خطبة عن (عظمة أخلاق الرسول) مختصرة
أكتوبر 18, 2020خطبة عن ( كيف كان الرسول يقضي يومه ) مختصرة
أكتوبر 23, 2020الخطبة الأولى ( من جوانب عظمة خلق الرسول ) مختصرة
الحمد لله رب العالمين . وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته مخاطبا رسوله محمدا : (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) (4) القلم
إخوة الإسلام
سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم هو وحده الذي جمع العظمة من جميع أطرافها ،وهو وحده الذي كشف حياته للناس جميعًا، فكانت حياته كتابًا مفتوحًا، وهو وحده الذي أَذِن لأصحابه أن يبلغوا عنه كلّ ما رأوه وسمعوه ، وروى نساؤه عنه كلّ ما كان بينه وبينهنّ، فعرفنا كيف كان يأكل، وكيف يلبس، وكيف ينام، وكيف يقضي حاجته، فأروني عظيمًا آخر دُوِّنَت سيرته بهذه التفاصيل، ولذلك فالمسلمون يؤمنون به ،ويتأسون به ،فهو قدوتنا ومثلنا الأعلى ،وهو شفيعنا يوم القيامة ،وقائدنا إلى الجنة . إن نبي الله محمداً صلى الله عليه وسلم يستحق العظمة ،كيف لا وقد أخرج الله به الناس من الظلمات إلى النور، وهداهم إلى صراط مستقيم ،وفي سنن الترمذي وصححه الألباني: (عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- أُتِىَ بِالْبُرَاقِ لَيْلَةَ أُسْرِىَ بِهِ مُلْجَمًا مُسْرَجًا فَاسْتَصْعَبَ عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ أَبِمُحَمَّدٍ تَفْعَلُ هَذَا فَمَا رَكِبَكَ أَحَدٌ أَكْرَمُ عَلَى اللَّهِ مِنْهُ قَالَ « فَارْفَضَّ عَرَقًا »، فما أعظمك يا رسول الله ، وقد منحك الله سبحانه من كمالات الدنيا والآخرة ما لم يمنحه لغيرك من قبل أو من بعد، وقد أعطاك الله في الدنيا شرف النسب ،وكمال الخلقة، وجمال الصورة ،وقوة العقل، وصحة الفهم ،وفصاحة اللسان، وقوة الحواس والأعضاء، وميزك عن غيرك بالأخلاق العلية ،والآداب الشرعية من: الدين، والعلم، والحلم ، والصبر ،والزهد ، والشكر ،والعدل ،والتواضع ،والعفو، والعفة والجود ،والشجاعة ،والحياء ،والمروءة ، والسكينة والتؤدة والوقار ،والهيبة ، والرحمة ،وحسن المعاشرة ،وقد صدق ربنا سبحانه وتعالى إذ يقول في شأنك ووصفك: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} القلم: 4
أيها المسلمون
تعالوا بنا اليوم -إن شاء الله تعالى- نتعرف على موقف من مواقف العظمة في سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم ،فقد اطَّلعنا في سيرة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على أمورٍ عجاب، قلَّ أن يجود الزمان بمثلها! ،إنه موقف رجل أفشى سرًّا عسكريًّا خطيرًا للدولة الإسلامية، كان من الممكن أن يكون له أشدُّ الأثر على أمنها واستقرارها!، إنه موقف الصحابي حاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه- الذي أرسل رسالة إلى مشركي مكة يُخبرهم فيها أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد جهَّز جيشًا لفتحها، مخالفًا بذلك أوامر القائد الأعلى للمسلمين رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ومُعرِّضًا جيش المسلمين لخطر عظيم!، فكيف يكون ردُّ الفعل المناسب في أية دولة في العالم؟،إن القتل هنا هو العقاب المقبول مهما كانت ملابسات الحدث وهذا ما رأينا بعض الصحابة يقترحه على رسول الله صلى الله عليه وسلم .. ولكن ماذا فعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟!، بداية : تعالوا نستمع إلى الحديث الذي روي في الصحيحين :(قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى رَافِعٍ سَمِعْتُ عَلِيًّا رضي الله عنه يَقُولُ بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – أَنَا وَالزُّبَيْرَ وَالْمِقْدَادَ بْنَ الأَسْوَدِ قَالَ « انْطَلِقُوا حَتَّى تَأْتُوا رَوْضَةَ خَاخٍ ،فَإِنَّ بِهَا ظَعِينَةً وَمَعَهَا كِتَابٌ ، فَخُذُوهُ مِنْهَا » .