامل النصر وأسبابه ، وكذا عوامل الهزيمة وأسبابها ، والواجب على كل مسلم أن يعمل بأسباب النصر والتمكين ، وأن يبتعد ويتجنب أسباب الهزيمة والفشل ، وأن يلقى الله تعالى بهذه النية مع العمل ، ليكون لبنة صالحة في بناء هذه الامة الميمونة المباركة ،
الدعاء