خطبة عن ( الخديعة والنصب والاحتيال)
أغسطس 27, 2022خطبة عن ( هو اللَّهُ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ)
أغسطس 27, 2022الخطبة الأولى ( من خصائص الأمة الإسلامية وفضائلها ومميزاتها )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته : (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ) (110) آل عمران
إخوة الإسلام
لقد فضل الله تعالى هذه الأمةَ الإسلامية ، وميزها واختصها على غيرها من سائر الأمم ، ولم تكن لهذه الأمة أن تتميز وتتبوأ هذه المكانةَ ،وتلك الفضيلةَ ، إلا بتعظيمِ الله تعالى لرسولها محمد صلى الله عليه وسلم ، ، فهذه الأمة الإسلامية : أتم الله لها الشرائع السماوية، وجعل دينها الأكملَ والأجمل والأصلح للبشرية، وجعلها أكرمَ الأمم وأخيرِها وأحسنها وأفضلها عند الله تعالى، وحسبنا في ذلك شهادةُ القرآن ، قال الله تعالى : ” كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ” آل عمران 110، وفي سنن الترمذي : (عَنْ بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ، أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى ” كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ” قَالَ: أَنْتُمْ تُتِمُّونَ سَبْعِينَ أُمَّةً، أَنْتُمْ خَيْرُهَا وَأَكْرَمُهَا عَلى اللَّهِ” ، وفي مسند أحمد : ( وعن عَلِيَّ بْنَ أَبي طَالِبٍ رضي الله عنه، قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:” أُعْطِيتُ مَا لَمْ يُعْطَ أَحَدٌ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ” فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا هُوَ؟ قَالَ: نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ، وَأُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ الْأَرْضِ، وَسُمِّيتُ أَحْمَدَ، وَجُعِلَ التُّرَابُ لِي طَهُورًا، وَجُعِلَتْ أُمَّتِي خَيْرَ الْأُمَمِ” ، ومن خصائص هذه الأمة أيضا : أنها الأكملُ في التشريع والأحسنُ في التنزيل، فدينها كامل شامل صالح ، قال الله تعالى : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا) المائدة (3) ، فما من سلوك بشري ،أو قول يصدر عن الإنسان ، إلا وله تشريع في ديننا، وله حكم في كتاب الله ،أو في سنة رسول صلى الله عليه وسلم ، قال الله تعالى : (صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ) (138) البقرة ، ومن خصائص هذه الأمة: أن الله أكرمها فجعلها أمة وسطاً ، معتدلة في كل شيء ، قال الله تعالى : (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا) البقرة 143، فهي أمة وسط ، والجيل الأولُ منها عُدول خيار، فهم بين غلاةِ النصارى، وجفاة اليهود، فلا تشديدات ولا تعقيدات ، ولا تنطع ولا تهاون وتمييع للأحكام ، ومن خصائص الأمة الإسلامية : ما ميّز الله به هذه الأمة بأن جعلها أمةَ يسر، فرفع الحرج عنها، وضع الأغلال والأثقال والآصار التي كانت على الأمم قبلها ، قال الله تعالى : (وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ) الحج 78، فكانت الشريعةُ الإسلامية أكمل الشرائع وأيسرها وأسهلُها، وفي مسند أحمد لذلك قال صلى الله عليه وسلم : (إِنِّي أُرْسِلْتُ بِحَنِيفِيَّةٍ سَمْحَةٍ » ، وعن حذيفة رضي الله عنه قال: قال الرسول صلى الله عليه وسلم : (أَنِّى أَوَّلُ الأَنْبِيَاءِ أَدْخُلُ الْجَنَّةَ وَطَيَّبَ لِي وَلأُمَّتِي الْغَنِيمَةَ وَأَحَلَّ لَنَا كَثِيراً مِمَّا شَدَّدَ عَلَى مَنْ قَبْلَنَا وَلَمْ يَجْعَلْ عَلَيْنَا مِنْ حَرَجٍ » [رواه أحمد] ، فمن رحمة الله تعالى بهذه الأمة وتيسيره عليها : أن الرجل من بني إسرائيل إذا أصاب أحدهم البول قرضه بالمقراض، فلا يطهره إلا ذلك، ونحن نكتفي بغسله، وكانت المرأة إذا حاضت عندهم لم يؤاكلوها ولم يجالسوها في البيت، ونحن أُحل لنا الاستمتاع بالحائض فيما دون الفرج، وكان القصاص في بني إسرائيل في القتلى ولم تكن فيهم الدية، فخفف الله عنا بتشريع الدية فذلك قوله تعالى : ” فَمَنْ عُفِىَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْء فَاتِبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاء إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذلِكَ تَخْفِيفٌ مّن رَّبّكُمْ وَرَحْمَةٌ ” البقرة (178) ، وقال بن مسعود رضي الله عنه: وكانت بنو إسرائيل إذا أصاب أحدهم ذنباً أصبح مكتوباً على بابه ذلك الذنب وكفارته” ، وكان صومُ مَن قبلَنا من الأمم إمساكٌ عن الكلام مع الطعام والشراب، فكانوا في حرج، ورخص الله لنا بحذف الإمساك عن الكلام ” ، قال الله تعالى : (يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) البقرة (185) ، ومن خصائص هذه الأمة الإسلامية : أن جُعلت لها الأرض مسجدا وطهورا، فأيما رجل أدركته الصلاة فلم يجد ماء ولا مسجدا فطهوره ومسجده عنده، فيتيمم ويصلي، بخلاف الأمم قبلنا، فإن صلاتهم مقصورة عليهم في كنائسهم وبيعهم وصوامعهم، فقد روى البخاري في صحيحه : (حَدَّثَنَا جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ :قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – « أُعْطِيتُ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ مِنَ الأَنْبِيَاءِ قَبْلِي ، نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ ، وَجُعِلَتْ لِيَ الأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا ، وَأَيُّمَا رَجُلٍ مِنْ أُمَّتِى أَدْرَكَتْهُ الصَّلاَةُ فَلْيُصَلِّ ، وَأُحِلَّتْ لِيَ الْغَنَائِمُ ، وَكَانَ النَّبِيُّ يُبْعَثُ إِلَى قَوْمِهِ خَاصَّةً ، وَبُعِثْتُ إِلَى النَّاسِ كَافَّةً ، وَأُعْطِيتُ الشَّفَاعَةَ » ، وروى الإمام أحمد في مسنده : (عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَامَ غَزْوَةِ تَبُوكَ قَامَ مِنَ اللَّيْلِ يُصَلِّى فَاجْتَمَعَ وَرَاءَهُ رِجَالٌ مِنْ أَصْحَابِهِ يَحْرُسُونَهُ حَتَّى إِذَا صَلَّى وَانْصَرَفَ إِلَيْهِمْ فَقَالَ لَهُمْ « لَقَدْ أُعْطِيتُ اللَّيْلَةَ خَمْساً مَا أُعْطِيهُنَّ أَحَدٌ قَبْلِي أَمَّا أَنَا فَأُرْسِلْتُ إِلَى النَّاسِ كُلِّهِمْ عَامَّةً وَكَانَ مَنْ قَبْلِي إِنَّمَا يُرْسَلُ إِلَى قَوْمِهِ وَنُصِرْتُ عَلَى الْعَدُوِّ بِالرُّعْبِ وَلَوْ كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ مَسِيرَةُ شَهْرٍ لَمُلِئَ مِنْهُ رُعْباً وَأُحِلَّتْ لِيَ الْغَنَائِمُ آكُلُهَا وَكَانَ مَنْ قَبْلِي يُعَظِّمُونَ أَكْلَهَا كَانُوا يَحْرِقُونَهَا وَجُعِلَتْ لِيَ الأَرْضُ مَسَاجِدَ وَطَهُوراً أَيْنَمَا أَدْرَكَتْنِي الصَّلاَةُ تَمَسَّحْتُ وَصَلَّيْتُ وَكَانَ مَنْ قَبْلِي يُعَظِّمُونَ ذَلِكَ إِنَّمَا كَانُوا يُصَلُّونَ فِي