فَانْطَلَقْنَا تَعَادَي بِنَا خَيْلُنَا حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى الرَّوْضَةِ ،فَإِذَا نَحْنُ بِالظَّعِينَةِ فَقُلْنَا أَخْرِجِي الْكِتَابَ .فَقَالَتْ مَا مَعِي مِنْ كِتَابٍ . فَقُلْنَا لَتُخْرِجِنَّ الْكِتَابَ أَوْ لَنُلْقِيَنَّ الثِّيَابَ . فَأَخْرَجَتْهُ مِنْ عِقَاصِهَا ،فَأَتَيْنَا بِهِ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – فَإِذَا فِيهِ مِنْ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ إِلَى أُنَاسٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ ،يُخْبِرُهُمْ بِبَعْضِ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ،فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – « يَا حَاطِبُ ، مَا هَذَا » .قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ،لاَ تَعْجَلْ عَلَيَّ ،إِنِّي كُنْتُ امْرَأً مُلْصَقًا فِي قُرَيْشٍ ،وَلَمْ أَكُنْ مِنْ أَنْفُسِهَا ،وَكَانَ مَنْ مَعَكَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ لَهُمْ قَرَابَاتٌ بِمَكَّةَ ،يَحْمُونَ بِهَا أَهْلِيهِمْ وَأَمْوَالَهُمْ ،فَأَحْبَبْتُ إِذْ فَاتَنِي ذَلِكَ مِنَ النَّسَبِ فِيهِمْ أَنْ أَتَّخِذَ عِنْدَهُمْ يَدًا يَحْمُونَ بِهَا قَرَابَتِي ،وَمَا فَعَلْتُ كُفْرًا وَلاَ ارْتِدَادًا وَلاَ رِضًا بِالْكُفْرِ بَعْدَ الإِسْلاَمِ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – « لَقَدْ صَدَقَكُمْ » .قَالَ عُمَرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ دَعْنِي أَضْرِبْ عُنُقَ هَذَا الْمُنَافِقِ .قَالَ « إِنَّهُ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا ،وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَكُونَ قَدِ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ ، فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ » ونستكمل
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( من جوانب عظمة خلق الرسول )
الحمد لله رب العالمين .وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
إن المبرر الذي ذكره حاطب قد لا يقبله الكثيرون، بل إن عمر بن الخطاب رضي الله عنه لم يقبله، ورأى أن يُقتَل بهذا الجُرم، ومع كل هذا إلاَّ أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رحمه رحمة واسعة، وقَبِلَ منه عذره ،فالعدل قد يقتضي أن يُعَاقَب حاطب بن أبي بلتعة بصورة أو بأخرى، ولكنَّ الرحمة تقتضي النظر إلى الأمر بصورة أشمل، فإذا كان العدل درجة عظيمة.. فإن الرحمة هي أعظم ،والفرق بينهما تلحظه في قول الله تعالى: {وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ} [فاطر: 45]. فمن العدل أن يأخذ الله عباده بذنوبهم، ومن الرحمة أن يؤخِّرهم إلى أجل مسمى.. وتلحظ الفرق بين العدل والرحمة في قوله تعالى أيضًا: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} [الشورى: 30]، فمن العدل أن يصيب اللهُ الناسَ بعقابه على كل خطأ يكسبونه، ومن الرحمة أن يعفو عن كثير.. وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مطبِّقًا لأخلاق القرآن وأوامره دون تفريط ولا تضييع.. فقد كان تمامًا كما وصفته عائشة أم المؤمنين عندما سُئِلَتْ عن خُلُق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقالت: «كان خُلُقه القرآن، وحقا ما قال ربنا {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ}
الدعاء