كَنَائِسِهِمْ وَبِيَعِهِمْ وَالْخَامِسَةُ هِيَ مَا هِيَ قِيلَ لِي سَلْ فَإِنَّ كُلَّ نَبِيٍّ قَدْ سَأَلَ فَأَخَّرْتُ مَسْأَلَتِي إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ فَهِيَ لَكُمْ وَلِمَنْ شَهِدَ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ »،ومن خصائصها : أن الله هداها ليوم الجمعة، وهو سيدُ الأيام ،وخيرُ يوم طلعت فيه الشمس، ففي الصحيحين واللفظ لمسلم : (عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ أَخِي وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ قَالَ هَذَا مَا حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ :قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « نَحْنُ الآخِرُونَ السَّابِقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بَيْدَ أَنَّهُمْ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِنَا وَأُوتِينَاهُ مِنْ بَعْدِهِمْ وَهَذَا يَوْمُهُمُ الَّذِى فُرِضَ عَلَيْهِمْ فَاخْتَلَفُوا فِيهِ فَهَدَانَا اللَّهُ لَهُ فَهُمْ لَنَا فِيهِ تَبَعٌ فَالْيَهُودُ غَدًا وَالنَّصَارَى بَعْدَ غَدٍ »، ومن خصائص هذه الأمة: أن الله تجاوز لها عن الخطأ والنسيان وما أكرهوا عليه، ففي الصحيحين واللفظ لمسلم : (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ :قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ لأُمَّتِي مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا مَا لَمْ يَتَكَلَّمُوا أَوْ يَعْمَلُوا بِهِ ».، ومن الخصائص أيضا: أنها محفوظة من الهلاك والاستئصال، فلا تهلك بالسنين ولا بالجوع ولا بالغرق ولا يسلط الله عليها عدوا من غيرها فيستبيح بيضتها، ففي سنن الترمذي : (عَنْ ثَوْبَانَ قَالَ :قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « إِنَّ اللَّهَ زَوَى لِيَ الأَرْضَ فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا وَإِنَّ أُمَّتِى سَيَبْلُغُ مُلْكُهَا مَا زُوِىَ لِي مِنْهَا وَأُعْطِيتُ الْكَنْزَيْنِ الأَحْمَرَ وَالأَصْفَرَ وَإِنِّي سَأَلْتُ رَبِّى لأُمَّتِي أَنْ لاَ يُهْلِكَهَا بِسَنَةٍ عَامَّةٍ وَأَنَّ لاَ يُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ سِوَى أَنْفُسِهِمْ فَيَسْتَبِيحَ بَيْضَتَهُمْ وَإِنَّ رَبِّى قَالَ يَا مُحَمَّدُ إِنِّي إِذَا قَضَيْتُ قَضَاءً فَإِنَّهُ لاَ يُرَدُّ وَإِنِّي أَعْطَيْتُكَ لأُمَّتِكَ أَنْ لاَ أُهْلِكَهُمْ بِسَنَةٍ عَامَّةٍ وَأَنْ لاَ أُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ سِوَى أَنْفُسِهِمْ فَيَسْتَبِيحَ بَيْضَتَهُمْ وَلَوِ اجْتَمَعَ عَلَيْهِمْ مَنْ بِأَقْطَارِهَا أَوْ قَالَ مَنْ بَيْنَ أَقْطَارِهَا حَتَّى يَكُونَ بَعْضُهُمْ يُهْلِكُ بَعْضًا وَيَسْبِى بَعْضُهُمْ بَعْضًا »، فأعطاه الله تعالى هذا الوعد فلا يُمكن استئصالُ هذه الأمةِ الكريمة من الأرض مهما حاول الأعداء، ومهما سعوا واجتهدوا في ذلك، فإنها باقيةٌ ما بقي الزمان إلى نهاية الساعة، ومن خصائص الأمة الإسلامية : أنها أمة مرحومة، قال عليه الصلاة والسلام ” أُمَّتِي هَذِهِ أُمَّةٌ مَرْحُومَةٌ، لَيْسَ عَلَيْهَا عَذَابٌ فِي الْآخِرَةِ، عَذَابُهَا فِي الدُّنْيَا الْفِتَنُ وَالزَّلَازِلُ وَالْقَتْلُ” [رواه أبو داود] ، من خصائصها أيضا : أنها لا تجتمع على ضلالة، ففي سنن ابن ماجه : (أن أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « إِنَّ أُمَّتِى لَنْ تَجْتَمِعَ عَلَى ضَلاَلَةٍ فَإِذَا رَأَيْتُمُ اخْتِلاَفًا فَعَلَيْكُمْ بِالسَّوَادِ الأَعْظَمِ ».، فلا يمكن أن يجتمع علماء الأمة كلهم على إثم أو خطأ أو معصية أو ضلالة أو بدعة أو انحراف أبدا، ولا بد أن يوجد فيهم من يعرف الحق إلى قيام الساعة، ومن خصائص الأمة الإسلامية : أن فيهم القرونَ الثلاثة المفضلة الأولى” السابقون السابقون*أولئك المقربون” ، ففي الصحيحين واللفظ للبخاري : (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ – رضى الله عنه – عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ) ، ومن الخصائص أيضا: أن صفوفها في الصلاة كصفوف الملائكة، ولم يكن هذا لأمة قبلها، فعَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فُضِّلْنَا عَلَى النَّاسِ بِثَلَاثٍ: جُعِلَتْ صُفُوفُنَا كَصُفُوفِ الْمَلَائِكَةِ، وَجُعِلَتْ لَنَا الْأَرْضُ كُلُّهَا مَسْجِدًا، وَجُعِلَتْ تُرْبَتُهَا لَنَا طَهُورًا، إِذَا لَمْ نَجِدِ الْمَاءَ” [رواه مسلم] ، وكذلك فإن من خصائصها: التأمين والسلام، وقد حسدنا عليه اليهود ، (فعَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « مَا حَسَدَتْكُمُ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ مَا حَسَدَتْكُمْ عَلَى السَّلاَمِ وَالتَّأْمِينِ ». [رواه بن ماجة] ، وكذلك أيضا فإن من خصائصها : أن الطاعون شهادة لمن أصيب به من أمته صلى الله عليه وسلم، فعَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ: (سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الطَّاعُونِ؟ فَأَخْبَرَنِي أَنَّهُ كَانَ عَذَابًا يَبْعَثُهُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يشَاءُ، فَجَعَلَهُ رَحْمَةً لِلْمُؤْمِنِينَ، فَلَيْسَ مِنْ رَجُلٍ يَقَعُ الطَّاعُونُ، فَيَمْكُثُ فِي بَيْتِهِ صَابِرًا مُحْتَسِبًا يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يُصِيبُهُ إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ إِلَّا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ الشَّهِيدِ ” [رواه أحمد] ، وكذلك فإن من خصائصها: أن الله يبعث على رأس كل سنة من يجدد لها دينها في العلم والعمل والعبادة والجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولا يُشترط أن يكون المجدد واحدا، فقد يكون المجددون كل منهم يجدد في جانب من الجوانب، ففي سنن أبي داود : (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ فِيمَا أَعْلَمُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « إِنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ لِهَذِهِ الأُمَّةِ عَلَى رَأْسِ كُلِّ مِائَةِ سَنَةٍ مَنْ يُجَدِّدُ لَهَا دِينَهَا » . وكذلك : فإن فيها الطائفة المتمسكة بالحق، ظاهرين به ، منافحين ومدافعين عنه ،مبينين له إلى قيام الساعة، فلا يمكن أن يُكبت الحق الذي عندهم، بل هم ظاهرون، فإذا لم يظهروا بالسيف والسنان فهم ظاهرون بالحجة والبيان، ففي الصحيحين واللفظ للبخاري : (عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « لاَ يَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِى ظَاهِرِينَ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ ظَاهِرُونَ » ، وكذلك: فإن لها نصرا وتمكينا في الأرض فعَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (بَشِّرْ هَذِهِ الْأُمَّةَ بِالسَّنَاءِ، وَالنَّصْرِ، وَالتَّمْكِينِ، فَمَنْ عَمِلَ مِنْهُمْ عَمَلَ الْآخِرَةِ لِلدُّنْيَا، لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي الْآخِرَةِ نَصِيبٌ ” [رواه أحمد] ، ولا شك أنه يوجد في حياتها فترات من الضعف والذلة، لكن لها انتصار كبير وشأن عظيم وحُكْم بليغ شامل في الأرض كما حصل في عهد الراشدين وبني أمية والعباس والمماليك وصلاح الدين الأيوبي مما كان له رفع لها في أرجاء المعمورة، ومن خصائصها: أنها أقل الأمم عملا وأكثرها ثوابا، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، ففي صحيح البخاري : (عَنِ ابْنِ عُمَرَ – رضى الله عنهما – عَنْ رَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « إِنَّمَا أَجَلُكُمْ فِي أَجَلِ مَنْ خَلاَ مِنَ الأُمَمِ مَا بَيْنَ صَلاَةِ الْعَصْرِ إِلَى مَغْرِبِ الشَّمْسِ ، وَإِنَّمَا مَثَلُكُمْ وَمَثَلُ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى كَرَجُلٍ اسْتَعْمَلَ عُمَّالاً فَقَالَ مَنْ يَعْمَلُ لِي إِلَى نِصْفِ النَّهَارِ عَلَى قِيرَاطٍ قِيرَاطٍ فَعَمِلَتِ الْيَهُودُ إِلَى نِصْفِ النَّهَارِ عَلَى قِيرَاطٍ قِيرَاطٍ ، ثُمَّ قَالَ مَنْ يَعْمَلُ لِي مِنْ نِصْفِ النَّهَارِ إِلَى صَلاَةِ الْعَصْرِ عَلَى قِيرَاطٍ قِيرَاطٍ فَعَمِلَتِ النَّصَارَى مِنْ نِصْفِ النَّهَارِ إِلَى صَلاَةِ الْعَصْرِ ، عَلَى قِيرَاطٍ قِيرَاطٍ ، ثُمَّ قَالَ مَنْ يَعْمَلُ لِى مِنْ صَلاَةِ الْعَصْرِ إِلَى مَغْرِبِ الشَّمْسِ عَلَى قِيرَاطَيْنِ قِيرَاطَيْنِ أَلاَ فَأَنْتُمُ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ مِنْ صَلاَةِ الْعَصْرِ إِلَى مَغْرِبِ الشَّمْسِ عَلَى قِيرَاطَيْنِ قِيرَاطَيْنِ ، أَلاَ لَكُمُ الأَجْرُ مَرَّتَيْنِ ، فَغَضِبَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى ، فَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ عَمَلاً وَأَقَلُّ عَطَاءً ، قَالَ اللَّهُ هَلْ ظَلَمْتُكُمْ مِنْ حَقِّكُمْ شَيْئًا قَالُوا لاَ . قَالَ فَإِنَّهُ فَضْلِى أُعْطِيهِ مَنْ شِئْتُ »
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( من خصائص الأمة الإسلامية ومميزاتها )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ومازال حديثنا موصولا عن خصائص ومميزات هذه الأمة الإسلامية : فمن خصائصها: أنهم يأتون يوم القيامة غراء محجلين من آثار الوضوء، وبهذه الصفة يعرف النبي صلى الله عليه وسلم أمته من غيرهم عندما يكون منتظرُهم على الحوض، ففي الصحيحين ، واللفظ لمسلم : (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « إِنَّ حَوْضِي أَبْعَدُ مِنْ أَيْلَةَ مِنْ عَدَنٍ لَهُوَ أَشَدُّ بَيَاضًا مِنَ الثَّلْجِ وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ بِاللَّبَنِ وَلآنِيَتُهُ أَكْثَرُ مِنْ عَدَدِ النُّجُومِ وَإِنِّي لأَصُدُّ النَّاسَ عَنْهُ كَمَا يَصُدُّ الرَّجُلُ إِبِلَ النَّاسِ عَنْ حَوْضِهِ ». قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتَعْرِفُنَا يَوْمَئِذٍ قَالَ « نَعَمْ لَكُمْ سِيمَا لَيْسَتْ لأَحَدٍ مِنَ الأُمَمِ تَرِدُونَ عَلَىَّ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنْ أَثَرِ الْوُضُوءِ ».، قال ابن حجر رحمه الله: ثبت أن الغرة والتحجيل خاص بالأمة المحمدية، ومن خصائص هذه الأمة : إنهم يشهدون لكل نبي على أمته، فإذا جحدت أمة نوح نبيها، شهدت هذه الأمة لنوح أنه أرسل إليهم وهكذا مع سائر الأنبياء عليهم وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام، فقد روى البخاري في صحيحه : (عَنْ أَبِى سَعِيدٍ قَالَ :قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – « يَجِيءُ نُوحٌ وَأُمَّتُهُ فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى هَلْ بَلَّغْتَ فَيَقُولُ نَعَمْ ، أَيْ رَبِّ . فَيَقُولُ لأُمَّتِهِ هَلْ بَلَّغَكُمْ فَيَقُولُونَ لاَ ، مَا جَاءَنَا مِنْ نَبِيٍّ . فَيَقُولُ لِنُوحٍ مَنْ يَشْهَدُ لَكَ فَيَقُولُ مُحَمَّدٌ – صلى الله عليه وسلم – وَأُمَّتُهُ ، فَنَشْهَدُ أَنَّهُ قَدْ بَلَّغَ ، وَهْوَ قَوْلُهُ جَلَّ ذِكْرُهُ ( وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ ) وَالْوَسَطُ الْعَدْلُ »
وكذلك: فإن هذه الأمة أكثر أهل الجنة فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ فِي قُبَّةٍ، فَقَالَ: أَتَرْضَوْنَ أَنْ تَكُونُوا رُبُعَ أَهْلِ الجَنَّةِ ” قُلْنَا: نَعَمْ، قَالَ: أَتَرْضَوْنَ أَنْ تَكُونُوا ثُلُثَ أَهْلِ الجَنَّةِ ” قُلْنَا: نَعَمْ، قَالَ: أَتَرْضَوْنَ أَنْ تَكُونُوا شَطْرَ أَهْلِ الجَنَّةِ” قُلْنَا: نَعَمْ، قَالَ: وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ تَكُونُوا نِصْفَ أَهْلِ الجَنَّةِ، وَذَلِكَ أَنَّ الجَنَّةَ لاَ يَدْخُلُهَا إِلَّا نَفْسٌ مُسْلِمَةٌ، وَمَا أَنْتُمْ فِي أَهْلِ الشِّرْكِ إِلَّا كَالشَّعْرَةِ البَيْضَاءِ فِي جِلْدِ الثَّوْرِ الأَسْوَدِ، أَوْ كَالشَّعْرَةِ السَّوْدَاءِ فِي جِلْدِ الثَّوْرِ الأَحْمَرِ” [رواه البخاري] ، وروى الترمذي وحسنه الألباني: (عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « أَهْلُ الْجَنَّةِ عِشْرُونَ وَمِائَةُ صَفٍّ ثَمَانُونَ مِنْهَا مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ وَأَرْبَعُونَ مِنْ سَائِرِ الأُمَمِ »، ومن خصائص هذه الأمة: أنه يدخل الجنة منها سبعون ألفا بغير حساب ولا عذاب بما عملوا بصلاح بدينهم وتقواهم. ففي الصحيحين واللفظ للبخاري : (حَدَّثَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – « عُرِضَتْ عَلَىَّ الأُمَمُ ، فَجَعَلَ النَّبِيُّ وَالنَّبِيَّانِ يَمُرُّونَ مَعَهُمُ الرَّهْطُ ، وَالنَّبِيُّ لَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ ، حَتَّى رُفِعَ لِي سَوَادٌ عَظِيمٌ ، قُلْتُ مَا هَذَا أُمَّتِى هَذِهِ قِيلَ هَذَا مُوسَى وَقَوْمُهُ . قِيلَ انْظُرْ إِلَى الأُفُقِ . فَإِذَا سَوَادٌ يَمْلأُ الأُفُقَ ، ثُمَّ قِيلَ لِي انْظُرْ هَا هُنَا وَهَا هُنَا فِي آفَاقِ السَّمَاءِ فَإِذَا سَوَادٌ قَدْ مَلأَ الأُفُقَ قِيلَ هَذِهِ أُمَّتُكَ وَيَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ هَؤُلاَءِ سَبْعُونَ أَلْفًا بِغَيْرِ حِسَابٍ ، ثُمَّ دَخَلَ وَلَمْ يُبَيِّنْ لَهُمْ فَأَفَاضَ الْقَوْمُ وَقَالُوا نَحْنُ الَّذِينَ آمَنَّا بِاللَّهِ ، وَاتَّبَعْنَا رَسُولَهُ ، فَنَحْنُ هُمْ أَوْ أَوْلاَدُنَا الَّذِينَ وُلِدُوا فِي الإِسْلاَمِ فَإِنَّا وُلِدْنَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ . فَبَلَغَ النَّبِيَّ – صلى الله عليه وسلم – فَخَرَجَ فَقَالَ هُمُ الَّذِينَ لاَ يَسْتَرْقُونَ ، وَلاَ يَتَطَيَّرُونَ ، وَلاَ يَكْتَوُونَ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ » . فَقَالَ عُكَّاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ أَمِنْهُمْ أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ « نَعَمْ » . فَقَامَ آخَرُ فَقَالَ أَمِنْهُمْ أَنَا قَالَ « سَبَقَكَ عُكَّاشَةُ »ومن خصائصها كذلك: أن لها عيدين في السنة لا ثالث لهما، عيدُ الفطر وعيد الأضحى، ومن خصائصها: اختصاصها باللغة العربية، الذي شرفت بنزول القرآن به، فهي أفضل لغات الأرض وأعظمها وأقومها وأشملها وأكملها وأفصحها وأبينها، وهي أكبر لغات الأرض مفرداتٍ واشتقاقات وبيان وقدرة على التعبير. وكذلك: فإن تقويمَ هذه الأمة تقويمٌ قمري، قال الله تعالى : (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ) التوبة (36)، فهذه الأهلة مواقيت للناس في حلهم وإحرامهم وصومهم وفطرهم ونكاحهم وطلاقهم ومعاملاتهم وديونهم. ومن خصائصها: أنها أول من يجتاز الصراط، وأول من يدخل الجنة، قال صلى الله عليه وسلم” (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – « فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يُجِيزُ ، وَدُعَاءُ الرُّسُلِ يَوْمَئِذٍ اللَّهُمَّ سَلِّمْ سَلِّمْ ، ) يعني يُجِيزُ الصـراط ،[رواه البخاري] ، ومن خصائصها: حل الغنائم، فقد كانت الأمم قبلنا على ضربين: منهم من لم يؤذن له في الجهاد فلم تكن لهم غنائم، ومنهم من أذن له في الجهاد فكانوا يغزون ويجاهدون ويأخذون أموال أعدائهم ولكن لا يتصرفون فيها بل يجمعونها، وعلامة قبول غزوهم أن تنزل نار من السماء فتأكلها، وعلامة عدم القبول ألا تنزل، وقد من الله على هذه الأمة ورحمها لشرف نبيها عنده فأحل لهم الغنائم ” فَكُلُواْ مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالاً طَيّباً” الانفال 69، وفي الحديث عن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ” أعطيت خمساً لم يعطهن أحد قبلي” وذكر منها” وَأُحِلَّتْ لِيَ الْمَغَانِمُ وَلَمْ تَحِلَّ لأَحَدٍ قَبْلِي ، ” [رواه البخاري]
أيها المسلمون
وهكذا تتألق هذه الأمة المباركة، ويترادف عليها فضل الله وكرمُه، وتتقلب في إنعامه وإحسانه، فيا فوزنا ،ويا سعدنا أن كنا من أمة هذا النبي الكريم العظيم، ألا فهلا شكرنا الله حق شكره أن جعلنا من هذه الأمة؟ ، وهل كنا على مستوى هذا التكريم؟ وهل أعطينا العالم صورةً حسنة عن هذه الأمة الإسلامية ؟ أليس من المأساة أن يقولَ بعضُ من أسلم من الغربيين: أحمد الله أنني عرفت الإسلام قبل أن أعرف المسلمين وإلا لما أسلمت، فقد قرأ هؤلاء عن الإسلام فسرّه ما فيه فاعتنقه، فلما رأى المسلمين هاله البونُ الشاسع بين المقروء والمشاهَد، وظن أنه لو رأى المسلمين وحالَهم قبل أن يقرأ عن الإسلام لما فكر في اعتناقه، فلا بد عباد الله أن نحقق في أرض الواقع هذه الخيرية ، ونحملَ هذا الإسلام فنبشرَ به العالمين ،ونحيي به موات الدنيا، فإن الأرض عطشى إلى مطر المسلمين، ومشتاقة إلى وقع أقدامهم وهتاف تكبيرهم،
الدعاء